خلفاء المخابرات

آراء

ـ أفضل هدية نحملها إلى أعدائنا في هذا الزمن العاثر؛ أن يصبح في كل حارة عربية خليفة، ومجموعة مهابيل يصفقون له بغباء وربما بحسن نية.. «فرق تسد» بشكل عصري وعلى موضة الأحداث العربية المختلة، ومزاج البشر المتهافتين على القتل والبشاعة..

ـ تنام المدن العربية مثخنة بالوجع والجراح والمستقبل الغامض، وتصحو على خبر مبايعة بليدة لخليفة عابر صنعته المخابرات ومولته وجمعت له الأتباع.. هذا لا يحدث إلا في بلاد العرب؛ حيث يغيب العقل، وتصحو الغرائز بشكل سافر ولا إنساني.

ـ الآن ليس أمام أغلب مدننا العربية الطيبة إلا خيارات محدودة جداً كي تختار الأقل وطأة من بين الصعاب المتعددة؛ فإما رئيس ميليشيا، وإما زعيم عصابة تأتي على ظهر دبابة أجنبية، وإما خليفة بمسوح مخابراتية لا تخطئها العين.. خيارات وجع وندامة وانغلاق أفق!!

ـ كأن بعضنا لم يتعلموا في المدارس أن الخلافة بجلالها وعظمتها كانت أرقى نظام حكم وصلت إليه البشرية في عصرها، وكأنهم لم يقرأوا سير الخلفاء الحقيقيين في عدلهم وتسامحهم ومروءاتهم الأسمى من كل طائفة ومذهب.. ألم تعلموا أن الخلفاء لا يقطعون الرؤوس بالمجان؟!!

ـ الحقيقة المرة أن خلفاء المخابرات وأمراء الحروب المعاصرين هم أسوأ نكتة يمكن أن تستثمر للضحك على الأذهان الحليقة، ويمكن ترويجها في كل العالم بما يضرنا ولا ينفعنا أو يعيد لنا أرضاً مسلوبة أو وطناً مستباحاً..

ـ من العيب أن يصبح لقب الخليفة بما ارتبط به من أمجاد وعدالة؛ منحطاً وهمجياً إلى هذا الحد، ومن السخف أيضاً أن يصدق عربي واحد بوجود خليفة في هذا العصر؛ فما بالكم بمئات البشر الذين يبايعون أو هم في طريقهم إلى المبايعة؟.. ما تحت الجمجمة العربية ليس بخير؛ منذ قرون ليس بخير!!

المصدر: الشرق