مازن العليوي
مازن العليوي
كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة

مهجرون ومرتزقة

آراء

حين استمعت في مدينة أورفة التركية لحكايات من شهود عيان وممن شاهدوا الموت بأم أعينهم وكتب الله لهم أعماراً جديدة، فاضطروا إلى هجر بيوتهم والخروج من وطنهم إلى مكان آمن، أدركت أن الثورة السورية اختطفت هي الأخرى، ونهبها لصوص ومرتزقة وقطاع طرق ومتأسلمون لا يعرفون الله إلا في مظهرهم لخداع الناس والإعلام تحت مسميات كتائب إسلامية، فيما معظمهم – كي لا أقول كلهم – لا يصلون كما روى لي بعض من اختطفوا ودفعوا فديات ليعودوا إلى أهاليهم، وبناء على ذلك لعلهم لا يصومون في هذا الشهر الفضيل.

أحد المختطفين طلب من سجانيه المنتمين إلى جماعة إسلامية السماح له بأن يتوضأ ليصلي، فسخر منه السجانون قائلين نحن لا نصلي لنسمح لك بالصلاة.

مهندس من أنجح مهندسي المدينة، تعرض للتهديد فغادر وطنه، ويحاول اليوم أن يهاجر بطريقة ما إلى دولة أوروبية معرضا حياته للخطر بحثا عن حياة كريمة له ولأطفاله بعد ما أوشك ما عنده من وفر مالي على الانتهاء، فالمعيشة في تركيا مكلفة، ولا مجال لأن يعمل بحكم عائق اللغة والقوانين التي لا تجيز عمله.

حمّال استطاع أن يصبح عنصرا في الجيش الحر وصار يحمل سلاحا استطاع به نهب الملايين من الليرات، اشترى بها أسلحة وضم أصحابه من المسحوقين سابقا ليشكل كتيبة “إسلامية” الاسم، أما فعلها فهو ترويع الناس وسلب ممتلكاتهم.

ثمة قصص تبكي الحجر حملها المهجرون من المدن السورية إلى أورفة حيث أكتب هذه الكلمات، وفي غيرها من المدن التركية، فلا النظام السوري رحمهم من قنابله وصواريخه رغم أنهم يترحمون على أيامه بعد الذي رأوه ممن يدعون تحرير المدينة، ولا المرتزقة الذين أخلى النظام لهم المدن – كما حدث في الرقة – ليدخلوها بأسلحتهم خلال ساعات معدودة رحموا الناس.. فنهبوا وخطفوا وهددوا الآمنين وتوعدوهم.

ما تتناقله وسائل الإعلام مختلف عن الواقع كثيرا، والجيش الحر لم يعد حرا في حقيقته، بل تلوث حتى العظم، ومن يشاهد قادة الكتائب الإسلامية يرتدون اللباس الأفغاني فإنه سوف يعرف ما حل بالثورة السورية من انحراف عن مسارها الصحيح.

من بقي داخل وطنه من السوريين يعيش الأمرين، ومثله من خرج، فلا مدارس ولا عمل، والمطلوب منه أن ينفق فقط.

الأموال التي أنفقت من قبل النظام والمعارضة على التسلح والحرب وتلك التي نهبها المرتزقة وما أنفقه المهجرون كانت ستنهض بالتنمية في سورية إلى أرقى المستويات، لكنه تعنت النظام الذي جلب الويلات، ولم يدفع الثمن إلا المواطنون في دولة كم صدع قادتها رؤوسنا بـ”التقدم”.

المصدر: الوطن أون لاين