عبدالله إسكندر
عبدالله إسكندر
كاتب لبناني

الإرهاب في لبنان

الأربعاء ٠٥ فبراير ٢٠١٤

أثبتت التجربة في كل البلدان التي ضربها الإرهاب، بأشكاله المختلفة، أن الإجراءات الأمنية وحدها، مهما كانت شديدة، لم تمنع الظاهرة. لقد تمكنت أجهزة قوية في دول عدة من الحد من تنفيذ عمليات إرهابية إلى مستويات دنيا، سواء عبر العمل الاستخباراتي والرصد أو سواء عبر الضربات الاستباقية. لكن مثل هذه الظروف ليست متوافرة في كل البلدان، خصوصاً تلك التي تعاني ضعفاً في بنيتها الوطنية وخلافات أهلية وأجهزة يشوب الغموض مرجعياتها. لكن الظاهرة في لبنان الذي بات ساحة مكشوفة للإرهاب المتجول الذي يضرب عشوائياً، وبوتيرة متزايدة، لا تكشف الضعف في البنية المؤسساتية للدولة والخلافات الأهلية وتماهي هذا الإرهاب مع الانشطار الأهلي - الطائفي، وإنما أيضاً تؤكد أن الوطن اللبناني بات على فوهة البركان المندلع في الإقليم، وجبهة في المعركة المندلعة من باكستان، مروراً بالخليج واليمن، وصولاً إلى العراق وسورية. الإرهابيون والانتحاريون القادمون من الخارج، المسلحون بفكر تكفيري اختزالي للحياة والآخرة، والذين يفترضون أن «أبواب الجنة» تفتح لهم في لبنان، ما كانوا يحققون أغراضهم بهذه السهولة لولا انخراطهم في تضاريس الانشطار الأهلي اللبناني الذي يجعل لبنانيين يشعرون بأنهم جزء من هذه المعركة العابرة لحدود الدول. لقد تخلى لبنانيون طوعاً، ولأسباب أيديولوجية، عن وطنهم من اجل معركة دموية تدور خارج حدوده. هذا الانحياز الأهلي، خصوصاً كما تمثل في سورية، ادخل تعقيدات كثيرة على الحياة…

أجندة «القاعدة» في سورية

الأربعاء ١٨ ديسمبر ٢٠١٣

في انتظار معرفة جنس الملائكة، اي معرفة المسؤول عن توسع نفوذ «القاعدة» ومشتقاتها في سورية، باتت أجندة التنظيم الارهابي تفرض نفسها على تطورات الصراع. وسواء دفع النظام منذ البداية الى عسكرة الحركة الاحتجاجية ليتسنى له تنفيذ حله الأمني وإعادة اخضاع البلاد لحكمه الاستبدادي أو تسللت العناصر الارهابية الى الحركة الاحتجاجية التي احتضنتها من اجل ان ترد على آلة القتل المتقدمة، فإن الخطف على الهوية وتطبيق الحدود وخطف رموز العمل المدني والوطني باتت المسيطرة على كثير من التطورات الميدانية، بعدما تناولها الجدل لوقت طويل في العواصم المهتمة في الشأن السوري، بذريعة التعرف الى المعتدلين لدعهم والمتشددين لمقاطعتهم. والتركيز على أجندة «القاعدة» ليس انحرافاً عابراً في الصراع، انه نتيجة للتغييب، القسري او المفتعل، لشعارات الحركة الاحتجاجية وللفراغ الذي تركته الخصومات داخل المعارضة وللعجز عن اعادة تنظيم الذات على سوية تواجه النظام. كما انه نتيجة للسعي الدؤوب لهذا النظام الى مواجهة عدو تتسم صورته بالتشدد والارهاب والتزمت الديني في بلد متعدد المذاهب، بما يشكل تبريراً للحل الامني الذي اعتمده الحكم وما زال يعتمده. لكن الخطورة القصوى التي تهدد مصير الثورة السورية هي تلخيص وضعها الراهن بأجندة «القاعدة». ولا تتعلق المسألة هنا بسعي النظام، وراعيه الروسي، الى فرض هذه الأجندة على الاستعدادات لمؤتمر «جنيف 2» فحسب، وانما تتعلق ايضاً بالعلاقة مع المعارضة السورية. خصوصاً…

مانديلا السياسي

الأحد ٠٨ ديسمبر ٢٠١٣

يبقى نيلسون مانديلا زعيماً سياسياً، على رغم توقه منذ تخليه عن الرئاسة في جنوب أفريقيا في 1999 إلى معالجة آفتين أصابتا الإنسانية، هما الفقر ومرض «الأيدز». لا بل فشل في تحقيق حلمه تشكيل جبهة للحد من انتشار الآفتين اللتين ما تزالان تفتكان بالبشر، على رغم تمتعه برصيد دولي لا سابق له وسمعة استثنائية في شفافيتها وعلاقات على أرفع المستويات في كل أنحاء العالم. لقد نظر إلى الفقر و «الأيدز» على أنهما من صنع الإنسان، واعتبر أنه يمكن للإنسان أن يقضي عليهما. كما كان الحال بالنسبة إلى التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، والذي شرعه الإنسان وتمكن الإنسان من القضاء عليه. على أي حال كان الرجل عظيماً في نضاله الإنساني كما كان في نضاله السياسي الذي يعطيه مكانته الخاصة بين العظماء في التاريخ. تمتع مانديلا بصفات شخصية أتاحت له أن يقرأ بدقة معنى التطورات في بلاده والعالم. سواء في مرحلة النضال المسلح أو مرحلة السجن أو مرحلة الحوار والمصالحة. لقد خبر بنفسه معنى القهر البشري الذي يولده التمييز العنصري، والاستغلال المادي الذي وفره هذا النظام للأقلية البيضاء منذ وصول الحزب الوطني العنصري إلى الحكم في 1947 في جنوب أفريقيا. وأدرك أنه لا يمكن تحريك النضال ضد هذا النظام المتكامل، قانونياً وسياسياً واقتصادياً، من دون اكتساب الأصدقاء والحلفاء في الداخل والخارج. ليجعل من…

أميركا وإيران والإقليم

الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠١٣

ثمة إجماع بين الخبراء أن من المبكر جداً تقويم الاتفاق بين طهران ومجموعة «5+1» في شأن الملف النووي الإيراني، سواء ما تعلق مباشرة بالبرنامج العسكري الإيراني أو بالمصالح الإقليمية الإيرانية. لكن الاتفاق في ذاته ينطوي على معطيات جديدة، ربما من الصعب العودة عنها، في العلاقات الغربية - الإيرانية ومعالجة الموضوع الإيراني عموماً. فرغم الطابع المرحلي للاتفاق، لمدة ستة شهور، لم يعد مطروحاً على الطاولة سوى خيار الديبلوماسية، وذلك بعد سنوات من التهديد الأميركي، والغربي عموماً، بأن كل الخيارات مطروحة لمنع تطوير سلاح نووي إيراني. المرحلة الانتقالية فيها الكثير من اختبار النيات، خصوصاً أنها ستشهد البحث التفصيلي في الملف، وسيحرص المعنيون مباشرة بهذه المفاوضات على ترسيخ مناخ التسوية الديبلوماسية، بما ينزع من يدي إسرائيل احتمال توجيه ضربات عسكرية مباشرة لمنشآت إيرانية. ورغم أن الدولة العبرية أعلنت أنها غير معنية بالاتفاق، لا يمكنها بعده أن تقف في مواجهة الإدارة الأميركية الحالية راعية الاتفاق، وتقدم على مغامرة عسكرية ضد ايران. هكذا ارتاحت طهران، بفعل الاتفاق، من أي تهديد عسكري مباشر كانت الولايات المتحدة وإسرائيل لا تتوقفان عن إشهاره في شأن البرنامج النووي الإيراني. ما يؤكد موقفها من أن اعداد القوة العسكرية التقليدية له قيمة ردعية، ويجبر الخصم على ألف حساب قبل الهجوم، وصولاً إلى التخلي عن الخيار العسكري. في الوقت نفسه، يشكل الاتفاق…

لماذا لم يزر الإبراهيمي الرياض؟

الأحد ٠٣ نوفمبر ٢٠١٣

من أجل تقويم الجولة التي قام بها الموفد الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي على المنطقة والجهود الكبيرة التي بذلها والمشقات المضنية التي عاناها، يمكن التساؤل عن إمكان أن تكون فرص انعقاد مؤتمر «جنيف -2» باتت متوافرة أكثر عما كانت عليه عندما بدأ هذه الجولة. لقد بدأ الإبراهيمي جولته والكلام الصادر عن راعيي «جنيف - 2»، أي روسيا والولايات المتحدة، يحدد 22 - 23 الشهر موعداً للمؤتمر، أي بعد أسبوعين. وأنهى الإبراهيمي جولته ليتحدث عن احتمال انعقاد المؤتمر خلال أسابيع في أفضل الأحوال، إن لم يكن إلغائه إذا رفضت المعارضة الحضور. أي أن الجولة لم تسهم بالملموس في أي تقدم نحو انعقاد المؤتمر، على رغم كل التفاؤل الصادر عن الأمم المتحدة وموفدها والإطراء الذي ناله الموفد من موسكو وواشنطن والمديح الصريح من النظام السوري، بعد تخوينه وتصنيفه في خانة الأعداء. وقد يكون هنا بيت القصيد من كل هذه الجولة، أي العودة إلى دمشق وحظوة لقاء الرئيس بشار الأسد. وبعد اللقاء والتقريظ الذي ناله الإبراهيمي من الإعلام الرسمي السوري، يمكن فهم معنى حماسة الموفد الدولي لانتقاد المعارضة السورية ومطالبتها بأن «تقنعه» بأنها معارضة ولحماسته من أجل مشاركة إيران في مؤتمر «جنيف - 2». فهل كانت هذه المواقف مطلوبة من الموفد الدولي - العربي من أجل أن يحظى بالاستقبال الذي حظي به في…

«غزوة» نيروبي

الأربعاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٣

قد يكون مفهوماً أن تنأى جامعة الدول العربية ودول عربية فاعلة بنفسها عن شؤون الصومال، البلد الذي قُبلت عضويته في الأسرة العربية يوم كان ثمة سياسة أفريقية للعرب، خصوصاً لمصر. لكن من غير المفهوم أن يُغلق عرب آذانهم وأفواههم عندما ترتكب في الصومال الجرائم وعمليات القتل وعندما ترتبط جماعات صومالية إرهابية بعلاقات مع جمعيات عربية. لم تعد كافية الإعلانات الرسمية الموسمية عن الوقوف قي مواجهة الإرهاب وإدانة الجرائم التي ترتكب باسم الإسلام. لقد سمعنا تبريرات من محللين على شاشات عربية وقرأنا آراء في وسائل إعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مقتلة نيروبي التي نفذها أعضاء في «حركة الشباب» الصومالية باحتلال كيني للجارة الشمالية وبواقع الفقر في الصومال وبنصرة المسلمين ودحر الكفار. وإذا كان ثمة جمهور عربي لا يزال معجباً بممارسات «القاعدة» وفروعها و «يمجد» الإرهاب منذ أن حُولت أفغانستان، بفتاوى رسمية، أرض «جهاد» ضد الاحتلال السوفياتي، فان مياهاً كثيرة جرت منذ ذلك الحين ما دفع إلى مراجعات للمواقف الرسمية لدول عربية ومرجعيات دينية، خصوصاً بعد «غزوتي» أيلول. لكن هذه المراجعات التي جاءت بعد حملة ضغط استثنائية قامت بها إدارة الرئيس السابق جورج بوش، يختفي اثرها عندما يتعرض بلد غير فاعل على الساحة الدولية لنوع مماثل من الإرهاب، كما حصل في نيروبي قبل أيام وقبلها بأشهر في كمبالا وعلى نحو شبه يومي في…

«حزب الله» والموقف الأوروبي

الأربعاء ٢٤ يوليو ٢٠١٣

الأرجح ان قيادة «حزب الله» لن تهتم كثيراً بتفاصيل العقوبات التي ينطوي عليها قرار الاتحاد الأوروبي وضع جناحه العسكري على لائحة الارهاب. فهي تعرف بدقة الصعوبات التقنية الهائلة امام الفرز بين العسكري والسياسي في الحزب، وهي تعلمت دروساً ثمينة من التجربة الايرانية في هذا المجال. وحتى لو تم تجاوز هذه الصعوبات فهي تتصرف وكأنها غير معنية بكل ما يصدر عن المجتمع الدولي وهيئاته بالنسبة الى الحزب، وقد أثبتت ذلك لمناسبة توجيه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اتهامات لعناصر في الحزب في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. اذاً، هذا التصنيف ينطوي على رسالة سياسية في المقام الأول. وإعلان التمييز بين جناحين للحزب، في الوقت الذي يعرف الجميع ان كل مستوياته وهيئاته ومؤسساته تدمج الصفتين معاً، مقصود. فهو تحذير مسبق للحزب وقيادته من مغبة الاستيلاء على الحكم في لبنان، في ضوء انغماسه الكامل في النزاع السوري وتحويل بلد الأرز كساحة للصراع تخضع هي الأخرى لميزان القوى العسكري. وفي ضوء عرقلته لتشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة، وتعميم فراغ دستوري يشتبه بأن الحزب وراءه من اجل أن يتولى هو سده عندما يحين الوقت المناسب. هذه المخاوف التي يعبر عنها اعضاء في الاتحاد الاوروبي دفعت الى التحذير من ان العقوبات التي تطاول الجناح العسكري ستتحول عقوبات على الحزب في حال اقدامه على فرض واقع جديد من…

عندما يتفوق مرسي على مبارك

الأربعاء ٠٣ يوليو ٢٠١٣

نجح الرئيس محمد مرسي، وحزبه جماعة «الإخوان المسلمين» ومن معها، في سنة واحدة ما اقتضى أكثر من ثلاثة عقود للرئيس السابق حسني مبارك وحزبه وأزلامه، لتحقيقه. لا بل تفوق مرسي على مبارك، لكونه تمكن من أن يجمع بعد سنة واحدة من الحكم، من المعترضين في الشوارع والميادين اكثر بكثير مما جمع مبارك ضده، بعد طول حكم واستبداد وفساد. لكن ما يُحسب لمبارك أنه أدرك استحالة الاستمرار في المأزق الذي أوصل حكمه البلاد إليه، فتنحى لتبدأ مرحلة أخرى انتقالية. وإذا لم يستوعب مرسي، وقبله مكتب الإرشاد للجماعة، هذه المفارقة، فان كل حديث عن حوار ومصالحة ليس سوى ذر للرماد في العيون. لقد تحرك المصريون على نحو يكاد يكون عفوياً ضد حكم مبارك، بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة في عهده، نظراً إلى أن الكيل طفح بفعل كميات التزوير في هذه الانتخابات لمصلحة الحزب الوطني الحكم آنذاك، وزمر السلطة. وفي الوقت الذي كان فيه «الإخوان» لا يزالون يراهنون على تعايش مع حكم الحزب الوطني ورفع سيف الاعتقال عن رقابهم، كانت الشوارع والميادين في مصر بدأت تهدر بشعار «ارحل» الذي لم تعتمده الجماعة إلا بعدما اتضح أن مبارك راحل بالفعل. وفي مطلع المرحلة الانتقالية، انضم المصريون إلى خيار «الدولة المدنية» في مواجهة الحكم العسكري، الذي اعتبر، عن خطأ أو صواب، أن احمد شفيق هو مرشحه.…

الغوغاء والربيع اللبناني

الأربعاء ٢٦ يونيو ٢٠١٣

يكاد عمر لبنان الكبير ان يبلغ قرناً من الزمن، من دون أن تتوصل مكونات بلد الأرز بعدُ إلى التوافق على القبول جميعاً بنظام سياسي ينبذ العنف بكل أشكاله. لقد انتزع كل من هذه المكونات في وقت أو آخر، حق الفيتو على عمل هذا النظام، ولم يمر عقد في عمر هذا النظام من دون أن يجري التعبير عن هذا «الحق» بالعنف. أريدَ في النظم الحديثة أن تحتكر الدولة العنف والسلاح، لتتمكن من تنظيم تعايش المطالب المتضاربة وإدارة شؤون الناس. لكن النظام السياسي اللبناني حكمه العنف الأهلي، بما نزع عن الدولة اختصاصها الأساسي، وبات النظام برمته يخضع لتحولات ميزان القوى الأهلي. هكذا، وعلى امتداد التاريخ الحديث، فشل النظام السياسي في إيجاد أي حل لأزمة بين مكوناته، أو بين أحدها والدولة. ولم تتمكن كل التسويات والاتفاقات التي أبرمتها الطبقة السياسية من انتزاع «حق» الفيتو من أي من المكونات الطائفية. لقد أشار بعض النصوص إلى حل الميليشيات أو جمع السلاح، لكنه لم يسحب الاعتراف بعنف المكونات. وتفاقم هذا الوضع مع اتفاق الطائف، الذي نص على نحو شبه صريح على «حق» طرف أهلي واحد باستخدام السلاح، أي العنف، بغض النظر عن المبررات التي سيقت حينذاك لتسويق التسوية. وظل هذا «الحق» الذي أعطي للشيعة اللبنانيين تحت اسم المقاومة، مقبولاً أو متسامحاً معه، ما دامت تعبيراته خارج…

بين الانتهازية والارتجال

الأحد ٢٣ يونيو ٢٠١٣

أظهرت جماعة «الإخوان المسلمين» الحاكمة في مصر سوء معالجة في ملفات داخلية وخارجية. وفي كثير من الأحيان، تتجاوز معالجتها مجرد السعي الى «أسلمة» الادارة المصرية، وهذا أمر خطير ومستنكر في ذاته ويشير الى مسار ديكتاتوري داخلي، الى انتهازية سياسية على حساب المصالح القومية لمصر او ارتجال وجهل مدمرين لدور مصر ورؤيتها التاريخية لدورها في اسوأ الأحوال. وانكشف الارتجال والجهل والانتهازية السياسية عبر تعامل حكم «الإخوان» مع ثلاث قضايا أساسية تهم الداخل المصري والعلاقات مع الخارج. من المعروف تقليدياً، ان تعيين المحافظين في مصر، بقرار رئاسي، من أكثر القرارت حساسية يكاد يتوازى في أهميته تشكيل الحكومات. ويحرص صاحب القرار على المواءمة بين قدرات المحافظ وبين حاجات المحافظة المعين فيها. لقد عين الرئيس مرسي القيادي في حزب البناء والتنمية المنبثق عن «الجماعة الإسلامية» عادل الخياط محافظاً للأقصر. لم يتمكن احد من المحيط الرئاسي وادارة «الإخوان» ان يشرح لماذا لم يجد مرسي لشغل المنصب في محافظة الأقصر السياحية بامتياز، والتي تعيش على توفير كل اشكال البنى التحتية التي يحتاج اليها السائح عموماً، الا القيادي في التنظيم الذي نفذ مذبحة السياح في 1997 امام آثار الاقصر. تعيين المحافظ من حقوق الرئيس، لكن سقوط ممارسة هذا الحق الى هذا الدرك، تستدعي التساؤل عن معانيها. هل المسألة مجرد ترضية لحزب «البناء والتنمية» واستقطابه انتخابياً»؟ كان يمكن…

«الحقنة» الأميركية الجديدة

الأربعاء ١٢ يونيو ٢٠١٣

منذ أن اعترف وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأن بلاده تأخرت في معالجة الأزمة السورية، بدا اكيداً أن إدارة الرئيس باراك أوباما التي هددت وتوعدت وطالبت برحيل النظام في دمشق كانت تسوّق اوهاماً. ومع هذه الأوهام الأميركية في شأن حقوق الإنسان والتعددية والديموقراطية كان الجسد السوري يتعرض إلى مزيد من التمزيق على نحو باتت إعادة لصق الأجزاء المتناثرة منه شبه مستحيلة في المستقبل المنظور. وعندما حاولت إدارة أوباما، في ولايتها الثانية ومع كيري بالذات، أن تهتم بشؤون منطقتنا، سجلت الفشل المدوي في فرض تراجع على الموقف الروسي المتعسف في الأزمة السورية وفي فرض تراجع على بنيامين نتانياهو لإطلاق عملية السلام. حتى يمكن التساؤل عن الرغبة الفعلية لدى الإدارة الأميركية في توفير الظروف الملائمة لتغيير الواقع الحالي. خصوصاً بعدما نجحت في لجم الاندفاعة الفرنسية والبريطانية نحو تسليح فصائل معارضة سورية، وفي ممارسة ضغوط كبيرة على دول إقليمية من أجل أن تحد من دعمها لهذه المعارضة. ومع عودة الكلام مجدداً في واشنطن عن إعادة طرح تسليح المعارضة على جدول أعمال البيت الأبيض، يمكن التساؤل ايضاً عن هدف هذه «الحقنة» الجديدة من «التخدير» للوضع الراهن. لقد قرر الرئيس السابق جورج بوش الابن غزو العراق استناداً الى نظرية المحافظين الجدد واللوبي اليهودي والتي ترى ضرورة ضرب الاسلام السنّي في عقر داره، بعد هجمات 11…

في الحاجة إلى «النصرة»

الأحد ٠٢ يونيو ٢٠١٣

صرف المعنيون بالشأن السوري وقتاً طويلاً في الحديث عن «جبهة النصرة»، واستحضروها في المحطات المختلفة للأزمة، بعضهم من أجل الدفاع عن موقف وبعض آخر من أجل الدفاع عن نقيضه في آن. لقد جرت عملية تنميط لا سابق لها من أجل إلصاق الصورة الضرورية بـ «النصرة». فعناصرها القادمون من شتى أصقاع الأرض مسلحون قتلة ملثمون يرفعون الرايات السود ويطبقون أكثر أنواع التفاسير تشدداً للدين الإسلامي، يقتلون وينكلون بكل ما تقع عليه أيديهم. وتدعمت الصورة بكثير من الأشرطة المصورة على مواقع الإنترنت، وبعضها موغل في الوحشية والسادية. وتُعزل هذه الصورة، من أجل مزيد من التنميط، عن مسرح الأحداث الذي هو سورية، لتصبح «النصرة» مسألة خارجة عن كل سياسة في البلد المبتلي بالقتل والتدمير. وتتحول موضوعاً قائماً بذاته يلجأ إليه المعنيون عند الضرورة، كل وفق حاجته. تؤكد شهادات كثيرة أن ثمة مقاتلين في الثورة السورية يعتمدون مرجعية «سلفية جهادية»، ويستقطبون متشددين من خارج البلاد، وأن هؤلاء يسعون إلى فرض مرجعيتهم بالوسائل المختلفة، ترغيباً وترهيباً. وهؤلاء موجودون في مناطق معروفة وخاضوا معارك ناجحة ضد قوات النظام. كما أن هؤلاء على تماس مع جماعات إسلامية أخرى، خصوصاً تلك المنبثقة عن جماعة «الإخوان المسلمين»، ما قد يسهّل عملية التنميط لتطول أيضاً قوى الثورة ومقاتليها. الصورة النمطية هذه سعى النظام إلى تعميمها منذ الأيام الأولى للحراك المدني.…