مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

سقطات المخرج

آراء

أن يكون المرء مرتزقاً ويخطئ ثم يصر على الخطأ لتأكيد تردي أخلاقياته فتلك مصيبة، وهذا ما فعله المخرج السوري نجدت آنزور، فهو في حديثه أول من أمس على قناة “بي بي سي” عاد للتأكيد أنه أخرج وأنتج فيلمه المسيء للسعودية منطلقاً من قناعات شخصية من غير أن يعترف بالحقيقة الواضحة والصارخة، وهي أنه قبض من النظام السوري ثمن فعلته التي حولته إلى مجرد مرتزق مأجور لا يمتلك أي مبدأ، أما رسالة الفن التي صدع بها رؤوس المشاهدين فليست إلا كذبة أقنع نفسه بها ومضى يرددها مثل كثير من أسطواناته الأخرى الجوفاء التي لازمته منذ اصطف إلى جانب النظام القاتل ضد الشعب والحرية.

نسي المخرج أنه يناقض نفسه بهجومه على البلد التي مدت إليه يد الخير وأكرمته مادياً ومعنوياً حين دعته لإخراج الأوبريت في حفل افتتاح المهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية منذ سنوات، ليقدم إبهاراً كما ادعى وقتها عن أمجاد السعودية وتاريخها المشرق، فإن كان صاحب رسالة سامية كما يدعي فرسالته تقتضي ألا ينسف قناعاته تلك ويتحول إلى النقيض بأموال النظام المنهوبة من الشعب، فأي رسالة “عظيمة” لديه وهو يتكسب على حساب دماء الأبرياء المساكين!

لم أحب يوماً الشخصنة في الكتابة، لكن بعض الحالات تحتاج شخصنة كما هو واقع “آنزور” صاحب الفيلم الرديء روائياً وتمثيلياً والتمويل المشبوه – بحسب من حاورته على البي بي سي – والذي برر الرداءة في محاولة كسر التابوهات في مرحلة الربيع العربي، فإن كان صادقاً فليطرح عملاً يحطم فيه تابوه الطاغية القابع في دمشق والذي يندى جبين التاريخ خجلاً من جرائمه المرتكبة منذ طالب شعبه بحقوقه.

ومن عبارات المخرج المستهلكة قوله إنه لا يخفي أنه “مع النظام السوري لأنه ضد الفوضى”، وهذه الجملة أطلقها أحد المؤيدين ولم يجد الإمعات سواها لترديدها في سياق تفسيرهم لتبعيتهم العمياء للقتلة. وكأنه لا يعرف أن النظام هو من صنع الفوضى ولم يخجل أزلامه من إعلانها خياراً بديلاً. ومن عجائبه قوله إنه يقف ضد الفساد، غير مدرك أنه بفيلمه الفاسد بات فاسدا مما يعني أنه يجب أن يقف ضد نفسه.

المخرج يدعي الثقافة ويطالب كل فنان في بلده بأن يكون له رأي، لكنه رأي واحد محدد هو الوقوف إلى جانب النظام، لذلك فإن الفنانين السوريين الذين ليسوا مع النظام في حساباته تم شراؤهم وكأن النظام لم يدفع له ليسيء إلى السعودية ويمجد النظام إعلامياً.

المخرج في حديثه لم يسقط مرة بل مرات، وليته صمت ولم يتدخل بدل أن يظهر كالمرتزقة من أبواق النظام.

المصدر: الوطن أون لاين