عن قضيّة اختفاء خاشقجي

آراء

دعونا نبدأ بالمعطيات الواضحة، فبالتأكيد القضيّة أعمق بكثير مما يتراءى للعين عندما يتعلق الأمر باختفاء جمال خاشقجي.

بوصفه صديقًا وزميلًا (ونائب رئيس تحرير سابق في عرب نيوز)، فإنّ اختفاءه المفاجئ يثير قلقا، لا سيما وأنّ الحادث حصل في تركيا، وهي دولة معروفة بعدائها للإعلام.

ولا شك إن دفاع السلطات التركية عن خاشقجي وحرية التعبير أمرٌ سريالي، فأقل ما يمكن قوله هو انه عليهم أن يراجعوا ما يحدث في ساحتهم الخلفية اولا.

والأهم من ذلك، هو أنّ خاشقجي ليس مواطنًا تركيًّا، بل هو مواطن سعودي، وعلينا ألا ننسى أنّ المملكة أصدرت تعليماتٍ بإجراء تحقيقٍ رسمي. كما عبّرت الرياض من خلال سفيرها في الولايات المتحدة (آخر دولة أقام فيها خاشقجي)، عن تضامنها واهتمامها باختفائه.

الأمر الوحيد الذي لم تفعله المملكة العربية السعودية هو الرد على كلّ جزءٍ من التقارير غير الموثقة التي انتشرت.

لندع العواطف جانبًا، وهذا ما يصحّ القيام به، ففي النهاية، هناك تحقيقٌ رسميّ قائم، ويجب أن يتم السماح بإجرائه دون انقطاع أو تشتت.

بالطبع، قد يدفع الصمت السعودي الناس إلى توجيه أصابع الاتهام. وهذا أمرٌ مفهوم كون خاشقجي شوهد لآخر مرة منذ أكثر من أسبوع يدخل القنصلية السعودية في اسطنبول، بالإضافة إلى أنه كان ينتقد الحكومة السعودية منذ انتقاله إلى الولايات المتحدة أواخر العام الماضي.

ومع ذلك، ينسى الناس أن خاشقجي كان جزءًا من المؤسسة السعودية حتى وقتٍ قريب، وكان قد غادر المملكة طواعيةً تقريبًا بالتزامن مع قرار اللجنة الرباعية لمكافحة الإرهاب (السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، ومصر) فرض مقاطعة على قطر، والتي دعمت مع تركيا جماعة الإخوان المسلمين.

كما وعبّر خاشقجي عبر حسابه الرسمي على تويتر عن وجهات نظر غير مواتية كان يمكن اعتبارها تعاطفًا مع مقاتلي القاعدة وداعش. بعبارة أخرى، كان أكثر من مجرّد صحفي، بل كان أيضًا ناشطًا للإسلام السياسي.

لذا، في حين أنه لدى الصحفيين المعنيين الحق في طرح تساؤلات حول اختفاء خاشقجي، يجب ألّا نتجاهل أنه من وجهة نظر قطرية، يبدو أن هناك أمرًا مريبًا، نظرًا لانتماءات خاشقجي السياسية وموقفة الناقد للرياض.

هل تم استخدام اختفاء خاشقجي لإحراج المملكة؟ بينما ننتظر كشف الحقائق، يتضح أن هذا هو الحال على الأقل من الأساليب التي تتبعها قناة الجزيرة ووسائل الإعلام القطرية الأخرى، التي تنشر تقاريرًا عن حقائق غير مؤكّدة وتعتمد على التكهّنات والمصادر المجهولة.

هذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الدوحة بالذات تقويض التغيير الحاصل في المملكة، إذ لجأت إلى شتى الوسائل للوقوف في وجه الإصلاحات الشاملة في الرياض، وحاولت باستمرار تصوير المملكة على أنها المعتدي، متجاهلةً – وهي تحت المقاطعة – أنّ هناك اعترافاتٍ مكتوبة وموقّعة من قِبَل الشيخ تميم نفسه، تتعهد بالكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة.

ليس هناك شكٌّ في أنّ السلطات السعودية تفعل – وستفعل – كلّ ما في وسعها لحل اللغز وراء اختفاء خاشقجي. هناك فريقٌ يعمل جنباً إلى جنب مع السلطات التركية لإيجاد كل ما يمكن إيجاده. وفي هذه الأثناء، الأمر الوحيد الذي يمكن قوله، هو أنّ أفكاري ودعواتي هي مع عائلة خاشقجي في هذا الوقت العصيب.

المصدر: العرب نيوز