مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

النصر.. والكراهية

آراء

على الرغم من أنه تسبب بتدمير بلده وتشريد عشرات الألوف من البشر وعلى الرغم من اعترافه بأنه أخطأ بفعلته التي أدت إلى كل ذلك .. إلا أنه، زعيم حزب الله، خرج ليعلن انتصاره في حرب تموز التي شنتها إسرائيل على لبنان في العام 2006، وما زال يتغنى بانتصاره المزعوم، مقنعا من حوله بذلك، ومحولا مفهوم النصر إلى أنه ينتصر إذا بقي على قيد الحياة مهما دفع من تكاليف وأرواح من شعب بلده في حرب جربت فيها إسرائيل أسلحتها الجديدة المتطورة واختبرت قدراتها على التدمير، تماما كما يفعل النظام السوري وحزب الله بالمواطنين السوريين.

أيام الحرب تلك، وقبل نصره الوهمي وبعده، ثمة حكايات وتداعيات ..

طبقا لمفهومه السابق للنصر، بأسلحة فردية صمد أبناء مدينة القصير التي أرسل إليها زعيم حزب الله مقاتليه مدعومين بطائرات ودبابات ومدافع النظام السوري أكثر من عشرين يوما وانسحبوا لانتهاء ذخيرتهم وخوفهم على أهاليهم الذين يموتون نتيجة القصف الهمجي المتواصل. ولم يعدّ حسن نصر الله – بحسب مفهومه السابق للنصر – هؤلاء منتصرين لصمودهم أمام قوة تدميرية تفوق قدراتهم بآلاف المرات، بل كان بقناعته هو المنتصر .. فاحتفل وجماعته فرحا بسفك دماء المسلمين الأبرياء، ليجعل من كان يقف على الحياد ومن كان يصطف معه من غير ملته ضده، حتى البعض من ملته في لبنان رفضوا سلوكه، فكان رده “القتل” كما حدث في المظاهرة أمام السفارة الإيرانية في بيروت.

كي يستسيغ صانع الكراهية نصر الله حلوياته، إليه حكاية بائع الفول في القصير، ذلك الرجل الفقير الذي استضاف في إحدى غرفتي بيته الصغير عائلة شيعية ممن تهجروا من الضاحية الجنوبية بسبب حماقة عام 2006، وكي يطعمهم اضطر لكسر حصالة نقود كان يجمع فيها مالا بحسب إمكاناته ليزوج ابنه بعد سنوات عندما يكبر .. وأنفق النقود على ضيوفه.

اليوم، بائع الفول يبكي بحرقة، فالصبي كبر لكنه لم يفرح بتزويجه، لأن رجال حزب الله قتلوه .. فأي كراهية صنعها حسن نصر الله بتوجيهات وليه الفقيه في قم.

لن ينسى بائع الفول وأهله وحارته ومدينته وما جاورها وما بعد عنها الجرائم التي ارتكبت بأبنائهم تحت ستار الطائفية، بعضهم سوف يسلم أمره لله ويترك الحياة تكمل مسارها، غير أن السواد الأعظم من “السنّة” لم يعد يتقبل الطائفة الأخرى، فمشاهد القتل والدماء لا بد أن تشعل الكراهية.

والسؤال، كم عاما يحتاج الناس لتعود نفوسهم إلى وضعها ما قبل “القصير”؟

المصدر: الوطن أون لاين