معـارض التوظيف روتين سنوي.. والراتب وساعات الدوام سؤال مزمن

أخبار

لا يختلف اثنان على أن البحث عن الوظيفة هو الهاجس الأكبر للشباب، لا سيما الخريجين الجدد وأسرهم أيضاً، ومع انعدام مسمى البطالة في دولتنا فقد تغيَّرت مفاهيم البحث عن الوظيفة، إذ باتت الأنظار تتجه نحو العمل الانتقائي.

وعلى الرغم من حضور معارض التوظيف في مجتمعنا ودورية انعقادها سنوياً، وفي مختلف الإمارات، إلا أنها انتقلت من مكانة طوق النجاة للشباب إلى كونها قضية جدلية تتباين في جدواها الآراء، فبين مؤيدين لحضورها في سوق العمل وقدرتها على ردم الهوة بين المؤسسات والباحثين عن العمل، ورافضين لآلياتها وأنها أصبحت بوابة للوعود بالعمل على أمل الاتصال فقط، تتأرجح معارض التوظيف في ميزان المتابعين.

في الوقت الذي يؤكد المختصون والمسؤولون أن الأسئلة الأهم والمكررة في تلك المعارض تتمحور حول «الراتب، وساعات الدوام، ومكان العمل»، وأن معظم الشباب يرفضون العمل بنظام المناوبات ويقيّمون الوظيفة والجهة بالراتب والمميزات المادية الأخرى، وأنه نادراً ما تجد الجهات العارضة للوظائف الشاغرة شباباً يستفسرون عن طبيعة العمل، وما إذا كان يتناسب مع مؤهلاتهم وقدراتهم أم لا، ما يجعل رحلة البحث عن الوظيفة تستمر لسنوات، يرى الطلبة الباحثون عن العمل أن تجربتهم مع هذه المعارض لا تتعدى الروتين السنوي، وأنها ساحات عرض فقط، إذا ما قورنت بالنتائج المتحصلة منها، وأنهم يدخلونها بالسير الذاتية ويخرجون بالهدايا التذكارية.

«البيان» تفتح ملف معارض التوظيف في الإمارات، لوضع توصيف كامل لآلية توصيف هذه المعارض وجدواها ودورها في إثراء سوق العمل ودفع الشباب إلى الانخراط فيه.

محطة أساسية

أكد محمد خليفة الزيودي، مدير دائرة الموارد البشرية في الفجيرة رئيس اللجنة العليا المنظمة لمعرض الفجيرة الدولي للتوظيف والتعليم، إن معارض التوظيف محطة أساسية في حياة مستقبل الأبناء، كونها تعد حلقة وصل بين سوق العمل ومخرجات التعليم، مشيراً إلى أن الطلبة يربطون تخصصاتهم باحتياجات سوق العمل من خلال الوظائف المتاحة، خصوصاً من هم في المراحل الدراسية الأخيرة المقبلين على الدراسة الجامعية.

وأوضح الزيودي أنه على الرغم من أهمية معارض التوظيف في رفد المؤسسات بالكادر البشري والخبرات، إلا أن هناك بعض الطلبة ينظرون لها من جانب ضيق وهو الحصول على العائد المادي الأعلى، دون الاكتراث بالفوائد والخبرات التي يمكن أن يحققها الفرد من الوظيفة، إضافة إلى التركيز على الوظائف الحكومية وعدم تقبلهم وظائف القطاع الخاص على الرغم من تقديمها رواتب مجزية تفوق بعضها المؤسسات الحكومية.

وأشار الزيودي إلى أن اقتران البحث على الوظيفة بالراتب يعيق عملية التوظيف، وتستمر على أثرها مرحلة البحث إلى سنوات، ويحكم هؤلاء الأشخاص على معارض التوظيف بالفشل وعجزها عن تحقيق تطلعات الباحثين عن عمل، لافتاً إلى أن هذه الإشكالية يمكن أن تتلاشى بمجرد أن ينصب تركيز الباحث عن عمل عند زيارته منصات المؤسسات على أخذ نبذة كافية عن المزايا وطبيعة العمل حتى وإن كانت بدايتها بعائد مادي أقل من الجهات الأخرى، إلا أنه يمكن تعويضها من خلال الترقيات والمناصب المتاحة التي يمكن أن يصل إليها الباحث عن عمل بسهولة وفي سنوات قليلة.

وأكد أن معارض التوظيف لها مردود إيجابي، لأنها تعد منصة تجمع المؤسسات والكوادر البشرية في مكان واحد وتسهم في خلق الوعي لكلا الطرفين بمستجدات سوق العمل، منوهاً إلى أن معارض التوظيف سوف يكون لها مردود أكبر إذا كانت هناك مؤسسة حكومية مستقلة تقيم معارض التوظيف وتنسق أهدافها، وتغذي المنظمين بجوانب القصور والتميز حتى يتم الاستناد إلى المميزات للقضاء على السلبيات التي تتكرر في المعارض، علاوة على دورها في تنسيق مواعيد المعارض بحيث لا يحدث تعارض في أوقات المعارض، بأن يكون هناك معرضان في آن واحد كالذي يحدث في الوقت الحالي.

بين الجدية والاستخفاف

وأفاد راشد عبدالرحمن بن جبران السويدي، مدير الإدارة المركزية لتنمية الموارد البشرية بالمجلس التنفيذي بعجمان، بأن الجهات العارضة للوظائف تتعامل بجدية مع الباحثين عن العمل، وتحرص على استقطابهم بشتى الطرق ليكونوا أحد سواعد الوطن المتينة، ولكن جدية معارض التوظيف تصطدم في كثير من الحالات باستخفاف البعض بالوظائف، وذلك ما يتكرر في المقابلات الفورية التي تجريها بعض المؤسسات في ساحة المعرض، حيث يتضح أن المؤهلات التي يحملها الشخص لا تسعفه حتى للمنافسة على الوظيفة.

وأوضح السويدي أن عدم جدية البعض قد تبرز في سيرتهم الذاتية التي تفتقر للمعلومات الأساسية التي يتطلع من خلالها العارض للتعرف إلى الشخص الذي يجلس أمامه، مشيراً إلى أن الباحث عن عند زيارته إلى معرض التوظيف يجب أن يكون على قدر عالٍ من الجاهزية، ومتوقعاً أسئلة المقابلة الشخصية.

وأشار السويدي إلى أن هناك اشتراطات كثيرة ينظر لها الباحث خلال زيارته للمعرض، تحرمه في بعض الأحيان من التعرف حتى إلى الوظائف المعروضة وامتيازاتها، إذ يحصر معرفته بالمؤسسة في أسئلة معدودة وهي «كم الراتب» و«أين مكان الدوام» وأمور أخرى تتعلق بالمسمى الوظيفي «البريستيج».

وأكد راشد السويدي، أن التنافسية والبحث عن الأفضل حق مشروع للجميع، ولكن بشرط أن تكون هذه التنافسية في إطار التوازن، بمعنى ألا ينظر لجوانب معينة دون أخرى، لافتاً إلى أن بعض المؤسسات تبدأ رواتبها في الوظيفة بـ7 آلاف درهم وتصل إلى 35 ألف درهم، وذلك بناءً على الخبرة خصوصاً في القطاع الخاص الذي قد يجد فيه الباحث عن عمل فرصة ومساحة أكبر لتطوير ذاته.

ملاحقة الجهات العارضة

من جانبه، قال العميد أحمد رفيع مدير الإدارة العامة للموارد البشرية في شرطة دبي، إن الجهات الحكومية مطالبة بالمشاركة في معارض الوظائف التي تقيمها الحكومة، والتي تهدف إلى خلق نوع من العدالة وإتاحة الفرصة أمام الجميع في الحصول على فرصة عمل مناسبة، بعيداً عن اعتبارات أخرى قد تعوق عملية التوظيف.

وقال العميد رفيع، إنه على الرغم من الأعداد الكبيرة التي تتقدم للعمل في شرطة دبي، إلا أن الاختبارات تفرز الأصلح منهم خصوصاً في ما يتعلق بالصحة البدنية والنفسية والمعلوماتية، والغريب في الأمر أن السؤال عن الراتب وساعات الدوام، أهم لدى معظم الباحثين من طبيعة العمل أو تناسبها مع قدراته ومؤهلاته، مؤكداً أن بعض الباحثين عن عمل يغلقون هواتفهم بعد التسجيل والنجاح في الاختبارات، لدرجة أنه تتم ملاحقتهم ودعوتهم إلى استكمال الطلبات وأن الوظيفة جاهزة، والغريب أن بعضهم لا يكترث بالأمر ويرد «لقد غيرت رأيي»، وهو الأمر الذي يؤكد أن كثرة الوظائف المعروضة خلقت نوعاً من المنافسة بين الجهات المختلفة، كما أنها عكست انطباعاً قد يكون سلبياً عن الالتحاق بالحياة العملية وتقييمها بالراتب وساعات الدوام وأشياء ثانوية لا تنتج موظفاً جاداً.

إيجابيات وسلبيات

بدورها، أكدت عفراء راشد البسطي، عضو المجلس الوطني، أن معارض التوظيف التي تنظمها الجهات المختلفة تحمل الإيجابيات والسلبيات، وأن هناك جهوداً تبذلها مؤسسات كثيرة بالدولة لتنظيمها، لكن تظهر بعض الإشكاليات في كيفية استقبال طلبات التشغيل والتواصل مع المتقدمين لاحقاً.

وأوضحت البسطي أنه بشكل عام لا يمكن الحكم بشكل مباشر على جدوى هذه المعارض، إلا من خلال المتابعة الحثيثة للنتائج المترتبة عليها فيما بعد، وهو ما يتعذر معرفته لاحقاً والاطلاع على الأعداد التي تم تشغيلها من عدمه، وهل الفرص التي تقدمها المؤسسات، تعكس احتياجاً واقعياً لتخصصات بعينها أم لا، مشيرة إلى أن المعارض في غالبها الأعم، تعتبر فرصة جيدة للجمهور والشباب للتعرف إلى مجالات وتخصصات الشركات العارضة، وتنوعها بين التقنية والهندسية والطبية، والتجارية وغيرها، وأن هذه الوظائف المتاحة ربما تعطي مؤشراً لتوجهات سوق العمل بالدولة ومدى الاحتياج لتخصصات بعينها، بعكس أخرى قد تكون تشبعت بموظفيها.

وقالت البسطي إن أسوأ ما في معارض التوظيف، عدم التواصل بشكل فعال من جانب الشركات المانحة لهذه الوظائف، مع المتقدمين لشغلها، وأن ذلك تترتب عليه أمور سلبية، من إشعار الباحثين عن الوظائف بالإهمال، فضلاً عن شعورهم بعدم جدوى ما يقومون به، لأنهم يعلمون يقيناً أن بعض الشركات لن تتواصل معهم فيما بعد، حتى لإبداء أسباب عدم اختيارهم لشغل هذه الوظيفة أو ذاك.

ولفتت إلى دور هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية المهم والمؤثر من خلال توفير الخدمات في مجالات التأهيل، والتوظيف، عبر التسجيل في موقع الهيئة الإلكتروني أو بالحضور شخصياً للمكاتب الفرعية للهيئة، وأن دورها الوطني كبير في هذا الشأن، لافتة إلى أن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم التزام بعض الجهات بتوفير الفرص الوظيفية بشكل دائم، وربما كان وجودها في معارض التوظيف شكلياً فقط لإثبات حضورها وبهدف الظهور الإعلامي فقط على الساحة، بعيداً عن توفير فرص وظيفية حقيقة للشباب المواطنين.

معارض بلا جدوى

من جهته، أبدى حمد الرحومي عضو المجلس الوطني ورئيس لجنة التوطين في الفصل السابق، عدم رضاه عن نسب التوطين بين المؤسسات الحكومية والخاصة بالدولة، موضحاً أن معارض التوظيف لا تعتبر ذات جدوى طالما لم تفصح عن الأعداد التي تم توظيفها في الشركات العارضة للوظائف، ورأى أن كثيراً من الشركات ترغب في الحضور إعلامياً فقط..

وأضاف الرحومي أنه يجب أن يكون للحكومة دور مؤثر في رقابة الشركات والجهات التي تعرض وظائف، لتبيان ما إذا كانت هذه الوظائف حقيقية أم وهمية، وأنه يجب أن يناط هذا الدور بوزارة الموارد البشرية والتوطين، بحيث يكون لها دور رقابي يتم من خلاله رصد الأعداد الحقيقية للوظائف المتاحة بالدولة، ومتابعة أرقام الفرص الوظيفية التي توفرها الجهات الراغبة في التعيين، لمتابعتها فيما بعد، إذا ما كانت وفت بمتطلباتها بالفعل وعينت هؤلاء الشباب أم لا، إضافة إلى اعتبار الوزارة مظلة يمكن الرجوع إليها لمعرفة أرقام البطالة الحقيقية، خصوصاً أن كل ما يقال من أرقام حتى الآن هي غير صحيحة، ولا تعكس الواقع الفعلي لسوق العمل.

وأكد حمد الرحومي أن المعارض في غالبها الأعم غير ذات جدوى، وخاصة مع التقدم التقني التي تعيشه الدولة، حيث يمكن إرسال السير الذاتية دون ضرورة للحضور لمقر هذه المعارض، فضلاً عن أن الشركات تقوم باستقبال السير الذاتية، لتقوم لاحقاً بإتلافها، لأن أعداد المتقدمين إليها كبيرة جداً، وهو ما يعطي صورة سلبية عن هذه المعارض، موضحاً أنه إذا كانت هناك جهات لديها فعلاً فرص حقيقية للتوظيف، فإنه يجب عليها إجراء المقابلات خلال أيام المعرض وتعيين الراغبين، مثلما تفعل شرطة دبي، والقوات المسلحة، وهذا ما يعكس مسؤولية وفي الوقت نفسه صدقية، وهو ما لا يتوافر لكثير من الشركات الأخرى.

وقال الرحومي: ما فائدة أن يكون هناك وقت مخصص سنوياً لإقامة معارض التوظيف، في حين أنه يمكن لهذه المؤسسات أن توفر بشكل دوري أكثر من وظيفة، ما يعطيها استمرارية ومصــــداقية، مؤكداً أهمية إجراء إحصاءات وقياسات بشكل دوري لمعرفة عدد الوظائف التي تقدم من خلال هذه المعارض والاطلاع على الذين تم تعيينهم بالفعل، للحكم على نجاحها في أداء مهمتها ورسالتها، مشيراً إلى أن أي معرض لا تصدر عنه أرقام حقيقية، غير ناجح، وأن القياس يجــب ألا يشمل بأي حال عدد الزوار له.

وطالب الرحومي الحكومة بوضع قاعدة لبيانات الباحثين عن العمل لعرضها على الشركات والجهات الحكومية والخاصة لأخذ ما تراه مناسباً لها، وإلزامها بتوطين حقيقي للوظائف، خصوصاً القـــطاع الخاص الذي يعج بأكثر من 4 ملايين وظيفة، لا توجد نسبة منها مرضية، تم توطينها وتوفيرها للشباب الإماراتي، وأن المبررات التي تقدمها هذه الجهات الخاصة، بعدم وجود تخصصات معينة لهم أو مستشارين متخصصين غير مقبول، حيث إنه بالإمكان تدريب وتطوير القدرات الخاصة بالشباب بشكل دائم، من أجل زيادة أعدادهم في هذا القطاع.

المعارض تؤدي مهمتها

وذكر خالد بن زايد الفلاسي، عضو المجلس الوطني، أن معارض التوظيف لا يجب اتهامها بأنها وهمية، ولا تؤدي الغرض المطلوب منها، خصوصاً أن من ينظمها ويقوم عليها جهات معترف بها وذات ثقل وموضوعية، لافتاً إلى أنها تؤدي دورها في توفير والمساهمة في الارتقاء بأعداد الموظفين المواطنين في كل القطاعات، وأنه لا يجب بأي حال التقليل من دورها الإيجابي، خصوصاً أن معظم هذه الشركات المشاركة تتكبد أرقاماً كبيرة لإقامة الديكورات وحجز أماكن العرض، وليس من المعقول أن تكون في النهاية غير راغبة في استقبال طلبات توظيف جديدة لديها.

وأفاد بأنه ربما تكون هناك بعض الجهات ترغب في الدعاية لنفسها بأنها تؤدي دوراً وطنياً من خلال توفير الوظائف، لكن لا يجب تعميم ذلك، خصوصاً أن هناك كثيرين التحقوا بوظائف عبر هذه المعارض المستمرة، مشيراً إلى أنه من غير المنطقي أن نصدر نتائج تفيد بإسهامها في تقليل أرقام البطالة، خصوصاً أنه يوجد جزء ممن يزورون هذه المعارض هم في الأساس موظفون في جهات أخرى، لكنهم يبحثون عن فرص أفضل من حيث الراتب والدرجة الوظيفية.

وقال رداً على إهمال كثير من الشركات لسير ذاتية كثيرة للمتقدمين، بأنها ربما تكون غير متوافقة مع متطلبات الوظيفة التي تتطلبها الجهة للالتحاق بها، وأنه لا يجب أن نقرر أن هذه الشركات تتعمد إتلاف طلبات التوظيف عن قصد.

وطالب الفلاسي أن يكون هناك دور رقابي للحكومة من خلال التدقيق في أرقام البطالة الموجودة، وعمل دراسات مقارنة لاستبيان الوظائف التي تم إشغالها وعدد التي لم يتم منها، ورصد واقع السوق الوظيفي للتعرف إلى احتياجاته، ومناسبة مخرجات التعليم والتخصصات الجديدة له، وإيفائها بما هو مطلوب، مشيراً إلى أهمية وجود جهة اتحادية يتم بموجبها فرض رقابة على الشركات والجهات التي تتقدم بطلبات لإشغال أماكن بها، وأن يكون لها حق المتابعة لما تم إنجازه في هذا الملف، خصوصاً أن هناك شركات تروج لنفسها أنها وطنت أعداداً كبيرة من الشباب، غير أن الحقيقة عكس ذلك، إذ إن هذه الوظائف غير مؤثرة وهامشية، وأن الأماكن ورأس الهرم المطلوب توطينه لم ينله ذلك، مضيفاً أن الرقابة هي الحل الأمثل والتي يجب أن تكون هدفاً للجميع للتأكد من فعالية وجدية هذه المعارض.

معارض مفيدة

من ناحيتها، أكدت منى القمزي، مساعد المدير العام للشؤون المالية والإدارية في مركز محمد بن راشد للفضاء، أن فعاليات ومعارض التوظيف تستقطب أعداداً كبيرة من الزوار، وهي مفيدة للشباب الإماراتي والمؤسسات على حد سواء، إذ يمكن للمؤسسات أن تعرّف عن حاجاتها من الفرص الوظيفية، وتعرض الاختصاصات التي تطلبها وفي المقابل يتمكن الشباب الباحث عن عمل من التواصل المباشر وإيصال مؤهلاته إلى المكان الصحيح.

ولفتت القمزي إلى أن قسم الموارد البشرية بالمركز تلقى في السنة الأخيرة عدداً كبيراً من الطلبات بعد المشاركة في معرض الإمارات للوظائف، إضافة إلى ذلك، ثمة عدد ممن تقدموا بطلبات خلال زيارتهم إلى معارض الوظائف وتمتعوا بالمؤهلات اللازمة باتوا موظفين في المركز.

وقالت القمزي: «خلال المشاركات السابقة لمسنا حماسةً ورغبة لدى الشباب للتعرف أكثر إلى المشاريع والاختصاصات المطلوبة في مركز محمد بن راشد للفضاء والاطلاع على تجارب المهندسين»، مضيفةً أنها لاحظت أن الكثير من زوار هذه المعارض يعتقد أن من يرغب أن يعمل في مركز محمد بن راشد للفضاء، يجب أن يكون متخصصاً في الفضاء وهذا اعتقاد غير دقيق، حيث كانت مشاركاتهم فرصة لتوضيح هذا الأمر، لأن المركز يقوم على قطاعين هندسي وإداري، وهناك فرص وتخصصات مطلوبة في المجالات الهندسية للمشاريع الفضائية مثل الهندسة الميكانيكية والإلكترونية والبرمجيات والطاقة المتجددة والفيزياء والرياضيات وغيرها، وأيضاً فرص أخرى في أقسام المحاسبة والمشتريات والموارد البشرية والتسويق.

دور المجلس الوطني

أكد حمد الرحومي، عضو المجلس الوطني ورئيس لجنة التوطين، على دور المجلس الوطني ومطالبته المستمرة بتوطين دائم ومستمر للوظائف، إضافة إلى صدور توصيات ملزمة في هذا الشأن، خصوصاً أنه كان رئيساً للجنة التوطين بالمجلس، وأن الجهود مستمرة لإزالة أي حواجز مستقبلاً، لافتاً إلى أهمية تفعيل القانون القاضي بعدم إصدار أي تأشيرة عمل جديدة للوافدين، إلا بعد التأكد من أن هذه الوظيفة يمكن أن يشغلها أحد الشباب المواطنين، مبيناً أن التطور الكبير الذي تعيشه الدولة من خلال مخرجات التعليم، ارتقى كثيراً بمخرجات الطلبة وتخصصاتهم، وأثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنهم قادرون على النجاح والإنجاز في أي مهمة ووظيفة توكل إليهم.

معارض في جامعة دبي

قال الدكتور عيسى البستكي مدير جامعة دبي إن الجامعة تحرص على تنظيم عدة معارض توظيف خلال العام الأكاديمي للطلاب والخريجين وتستقطب الشركات الجادة، مشيراً إلى أن جامعة دبي هي الجامعة الأولى التي تفتح المجال للجميع بالتقديم للوظائف المعروضة بالجامعة سواء لمنتسبيها أو منتسبي الكليات والجامعات الأخرى أو حتى من غيرهم، كما تجري ورش عمل على هامش المعرض للتعريف بطبيعة الوظائف.

وأضاف أن الجهات المشاركة في معارض التوظيف بالجامعات لا تشترط الخبرة كونها على علم مسبق بأن الطالب أو الخريج ليس لديه أي خبرة يحملها في سيرته الذاتية، وإنما قد تواجه هذه الفئة تحديات أخرى مثل ساعات العمل التي تتجاوزها الجامعة بأن خصصت فترتين للدراسة مسائية وصباحية.

برامج تدريب مجانية

أفادت الدكتورة ليلى البلوشي، مدير عام مؤسسة الفكرة للاستشارات الإدارية في الشارقة، بأن المؤسسة قدمت برامج مجانية لتدريب 400 مواطن ومواطنة من الباحثين عن عمل في إمارتي الشارقة والفجيرة، مساهمة منها في الارتقاء بالكوادر الوطنية.

وأشارت إلى أن الكثير من الفرص المتاحة تضيع ولا يتم الاستفادة منها لأسباب ذاتية مرتبطة بالباحثين عن عمل أنفسهم، ومنها عدم وجود رؤية واضحة حول ما يريد، وغياب التقييم الذاتي للفرد للتعرف إلى جوانب القوة والضعف لديه وكيفية سدها ليصبح أكثر استعداداً لدخول سوق العمل. وأضافت أن مفهوم المواطنة الإيجابية يعني قيام كل فرد بدوره في مسيرة التنمية وبناء الوطن.

خريجون: بعض المعارض فعالية إعلامية بلا وظائف حقيقية

دعا طلاب جامعيون وخريجون باحثون عن عمل، إلى ضرورة وجود جهة حكومية تشرف وتراقب الوظائف التي تطرح في معارض التوظيف، والتأكد من جديتها، ومراقبة مسار طلبات التوظيف التي يقدمونها، حتى لا تتحول معارض التوظيف إلى مجرد حدث إعلامي تشارك فيه الشركات والمؤسسات للتسويق والدعاية لنفسها، من خلال عرض وظائف شاغرة في الأساس، وليس تقديم فرص حقيقية للباحثين عن عمل.

وقال الطالب سعيد موسى صالح: على الرغم من أن معارض التوظيف تعد منصة مهمة لكثير من الطلبة والخريجين للتواصل مع الشركات لمعرفة الوظائف المطروحة، إلا أن مصداقيتهم لا تتجاوز 50%، مشيراً إلى أن هذه النسبة تتباين من جهة لأخرى.

وأضاف أنه يحرص على التجول بين أجنحة العديد من الجهات الحكومية التي تشارك في المعارض في مختلف إمارات الدولة ليستفسر عن نوعية الوظائف المطلوبة ومميزاتها، إلا أنه لم يتلقَّ أي إجابات واضحة.

فائدة وحيدة

وأكدت ميرة البلوشي، أن استفادتها من المعارض لا تتــــعدى التوزيعات التي تحصل علـــيها من الجهات العارضة مثل الكوب أو القلم أو حتى قطعة الشوكولاتة أو ما شابه، وتذكر أنها شاركت في عدة معارض سابقاً وكان الجواب الوحيد الذي تتلقاه هو «قدّمي السيرة الذاتية إلكترونياً.. لا نقــبل الورقية»، وتتساءل: «إذا كان التقديم إلكترونياً فقط، فما الحاجة لمشاركة تلك الجهات في المعارض التي ينفق على تنظيمها الكثير من الأموال؟».

وأضافت أن بعض الجهات تشترط تخصـــصات بعينها، فضلاً عن اشتراط الخبرة.

لا شيء

واستطرد أحمد بني ياس: «أنا خريج منذ عام 2008 وأقدم في المعارض بشكل سنوي»، ولم أتلق أي عرض من أي جهة، ولم أستفد من تلك المعارض سوى الهدايا الرمزية والحلويات التي توزعها الجهات العارضة على الباحثين عن عمل، على الرغم من أن بعض الشركات تتعمد الحصول على ركن كبير للعرض وتتكبد آلاف الدراهم لإعداده بشكل لائق، إلا أنها تكتفي بتوزيع حبة شوكولاتة على كل باحث، فضلاً عن كرت التعريف بالشركة، ويطلبون منهم التقديم عبر الموقع الإلكتروني أو إرسال السيرة الذاتية عبر البريد.

وتساءل: «لماذا تتكبد الدولة كل المبالغ الطائلة على تنظيم هذه المعارض فضلاً عما تتكبده الجهة العارضة نفسها، بينما يمكن الاكتفاء بطاولة صغيرة وموظف واحد يتلقى السير الذاتية من الباحثين، مشيراً إلى أننا أصبحنا في عصر التكنولوجيا الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي قد تغني عن تلك المعارض».

مؤشر للسوق

أما عبدالعزيز الشامسي، فيؤكد جدوى هذه المعارض في كونها مؤشراً بالنسبة للطلبة والخريجين لاتجاه سوق العمل واحتياجاته المستقبلية، مشيراً إلى أنه مهما وصلت نسبة التوطين التي تتحقق من خلال معارض التوظيف، فإنها ستظل عاملاً مساعداً لا يمكن الاستغناء عنه.

وأضاف الشامسي أن اللقاء المباشر بين العارض والباحث يفيد في كونه يعرف الثاني بطبيعة العمل لدى الأول، وأرجع الإخفاق في قبول البعض إلى كثرة الطلبات التي تتلقاها الجهة العارضة.

ولفتت الطالبة عائشة سليمان إلى أنها استفادت من المعارض حين قدمت أوراقها لهيئة كهرباء ومياه دبي في معرض التوظيف بدبي، وتم قبولها وتعيينها بالفعل.

وطالب جاسم الشامسي بإلزام مسؤولي الدوائر بالحضور في هذه المعارض وإجراء المقابلات المبدئية مع الباحثين، وليس فقط مجرد استلام السير الذاتية، مع ضرورة فرز هذه السير وانتقاء المرشح للوظيفة الخالية قبل انتهاء المعرض تحت إشراف لجنة خاصة تعمل على التأكد من جدية هذه الوظائف.

كما نوه محمد صلاح الشوملي، بضرورة إنشاء شبكة إلكترونية يتم عرض الوظائف من خلالها، عوضاً عن إنفاق الأموال الباهظة على المعارض الحية، طالما أن المطلوب إرسال السيرة عبر البريد الإلكتروني من دون إجراء مقابلات شخصية مع الباحثين.

المصدر: البيان