الأربعاء ٠٢ أكتوبر ٢٠٢٤
في أربعين سنة كان أول هجوم إيراني مباشر على إسرائيل فقط في أبريل (نيسان) الماضي، والثاني البارحة. وإسرائيل توعدت أمس بأنها سترد، ومن ثمّ نحن في مرحلة ثانية من الصراع بين القوتين الإقليميتين. إيران وإسرائيل لسنين طويلة منخرطتان في لعبة حرب خطيرة ومعقدة. الدولة اليهودية لم تتوقف عن تطوير قدرات عسكرية موجهة ليوم الحرب الحاسمة، خطّت لذلك اليوم مع حليفها الغربي. إيران في المقابل بنت قدرات عسكرية، وبنت طوقاً تحاصر به إسرائيل من خلال وكلاء في اليمن وغزة والعراق وأخطرهم في لبنان، بهدف توازن القوة مع إسرائيل والوصول إلى مرحلة تفرض فيها إيران مطالبها الإقليمية. جعلت «حزب الله» أهم أصولها، بنحو ثلاثين ألف مقاتل وترسانة من 120 ألف صاروخ وفق خريطة الأهداف الإيرانية ضد إسرائيل. هذا التوازن المعقد هو ما حال دون المواجهة العسكرية المباشرة، حيث دارت كل الحروب الماضية بين إسرائيل مع وكلاء إيران. أحداث الأيام الماضية تكشّفت أهدافها تدريجياً، فقد تعمد الإسرائيليون عدم كشف نياتهم إلا بعد تحقيقها، وهي مواجهة إيران أخيراً. كانت تتحدث فقط عن منطقة جنوب نهر الليطاني، ثم اتضح أن الهدف جنوب بيروت وحسن نصر الله تحديداً. هذه الحرب مختلفة، من دون قواعد اشتباك ومن دون خطوط حمراء. فقد استهدفت إسرائيل قيادات وترسانة «حزب الله» بشكل مباشر وحققت تدميراً هائلاً. في حين أن حرب 2006…
السبت ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤
مجرياتُ الحربين في غزةَ ولبنانَ ستعيد ترتيباتِ الصّراعِ الإيراني الإسرائيلي. كيف؟ إسرائيلُ لم تتركْ كثيراً من الخياراتِ أمامَ طهران. لا ننسَى أنَّ غزوَها لبنانَ عام 1982 قضَى على «فتح» الفلسطينيةِ كحركةِ كفاحٍ مسلَّح. في الأشهرِ الماضية، إسرائيلُ قامت بتدميرِ حركةِ «حماس» وأخرجتْها من الصّراع. كمَا قضتْ على معظمِ قدراتِ «حزب الله»، أسلحةً وقياداتٍ، عطَّلتْه كقوةٍ مسلَّحةٍ يمكن لإيرانَ أن تهدّدَ بهَا إسرائيلَ لسنواتٍ مقبلة. نحو عشرين عاماً من البناءِ العسكري الإيراني لمنظومتِها الخارجيةِ المسلحة، معظمُه يتهاوَى في إطارِ المواجهةِ مع القوَّةِ العسكريةِ الإقليميةِ الأكبر في المنطقة. الفارقُ بينَ حربِ 2006 والحربِ الحالية، أنَّ إسرائيلَ خطَّطت بشكلٍ دقيقٍ للقضاءِ على قياداتِ «حزب الله». هذه الحربُ عنيفةٌ وداميةٌ، لكنَّها أقلُّ دماراً من سابقتِها، لأنَّ معظمَ الهجماتِ العسكريةِ جاءتْ موجهةً ضد «حزب الله»، قياداتِه وأسلحتِه وحاضنتِه الشعبية. في الحربِ الماضية بلغَ عددُ النازحينَ الذين دفعتهم إسرائيلُ للهروبِ نحوَ مليون مهجَّر، في هذه الحرب نحو مائتي ألفٍ حتى الآن. وكانَ عددُ الضحايا ثلاثَ مراتٍ أكبر في الحربِ الماضية، وفقَ الإحصاءاتِ المتاحة. لكنَّ معركةَ اليومِ أخطرُ على الحزبِ من كلّ مواجهاتِه السابقة. «حزب الله» هو أهمُّ الأصولِ العسكريةِ الإيرانية في الخارج، ولم يفلحْ قرارُه بالامتناعِ عن خوضِ حربِ غزة من استهداف إسرائيلَ له. لقد عزمَ الإسرائيليون منذ أكتوبر (تشرين الأول) على القضاءِ على قدراتِ الحزب،…
الثلاثاء ٢٤ سبتمبر ٢٠٢٤
كلُّ الدّولِ في العالم تَبني المواطنة، وتعزّزُ روحَ الانتماء، والسعوديةُ احتفلت أمس بعيدِ قيامِها السَّنوي الرابعِ والتسعين. ويكفي النَّظر إلى خريطتِها للاستنتاج بأنَّها دولةٌ واحدةٌ بحدودٍ طبيعيةٍ وتاريخيةٍ طويلة، وامتداداتٍ قبليةٍ وإثنيةٍ منسجمة، مع حكمٍ مستمرٍّ ومستقر. مفهومُ الدولةِ الحديث أكثرُ تعقيداً ممَّا كانتْ عليهِ الدويلاتُ القبليةُ والمناطقيةُ القديمة. فالأممُ والإقطاعياتُ بصورٍ مختلفة، دائماً كانت موجودةً على مرِّ التَّاريخ، أمَّا الدولةُ بصورتِها الحديثة بحدودٍ وسيادةٍ عُرفت منذُ اتفاقيةِ «ويستفاليا» في القرن السابع عشر (24 أكتوبر/ تشرين الأول 1648). وأرست هذه الاتفاقية مبادئ السيادةِ للدولة القومية، والقواعد التي نظَّمت العلاقاتِ الدولية، ولا تزال معظمُها فاعلةً إلى اليوم. مثلها مثل بقيةِ الأممِ الحيةِ، تواجهُ السعوديةُ تحدياتِ الهجرةِ غيرِ القانونية بأرقامٍ مليونية، والعولمة ذاتِ التدخلاتِ الخارجية، والاستهدافات السيبرانية، والحملاتِ الدعائية الممنهجة لضرب الوحدة الوطنية. وهذه جميعاً إشكالاتٌ مستمرةٌ وخطيرة تتطلَّبُ تعميقَ المواطنة. في العقودِ المنصرمة، تنازعتِ السعوديين آيديولوجياتٌ تنافسُ «الوطنيةَ» وتصادمُها. ولم يكنْ من قبيل المبالغة عندمَا كانَ الشيوعيون العربُ يُتَّهمون بولائِهم للأحزاب الخارجية، وكذلك المنتمون لجماعاتٍ إسلاميةٍ أممية مثل «الإخوان المسلمين»، وربَّما باستثناء القوميين العرب الذين رغمَ انتشارِ آيديولوجيتهم وجاذبيتِها في فتراتِ الستينات والسبعينات، فإنَّه لم يكن لها نموذجٌ قويٌّ ويتمدَّدُ ولفترة طويلة. مقارعةُ الأممية المستوردة أو المحلية من أعمال الوطنية، لكنَّها ليست الهدفَ الوحيد. دولُنا كانت إلى قبلِ مائةِ عام تتكئ…
الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤
عندما ُسئل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لماذا هُزم في حرب 1967، قال: «تفوُّق إسرائيل الجوي علينا»، ولهذا كانت تحاربنا، (مصر وسوريا والأردن)، في الوقت نفسه. وعندما رد عليه الصحافي، وكذلك مصر لديها أسطول كبير من الطائرات الحربية؟ حينها كان لديها 420 مقاتلة منها الميغ 21 المتفوقة. أجاب، لديهم طيارون أكثر من مصر، ثلاثة طيارين إسرائيليين لكل مقاتلة، أي يمكنهم القتال بالطائرة الواحدة مرات عدة في اليوم. تبريره صحيح لكن التفوق الإسرائيلي لم يكن قائماً على جلب طائرات متقدمة بل تطوير كل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية والمؤسسات التي تساندها والتي تقوم على برامج متقدمة بمراحل. أكثر من أربعة آلاف قتلوا وجرحوا في عمليتي تقنية نوعية نفذتها إسرائيل ضد «حزب الله»، باستخدام أجهزة النداء للاستقبال، وأجهزة اللاسلكي للإرسال. نحن في حروب التقنية لا الشجاعة، ومفهوم الصراع «حضاري» وليس تاريخياً. الهواتف، وأجهزة الاتصالات الأخرى، والكومبيوترات، والتلفزيونات، والسيارات الكهربائية، والدرونز كلها أسلحة محتملة. سيارة مثل تيسلا مسلحة بثماني كاميرات يمكن لمخترقها أن يرصد كل من في داخلها وخارجها، وحتى يمكنه «تهكيرها» من بلد بعيد، والسيطرة عليها وتحويلها لسلاح. استخدام هواتف اللاسلكي وأجهزة النداء أسلحةً للقتل يوسع المسافة ويجعل من المستحيل كسب النزاعات بالحروب العسكرية. عبد الناصر كان يشتكي من التفوق الإسرائيلي قبل نصف قرن وصارت المسافة مضاعفة اليوم، ما يجعل فكرة التغيير بالقوة…
الخميس ٠٥ سبتمبر ٢٠٢٤
معركةُ غزةَ في أيامِها الأخيرة، على الأرجحِ، مع تباشيرِ التفاهمات، وتقليصِ المسافةِ بين «حماس» وإسرائيل، وخطابِ حسن نصر الله معلناً أنه لن يخوضَ حرباً انتقاميةً لمقتل نحو خمسمائة من قياداتِ «حزب الله»، ومع بدءِ تسليمِ جثامين الرهائنِ الإسرائيليينَ القتلى. في رأيي الاتفاقُ الوشيكُ لن يمنعَ نشوبَ مواجهةٍ مستقبليةٍ بين إيرانَ وإسرائيل. هذه المرة كانتِ الحربُ وشيكةً، وما لمْ يسعَ البلدانِ للعمل على منعِ الصّدام مستقبلاً - وهو أمرٌ يتطلَّبُ تنازلاتٍ كبيرةً - فستؤدّي سياسةُ التطويقِ الإيرانيةُ إلى حربٍ بين القوتين الإقليميتين. حالةُ المواجهةِ عبر الوكلاءِ مستمرةٌ لأربعةِ عقودٍ تتخلَّلُها هُدنٌ طويلةٌ، محدودةُ الضَّرر. كيفَ نعرفُ أنَّ الحربَ بين طهرانَ وتل أبيب لم تعدْ مستبعدةً كما كنَّا نظنُّ في السَّابق؟ غارةُ «حماس» في السَّابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مختلفة. هي تطوُّرٌ نوعيٌّ في مواجهاتِ المعسكرين، أيقظتْ مخاوفَ إسرائيلَ العميقة، عدّتها تهديداً لوجودِها. كذلك جاءَ هجومُ إسرائيلَ المضادُّ مختلفاً، قرَّرتِ القضاءَ على نظامِ «حماس» في غزة. تريدُ استعادةَ سياسةِ الرَّدع، أي أنَّ أيَّ هجومٍ على إسرائيل سيكونُ ثمنُه مكلِّفاً، وتريدُ تعزيزَ صورتِها، السوبرمان الإقليمي. في هذه الحرب برهنتْ على أنَّها قادرةٌ على خوضِ معاركَ طويلة، أحدَ عشرَ شهراً حتى الآن، وعلى جبهاتٍ متعددةٍ في الوقتِ نفسِه: غزةَ والضفةِ الغربيةِ ولبنانَ وإيرانَ واليمن. وقدَّمتْ صورةً مرعبةً لقدراتِها الاستخباراتيةِ والتقنيةِ العسكريةِ المتطورة. قضتْ…
السبت ٢٤ أغسطس ٢٠٢٤
«أوفكوم» هي هيئةُ تنظيمِ الإعلامِ البريطانية، وبعبارةٍ أدق المسؤولةُ عن الرّقابةِ والمحاسبة. قرَّرت رفعَ عددِ المراقبين من 460 إلى 550 موظفاً في أعقاب «انتفاضة العنصريين» مطلعَ هذا الشهر، التي هدَّدت السلمَ الاجتماعي. انتفاضة بُنيت على روايةٍ مكذوبةٍ ادعت أنَّ قاتلَ الأطفالِ الثلاثة في ساوثبورت مسلمٌ ومهاجر، لتعلنَ الشُّرطةُ لاحقاً عدمَ صحَّةِ المعلومات. وبعد الفحصِ تبيَّن أنَّ مصدرَ الإشاعة موقعٌ أجنبيٌّ تمَّ إغلاقه لاحقاً. وقامتْ حساباتٌ على «إكس» بتضخيمِه مع تدخُّلِ صاحبِ المنصَّةِ شخصياً محرضاً بحجَّةِ «حماية البيض». على الأرجحِ ستتكرَّرُ هذه المواجهاتُ نتيجةَ التَّغذيةِ المتطرفةِ - وإنْ لم تقع حربٌ أهليةٌ كما زعمَ صاحبُ «إكس» - وستؤذِي السلم المحليَّ وستضرُّ بالاقتصاد وستقسّم البلادَ إلى مجاميعَ متنافرة. لمعالجةِ المشكلة، سارعتِ السُّلطاتُ البريطانيةُ إلى تشديدِ الرقابةِ على وسائلِ الإعلام الاجتماعي، واعتقلتْ نحوَ ألفِ شخص شاركوا في مظاهرات العنف، وحاكمتهم على عجل. الآن، ما المشتركاتُ بين بريطانيا ومعظمِ دولِ منطقتِنا؟ بريطانيا تشتكي من التحريضِ الخارجي، ومعظمُ دولِ المنطقة تشتكي منها! بريطانيا تعيشُ مرحلةً جديدة... تبدّلاتٌ اجتماعيةٌ مثل زيادة عددِ المهاجرين، وتراجعِ القدراتِ الاقتصادية، وخروجِ التقنية عن «السيطرة السياسية» وكلها تتحدَّى مفاهيمَ الحرياتِ والحقوق المدنية. أزمةُ البلادِ ليست فقط مع العنصريين، ولا مع أشخاصٍ بغيضين مثل مؤسسِ رابطةِ الدفاع الإنجليزية اليمينية المتطرفة تومي روبنسون، الذي أعيدَ من المطار لوجودِ دعوى ضدَّه، ومع هذا سافرَ…
الخميس ٠١ أغسطس ٢٠٢٤
إسماعيل هنية كان يدرك أنَّه على رأس قائمة الموساد لتصفيته، رغم أنَّ الإسرائيليين يعلمون أن لاعلاقة له بهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول). هنية لسنوات لم يكن على وفاق مع السنوار، وقيادة حماس الحالية، وتمَّ إقصاؤه من قيادة الحركة التي تولى رئاستها من عام 2006 حتى 2017. يحيى السنوار الذي جاء من سجونِ إسرائيل، وكان قد أمضَى فيها عشرين عاماً، كسب ثقةَ المجموعة العسكرية في التنظيم. من خلالهم سيطر على القيادةِ وفاز في انتخاباتها، وعمل على إبعادِ هنية ورجالاته، الذي اتَّهمه بالتخاذل وتغليب الحلول السياسية والسير مع الضغوط الإقليمية. وهذا لا يضع هنية في تاريخ القضية على أنَّه من الحمائم ودعاة السلام، لكنه عرف بأنه أكثرُ براغماتية وأقلُ مغامرة. وحتى في مفاوضات الدوحة خلال الأشهر الماضية، خلال السعي لحل ينهي حرب غزة، حاول هنية وفشل في الضغط على السنوار الذي قوَّض كلَّ ما عمل عليه وحققه هنية في أشهر من المفاوضات الصعبة. إذن لماذا اغتاله الإسرائيليون؟ اغتيل لأنَّه رئيس حركة «حماس» وأكثرُ قادتها شهرة. ولو نجح هنية قبل بضعة أشهر في وقف الحرب وفق الاتفاق الذي كانَ المتفاوضون يسعون إليه لربما حقن دماء آلاف الفلسطينيين، وهنية واحد منهم. التَّخلصُ منه يخدم المتطرفين داخل «حماس»، وبالطبع حكومة نتنياهو، التي حقَّقت أحد أهم وعودها، وهو القضاء على قادة «حماس»، حتى لو لم…
السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤
لو تعثَّر ترمب على سلَّمِ الطائرةِ قد يكون ذلك كافياً ليعيدَ حساباتِ الربحِ والخسارة، وقد بَقِيَ أكثرُ من ثلاثة أشهر - ستكونُ حافلةً - على الاقتراعِ الرئاسي في الولايات المتحدة. شجاعة ترمب غير المسبوقةِ على المنصة، بعد أن أصابتِ الرصاصةُ أذنَه، كانتْ لحظةً فارقةً في حياتِه منحته تعاطفاً وثقةً كبيرة بين المتشكّكين والمتردّدين في الاختيارِ بينَه وبين المرشحِ المنسحبِ بايدن. لكنَّ حادثةَ المنصةِ أصبحت تاريخاً حيث تأكل الأحداثُ السريعةُ من رصيدِ المرشح، ما لم يكنْ له قاعدةٌ شعبيةٌ عريضةٌ ثابتة. القاعدةُ الجماهيريةُ عادة هم الناخبون الذين قلَّما يغيرون رأيهم، وأصحاب القضايا، وكذلك الملتزمون حزبياً. ولكل من المرشحين قاعدتُه، ولكلّ حزبٍ أتباعُه الخُلّص. التنافس الانتخابي عادةً على المتشكّكين والمتردّدين، وهم جمهورُ المِنطقةِ الوسطى. المرشحةُ الرئاسيةُ الديمقراطيةُ المنتظرة كامالا هاريس لا نعرفُ لها شعبيةً كبيرةً ولا حضوراً إعلامياً كافياً ولا أفكاراً ارتبطت بها. وهذا لا يقلّل من أهمّيتِها. هاريس جاءتْ من خلفيةٍ قانونية، في حين أنَّ ترمب مطوّرٌ عقاري، و26 رئيساً من 46 حكموا الولاياتِ المتحدة جاءوا من خلفيةٍ قانونيةٍ كدارسي قانون ومحامين. هاريس كانت مدعيةً عامةً لولاية كاليفورنيا وقبلَها مدينة سان فرنسيسكو لنحو 13 عاماً. جيء بهَا من المجال الطبيعي للعاملين في الحقلِ السياسي، ويُضاف لسجلّها أربعُ سنوات أخرى وأكثر أهمية، عندما وصلتْ إلى مجلسِ الشيوخ؛ البرلمان الأهم في الكونغرس. خرجَ…
السبت ١٥ يونيو ٢٠٢٤
قبلَ عامٍ، حذَّرَ السَّيد مقتدى الصدر في بيانٍ له، زوارَ العتباتِ المقدَّسة في العراق من عدمِ رفعِ شعاراتٍ سياسيةٍ معادية، أو استهدافِ السعوديينَ أو الإيرانيين، وقالَ الصدرُ إنَّها تهدفُ إلى بثِّ التفرقةِ ونشرِ الفتنةِ بادّعاء شعارِ الوطنيةِ الكاذب. هذا ما تهدّدُ به اليومَ الجماعاتُ المواليةُ لإيرانَ من حوثيين وميليشياتٍ عراقيةٍ لإفساد مناسك الحج، وتحويلِ الموسم الديني إلى مناسبةٍ سياسية. مثلُ هذه النشاطاتِ ليست عفويةً، حيث يتمُّ ترتيبُها مسبقاً سياسياً وأمنياً، ولا يستبعدُ أنَّ قوى في إيرانَ خلفَها، رغم الوعودِ التي قطعتْها الحكومةُ الإيرانيةُ بعدمِ إثارةِ المشاكلِ في موسمِ الحجِّ وفي المملكةِ بشكلٍ عام، والإيعازِ لوكلائها للقيام بذلك. وقد استبقوا ذلك بحملةِ تحريضٍ شاركَ فيها موالون لطهرانَ بمن فيهم شيوعيونَ عربٌ يحرّضون على تخريبِ موسمِ الحجِّ وتحدي السعودية. اليوم، والأيامُ المتبقية، هي ذروةُ موسمِ الحج، ستبيّن مدى احترامِ الدُّولِ لالتزاماتِها بعدمِ استغلالِ شعيرةِ الحجّ وتحويلِها إلى مناسبةٍ سياسية. ولو كانَ الحجُّ مسرحاً للسياسة لكانَ أولى بالسعودية، المقرِ والراعي، استخدامه ضد خصومِها في السابق، ضد الإيرانيينَ والحوثيين والقوى التي اختلفتْ معها في العقود الماضية. لنحوِ مائةِ عام حَيَّدت السعوديةُ موسمَ الحجّ والأماكنَ المقدسةَ بشكل عام، لم تنادِ للحربِ أو التظاهر أو إعلانِ مواقفِها السياسية فيها رغم خلافاتِها السياسيةِ السابقة مع دولٍ وأنظمة أخرى. ولهذا أصبحتْ مكةُ المكرَّمةُ والمشاعرُ، المكانَ الإسلاميَّ المحايدَ في…
الخميس ٠٦ يونيو ٢٠٢٤
استطراداً لمقال الأمس، لم يفلحِ الغزلُ الأميركي والهدايا الكثيرة مع عبدِ الناصر حيث قرَّر الانحياز للسوفيات. لهذا عندما هاجمت إسرائيل سيناءَ، واحتلّتها ثانية في حرب 1967 لم تعترضْ واشنطن هذه المرة. إسرائيل دمَّرت بشكلٍ صاعق قدراتِ حليفي موسكو الأهم في المنطقة، مصر وسوريا. أثبتت تل أبيب أنَّها كلبُ أميركا الشرس، الذي نجحَ في تقزيم الدولِ الحليفة للسوفيات والمدّ الشيوعي في منطقة الشرق الأوسط المضطربة، وملأَ وجهَ المنطقة بالدمامل من حكوماتٍ أو جماعاتٍ مسلحة يسارية في اليمن الجنوبي وسوريا والعراق والسودان والصومال، ومصرَ طبعاً. اتخذت أميركا إسرائيلَ قلعتَها وكلبَها. لهذا عندمَا وصلَ الساداتُ للحكم وجرَّب الحرب، اختار أخيراً التعاملَ مع واشنطن، معترفاً أن لا أملَ من حليفه السوفياتي، ومعلناً أنَّ 99 في المائة من أوراق الحل بيدِ واشنطن، التي قامت بالفعل بترتيبِ عودةِ سيناء لمصرَ والقناة، وفوقها مليار ونصف مليار دولار مساعداتٍ سنوية، لضمانِ ألَّا تعاود إسرائيلُ اعتداءَها على الجارة الكبرى. وعندمَا بنى صدام مفاعلَه النوويَّ (تموز) ورفضَ نداءات واشنطن بالتخلّي عن المشروع أوعزت لإسرائيل التي قامت بتدميره. ماذا عن إيران، الخصمِ الصعب؟ هناك تنسيقٌ مع واشنطن، ومصلحةٌ مشتركة جعلت إسرائيلَ في مواجهة إيران ولا تزال في حالة اشتباك معها منذ عام 1982 أكثر من أي دولة أخرى في المنطقة. وبطبيعة الحال، يجب الإقرار بأنَّ وجودَ إسرائيلَ واحتلالاتها تسبَّبا في الفوضى…
الخميس ٣٠ مايو ٢٠٢٤
ممرات البحر الأحمر هي الأخطر في العالم، اليوم، تموج بالسفن والبوارج العسكرية والصواريخ الحوثية والقراصنة. من مستجدات الأحداث أن هناك هجمات بحرية ضد سفن إيرانية أو سفن تتعامل مع إيران. إيران أعلنت حديثاً أنها أصبحت ترسل قوات بحرية ترافق سفنها بعد أن تعرضت لهجمات من قراصنة، كما تقول، ربما كانوا صوماليين. لا توجد أنباء مستقلة تؤكد ذلك. وإذا افترضنا أنها صحيحة؛ فهل تحقق التوازن العسكري البحري ضد هجمات الحوثيين؟ إذا كان الهدف ردع إيران، فسيخطر في بالنا السؤال المنطقي الذي يقول: لماذا لا تهاجم القوات البحرية الأميركية القوات البحرية الإيرانية التي «تتسكع» في باب المندب، ويعتقد أنها هي التي تقدم المعلومات والإحداثيات للحوثيين الذين يتولون مهمة استهدافها؟ سألت مختصاً، يقول: الاعتداء على السفن المسالمة جريمة في البحر، ولا يمكن الرد على الجريمة بمثلها إلا في حالة إعلان حرب بين البلدين، حينها تصبح كل أصول الدولة العدو أهدافاً. اليوم، توجد حرب إيرانية بالوكالة فقط. هل هذا يعني أنه يمكن الاستعانة بالقراصنة من شرق أفريقيا لتهديد السفن الإيرانية؟ يقول: إن استئجار قراصنة من سواحل أفريقيا لموازنة القراصنة الحوثيين سيوسع دائرة الاشتباك البحري، وهنا التجارة العالمية هي الخاسر، وخسائر التجارة الإيرانية محدودة جداً، خاصة في الممرات البحرية، مثل باب المندب، نحو الأسواق الأوروبية والأميركية. هذا في البحر. أما على اليابسة، فالوضع مستمر في…
الأحد ٢٤ مارس ٢٠٢٤
فجأة عاد اسم التنظيم الإرهابي إلى الواجهة بوصفه متهماً عالمياً، تركيا قالت إنَّه وراء هجومين خلّفا 12 قتيلاً، وبيان يزعم أنَّه الذي نفَّذ هجومَ موسكو الإرهابي، أمس الأول، ومقتل أكثر مائة. وأخبار عن هجمات منسوبة لـ«القاعدة» في الصومال واليمن والعراق. في السابق كانَ «القاعدة» بالفعل هو التنظيم، كانَ له عنوانٌ في كابل، ورئيسٌ هو بن لادن، يقابله صحافيون وحركيون ويصدر بيانات مصورة. اليوم «القاعدة» مجرد اسم مجهول المصدر. لماذا يهاجم تنظيم «القاعدة» موسكو؟ لا يوجد سبب مقنع، حتى الاقتتال في سوريا تراجع. العدو الأول اليوم للروس هم الأوكرانيون وحلفاؤهم الذين نفّذوا عمليات سابقة استهدفت موسكو. ولا ننسى أنَّ حربَ أوكرانيا أكبر من حرب غزة بمرات، من حيث عملياتها العسكرية والجيوش المنخرطة فيها، علاوة على أنَّ لها أبعاداً استراتيجية خطيرة، في حين غزة تظل صراعاً إقليمياً. التورط في الصراع الأوكراني لم تجرؤ عليه من دول المنطقة سوى إيران، التي لعبت دوراً مهماً بتزويدها روسيا بطائرات «الدرونز»، التي أظهرت إيران لأول مرة مصدراً خطيراً للسلاح. وبالتالي خارج التصور أنَّ أي تنظيم تحت سيطرة طهران أو تحت تأثيرها يمكن أن يهاجم روسيا. بقية دول المنطقة اختارت عدم الانحياز إلى أي جانب في الحرب الأوكرانية. وتستمر العلاقة جيدة مع روسيا، رغم الضغوط الأميركية، ورغم تعقيداتها سواء بسبب دعم موسكو لطهران، أو نشاطات قواتها الخاصة…