كان الله في عون السوريين

آراء

من حق السوري الثائر ضد نظام البطش في دمشق أن يتذمر من خذلان المجتمع الدولي لقضيته. من حقه أن يعبر عن خيبة أمله في العالم الذي ظل يشهد موت الأبرياء في سوريا وعذابهم دون ردة فعل صادقة. ومن حقه أن يسخر من تلك الكلمات الرنانة على منصة الأمم المتحدة ليلة الثلاثاء الماضي. بقي بشار الأسد يمارس البطش العلني ضد السوريين فيما زعامات العالم «المتحضر» تندد وتتوعد دون فعل.

ثوار سوريا يدركون تماماً أن النصر حليفهم، آجلاً أم عاجلاً، لكن لماذا إطالة أمد المعاناة والقتل اليومي؟ أبسط ما يمكن أن يقدمه المجتمع الدولي الذي يعلن تأييده لثورة الشعب السوري أن يزود الجيش الحر بمضادات الطائرات. أكثر ما أنهك قوى الثوار هي طائرات النظام الحربية. والجميع يعرف أن الأسد وشبيحته لايتوانون عن قتل المدنيين بالجملة، بالمدرعات وبالطائرات التي زعموا -قبل الثورة- أنها كانت لمواجهة من يحتل الجولان.

هاهي أسلحة الجيش تصوب نيرانها للداخل السوري فيما لم تطلق -في حياتها- رصاصة واحدة على المحتل الإسرائيلي. واليوم يحذر البعض من تغلغل الجماعات الدينية المتطرفة للداخل السوري. من السبب؟ من حق المظلوم المقهور الذي يتعرض كل ساعة للموت والإهانة أن يتحالف مع من يناصر قضيته حتى لو كان الشيطان. تلك هي الحقيقة. أما المجتمعون في نيويورك فإنهم لايقدمون سوى الكلام الفارغ من أي معنى طالما أن آلة الموت الأسدية لاتكترث لكلمة من كلماتهم المنمقة على منصة الأمم المتحدة.

الحقيقة أن بقاء الحالة السورية على هذا الوضع هو ما يمكن أن يقود إلى مشهد أشبه بذلك الذي تعيشه العراق منذ سقوط نظام صدام. وإن كنا اليوم نتعامل مع قوة مسلحة معارضة رئيسية هي الجيش الحر فإن عدم التدخل الدولي لإسقاط نظام الأسد سيمنح فرص التدخل أمام جماعات العنف. وتلك مراهنة الأسد الذي يريد أن يختزل المسألة في معركة بين النظام والجماعات الإسلامية القادمة من خارج الحدود. والعالم كله يعرف أن ملايين السوريين قد حسموا الأمر وقرروا إسقاط النظام.. مهما كلفهم الأمر!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٢٩٨) صفحة (٢٨) بتاريخ (٢٧-٠٩-٢٠١٢)