لهذه الأسباب لم أعرف الوطن

آراء

ـ أنتمي إلى جيل الطباشير المبارك الذي لم يسمع عن الوطن إلا من خلال مادة الجغرافيا فقط؛ حتى إذاعة الصباح في المدرسة كانت تتكلم عن أحزان الأمة وويلاتها في كل مكان، وكانت تغفل عن قصد أو غيره الحديث عن الوطن، ومكتسباته وأهله الطيبين!

ـ عرفت أشياء كثيرة عن سجون عبدالناصر، وعن حمزة البسيوني وشمس بدران وصلاح نصر، وعن الشهيد سيد قطب، وكنت كأقراني أحفظ عن ظهر قلب قصيدة «أبتاه ماذا قد يخط بناني» لهاشم الرفاعي سماعاً من أساتذتي الذين كانوا يرددونها أمامنا في كل حصة تقريباً وإلى حد الملل.

ـ في المقابل لم أقرأ قصيدة واحدة لحمزة شحاتة أو غازي القصيبي أو عبدالله الثبيتي رحمهم الله إلا في وقت متأخر جداً، ولم أعرف إلا النزر اليسير عن بلادي التي هي قبلة العالم، التي هي على النقيض تماماً من كل هذا الوجع والمعتقلات وسحق الإنسان والآدمية الذي كان يقدم لنا في المدرسة!!

ـ عرفت تضاريس وادي بانشير في أفغانستان بامتياز، ولم يتبرع لي أحد بوصف وادي العقيق في المدينة المنورة أبداً، أما حصيلتي المعرفية عن سير أحمد شاه مسعود وحكمتيار وبرهان الدين رباني وعبد رب الرسول سياف وعبدالله عزام؛ فقد كانت ترجح بكفة كل من أعرفهم من المشاهير في وطني، وفي الأوطان العربية الشقيقة!

ـ قُدر علينا كجيل أن نتناول هذه الوجبات المركزة يومياً دون أن نعرف السبب، وكنا نظن أن هذا هو العالم، وأن علينا أن نكون مستعدين للنفير العام في أي وقت طالما أننا على جبهة كما كانوا يقولون لنا سامحهم الله.

ـ كنا احتياطياً بريئاً يُجهز يومياً لغزو العالم، وكأنه كتب علينا وحدنا أن نعنى بكل الصراعات السياسية القذرة على كراسي الحكم، ولذلك نجد صعوبة كبيرة حتى الآن في الاحتفال بالوطن، وفي الكتابة عنه بشكل يليق؛ إننا المنتج المعلب لحقبة رديئة ومجنونة بشكل لا يوصف؛ أرجوكم اتركوا الأجيال الجديدة تحتفل وتفرح بوطنها دون عقد!! كل عام وأنتم بخير..

المصدر: صحيفة الشرق