سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

ندعو المديرين للتريث قبل القرار!

آراء

بداية نقرّ ونعترف بأن الخدمات الحكومية المقدمة في الإمارات، سواء من الجهات المحلية أو الاتحادية، مثالية ومتطورة، وقلما نشاهدها في الدول الأخرى، فالجميع هنا يتنافس بشدة للتسهيل على المتعاملين، وتيسير خطوات معاملاتهم، والجميع يتنافس على تقديم خدمات تصنّف على أنها سبع نجوم، لا خلاف على ذلك، صحيح أن هذه الخدمات ليست مجانية، وهناك رسوم يدفعها المتعامل، وهذا أيضاً شيء طبيعي لا خلاف عليه، فمن حق الجهة أو المؤسسة أن تحصل على رسوم مالية نظير خدماتها، وذلك من أجل استمرارية التطوير والجودة وتحسين الخدمات.

لكن مع دخول عام 2018، وهو بالمناسبة عام مفصلي، حيث ستنتقل فيه الإمارات إلى دولة ذات نظام ضريبي، وسيتم فرض ضريبة القيمة المضافة التي تبلغ 5% على أغلب السلع والخدمات بشكل عام، لذا فمع دخول هذا العام فإن الأمر يحتاج أيضاً إلى إعادة دراسة وتقييم، لأن الرسوم الحكومية هي ببساطة شكل أو أداة من الأدوات الضريبية (إن صح التعبير)، وتالياً فإن تغييرها أو رفعها مع فرض ضريبة القيمة المضافة لاشك أنه سيشكل عبئاً على الأفراد والشركات، ولاشك أنه سيسهم بشكل مباشر في رفع مستوى الأسعار، وغلاء بالمعيشة، وفي زيادة التضخم، ما يؤثر أيضاً في تنافسية الدولة وأسواقها، وهذا ما لا يريده أحد، لا الحكومة ولا المجتمع.

من جهتنا نحن نؤمن تماماً بأن قيادتنا الرشيدة لا تسعى إلا لرفاهية الشعب وسعادته، ونؤمن أيضاً بأن ضريبة القيمة المضافة هي أمر حتمي لاقتصاد أفضل، وخدمات أفضل، ومعيشة أفضل، فما تحصّله الحكومة من الضريبة ستُعيد ضخه في مشروعات البنية التحتية والاجتماعية لمصلحتنا ومصلحة أبنائنا، ونؤمن أيضاً بأهمية الرسوم الحكومية لضمان تقديم خدمة أفضل.

لكن ما يحزّ في النفس هو تلك الاجتهادات التي يقودها المديرون والمسؤولون التنفيذيون، والمتعلقة باستحداث رسوم أو رفع قيمة رسوم سابقة، وبشكل عشوائي غير مدروس، ومبالغ به في أحيان كثيرة، وهذا من دون شك يؤثر سلباً في نفسيات المواطنين، ويُرهق ميزانياتهم الشهرية، لذا فإننا ندعوهم إلى التريث والتمهل وعدم حصر التفكير في كيفية تحصيل واستحداث الرسوم، بل الإبداع والابتكار في تقديم الخدمات، فهم في نهاية الأمر جهات «خدمية» وليست «ربحية»، لا مانع طبعاً من حصولهم على مقابل مالي نظير خدماتهم، ولكن ليس بهدف تحقيق ومضاعفة الربح، فهذا أسلوب عمل القطاع الخاص وليس الحكومي!

لا أتحدث هنا عن جهة معينة، ولا دائرة معينة، أتحدث عن الجميع، وللجميع، في السنوات الماضية لاحظنا تنافساً واضحاً من الجهات الحكومية لزيادة دخلها، بل أصبحت زيادة الدخل أهم مؤشرات نجاح الدائرة أو الجهة الحكومية، حتى وإن كانت طبيعتها خدمية أو اجتماعية بحتة، لذا فإن هذا التوجه يجب أن يتلاشى مع دخول العام الجديد، فمع وجود ضريبة القيمة المضافة أصبح من الضروري إعادة توجيه الدوائر والمؤسسات بإعادة التفكير في الرسوم، إما تخفيضها في بعض القطاعات الرئيسة، أو على أقل تقدير عدم زيادتها بأي شكل وتحت أي ظرف!

المصدر: الإمارات اليوم