خالد الزبران
خالد الزبران
أكاديمي وكاتب

عقولنا العربية المهاجرة

آراء

لك أن تسرد من المثاليات والعبارات ماشئت لكن الواقع يقول أنه لايمكن أن نتوقع من الآخرين التضحية بأحلامهم وطموحاتهم المشروعة لأجل فكرة أو مشروع عام مهما كانت أهدافه نبيلة. المجتمعات الناضجة هيئت لأفرادها السبل المناسبة لتحقيق أنفسهم وفي نفس الوقت خدمة أوطانهم والبشرية.

الكثير من المسلمين والعرب يعيشون ويعملون في الخارج ويتمنون أن يعملوا في المملكة العربية السعودية لأسباب ثقافية ودينية –وربما مادية – ولكن يمنعهم عدم توفر بيئة متكاملة كتعليم بمستوى عالمي لأطفالهم ووسائل ترفيه معقولة لهم ولعائلاتهم. في نفس الوقت نجد باحثين وأساتذة عرب يعملون بالفعل في بعض جامعاتنا المحلية و الأقليمية التي وصلت لمستوى عالمي لابأس به وهم يتألقون ويبدعون بمجرد أن تتحقق لهم بيئة الإبداع في وطنهم العربي.

لأي شخص طموح في هذه المنطقة أو غيرها من العالم أن يحقق أحلامه ويضمن لنفسه ولأطفاله مستقبل أفضل، وإن لم يتحقق لهم هنا والا بحثوا عن مكان آخر.

تسرب العقول العربية للخارج أحد أسباب تردي وضعنا الحالي وهي قضية ليست بالحديثة وأظنها في إزدياد خصوصاً في ظل مايعيشه عالمنا العربي من أضطرابات خلال السنوات الماضية. لكي نستعيد تلك العقول ونحد من هجرة المزيد يجب أن ننشئ مراكز تعليمية متميزة ومتكاملة في شتى أنحاء العالم العربي تمثل نقاط ضوء جاذبة لتلك العقول.

فرصة عظيمة أمام جامعاتنا السعودية بحرمها الجامعي الكبير والحديث أن تقوم بدور الحاضنات للكوادر المتعلمة من أبناء الوطن وللأساتذة المسلمين والعرب الذين ثبت تميزهم في الخارج ليشاركوا في بناء عقول أبناء هذا الوطن وتقدمه العلمي والبحثي. كثير من جامعاتنا في مرحلة إعادة البناء أو التأسيس وبإمكانها –إذا وجد الفكر والتخطيط المناسبين- أن تؤسس لتكون بيئة متكاملة جاذبة للعمل في الجامعة ويمتد نفعها لمجتمعها المحيط بها. 

لا أحد يتمنى أن يبتعد عن وطنه خصوصاً بعد أن يجرب العيش خارجه، تعود الطيور المهاجرة عندما يتهيأ لها الجو المناسب.

تتقدم الأمم عن طريق بناء كوادرها ومؤسساتها، ولن يتحقق لنا النجاح الا عندما نستوعب أن أي نجاح مستدام يتم عن طريق عقلية “البناء” التي ربما تكون بطيئة نوعاً ما لكنها باقية. يجب أن نتخلى عن عقلية “الإستحواذ” -التي أشار لها الكواكبي- والتي تؤمن أنه يمكن الإستحواذ على الأشياء بمال أو جاه وحرق للمراحل للوصول بسرعة.

الخسارة الحقيقية ليست الخسائر المادية وإنما خسارة العقول وفي المقابل فإن البناء الحقيقي ليس البناء المادي لوحده وأنما بناء العقول، عقول أبنائنا وبناتنا الذين هم عصب أوطاننا ودرعه الحصين.  

خاص للهتلان بوست