علي أبوالريش
علي أبوالريش
روائي وشاعر وإعلامي إماراتي

أطفال الجوجيتسو في اليد الأمينة

الخميس ٢٤ مايو ٢٠١٨

يبلغ أطفالنا الرشد قبل موعده، ويصلون إلى الحقيقة الكاملة، وهم في سن الأظافر الناعمة، وينجزون مشروعهم الوطني، وهم في الأيدي الأمينة، ويحققون طموحاتهم، وهم في الطريق إلى المدرسة، ويبلغون المجد وبين أيديهم دفاتر التذكير، ويسيرون إلى مواقع النجوم، وهم في الملابس البيضاء، ومعصم الحشمة. هؤلاء هم أطفالنا، لأنهم في وطن قطف ثمرات السعادة، من وقت طويل، وأجاد في اصطياد عصافير الأحلام منذ وقت مبكر، واستطاع أن يجلس مع الأمل في غرفة واحدة، وأن يتحدث مع أمنياته بتجليات الفطرة الصافية، وغريزة الانتماء إلى الصدق، والإيمان أن الوطن بيتنا، وأن الأرض التي نمشي على ترابها هي وسادة الطمأنينة، والسماء شرشف أزرق يهفهف على مشاعرنا، ويجعلنا نحتسي طيب الحياة، بشغف العشاق، ولهف من كبرت في فؤاده الأشواق، وتنامت في نفسه قصائد النبل، والتوق الأصيل. الجوجيتسو، هي المنطقة التي تستيقظ فيها الروح، من سبات الأيام، كما تفعل الشمس عندما تصحو صباحاً لتغسل ثيابها، وتمسح على محياها لتحي الصاحين، وتمد لهم أهداباً بلون البرتقال، وتبتسم لأجل أن يصبح الوجود مثل الوردة الطالعة في بساتين الحياة مثل غزالة البرية، ترقص بخفة النسيم. أطفالنا اليوم بهذه الرياضة النبيلة، يخلدون ذاكرة النجمة، ويؤصلون سجايا الغيمة، ويطلون على العالم بذهنية الموجة المتألقة عند شواطئ الأحلام الزاهية، أطفالنا يكتبون في دفاتر التاريخ، كيف يستدل الإنسان على حقيقته عندما يغادر منطقة…

صديقة أحباب الله

الإثنين ٢١ مايو ٢٠١٨

الأطفال أحبهم الله لنقائهم وصفائهم وقدرتهم على الوصول إلى نهر العطاء قبل غيرهم، لأنهم صفحات بيضاء من غير سوء. في الشارقة كتاب يفتح صفحاته أمام الأطفال ليقرأوا ما يتيسر من كلمات تبعثها النجوم، ليضيئوا سماوات أفئدتهم، وليستمروا في الحياة مشعشعين بالوعي، وليبقوا دائماً مثل الشمس بلا غيمة تكدر ولا غمة تعسر، ولا نقمة تكسر زجاجات القلب. بحضور الصحوة تستيقظ طيور الأطفال، وتغادر أعشاشها مرفرفة محلقة محدقة في الوجود، محتفلة بالجمال ببوح يزهر على شفتي الحلم، ليصير واقعاً زاهياً، ثرياً بالحياة والحيوية، يصير في الكون صورة مثلى للعطاء الإنساني عندما تحتفي به العقول، وتضعه في مقام الأيقونة المتوجة بالحب. شارقة البذل والسخاء ترسم صورة المستقبل على الجباه البضة، وعلى الجبين اللجين، وتذهب بالجيل نحو غايات ورايات وساريات تبعث على السرور والفخر، وتؤكد أن بلادنا هي المنطقة الخضراء التي تنمو فيها أعشاب الحلم الجميل، وتزدهر أفئدة الطير، وهو يطوق الفضاء بأجنحة الفرح، منتمياً إلى الوجود بكل جوارحه وبوحه. اعتماد الشارقة مدينة صديقة للطفل، هو اعتراف عالمي بأن للأطفال أجنحة لا تنمو إلا في المكان الصحيح، وأن للأطفال بوحاً لا يصفو إلا في الشارقة، لأن لهذه الإمارة موعداً مع الطلائع، وطريقاً لا يسلكه إلا العشاق، والذين في قلوبهم شغف الانتماء إلى الكون من دون حدود، ومن دون موجات تعرقل مسيرة السفينة باتجاه الأفق.…

لماذا المرأة؟

الثلاثاء ١٥ مايو ٢٠١٨

المرأة مرآة العالم، ولو صفت زجاجتها، لأصبحت وجوه العالم أصفى من ماء النهر.. المرأة شجرة لو أسقيت بماء المكرمات، لأثمرت وأعطت وأسخت وفاضت بثراء القيم والشيم.. المرأة وهي الوردة، إن ساطتها ألسنة اللهب، ذبلت وتلاشت وفقدت عطرها. المرأة فراشة، ألوانها من فرح الناس من حولها، فإن عجفت مشاعرهم، واكفهرت وجوههم بهت اللون على جناحيها، وانطفأت وانكفأت، وانسحبت إلى مراحل ما قبل التكوين. المرأة نهر يحمل كل نفايات العالم، وكل خراب التاريخ، ولا يتلوث، بل يذهب صوب الحقول ليروي ويشفي الظمأ.. المرأة حصن جدرانه من جدائل مشاعر، رتب خصلاتها زمن الفطرة.. المرأة بفطرتها تعلو، وبعفويتها تسمو، وبحريتها تصيغ الحياة من قماشة الحرير، وتجعل فناء العلاقة مع الآخر، معشوشباً زاهياً مزدهراً ثرياً جلياً نقياً، تزينه الابتسامة المشرقة. المرأة مثل التربة، إن اعتنيت بها واحترمت رملها، أينعت من بين حباتها أغصان وأفنان.. المرأة أحبها نيتشه، فأعطاها كل فخر فلسفته، وعشقها سارتر، فألهمته جل ما قدمه للعالم من فكر، المرأة اصطفاها الأنبياء، لعظمة شأنها وسمو قدرها. المرأة لو شاخت عروق الحب في الكون، ما شاخ الحب في قلبها، لأنها هي الحب في حد ذاته، لأنها المكان الذي يبزغ فيه شعاع الرحمة، لأنها من أول يوم من ميلاد الكائن الصغير تمنحه النظرة مشفوعة بقبلة، مطوقة بدفق الحنان، وفي سهر الليل تكون المناغاة، وتكون بداية التحليق…

تآخي الأديان

الأحد ١٣ مايو ٢٠١٨

يقول روسو: «لو اكتفت البشرية بما أملاه الخالق على قلب كل فرد، لما وجد على الأرض سوى دين واحد. ويقول انزع من قلب الإنسان حب الجمال، تسلب الحياة روعتها وجاذبيتها». هذه هي سمة القلب وسجيته وفطرته وعفويته، هذه هي قدرة القلب النقي على استيعاب ما في الحياة من متناقضات، ومختلفات، إنه يدفع بالتي هي أحسن، ويجعلك شفافاً واسعاً مثل النهر، تضم كل الطيور والأعشاب، وتحتضن مشاعر المخلوقات من دون تمييز أو تلوين أو محاصصة أو اصطفاف. وهذه هي الإمارات اليوم، هي النهر الواسع، الممتد عبر الأكوان، لتضع الإنسان في خيمة الألفة، وتحتوي تطلعاته إلى الحياة الدافئة، الزاهية، المزدهرة بالحيوية، وعدم الاكتظاظ بالرواسب، والخيال الرمادي. هذه هي الإمارات تقود العالم إلى الشمس، إلى السماء الصافية، وتعمل على تهذيب القيم وتشذيب الشجرة من الأوراق الصفراء الذابلة. العالم المتطور، والمستنير لا يحتمل الأفكار الضيقة والداكنة، العالم ذاهب إلى الحياة بوعي الاستنارة، ذاهب إلى حيث تكمن الزهرة المتفتحة، وإلى حيث ترتع الغزلان وسط العشب القشيب، ومن يحيد لا يجد غير الصهد والنكد والتخلف، والتلاشي في غضون الأشواك والهلاك. الذين يصطفون إلى دين هم أناس كارهون للحياة، هم أشخاص لا يرون الجمال الذي خلقه الله لكي نفهم قدرته على جمع الجنس البشري ضمن جينة دينية واحدة، وهو الذي دعانا كي نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله،…

القوة الناعمة

الأحد ٢٩ أبريل ٢٠١٨

الثقافة مثل النهر، قوتها في صفائها وتأثيرها في زخم عطائها، وأشجار الحياة لا تنمو إلا بمستوى جريان النهر في عروقها، ولا ترقى الأمم إلا برسوخ ثقافتها وامتدادها باتجاه العالم، وتفرعها واخضرار أوراقها. في الإمارات، هُناك الوعي المتجذر في السقف الثقافي، وهناك الطموح بأن تكون الثقافة القوة الناعمة، ولسان البوح الجميل الذي يرسم صورة الوجدان الإماراتي، والاقتناع بأهمية أن يكون للكتاب مقعد في مجالس الحوار الإنساني، وأن يكون للمثقف حضور في منابر السرد، وما يداخله من قيم وشيم تضيء الفضاء بكلمة سواء تدحض الافتراء، وتجهض الهراء، وتمنع كل ما يفسد مجرى النهر، ويعكر صفاءه. اليوم لم تصبح الثقافة ترفاً وطنياً، أو اجتماعياً، ولم تضح تنفيساً عن ذات مكبوتة، بل هي تحريض حقيقي للذات كي تفرض وجوداً في الوجود، وتفتل خيوط الحياة، كي تصبح قماشة الحرير التي تضع نعومتها على الجسد الإنساني، فتمنحه الجمال، وتهبه حب الحياة، وتفتح للنفس قنوات بسعة المحيط باتجاه الآخر من دون رواسب أو شوائب. فعندما تصفو الثقافة، يصير النسيج البشري، مثل رقراق الماء، مثل أوراق التوت، مثل أشواق الطير، مثل أعناق الإبل مثل أحداق الغزلان. الإنسانية بحاجة إلى ثقافة تنقي الأفكار، وتصفي قاع البئر. الإنسانية بحاجة إلى ثقافة الانتشار السلمي للأفكار، ووعاؤها الحب، ومنطقها الطموح اللا منتهي لتحقيق السلام النفسي والطمأنينة، وكبح جماح النفس الأمارة، وتأثيث الأفئدة…

اتحاد الكتاب.. عزوف يشبه الانتحار

الأربعاء ٢٥ أبريل ٢٠١٨

اتحاد كتاب الإمارات بيت الفعل الثقافي، وهو المنطقة التي تنمو فيها أعشاب الفرح، عندما تلتئم الأكتاف وتصير كأغصان شجرة السدر تشد بعضها بعضاً، ولا تجعل للعصافير فجوة الفرار من العش، ولكن ما يحصل الآن هناك تقطيبة على الجباه، مبررها اللا شيء، ومحتواها أنا ومن بعدي الطوفان، وهذا يشبه ما يحصل في المجتمعات السياسية عندما استنفر المدعون، وهدموا المعبد على رؤوس أصحابه، وبقيت المجتمعات مثل قوافل النمل الهاربة من جحيم التشظي. اتحاد كتابنا يحتاج إلى أفراد أسرته، كي تتصافح القلوب قبل الأيدي، ومن دون تصنيف أو تجفيف منابع الحب الذي هو النهر الذي يروي الجذور، ويجعل من التربة حاضنة لكل الأعشاب بألوانها المختلفة، ونحن بحاجة إلى الاختلاف ولكن من دون طواف حول الأنا المتورمة، ومن دون عبادة الذات المحتقنة، ومن دون اللجوء إلى الألغاز التي تفجر نيران الذاتية الفجة والقميئة، والتي لا تعبر إلا عن ضغائن شخصية لا تخدم للود قضية، بل تحول الاتحاد إلى منصة للصراخ الذي يصم الآذان، ويعمي الأبصار عن رؤية الحقيقة، وحقيقة الاتحاد أنه قدم الكثير للثقافة الإماراتية، ومد الشراع إلى المحيط العربي، بحيث أصبحت الإمارات الحضن الدافئ الذي يضع الاتحاد العام للكتاب العرب بين ربوع المحبة والاهتمام، وهذا يكفينا شرفاً أن نكون الحصن الحصين للثقافة العربية، وقد يقول قائل، هذا لا يكفي، وهذا صحيح ولكن الذي…

شارع علي المسماري

الثلاثاء ٢٤ أبريل ٢٠١٨

منتمون إلى الشهيد، ذاهبون إلى اسمه، لنلوّن بدمه وجداننا، ونجعل الطريق إلى المجد يبدأ من ذكراه التي تسكن الشوارع، وقارعات ونواصي أحلامنا وأيامنا. علي خليفة المسماري، وكوكبة من شهدائنا الذين أضاؤوا منازلنا بالكرامة، وشرف الانتماء إلى وطن الفخر، والرجال الأماجد، هؤلاء مناراتنا وجبالنا الشم، ننظر إلى المرآة فنراهم، ثم نرى أنفسنا، ثم نرى وطناً يعرج إلى العلا، مجلجلاً بخلاخيل الفرح، وهو يزف عرسان الجنة إلى مثوى الخلود، ويمضي بكبرياء، زاهياً بين الأمم، تضيء سماؤه أسماء رصعت على جبين الوطن لآلئ النصر على كل باغ وطاغ، ومعتد أثيم، ومدت قلوبنا بدماء البهجة، والأمن وقوة الإرادة، لأن وطناً تحرسه أرواح أطهر من ماء النهر، لا تشيخ جذوره، ولا تنثني أغصانه، ولا تعجف أوراقه، ولا تغادر طيوره أعشاش الدفء، والحب والحنان. وطن تطوق تضاريسه سواعد رجال أوفياء، أتقياء، أنقياء، لا يتعكر ماؤه، ولا تتخثر دماؤه، أنه وطن كالنهر يذهب إلى الحياة صافياً، أزهى من نور البدر، وأنصع من قرص الشمس، وأوسع من حلم الموجة على شطآن الخير. شارع علي المسماري في جزيرة الريم، هو صفحة من صفحات هذا البلد، تفتح في كل صباح ليقرأ الجيل عن رجال ضحوا من أجل حرية الإنسان، وقيادة تغرس في الوجود، ثوابت الوفاء، والتفاني من أجل وطن ينجب النبل بصورة رجال يتفانون من أجل أن يكون الوطن هو…

أيام الشارقة الثقافية

الجمعة ٢٠ أبريل ٢٠١٨

في الشارقة أيام تمضي باتجاه النهر، وفي أحشاء قاربها يكمن السر، وشراعها يرفرف ببياض التاريخ، وزخمه التراثي. في هذا الاحتفاء البهيج رجال دأبوا على إرواء الحياة بماء الذاكرة الحية، ويرسمون على الأرض صورة الإنسان الذي نحت بأصابعه لوحة الفن الأصيل، وأشاع في الوجود معنى التضحية من أجل أن يكون هو والآخر في سفينة واحدة يعبران المحيط، ويروضان الموجة، كي لا تخفق بالهلع. في أيام الشارقة التراثية، الماضي يسري مثل الماء في الذاكرة، ويمد يداً ناصعة من غير سوء باتجاه الحاضر، ويغدق المستقبل بأحلام أزهى من زهرة اللوز، وأماني مزخرفة بالثقة والأمان، وكم هي رائعة هذه المرأة كبيرة السن، وهي تخفق الدقيق بالماء كي تصنع رغيف الحاضر، مغموساً بملح الأمس، وكم هي شائقة هذه الرقاقة الشفيفة، وهي تشف برائحة الأمس مغسولة بجمرة الأيادي المعروقة، وأحلام الشجرة السامقة في فناء البيت القديم. أيام الشارقة التراثية، عود أبدي لفلسفة المكان، وبوح الزمان الإماراتي الجميل، هنا في هذه الأيام المشرقة بوجوه الساعين صدقاً لتكريس واقع ما كان له أن يصمد في وجه الموجة العارمة، لولا جهود المخلصين الكادحين في وضح النهار، وعند إغماضة الليل لأجل أن يبقى الماضي حاضراً، وأن تستمر الذاكرة في اليقظة، ويهنأ الإنسان بغذائه الروحي من دون منغصات، أو نسيان، ومن دون ترهل أو تساهل، أو تجاهل، لأننا في حضرة الذاكرة…

الإمارات وكوريا .. إستراتيجية متميزة

الخميس ٢٩ مارس ٢٠١٨

الإمارات في عصرها، وبصيرة الذين يرفعون شراع السفر البعيد، أصبحا النهر الذي تمضي فيه الطيور، ريانة بالهوى، ونعيم العلاقة الفطرية، ما بين الماء والأجنحة. الإمارات اليوم النخلة التي رفرفت على سعفاتها فراشات الأحلام الزاهية، وتنامت عند قمتها ثمرات التوهج والطموح الجميل. دول كبرى تتسابق كي تصل إلى أفق الإمارات، وتعمل جاهدة كي تلامس شغاف هذا البلد، المتألق حلماً، المتدفق علماً، المتناسق وعياً، السابق لعصره، الذاهب للمستقبل ببريق الأمنيات الكبيرة، الطارق لأبواب المجد بكل ثبات وثقة وأناة وتؤدة، يقطف من زهرات الحياة أجملها، ويرشف من شهد الكون أعذبه. عندما يدعو الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه إن إلى علاقة استراتيجية مميزة، فإنه يعرف جيداً أين يشير بإصبعه، وإلى أي بلد تتجه بوصلة كوريا، إنها تذهب إلى المحيط الإماراتي، إنها تقف عند سواحل بلد نصعت موجته، ورسمت صورة الغد بأنامل عشاق، أقوالهم أفعال، وأفعالهم سلوك إنساني منقى بالثلج والماء البرد. كوريا الجنوبية تصل الإمارات بقلب مملوء بالثقة، وهذا البلد لا يزور الشواطئ من دون مرساة، ولا يمخر عباب البحار من دون أشرعة، إنها كوريا الجنوبية، تجنبت كل العوائق لترسو عند مرافئ التطور المذهل، وحققت حلمها في دقائق التكنولوجيا بوعي السريرة، ونقاء فضائها من غبار الأيديولوجيا الحمقاء، واتسعت حدقتها كما هي السماء الزرقاء، فكانت الدولة الناهضة ضمن دول تقاسمت معها الأحلام والأيام، واليوم تأتي…

عاصمة النور

الأربعاء ٢١ مارس ٢٠١٨

  عاصمة النور تضاء بصرح من صرح النور على لسانه، بأبهى الصور، وأجمل العبارات، وأنبل القيم، وأكمل الشيم، ومن تسامت الكلمات وهي ترسم للوطن صورة المثال والنموذج المحتذى، والقدوة التي تمضي نحوها الأوطان. عاصمة النور، تبتهج بصرح مد للمدى مداد القصيدة، فامتد يمد الخطى باتجاه الأفق، يرنو إلى العالم بحدق الصفاء، وروح الوفاء للأرض، للإنسان، لبيان القدرة الإلهية التي منحت هذا الشعب قائداً جعل من الوطن محيطاً تسبح في أعماقه أرواح المحبين، وتعزف الموجة لحن الانتماء إلى كون نحن فيه فراشات تهتف باسم الخالق العلي القدير. عاصمة النور، تخلد صرحاً فيه البيان والبنان والتبيين، فيه خصال النجمة، وطبع الغيمة، وسجايا النعمة، وثنايا القيمة، فيه الجلال والجمال وشيم الوصال، فيه سحر البدايات التي انبثقت منها لحظة الانبهار والازدهار والإثمار والإعمار، ونبوغ المسار وبلاغة الوعي في العلاقة ما بين الإنسان والإنسان، وما بين الإنسان والأرض. عاصمة النور، تفتح مصابيح الحياة على صرح مد للصروح آفاقاً وأطواقاً وأعناقاً وأشواقاً، وفتح للإنسان ينابيع الأمل، ومنح للصحراء أوراق الينوع واليفوع، وأهدى الطير أنشودة التغريد، لتصبح الإمارات اليوم واحة، وأبناءها قصائد معلقة على جدر المجد، ويصير البحر مراكب سفر محملة بالأحلام الزاهية، والأمنيات المزدهرة بثراء الواقع. عاصمة النور، تزهر اليوم بصرح زايد، وتزدهر بذكراه المعبقة بمنجزات ومكتسبات أذهلت وأدهشت وأسعدت، وجعلت القلوب مثل بساتين تفوح بعطر…

شهداء الواجب

الأحد ١٨ مارس ٢٠١٨

شهداؤنا، تنظر في عيون آبائهم، فترى الكبرياء مثل جبال شم مكسوة بعشب الانتماء. تنظر في عيون أبنائهم، فترى الوطن يتألق شعاعاً مثل أهداب الشمس، تنظر في عيون أحبتهم فترى الحب زاهياً يرفل بأثواب الاعتزاز والتقدير، بذلوا النفس رخيصة في سبيل كرامة الإنسان وعزته وحريته، ومن أجل إعادة الأمل لشعب عانى من ويلات الغبن والحقد والطائفية. شهداؤنا هؤلاء هم الذين رووا بدمائهم أرض اليمن، لأجل أن تنبت أشجار الحياة، وأن تترعرع أعشاب الأمل في قلوب أطفال تشردوا ونساء ثكلى، ولأجل أن يستعيد اليمن عافية النهوض، وتشرق الشمس على صنعاء؛ لتغسل أدران من عاثوا بالقيم فساداً، وسادوا بباطل وتسيّدوا برذيلة. شهداؤنا بدمائهم الناصعة أضاؤوا طريق من أطفئت في دروبهم أنوار الحلم، ومن ناخت بهم إبل الفجيعة عندما وجدوا أنفسهم بين أفكاك شريعة لا تعرف ذمة، ولا تنتخي لأخوة، ولا تعنى بوطن. شهداؤنا في اليمن سجلوا أروع ملاحم البطولة، وأنصع الصور القتالية في مواجهة وغد تجبر، وحاقد تكبر، وناقم تبختر، ووحش تضور، وكاهل انحدر في أسفل السافلين، وحوّل اليمن إلى مستنقع تعيث فيه الضواري، وتعبث فيه مخالب الشيطان، وتستغل شططه قوى الدعاية العبثية. شهداؤنا هناك رسل محبة وسلام لمن يريد لليمن الخير، ورصاصة الرحمة لمن يعاني أمراض الكراهية الخبيثة. شهداؤنا هناك هم من مثّلوا وجدان الإنسان الإماراتي، وهم من أتقنوا صيانة الأمنيات، في…

من عفرين إلى الغوطة… ثنائية الموت والغضب

الإثنين ١٢ مارس ٢٠١٨

في عفرين، وفي الغوطة الشرقية، في سوريا كلها، يحضر العالم بكل غضبه ونفاياته التاريخية ولا يحضر العرب، هناك يستمر الحِنث والخبث والعبث، وهناك يحضر الدمار والاندثار والغبار والسعار، ويغادر العرب إلى مكان قصي، حيث يمكث النسيان والسلوان والهجران، والشعب السوري وحده يواجه الجحافل بصدور عارية، إلا من الأمل المكسور والويل والثبور، لأن العرب خبؤوا العزيمة خلف غيمة الفشل، واستراحت جيادهم عند شجرة اليأس والقنوط، وظلوا متفرجين على المشهد، والغابة تحترق، والغزلان تسوطهم الأجندات والمغامرات والمداهمات والخيانات، استسهالاً لضرب الجسد الميت سريرياً. هدنات هنا، ومراوغات هناك، ولا شيء يبرز في الأفق لأن النوايا رزايا، ولأن الصدق دفن مع غثيان الحقيقة، ولأن الحقيقة غشيتها موجة من الوهم والحزن الأسطوري، الذي لم نسمع به إلا في الروايات البوليسية، وما أخفته صدور الذين علقوا مشنقة سوريا على مشاجب الكذب والافتراء، والتصريحات الأشبه بالزبد ورغوة الصابون المقلد. رجال ونساء وأطفال، يحملون الأتفه من زاد الدنيا، ويقفون خلف الممرات الملتهبة، لعل وعسى تطفو على السطح قشة تحملهم إلى ما بعد الحصار، ولكن لا جدوى لأن المتقاتلين لا يزالون يحملون في جعبهم من الحقائب السرية، ما يجعلهم يخفقون بوضع الأيدي على الزناد، ومن تسول له نفسه بمغادرة الغوطة الشرقية فالحتف المأساوي في انتظاره، والقناصون يتربصون مثلما تفعل الضواري، ولا حياة لمن تنادي. قالت المرأة السورية وامعتصماه، والمعتصم…