مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

تكلم بالعربية مع «التيم بتاعك»

آراء

لا يرفع ضغطي «المرفوع خلقة» مثل أولئك الثرثارين على إذاعات الـ «إف إم»، وعلى الرغم من ذلك الضغط أستمع إليهم كلما قدت السيارة .. أستمع وأستمتع بعثراتهم من باب التندر، ولا أستفيد منهم شيئاً في الأوقات القليلة التي تصاحبني أصواتهم خلالها، فهؤلاء تنطبق عليهم بامتياز مقولة «ما عندهم سالفة» .. فترى واحدهم و«واحدتهم» يريد ملء المساحة الزمنية فيهرف بما لا يعرف، ويضع نفسه في مآزق هو في غنى عنها لو فكر قليلاً وتأنى قبل أن ينطق درره المكنونة.

اشتهيت أن أسمع في الإذاعات مَن يتحدثون بالفصحى في غير نشرات الأخبار، فالكلام كله بالعاميات الدارجة في دول عربية، وبكل أسف «غير المحلية» كما في إذاعة محلية إذ تتداخل الأصوات والكلمات على شاكلة «عاوز» و«بدّك» و«إزا» و«عندُن» و«فيكُن» .. حتى الحروف اللثوية لا تخرج من مخارجها السليمة، فتتحول إلى حروف أخرى من باب الاستسهال في اللهجات.

من طرائفهم أن تتحدث مذيعة في برنامجها الصباحي مع المذيعين الزميلين في فترتها عن اختيار «الأواعي» .. والأواعي لمن يريد أن يعرف هي غير «الأوعية» التي تعني الأواني، لأن المفردة تطلق في بلاد الشام على الملابس، فكيف يدرك المستمع معناها إن لم يغص في لهجات الدول الأخرى.

ومن نوادرهم أن استغرب مذيع في يوم سابق من البرنامج الصباحي ذاته من الذين يحشرون مفردات إنجليزية أثناء تحدثهم باللغة العربية، ثم بدأ بضرب الأمثلة، وكانت الطامة الكبرى التي «جاب فيها العيد» في المثال الأول حين قال: «تصور مسلاً الواحد يكون عنده ميتنغ مع التيم بتاعه، يروح مسمعهم كلام لا هو إنجليزي ولا هو عربي» .. وعينكم ما تشوف إلا النور من حالتي البائسة لحظتها.

لكني تمالكت نفسي ثم رجحتُ أن يكون المذيع إياه يندرج ضمن أحد صنفين، فإما أنه يحسب أن «ميتنغ» و«تيم» كلمتين عربيتين ولذلك تحدث بأريحية مطلقة، أو أنه ألِف استخدام المفردتين للمعنيين المرادين فلم يعد يحضره غيرهما .. وفي الحالين نحن أمام كارثة على اللغة العربية لدى من يريد وعظ الناس بالتمسك بها وعدم التخلي عنها.

من المحزن أن نجد مثل ذلك الخلل في وسيلة إعلامية مسموعة، فيما المبادرات تنطلق للحفاظ على اللغة العربية، فهل تبدأ أولى مراحل إصلاح الخلل لدى العامة أم لدى من يعدون أنفسهم نخباً؟

المصدر: صحيفة الرؤية