سعيد المظلوم
سعيد المظلوم
ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي

لا تذهبوا إلى الجامعة !

آراء

بعد غربة دامت سنوات ؛ عدنا من رحلة الدراسة في الخارج ؛ وانطلقتْ زوجتي في رحلةٍ أخرى ، رحلةِ البحثْ عن عمل مناسب ، فراحَتْ تُقَدّم سيرتها الذاتية وأوراقها الشخصية ( العلمية ) لأكثر من جهة عسى أن تحصل على فرصة عمل، وهذا ـ بالطبع ـ غير المشاركة في معارض التوظيف .. ولأنها حاصلة على درجة الماجستير في ( الإحصاء التطبيقي ) من بريطانيا ، كنتُ أتوقع أن يكون أمر توظيفها سهلاً وميسّراً نوعا ما ؛ نظراً لأهمية التخصص . لذلك و بعد كل مقابلة ، وبمجرد خروجها مباشرة كنت أسألها عن مجريات المقابلة ،وكانت تردُّ بعبارات تكاد تكون مكرَّرَة ، إذْ تقول : ” كانت المقابلة جيدة ، لكنهم يسألون عن الخبرة ” . والخبرة للأسف غير موجودة بحكم السفر ، اللهمّ إذا استثنينا بعض الأعمال التطوعية التي كانتْ تشارك بها من منطَلَق ذاتي وإنساني.

هذه الإجابات المكررة ، ذكّرتني بإحدى وجهات النظر غير المألوفة للكاتب ( باول آردين ) في كتابه Whatever You Think, Think The Opposite ، أي : ” مهما كان تفكيرك .. فكر بعكسه “. باول ـ في كتابه هذا ـ له وجهة نظر متطرفة، لأنّه يرى الذهابَ إلى الجامعة مضيعةً للعمر والوقت معاً ، فهو يؤمن بأن كتاب الحياة ودروسها الواقعية هي الجامعة التي يجبُ أن نغترفَ منها ونتعلم. ويذهب الكاتب بعيداً في تطرفه ، مؤكّداً : أنّ الشخص الذي يذهب إلى الجامعة ما هو سوى شخص عادي لا يعرف ماذا يفعل في حياته ولا يعلم أين سيذهب ! ويتساءل قائلاً : هل الخبرة الحياتية والوظيفية متساوية بين مَنْ يبدأ في العمل وهو في الثامنة عشرة من عمره وبين ذلك الذي لا يبدأ إلاّ بعد مشارفته السنّ الثالث والعشرين على أقل تقدير ؟! ويجيبُ ، هو نفسُه ، عن تساؤله بالقول : بالطبع لا ، فهناك فارق مهم ، وهو: خمس سنوات ! يستفيد منها الصغير في تصحيح أخطائه ، وتصويب اختياراته الوظيفية.

وذاتَ يوم ، زارني أخي عبدالرحمن وبصحبته صديق له ( في بيتي بأمريكا ) أخبرني صديق أخي بأنه عمل خلال دراسته في أمريكا في محلات القهوة ، مثل : ستاربكس وغيرها ، وهكذا اكتسب مهارات و تولدت لديه خبرات جعلت منه تاجراً للقهوة اليوم . ولا أكتمكم سِرّاً ؛ فقد كنتُ أثناء دراستي أنظر بعين الاحترام و التقدير لكل طالب آسيوي أو إفريقي دعته الحاجة فشرع يعملُ مساءً ليتابع دراسته صباحاً ، وكنتُ أراه أكثرَ خبرة وفهما للحياة من آخر قَصرَ وقته على الدراسة فقط . بدون أن ننكر الصعوبة والمَشَاقّ التي كان يعاني منها .

وبعد قراءتي لوجهة نظر باول، جلستُ مع ابنتَيّ ( شيخة وهيا ) وهما على بعد خطوات من المرحلة الجامعية ، وقلتُ لهما : إنها مجرّد وجهة نظر لا تخلو من صحةٍ أو صواب ، لكنّكما .. ستذهبان إلى الجامعة بلا شك ، وأُحَبذ أن تقترن الدراسة بعمل خفيف ولو تطوعي إن أمكن.. والخيارُ لكما ولجميع القراء الكرام.

إجازة سعيدة للجميع