النفط مخدر زائف

آراء

• ربما ساهم النفط في إحساسنا الجماعي بالخدر، وفي عدم الشعور بالمسؤولية في التعامل مع الحياة بجدية، وجعل منا كائنات تشعر دائماً أنها مخدومة من كل الجنسيات، لكن الكارثة أننا سنصحو يوماً على نضوب النفط، وسنتفقد سواعدنا الواهنة من قلة العمل ثم نقول: لقد كانت هذه السواعد مرتاحة على الآخر، فهل نحن مستعدون ليوم كهذا؟

• الحياة ليست نفطاً أيها السادة، ولا نعماً أبدية لا تزول، واذهبوا إلى أي بلد في العالم، كي تشاهدوا كيف يكدح الناس ويعملون في كل المهن، ويتزوجون ويحبون ويربون أطفالهم بمنتهى الصحة والحيوية دون برميل نفط واحد؟ وستجدونهم أسعد منا بمراحل!!

• لقد تعودنا على أن كل شيء جاهز ومضمون، وأن الدولة الأم الراعية ستتدبر أمرها في كل مرة وتعطينا ما نحتاج إليه، وأن هذا واجبها المقدس الذي وجدت أصلاً من أجله، ولم نفكر يوماً في دورة الإنتاج الطويلة وما قد يعتريها، فكرنا دائماً وأبداً في نصيبنا من النفط، ومن رأس المال، ومن حجم الميزانية المعلنة في نهاية العام.

• النفط أعطانا الإحساس الوهمي بالقدرة على شراء كل شيء، وإقامة أي مشروع كبير وطويل وعريض على الورق، والتخطيط الترفي لما لا نحتاجه أصلاً من الملهيات، ثم قضى في المقابل على اقتصادنا الإنتاجي تماماً، وأورثنا عاهات مستديمة من الاتكالية، و(شوفة النفس) لكنه عندما ينضب فستغلق البقالة والمخبز، وتنتهي «فرة» الشارع، وسيذهب السائق والشغالة ومربية الأطفال، وحينها سنرى أين نحن بالضبط؟

• قبل أن يذهب هذا المخدر الزائف اسألوا أنفسكم: كم مشروع استراتيجي لدينا؟ كم مستشفى وكم مصنع ومدرسة نموذجية، وبالطبع كم جامعة عليها القيمة؟ وهل استثمرنا هذه الثروة حقاً فيما ينفعنا وينفع أجيالنا في الغد القريب؟ احسبوا عدد المولات والمطاعم لتعرفوا الحقيقة!!

المصدر: صحيفة الشرق