محمد خميس
محمد خميس
محمد خميس روائي صدر له من أمريكا رواية لفئة المراهقين بعنوان "مملكة سكابا" ، وله باللغة العربية مسرحية أدبية بعنوان "موعد مع الشمس"

كن أجنبياً

آراء

إن كنت ترغب بمعرفة اسرار المجتمعات الخليجية، فأنصحك ان تكون أجنبياً ليوم واحد، وسينكشف لك غطائها.

كن أجنبياً، بمعني الأوربي، او الأمريكي، تَخَفى وغير من طريقة مشيك، ولكنتك، وادعي انك اجنبياً لترى العجب، كن أجنبياً حتى تسوق منتجاتك، ويقتنع بك أصحاب الشركات، كن أجنبياً، واضرب موعداً لتقديم فكرة جديدة، لأكبر الشركات في اي دولة خليجية، مع نسبة تسع وتسعون بالمائة لقبولها، وتنفيذها على الفور، مع حفظ حقوقك طبعاً، كن أجنبياً، وتوظف بسرعة البرق في القطاع الخاص، وتمتع ببدل استيقاظك، وبدل زحمة الصباح، وبدل حرارة الجو، ولا تستغرب ان منحت بدل لتنفسك.

كن أجنبياً وأعمل مستشاراً في مجال غير مجالك، وكن أجنبياً، وستجد ان بعض المحلات التجارية تبيعك سلعها، بأسعار أقل من المعتاد، وحتماً ستفوز بالجائزة الكبرى، المرصودة للحملات الترويجية، كن أجنبياً وسيقربك ويثق بك المواطنون ويطلعوك على أسرارهم، فأنت “حتة أجني” لن تنقل اسرارهم الى شخص يعرفهم، وستحتفظ بها لنفسك، واذا حدث وألفت كتاباً عن اسرارهم بعد عودتك الى وطنك، سيكتفون بالتعبير عن صدمتهم فيك.

كن أجنبياً، وستكشف الكثير من المنقبات نقابهن أمامك، فأنت مجرد أجنبي ولست رجلاً، ولا يشملك غطاء الوجه.
كن أجنبياً، وسيحاول الجميع ان يثبت لك انهم مختلفون على أبناء جلدتهم، وربما تقبل احدهم فكرة ما منك، لمجرد ان يثبت لك بأنه ذو عقلية منفتحة، ويتقبل الأخر.

كن أجنبياً، ونحن نظمن لك ان تحصل على خصومات في الفنادق الكبرى، وعلى تذاكر سفر بنصف السعر، وعلى قرض من البنوك من غير ضمانات تبيعك ما ورائك وما أمامك في حالة عجزك عن دفعه، كن أجنبياً، وستتمكن من معرفة كل المناطق السياحية، والمطاعم الخمس نجوم، وأماكن الترفيه، كن أجنبياً وستتعجب من عدد الشباب الخليجي، الذي يتسكع في المجمعات التجارية، ولتستكشف الطرق المبتكرة في رمي أرقام الهواتف.

كن أجبياً لتنصدم بعدد الخلجيين الذين يرسلون أبناءهم للدراسة في المدارس الخاصة، رغم الميزانيات الضخمة المخصصة للمدارس الحكومية من قبل حكوماتهم، كن أجنبياً وستصلك اصوات الإحتاجاجات على محتوى البرامج الموجهة الى الأطفال، دون العمل لإيجاد بديل لها.

كن أجنبياً وتابع الدراما الخليجية، للتعرف على احدث طرق المؤامرات، والدسائس، والحرمان، والضياع، وسكب الأدمع، وتفكك الأسر، لتترك لك إنطباع بأننا نعيش في عالم كئيب، لا مكان فيه للأفراح.

كن أجنبياً لتلمس مدى انسلاخ جيل الشباب الخليجي من هويته الوطنية، ومحاولاته التبرء من إنتمائاته العربية.
كن أجنبياً وستنصدم ان الكثير منا ما يزال يخجل من ذكر اسم أمه التى ربته صغيراً، ومن إعتقاد فئة كبيرة منا، ان العار لا يلحق بنا الا من خلال نسائنا، كن أجنبياً، وستستغرب من إنقساماتنا، وغلونا في إقصاء بعضنا، كن أجنبياً، وسوف تجد بسهولة من يدعم مشاريعك الفاشلة، لتنجح نجاحاً باهراً.

وانت أيتها المرأة الخليجية الفاضلة، كوني أجنبية، لتلمسي تغير اسلوب الرجل الخليجي في معاملته، ولتسمعي منه لكنة الندية في خطابه، كوني أجنبية ليتذكر عيد ميلادك، وتاريخ زواجك، ولتعرفي حقيقة رأيه فيك، وكوني أجنبية، لتتفاجئي من مهاراته الرومانسية، ومن ابداعاته الشعرية، ولإبتكاراته في التدليل.

كوني أجنبية ونحن نظمن لك اليد الطولى في العلاقة الزوجية.
واخيراً أيها الخليجيون: كونوا أجانب لتتمنوا ان تكونوا خليجيين، بعد ان تروا بعين الغريب الإمتيازات التى تمنح لكم.

خاص لــ (الهتلان بوست)