محمد حسن المرزوقي
محمد حسن المرزوقي
كاتب اماراتي

ضد مرسي .. مع مرسي

آراء

لو قُدّر لي أنْ أطرد أي شخص متلبّس بارتكاب الشّعر من نقاش أيّة قضيّةٍ سياسية لفَعلت، مثلما فعل شيخ الفلاسفة أفلاطون –قبلي- عندما حرّم على الشعراء دخول مدينته الفاضلة. فالشاعر عندما يخرج من قصيدته الموزونة يفقد توازنه، ويورّط نفسه في أزمات محرجة . فبعض الشعراء يتعامل مع السياسة بمزاج الشاعر المتقلب. أدونيس مثلاً، الذي تحدثت عن موقفه مما يحدث في سوريا سابقًا، يبرر وقوعه في إحدى المشكلات السياسية –وما أكثرها- بسبب آرائه النابعة من “أسباب شخصية غبية … اكتشفت غباءها مؤخرًا”

وبعيدًا عن أدونيس، وليس بعيدًا عن الشعراء. نشرت الشاعرة الكويتية سعدية مفرّح مجموعة من التغريدات في موقع التواصل الإجتماعي “تويتر” إثر خطاب الرئيس المصري محمد مرسي الأخير، تهاجم فيها من تناول خطاب الرئيس مرسي بالنقد، فهو – والكلام لها- منتخب، وشعبه فقط يقرر كيف يتصرف معه.

أعتقد أن المنطق منزوع من ذهن شخص – شاعرًا كان أم غير شاعر- يفرض رأيه الأوحد على من حوله وكأنه شرطي مرور. لأي كان الحق ألا يعجبه خطاب مرسي وينتقده، تمامًا كما أن للبقية أن يعجبوا به، وأن يوزعوا نسخًا منه على “إخوانهم” على اعتباره ديباجة لن تتكرر. لكن، ليس من حق من أعجب أن يدين من لم يعجب لأسباب واهية.

بالإضافة إلى ذلك، فإنه من السذاجة الإعتقاد أن خطابات مرسي تخص شعب مصر وحدها، فهو عضو في جماعة أممية، ذات أفكار عابرة للدول والقارات، ولها تنظيمات وأحزاب وجمعيات تمثلها – سرًا أو علنًا – في مختلف الدول.

فماذا جاء في خطاب مرسي، والذي أثار عاصفة مصرية عليه أدت إلى إشتباكات ومظاهرات طوال ثلاثة أيام؟

يمكن اختصار الخطاب في وصف “تنسيقية 30 يونيو” له بأنه “جعجة بلا طحين”، غير أن القطرة الأخيرة التي فاضت بها الكأس، كانت في قوله : اجتهدت فأخطأت وللمجتهد أجر إذا أخطأ وإذا أصاب فله أجرين.

ولي وقفات سريعة معه:

أولا: هذه المفردات تصلح لإستخدامها في خطبة جمعة أو محاضرة دينية ، لا في خطاب سياسي موجه لشعب يعيش في بلد محتقن. فهذا المنطق الفقهي قد يصح في مسائل الطهارة والصلاة والصيام التي يكون فيها الحق –موضع النّزاع- بين المجتهد وبين ربه، أما إذا كان الحق بينه وبين ملايين من الناس فإن هذا المنطق لا محل له من السياسة أو حتى الدين. فحتى بشار الأسد سيكون له الحق أن يقول -إذا قُدّم للمحاكمة- : “يا سيادة القاضي اجتهدت وأخطأت -ولي أجر الإجتهاد-، فسامحني وليسامحني المائة ألف الذين أزهقت أرواحهم !”

ثانيا: لو سلمنا جدلا بصحة هذا “المنطق الإجتهادي” فهل سيشمل ذلك من اجتهد فسالت دماء الأبرياء بسبب اجتهاده وخطأه، أتخيل من تورط في مقتل الشيعي حسن شحاتة يقول : يا أحبابي اعذروني فإن لي أجرا على إجتهادي الخاطئ ولكن حرمني الله من أجري الإجتهاد.

ثالثا: إن هذا المنطق الديماغوجي يجعل من الشعب المصري مغلوبا على أمره، ففي حين ليس على من يخطئ أي حرج، لا يحق للمصريين -في المقابل- مساءلته أو محاسبته أو حتى عقابه.

رابعا: الأهم من ذلك كله، هذا الخطاب، عدا عن كونه يبرر وقوع الأخطاء السياسية بمنطق ديني، يحمل استخفافا -مبطنا- بإرادة المصريين على مختلف أطيافهم، فهي تؤكد أن نظام الرئيس مرسي غير مبال بأخطائه التي ارتكبها –وسيؤجر عليها- ، والتي سيرتكبها اليوم إثر خروج أكبر مظاهرة لتصحيح مسار الثورة!

قلوبنا معكِ يا مصر

خاص للهتلان بوست