ياسر الغسلان
ياسر الغسلان
كاتب و مدون سعودي

لماذا كل هذه القنوات!؟

آراء

كانت وسائل الإعلام في الماضي تستخدم في الغالب كوسيلة للسيطرة على الجماهير، أو قناة يمكن من خلالها التواصل معهم؛ بهدف إيصال رسالة معينة سياسية كانت أم اجتماعية، وذلك لإحداث تغيير محدد في السلوك العام أو في طبيعة المواقف.

إلا أن الإعلام مع تطور قنواته وأدواته أصبح يشكل إغراء حقيقيا لأصحاب رؤوس الأموال، الذين وجدوا فيها القدرة على أن تكون وسيلة لترويج المنتجات، وبالتالي منجما حقيقيا للتسويق وجني الأرباح المالية، ممن لديه القدرة على دفع المال من أجل الوصول لأكبر قدر ممكن من الجماهير.

إلا أن الملاحظ من خلال متابعة الكم الهائل من وسائل الإعلام التلفزيونية والورقية والإلكترونية التي ظهرت خلال الأعوام الماضية، خاصة في العالم العربي، أن هناك اختلالا في الطريقة التي يفكر فيها صاحب الوسيلة، بحيث قد يكون إنشاء هذا الكم الهائل من وسائل الإعلام ناشئا ليس من منطلق كونها مشاريع تجارية هدفها الربح المالي، بل هي أقرب للعودة للعقلية التي أسست عليها تلك الوسائل في بداياتها والمتمثل في السيطرة على الجموع لأهداف ليست بالمؤكد تجارية.

أقول هذا بعد أن اطلعت على الأرقام التي نشرت مؤخرا في بيان لاتحاد إذاعات الدول العربية يفيد أن هناك ١٣٢٠ قناة تلفزيونية حكومية وأهلية في العالم العربي، وأن الهيئات التي تبث أو تعيد بث قنوات فضائية على شبكاتها بلغ عددها خلال العام الماضي ٧٧٦ هيئة، حيث ينفرد قطاع التمثيل بأعلى نسبة بـ١٥١ قناة تليها الرياضية ١٤٦ فالقنوات الدينية بـ١٢٥ والإخبارية بـ٦٦ قناة.

الأسئلة التي يجب أن تُسأل لفهم هذه الظاهرة متعددة منها مثلا، أي تلك القنوات يحقق أرباح في ظل المنافسة المحمومة؟ وأي تلك القنوات أسس أصلا لتحقيق أهداف ربحية؟ وإن لم يكن أسس كمشروع تجاري فلماذا ينشئ قناة ويتكبد خسائر؟ وإن كان هدف القناة اجتماعيا فهل صاحب القناة مؤسسة خيرية أم متبرع شخصي؟ وإن كان كذلك فلماذا يبقى كثير من ملاك تلك القنوات في الخفاء؟.

المشروع الإعلامي الذي لا يهدف للربح المالي هو بالتأكيد مشروع خيري وبالتالي فالإفصاح عن التمويل و طريقة الإدارة يجب أن تكون واضحة وخاضعة لقوانين العمل الخيري، فالمتاجرة بالعمل الخيري جريمة، خاصة إذا استخدم بعضها الدين وخدمة المجتمع كوسيلة تمويه لأجندات خاصة.

المصدر: الوطن أون لاين