هدية المملكة العربية السعودية لدولة الصين عنوانها الثقافة والفن

أخبار

في العلاقات بين الدول تلعب السياسة والاقتصاد الدور الأول في تنمية العلاقات ودعمها ولكن الفن دائما كان الرسول الناعم بين الدول، فهو يربط الحضارات والثقافات عبر الخيال والإبداع. وخلال زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للصين برز هذا الجانب بشكل جميل، عبر لوحة للفنان السعودي أحمد ماطر قدمتها المملكة العربية السعودية لدولة الصين في «منتدى الأعمال الصيني السعودي» الذي انعقد مؤخرا في العاصمة بكين.

اللوحة التي تحمل اسم «طريق الحرير» عبر فيها أحمد ماطر عن اللقاء بين الصين والسعودية عبر التاريخ، وكانت معبرة بشكل موجز عما يطلق عليه الفنان «لقاء الشرق بالشرق».

ماطر اشتهر باستخدامه المنمنات الإسلامية بطريقة معاصرة لتعبر عن الإنسان وثقافته وواقعه، ولجأ في لوحته الأخيرة التي قدمها في الصين لنفس التقنية غير أنه أضاف لها أبعادا تاريخية مختلفة مستشرفا طريقا ثقافيا جديدا يستكمل ما أطلقه طريق الحرير في الماضي من تجارة مضيفا لها التبادل الحضاري الثري المتكامل.

أحمد ماطر تحدث لـ {الشرق الأوسط} هاتفيا عن اللوحة ومغزاها الفني والسياسي فقال إنها قدمت خلال جولة رسمية لولي ولي العهد للصين, وبدا من خلال اختيار اللوحة لتكون ضمن برنامج الرحلة أن السعودية تولي الفنون والثقافة اهتماما فائقا ضمن رؤيتها للمستقبل.

يقول ماطر إن فكرة اللوحة كانت لوزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي بتوجيه من الأمير محمد بن سلمان ليكون للفن دور رئيسي في الرحلات الرسمية الدولية.

وكأن اللوحة خارجة من التاريخ فهي تعتمد المنمنات الذهبية أسلوبا لها ولكنها أيضا مغرقة في العصرية، حيث تهدف لإقامة حوار ثقافي بين الشرق والشرق اعتمادا على تراث ثقافي وديني. يشير الفنان في تقديمه للعمل إلى أن اللوحة تعبر عن «حوار الشرق بالشرق مستحضره التكامل بين كل من طريق الحرير ورؤية المملكة 2030». ويضيف «على الجانبين قصة مزدوجة تبدأ من الجانبين تعبر عن الترابط والاختلاف أيضا، وهي تنطلق من الشرق للشرق، وفيها أيضا قراءة للرحلات من الصين للجزيرة العربية وبالعكس».

اللوحة «المنمنمة» تظهر على شكل لوحتين متقابلتين في إطار واحد بأسلوب المنمنمات الشرقية التي مر تاريخ تطورها عبر طريق الحرير. نفذت اللوحة على ورق يحمل رسومات مأخوذة من ستار الكعبة وفي صفحتي الكتاب المتقابلتين تكمن ثقافتان، على اليمين تمتاز بالكتابات والنقوش الإسلامية على الحواشي، ثم تستخدم المساحة الرئيسية لرسم يعبر عن الرحلات التي كانت تخرج من مكة للصين بغرض التجارة. يستخدم ماطر الكعبة والحجيج والقوافل التجارية كعناصر أساسية على خلفية من الأشكال الهندسية الإسلامية، وكتب على رأس الصفحة العبارة الخالدة «اطلبوا العلم ولو في الصين» وعلى الصفحة المقابلة وبأحرف صينية كتب كلمة «طريق الحرير».

22

على الجانب المقابل تسود الزخارف الذهبية ولكن تختلف في مضمونها فبدلا من الزخارف أو الأشكال الإسلامية نجد أمامنا رموزا من الثقافة الصينية من أبرزها التنين. في وسط الصفحة رسم آخر مقابل لرسم الكعبة، على أرضية من الزخارف الصينية والمعتمدة على السحب الملتوية على نفسها وأيضا على أنصاف الدوائر المتتالية. الرسم الرئيسي لباخرة تشق عنان الأمواج، لا ترمز فقط لرحلات التجار المعروفة في التاريخ ولكنها أيضا ترمز لقصة رحالة صيني معروف حسب ما يقول ماطر. الباخرة المصورة هنا هي للرحالة الصيني «تشينغ خه» وهو مشهور في الأدبيات الصينية واسمه العربي «حجي محمود شمس» ولد في أسرة صينية مسلمة عام 1371 ميلاديا وقام برحلات كثيرة في جنوب آسيا وأفريقيا ووصل لمنطقة البحر الأحمر وزار مكة المكرمة وقام خلال حياته بسبع رحلات بحرية تاجر فيها بالمنسوجات الحريرية والمجوهرات والعقاقير الطبية الصينية.

في بيان الفنان لعمله يشرح لماذا سماه «طريق الحرير» بقوله: «يستحضر العمل الفني (طريق الحرير) ذاكرة – نصفها تاريخي ونصفها الآخر أسطوري – لقوافل البر والبحر التي سلكت طريقًا متعرجا عبر صحاري وجبال وبحار غير مطروقة في آسيا إلى الجزيرة العربية. لكن طريق الحرير ليس مجرد جزء من ماض أسطوري، فهو سمة مهمة من سمات المستقبل الحاضر اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وفنيا».

المصدر: الشرق الأوسط