هل اختطف الإعجازيون القرآن؟

آراء

أسماء اشتهرت بتفرغها للحديث عن المعجزات العلمية للقرآن وسأطلق عليهم مصطلح الإعجازيين.

أنشأوا اللجان المختصة، وصمموا المواقع الإلكترونية ونشروا فيديوهاتهم على الشبكة، وأدرجوها في المناهج.

وبرغم أنني لا أحبذ سرد الأسماء إلا أن إيراد بعضها هنا ضرورة ليعلم القارئ أننا لانتحدث عن نكرات بل عن رواد الإعجاز وعرابيه.

د. زغلول النجار ود. عبدالمجيد الزنداني ود. هارون يحيى وغيرهم ممن تبنى هذا الاتجاه.

وازدادت موجة الإعجاز العلمي مؤخرا ليخرج علينا من ينتج “فيلما كرتونيا أنميشن” وينسبه لناسا مدعيا أن الأرض لاتدور حول الشمس.

وآخر يتحدث عن أن ناسا اكتشفت حقيقة إحدى العلامات الكبرى للساعة وأن الشمس تتجه للشروق من مغربها.

وقبل أن أفصل في تفنيد واحدة من ركائز الاستدلال لديهم، فإنني أنزه القرآن عما يسوقه البشر وينساقون إليه من تفسيرات خاطئة يعتقدون أنها تقود للإيمان.

كما أنني أؤمن أن في القرآن آيات عظيمة قد تخفى علينا وقد تظهر لنا أو لغيرنا وقد ندركها الآن أو مستقبلا، ولهذا فطرحي هنا ليس لنفي الإعجاز العلمي عن القرآن ولكنه للحد من تحذلق أصحاب هذا الاتجاه والمبالغة والوقوع في الأخطاء من جراء هذا الاندفاع.

ولكي يكون لحديثي أثر اخترت إحدى صور الإعجاز التي اتفقوا عليها وروجوا لها منذ زمن بعيد لأبين للناس أن ما يتحدثون عنه ليس إلا آراء بشرية أخطأت هذه المرة ومرات أخرى وهي تمثل رأيهم ولا تمثل القرآن بأي حال من الأحوال.

يتوقف أصحاب الإعجاز العلمي في القرآن عند قول الله تعالى “يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث”.

ثم يفصلون في ذلك موضحين بالرسومات المقصود بالظلمات الثلاث، فيقولون:

الظلمة الأولى ظلمة جدار البطن.

والظلمة الثانية ظلمة جدار الرحم.

أما الظلمة الثالثة التي لم تعرف إلا من خلال الطب الحديث – كما يدعون – فهي ظلمة الغشاء “الأمنيوتي” المحيط بالجنين. ثم يطلقون السؤال المعهود من الذي أطلع النبي الأمي عليه الصلاة والسلام على وجود هذا الغشاء قبل أن يكتشفه الطب الحديث ؟

وتتعالى صيحات التكبير من الحضور.

ولو غضضنا الطرف عن حقيقة أن الغشاء المحيط بالجنين ليس اكتشافا حديثا حيث كان معلوما لدى الجزارين في ذلك الزمان عندما يبقرون بطون الحوامل من الحيوانات حديثة الوفاة من خيل أو إبل لإنقاذ جنينها.

لو غضضنا الطرف عن ذلك ثم تناولنا مايسمونه الظلمة الثالثة “الغشاء الأمنيوتي” لوجدنا أنه غشاء منفذ للضوء “كالبلاستيك” الشفاف تستطيع أن ترى من خلاله تفاصيل الجنين. نعرف ذلك من إدخال المنظار إلى رحم الحامل وهذا يتنافى مع وصفه بالظلمة.

أمثلة كثيرة تنسف استدلالاتهم نسفا.

الملاحظ أنهم كثيرا مايقولون أثبت العلم أو قال العلماء من دون وضع المرجع العلمي لهذا الادعاء. وبعد التمحيص نجد أن ما قالوه ليس إلا نقلا عن موقع إسلامي. ومرجع الموقع هو قول المستشهد وهكذا كما يقول البعض “اشهد لي وأشهد لك”. وخير مثال على ذلك صياح المعذبين في باطن الأرض الذي انتشر بينهم أو اجتماع العلماء لمحاولة خلق ذبابة.

يتبقى سؤال مهم: لماذا يقدم هؤلاء على مثل هذه الأعمال؟

قد يكون الحماس وهذا منتشر بين أتباع الديانات فهم حريصون على سرد المعجزات وآيات الإعجاز أو نسجها إن لم توجد.

وقد يكون طلبا للشهرة والمال حيث أصبح الكثير منهم ضيوفا على محطات تلفزيونية كثيرة يجنون منها الدراهم والأتباع.

وقد يكون أخطر من ذلك “وأما الذين في قلوبهم مرض فيتبعون ماتشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، وما يعلم تأويله إلا الله”.

تحدثت في بدايات الألفية أن ديننا اختُطِف من قبل الجماعات المتشددة وحذرت من ذلك. واليوم أرى القرآن الكريم يختطف من قبل الإعجازيين.

ألا يكفيكم من إعجازه وكماله أنه كتاب الله وكلامه الذي أنزله لكم وحفظه لكم.؟!

المصدر: الرياض
http://www.alriyadh.com