هجرة الطبيب السعودي

آراء

من أهم الاستثمارات السعودية هي تلك التي أنفقت على تأهيل الطبيب السعودي. كانت الجامعات والمستشفيات السعودية تبتعث المميزين من خريجي كليات الطب لإكمال مشروع “الزمالة” في أرقى الجامعات والمراكزالطبية في كندا وبريطانيا وأمريكا. الطبيب السعودي اليوم”ماركة” مميزة عربياً -وأحياناً عالمياً- بإنجازاته العلمية المتفوقة. وحينما أكتب عن “الطبيب” السعودي فإني أشمل الطبيبة السعودية أيضاً. لكنني مؤخراً سمعت عن “هجرة” بعض أطبائنا المؤهلين بتفوق. وسمعت أيضاً عن تردي رواتب كثير منهم في المستشفيات السعودية، حكومية أو أهلية، مقارنة بأقرانهم من حاملي الجنسيات الأوروبية والأمريكية. وأرجو أن يكون ما سمعته وقرأته عارياً من الصحة. لست بحاجة للتذكير بأن أهم الاستثمارات في أي بلد هي تلك التي تستثمر في الإنسان. والسعوديون اليوم مميزون (على مستوى المنطقة) في الطب وفي أعمال البنوك والإعلام. لكن يبقى الطبيب في رأس أولويات الاستثمار. والطبيب المتميز إن لم نوجد له البيئة الملائمة، من مستشفيات ونظام إداري لائق وامتيازات في الرواتب والخدمات الأخرى، فلماذا نستغرب إن قبل بعروض عمل خارج بلاده؟ من حقه أن يبحث عن مكان آخر -حتى خارج وطنه- يحترم تفوقه ويمنحه قدره في الراتب وبقية الامتيازات. لكننا إن لم نعمل بصدق وحس وطني على حل الإشكالات التي تدفع بالطبيب السعودي المتميز للهجرة فإننا فعلاً نهدر الاستثمارات الكبيرة التي أنفقت على أطبائنا ونخسر طاقات وطنية مهمة مجتمعنا أولى بها وبأمس الحاجة لها. بل هي “فضيحة” تنموية أن تهاجر خيرة عقولنا فيما وزاراتنا ومؤسساتنا تتعاقد مع من هم أقل خبرة وعلماً وفهماً وفائدة!
الطبيب السعودي المتألق في تخصصه يعد اليوم “ثروة وطنية” مخجل أن نفرط بها!