سعيد الجابر
سعيد الجابر
كاتب سعودي

هل تحسد الدول نظيراتها كالبشر؟

آراء

إبتداءً من بني البشر وما نسمع ونقرأ عن روايات “الحسد” في مجتمعات الأثرياء قبل الفقراء والطبقات المتوسّطة قبل الكادحة، لا يمكن أن يحول الحول دون أن يحكي لنا البعض رواية نتيجتها قد تكون “الحسد”.

هذا المصطلح العربي المتأصّل كما في المعجم الغني يعني: تمني زوال النعمه عن شخص الحاسد وتحولها إليه.. ويُقال: “فلان في موقف لا يُحسد عليه”، أي في حالة سيئة لا يغار منها أحد. وسبق أن تداول هذا المصطلح في ألمانيا على أنه أعلى درجات الإحترام كما قاله الفيلسوف الألماني آثر شوبنهار -إن صدق-! وعرّف هارولد كوفين الحسد بأنه عدّ النعم التي يحظى بها الأخرون بدلاً من عد نعمك.

هنا في الوطن العربي تعاني المجتمعات المستقرة في بلدانها وحضاراتها من لعنة الحسد، إذا ما تابعنا شعارات الثورات العربية التي لم تنجح تجربتها حتى الآن، وتبقى أحداثها ومجرياتها الآن شاهدة على ذلك الآن.

حين ذكر الدكتور جمال النصار: “أن الإنسان قنبلة من العداء، ولكن سبب عدم إنفجار هذه القنبلة هو أن الإنسان يعيش في مجتمع يضبطه”، قد يكون تنبأ عن حال العرب في هذا الزمان. فلو أمن الإنسان أن لا يعود عليه تصرفه العدواني بأذى لقام من فوره إلى أخيه الإنسان الذي نجح في استثارة مناطق العدوان داخله فقتله شر قتلة، منقاد في ذلك خلف ما يُعرف بـ “الحسد”، وهو ما يجعلنا نؤمن بأن الحسد صفة مفطور عليها الإنسان.

كذلك مؤسسات المجتمع المدني في خضم نجاحاتها قد تعاني من “حسد” جاراتها الفاشلة، وكأننا نلمس تنافسية مغلفه في إطار فطري بين رواد تلك المؤسسات وقياداتها.

الشركات أيضاً العاملة في ذات الوسط أو القطاع، كشركات الإتصالات والبنوك والشركات الخدمية والبتروكيميائية وغيرها..، في بعض الدول تحكمها النتائج المليارية على أن تشترك في مبدأ التنافسية المحمودة ولكنها قد تنجرف إلى “الحسد” الذي يصفه الألمان بأنه كالإحترام المتبادل! ولكن ذلك يظهر فقط في ظل بعض التحالفات الكبرى من أجل الإطاحة بالمنافس الأصعب صاحب الحصة الأكبر في السوق.

لا يمكن أن تمر سيرة بعض الدول بأحجامها ومخابراتها وتطوراتها مرور الكرام على مر العصور، إلا وقد عانت من التدخلات العسكرية وسياسات الضغينة والتجاوزات اللادبلوماسية في شؤونها، ولعل تجربة فشل السياسة بين لبنان وسوريا على خلفية مقتل رفيق الحريري، وتجاوز إيران لتتدخل في شؤون دولة أو عدة دول خليجية، وغيرة تونس من المغرب والجزائر، وضغينة كوريا الشمالية على أميركا الآن، خير مثال بأن السياسة والدول وربانها يعيشون تنافسية عسكرية أمنية مالية وديموقراطية، خلقتها المجتمعات وتناقلتها الشعوب وتنامت كالهرم المقلوب، فهل يعني ذلك أن لسان حال الرؤساء والحكام والملوك في هذا الزمان: “اللهم لا حسد”؟

الجواب: ربما ، وربما أنا أيضاً أحسد رواد القلم البارزين، وزملائي في الحَرف والحِرفه!

خاص لـ ( الهتلان بوست )