كشف لـ”الاقتصادية” مسؤول في البعثة التجارية الإندونيسية في جنيف، إن وزارة القوى العاملة في بلاده وضعت خطة واضحة يتم فيها تحديد موعد نهائي يمكن أن تتوقف فيه عن إرسال العاملات المنزليات إلى الخارج.
وأضاف المسؤول- فضل عدم ذكر اسمه-: “تم وضع إطار زمني مدته خمس سنوات لوضع حد نهائي لترتيب وضع العمالة في الخارج”، مبيناً أنه من الآن حتى ذلك التاريخ سيتم إعادة كل العاملات المنزليات إلى البلاد.
وقال إن التوجيهات حديثة، والأمر غير محسوم حتى الآن، وهو يعتمد على ما ستتضمنه خطة الوزارة، لكن عموماً هناك توجه بعدم حظر سفر الإندونيسيات إلى الخارج للعمل كمربيات للأطفال، ملمحاً إلى أن إندونيسيا تريد ضمان تدريب العمال الذين يعملون في الخارج بشكل صحيح.
وأوضح أن الخطوة جاءت استجابة لتوجهات الرأي العام الإندونيسي، وكتابات ومناقشات واسعة النطاق تدور في إندونيسيا منذ أكثر من عامين، محورها الشعور بالخجل والضيق من هذه المسألة التي تتعلق بالكرامة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تضع فيها إندونيسيا مثل هذا الهدف، ففي عام 2012، وضعت الحكومة برنامجا لتوفير مليون وظيفة بحلول عام 2014 لتشجيع المرأة الإندونيسية على العودة إلى البلاد، وكان من ضمن الخطة زيادة فرص العمل في القطاع الرسمي، لكن البرنامج لم يتم.
وبحسب التقديرات غير الرسمية، فإن ما يصل إلى 2.3 مليون إندونيسي يعملون في الخارج، معظمهم في ماليزيا، منهم 1.2 مليون عامل غير قانوني.
ويبدو أن قضية الاستقدام من إندونيسيا إلى السعودية قد دخلت نفقا مظلما، ففي الوقت الذي تنتظر فيه مكاتب العمالة الإندونيسية موافقة وزارة العمل السعودية على استقبال العمالة على 7 مسميات وظيفية حددها الجانب الإندونيسي؛ أكد لـ”الاقتصادية” مسؤول في وزارة العمل، أن الوزارة لا تنوي إصدار تأشيرات بالمسميات التي وضعها الإندونيسيون كشرط لاستئناف إرسال عمالتهم، لافتا إلى أن الاتفاقية الموقعة بين البلدين لم تدخل حيز التنفيذ.
وأبلغ “الاقتصادية” يونس يماني، رئيس اتحاد مكاتب العمالة الإندونيسية “همستاكاكي” ورئيس اللجنة العمالية الإندونيسية، أن بلاده منعت بشكل نهائي إرسال العمالة الإندونيسية إلى السعودية للعمل بمسمى “عاملة منزلية”.
وأشار يونس إلى أن بلاده تنتظر حاليا رد الحكومة السعودية فيما يتعلق بإصدار تأشيرات للعمالة الإندونيسية تحت مسميات سبع مهن، وهي: “طباخ أو طباخة، مربية أطفال، جليسة أطفال، مقدم رعاية للمسنين، سائق، بستاني، عامل نظافة”، مشيرا إلى رغبة بلاده إضفاء طابع التخصص على عمالتها، مضيفا أنه لم يعد من المقبول في بلاده أن تعمل العاملة طوال اليوم في منزل صاحب العمل دون إجازات، أو حماية أو السماح لها بالاختلاط في المجتمع، على حد قوله.
وأوضح اليماني، أن وزارة العمل الإندونيسية حددت سبع مهن فقط يسمح من خلالها بإرسال العمالة الإندونيسية للعمل في دول الخليج والشرق الأوسط، لافتا إلى أنه منذ بداية شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، تم البدء في تصدير العاملات الإندونيسيات على فيزا “عاملة نظافة”.
وأضاف: “تحدثنا مع شركات الاستقدام في السعودية، وأوضحنا لهم شروط بلادنا لإعادة تصدير العمالة، وكان شرط الجانب الإندونيسي أن تبيت العمالة مع الشركة في سكن مخصص لهم وليس في منزل صاحب العمل، وألا تتجاوز ساعات العمل 12 ساعة في اليوم كحد أقصى، كما اشترطنا موافقة العاملة على المبيت في بيت صاحب العمل، وإن وافق العامل على البقاء في بيت صاحب العمل فعليه أن يلتزم بساعات العمل المحددة وهي ثماني ساعات فقط، وما زاد عليها يحسب بأجرة إضافية”.
وحول قانونية السماح لعاملات النظافة بالعمل كعاملات منزليات، بين أن هذا الأمر غير نظامي، إلا أن الجانبين الإندونيسي والسعودي توصلا إلى ذلك لإيجاد حل وسط، موضحا أن الأنظمة السعودية لا تسمح بإصدار فيزا بمسمى “جليسة أطفال” أو “مقدمة رعاية منزلية”، كما لا تسمح الحكومة الإندونيسية بإرسال العاملات تحت مسمى “عاملة منزلية”.
وأشار إلى أن التحدي الأكبر أمام أصحاب شركات الاستقدام، يعد تأمين المسكن المناسب لهذه العمالة، موضحا أنه ليس من المعقول أن تسكن تلك الشركات آلاف العمالة في سكن واحد، وهو ليس بالأمر السهل، إذ شكك في مقدرة هذه الشركات على جلب آلاف العاملات للمملكة، كما كان الوضع في السابق، إذ كان يأتي للمملكة سنويا أكثر من 15 ألف عامل وعاملة منزلية. وأضاف، “كما أن الأمر يتعلق بالحكومة السعودية، ومدى موافقتها على إصدار تأشيرة لجليسة أطفال والمهن السبع الأخرى أم لا”.
وألمح إلى أن مشكلة تعطل وصول العمالة المنزلية للسوق السعودية اليوم تقع على عاتق الحكومة السعودية، خصوصا بعد قرارات الرئيس الإندونيسي الأخيرة، بشأن منع تصدير العاملات المنزليات، وألا يتم العقد مع مواطنين، بل مع شركات، لضمان تحقيق الحماية الكاملة لهن، وحفظ كرامتهن، وللتأكد من انخراطهن في المجتمع وتحقيق التواصل مع أبناء جلدتهن.
وحول عدد العمالة الجاهزة للقدوم للأراضي السعودية وموعد وصولها، أوضح يماني أن إندونيسيا لديها معدلات بطالة هائلة، في ظل وجود 20 مليون طالب عمل لا يجدون وظائف، 200 ألف منهم على الأقل يرغبون في العمل في السعودية، وأغلبيتهم من ذوي التعليم المنخفض، إلا أن اختلاف إجراءات الاستقدام بين المملكة وإندونيسيا، أخرت وصولهم، مستدركا “لكن الحكومة تفضل أن يبقوا بلا عمل على أن ترسلهم بلا حماية”.
وأضاف، أن “معدلات البطالة العالية مشكلة تواجه الحكومة الإندونيسية، وهي المسؤولة عن تأمين العمل لهم سواء في داخل البلاد أو عن طريق عقود العمل الخارجية ومنها السعودية إلا أن الحماية أهم شيء”، فيما لم يحدد موعد القدوم إلى السعودية.
وفيما يتعلق بتدريب العمالة المنزلية، أشار يماني إلى أنه يتم تدريبها 400 ساعة لمدة ثلاثة أشهر، على جميع المهارات منها الطبخ، كما أنها تعلم العاملة طريقة صنع “المندي” و”المظبي”، وجميع الأكلات العربية.
من ناحيته، قال تيسير المفرج، مدير المركز الإعلامي لوزارة العمل، إن توقيع المملكة لاتفاقية تنظيم استقدام العمالة مع حكومة إندونيسيا، كان بناء على دعوتها وترحيبها بتلك الخطوة، إلا أن الاتفاقية لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن، ولم تستكمل بعد الإجراءات الداخلية في إندونيسيا، بالرغم من انتهاء مرحلة تبادل زيارات الوفود بين وزارتي العمل في البلدين.
وحول لجوء البعض للتحايل وجلب من قدموا لأداء مناسك الحج والعمرة للعمل كخادمات، أكد المفرج أن من يفعل ذلك يعرض نفسه للمساءلة القانونية، كما أن شركات ومؤسسات خدمات الحجاج والمعتمرين الذين لم يبلغوا عن تخلف من قدم معهم سوف يعرضون أنفسهم للغرامة التي تبدأ بـ 25 ألف ريال، وتصل إلى 100 ألف ريال، فيما تتعدد الغرامات بتعدد المخالفين.
وشدد على أن لكل بلد سيادته وحريته وقراراته التي لا يمكن التدخل فيها، وما اتخذته إندونيسيا يعد شانا محليا، والوزارة ليس لها أن تتدخل فيه.
وأشار المفرج إلى أن “وزارة العمل مستمرة في فتح أبواب استقدام جديدة للعمالة بشكل عام، والمنزلية بشكل خاص، من دول أخرى لتنويع المصادر وخيارات الاستقدام”، لافتا إلى أن ذلك يضمن تنافسية في تكاليف الاستقدام، ومستوى متقدم من حيث المهارات وكفاءات العمالة، موضحا أنه توج ذلك بالاتفاق مع بنجلادش، حيث دخل الاتفاق معها حيز التنفيذ.
وتابع، “اتخذت الوزارة الكثير من الإجراءات التي من شأنها تطوير منظومة الاستقدام، بإصدارها لائحة العمالة المنزلية، وإقرارها لحقوق الأطراف المتعاقدة، وتدشين بوابة مساند التي تعد نافذة عصرية يتم تقديم الخدمات المتعددة من خلالها”.
المصدر: الاقتصادية