عزيزة المانع
عزيزة المانع
كاتبة وصحفية سعودية

النساء.. أصل البلاء!!

آراء

المصطلحات متى علقت بذاكرة الناس ارتبطت بدلالاتها وتشكلت لها في الأذهان صورا تزين وتشين وفق ما يوحي به المصطلح. والمصطلح يقصد به إخراج لفظ معين من معناه الذي يعرف به إلى معنى آخر باتفاق الجماعة على ذلك، مثل لفظ الزكاة الذي يعني النماء والزيادة، لكنه أخرج من هذا المعنى ليدل على عبادة تتضمن التصدق بالمال وفق شروط معينة.

من المصطلحات التي اصطنعتها جماعة الوعاظ ليكون مصطلحا معبرا عن معنى (الزنا). لفظ (النساء)، فحين يقولون: (اتقوا النساء فإنهن حبائل الشيطان) أو (ما يئس الشيطان من شيء إلا أتاه من قبل النساء) أو (أكثر ذنوب أهل النار في النساء) أو غيرها من التعبيرات التي تجعل النساء أس البلاء ورمز الشيطان، إنما هم يريدون التحذير من الوقوع في الزنا والضعف أمام مغرياته، لكنهم وظفوا لفظ (النساء) ليكون هو المصطلح المختار للفظ (الزنا)، فأساءوا إلى النساء إساءة بالغة عندما جعلوا دلالة لفظ النساء تتمحور حول ذلك الإثم.

استخدام لفظ النساء للتحذير من الوقوع في الزنا، جعل السوء يتمثل في جنس النساء وليس في الفعل المنهي عنه، فالزنا فعل مشترك بين المرأة والرجل، لكنه بسبب الكناية عنه بلفظ (النساء) حصر السوء في النساء وحدهن.

مما يروى عن التابعي الجليل سعيد بن المسيب أنه قال وهو «ابن 84 سنة وقد ذهبت إحدى عينيه ويعشو بالأخرى»: «ما من شيء أخوف عندي من النساء»!! ويقول ابن مسعود: «لأن أزاحم بعيرا مطليا بقطران أحب إلي من أن أزاحم امرأة»، ويقول أبو موسى الأشعري عن نفسه: «لأن يمتلئ منخري من ريح جيفة، أحب إلي من أن تمتليان من ريح امرأة»، وغير ذلك من التعبيرات التي تجعل لفظ (النساء) مرادفا للتعبير عن الوقوع في الإثم.

ومن الواضح أن الرجال كانوا يدركون ضعفهم أمام شهواتهم وعجزهم عن ضبط غرائزهم، لكنهم بدلا من أن يلوموا أنفسهم على عجزها عن ضبط غرائزها حملوا النساء جريرة ذلك العجز، وبرأوا أنفسهم من حمل مسؤولية تصرفاتهم فارتاحت ضمائرهم.

يصف ابن طاووس أباه أنه (إذا نظر إلى النساء لم يصبر عنهن)، ويقول يوسف بن اسباط عن نفسه: «لو ائتمنني رجل على بيت مال لظننت أن أؤدي إليه الأمانة، ولو ائتمنني على زنجية أن أخلو معها ساعة واحدة (ما ائتمنت نفسي عليها)».

إن ما يقوله هؤلاء يصف مشكلة خاصة بهم، وليست مشكلة النساء، والأولى لكل من يعرف عن نفسه مثل هذا الضعف أن يحجز نفسه ويقصيها عن مواقع احتمالات السقوط في الإثم، لا أن يلوم النساء فيجعلهن (حبائل الشيطان).

المصدر: عكاظ
http://www.okaz.com.sa/new/mobile/20140726/Con20140726714424.htm