علي عبيد
علي عبيد
كاتب وإعلامي من دولة الإمارات العربية المتحدة

الذين يحاربون الله ورسوله

الإثنين ٠٧ أبريل ٢٠١٤

رغم أننا نعيش في زمن لم يعد فيه للدهشة والصدمة مكان، إلا أنني صُدمت وأنا أشاهد مقطع الفيديو الذي انتشر على "اليوتيوب"، وعرضته قناة "العربية" في سياق تقرير لها عن المقاتلين السعوديين في سوريا قبل أيام. يظهر مقطع الفيديو شابين سعوديين جاثمين على رُكبِهما، معصوبَي الأعين، يقوم مقاتلون من تنظيم "جبهة النصرة" بإطلاق الرصاص على رأسيهما، بتهمة قتال الشابين إلى جانب تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، وذلك بعد أن يقوم أحد مقاتلي الجبهة بتلاوة الآية القرآنية الكريمة ((إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)). لو كان هذا المشهد لمجموعة من ثوار "الفيتكونغ" يعدمون مقاتلين من أنصار "ديم"، إبان الحرب الفيتنامية في ستينيات القرن الماضي، أو كان مقتطعاً من أحد الأفلام التي تصور الحروب الصليبية الممتدة بين القرنين الحادي عشر والرابع عشر الميلاديين، لأمكن استيعابه. ولكن أن يكون أبطال المشهد من فئتين تدّعي كل منهما أنها ترفع راية الإسلام، وتدافع عن الإسلام، وتتحدث باسم الإسلام، وتقاتل أعداء الإسلام، فهذا ما لا يمكن أن يتقبله عقل أو منطق، مهما كانت المبررات. كلا الفئتين، "جبهة النصرة" و"داعش"، تنتميان إلى الفكر السلفي الجهادي، وكلاهما ترفعان…

الذين يكرهون قطر

الإثنين ٢٤ مارس ٢٠١٤

"قطر اختارت ألا تبقى على هامش التاريخ"، هكذا صرح وزير خارجيتها قبل أسبوعين تقريبا في باريس، وهو اختيار مستحق لقطر الدولة المستقلة ذات السيادة، التي لا يستطيع أحد أن ينكر عليها حقها في أن تلعب أدوارا تاريخية.. ولكن كيف يمكن المواءمة بين رغبة قطر هذه، ومصالح جيرانها من دول مجلس التعاون الخليجي، الذين يعتقدون أن الأدوار التاريخية التي تلعبها قطر تهدد أمنهم واستقرارهم، وتخرق المبادئ التي تم الاتفاق والتوقيع عليها في النظام الأساسي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية؟ هذا هو السؤال الذي يبدو محيّراً إلى حدما، فقطر ما زالت مصرة على أنها بريئة من هذا الخرق الذي تُتهَم به، وأنها ملتزمة بكافة المبادئ التي قام عليها مجلس التعاون الخليجي، وأنها تنفذ كافة التزاماتها وفقاً لما يتم الاتفاق عليه بين دول المجلس، بشأن الحفاظ على دول المجلس كافة وحماية أمنها واستقرارها، كما جاء في بيان مجلس الوزراء القطري تعقيبا على قرار سحب السفراء. لكن هذا لا يعني أن قطر سترضى أن تبقى على هامش التاريخ، لأنها "قررت الاضطلاع بدور كبير في الشؤون العالمية، والتواصل مع الدول الأخرى، والتوسط في النزاعات، والعمل على إنهاء النزاعات العنيفة، ورعاية اللاجئين"، كما جاء في تصريحات وزير الخارجية القطري، الذي أكد أن "استقلال السياسة الخارجية لقطر غير قابل للتفاوض". لهذا فلا مجال لثني قطر عن البحث…

أسف دولة قطر واستغرابها

الإثنين ١٠ مارس ٢٠١٤

لم يفاجئنا قرار الإمارات والسعودية والبحرين سحب سفرائها من قطر، قدر ما فاجأتنا ردة فعل قطر، التي عبرت في بيان مجلس وزرائها عن أسفها واستغرابها للبيان الذي صدر من قبل الدول الشقيقة الثلاث بسحب سفرائها من الدوحة. وبغض النظر عما إذا كان البيان القطري يعبر عن سذاجة متعمدة، أو ذكاء سياسي خادع، أو التفاف على الموقف، فهو في كل الأحوال يظهر عناداً وإصراراً واضحاً على الذي نراه نحن باطلاً، ويراه الأشقاء في قطر حقاً لا يجب أن يجادلهم فيه أحد، حتى لو أجمعت كل آراء الدول الشقيقة والصديقة على وضوح بطلانه، وزعزعته لثوابت دول مجلس التعاون الخليجي، ومساسه بأمن هذه الدول واستقرارها، كما أوضح بيان الدول الثلاث، الذي كان صريحاً وشفافاً لا لبس فيه، يسرد الوقائع وفقاً لتسلسلها الزمني، ويذكر ما جرى من مفاوضات، وما تم من اتفاقات لم تلتزم بها الشقيقة قطر، التي أصرت على المضي في سياستها المقوضة لبناء مجلس التعاون الخليجي، المضرة بمصالح دوله، ودول عربية أخرى تتخذ قطر منها موقفاً عدائياً، وتتدخل في شؤونها الداخلية. جميل أن تشعر دولة قطر بالأسف، ولكن ليس لقرار سحب الدول الشقيقة الثلاث لسفرائها من الدوحة، كما جاء في بيان مجلس الوزراء القطري، وإنما لمواقف قطر تجاه هذه الدول، وممارساتها التي تتناقض مع كل قواعد الأخوّة والجوار، ومع المبادئ التي قام…

معارض التوظيف بين الحقيقة والخديعة

الإثنين ١٧ فبراير ٢٠١٤

انتهى قبل أيام معرض "توظيف أبوظبي 2014"، الذي أقيم على مدى ثلاثة أيام، تلقى خلالها ما يقارب 10 آلاف طلب من مختلف الاختصاصات والمؤهلات العلمية، وسجل ارتفاعا في عدد الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة المشاركة، حيث بلغ عددها 120 جهة، وفقا لما جاء على لسان مديرة المعرض، التي قالت إن الدورة الثامنة جاءت إيجابية للغاية، مع توافد الإماراتيين من مختلف إمارات الدولة. وكان قد أُعلِن قبل افتتاح المعرض، أنه يوفر أكثر من 6 آلاف وظيفة في القطاعين الحكومي والخاص، وأن دورة هذا العام قد خصصت للإماراتيين الباحثين عن وظائف فقط. خبر يحمل إيجابيات عدة من ناحية عدد الوظائف التي أمّنها المعرض هذا العام، مقارنة بالعدد الذي أُعلِن عنه في معرض العام الماضي، والذي بلغ 3 آلاف وظيفة، وفقا لما ذكرته إدارة المعرض في اليوم الأخير للدورة السابقة، ومن ناحية عدد الهيئات والشركات الحكومية والخاصة المشاركة، مقارنة بالتي شاركت العام الماضي والتي بلغ عددها 100 هيئة وشركة، ومن ناحية عدد المواطنين الباحثين عن عمل الذي تناقص بدرجة لافتة، مقارنة بعدد المواطنين والمواطنات الذين سجلوا بياناتهم لزيارة المعرض السابق، والذين بلغ عددهم 25 ألف باحث عن عمل، وفقا لإدارة معرض "توظيف أبوظبي 2013" أيضا. كلام جميل يبعث على الأمل، فحين يتضاعف عدد الوظائف المتاحة، ويتناقص عدد الباحثين عن عمل من المواطنين والمواطنات، نكون…

غير مخصص للمواطنين

الخميس ٣١ أكتوبر ٢٠١٣

جميل جداً هذا الازدهار السياحي الذي تشهده دولتنا، خاصة في مواسم الأعياد والمناسبات الوطنية والإجازات، حيث يتدفق الأشقاء من دول مجلس التعاون الخليجي، والسياح من مختلف مناطق العالم على بلادنا، وتبلغ نسبة الإشغال في فنادقنا 100% خلال هذه المواسم، رغم الزحام الشديد الذي يسببه هذا التدفق في شوارعنا ومراكزنا التجارية، لكنه زحام إيجابي، يدل على مدى هذا الازدهار الذي نتحدث عنه، ونتمنى أن يستمر ويتنامى. وإلى جانب الجاذبية التي تتمتع بها دولتنا بمدنها المختلفة، والتي هي بالتأكيد العامل الأول في انجذاب الأشقاء الخليجيين والسياح الأجانب إليها، فإن العروض المغرية التي تقدمها فنادقنا وناقلاتنا الوطنية تمثل هي الأخرى عوامل جذب مهمة في استقطاب الزوار، وتشجيعهم على اتخاذ قرار التوافد على دولتنا لقضاء إجازاتهم فيها،. والاستفادة من التسهيلات التي تقدمها لهم هذه الفنادق والناقلات، والتمتع بالمرافق الموجودة في مدننا التي تضاهي أكثر المدن تقدماً، إلى جانب استغلال مهرجانات التسوق، والتنوع الذي تتمتع به أسواق الإمارات ومراكزها التجارية، على النحو الذي يناسب ذوي الدخول المختلفة، وفق مستوياتهم وإمكاناتهم المادية. كل هذا جميل، ويصب في الاتجاه الصحيح الذي تنتهجه دولتنا لتشجيع السياحة، وجذب السياح من مختلف الجنسيات، لجعل دولتنا التي تشهد ازدهاراً اقتصادياً وحضارياً وثقافياً، وجهتهم الأولى، لكن الأجمل منه لو أن هذه العروض التي تقدمها فنادقنا وناقلاتنا الوطنية شملت مواطني الإمارات وسكانها الذين…

مبروك.. نقلنا المعركة إلى لندن

الإثنين ٢٠ مايو ٢٠١٣

يبدو أننا قد قلبنا الطاولة على رؤوس الغربيين، وبدلا من أن يشعلوا هم الحرائق على أرضنا، ويديروا المعارك بيننا، فسوف نشعل نحن الحرائق على أرضهم، وندير المعارك فيها، وعلى الباغي تدور الدوائر. أول البشارات جاءت الأسبوع الماضي من لندن، حيث اشتعل اقتتال "سني شيعي" في شارع "ادجوار رود"، المجاور لحديقة "هايد بارك" الشهيرة في العاصمة البريطانية، والقريب من شارع "أوكسفورد" التجاري السياحي، والمعروف جيدا لدى السياح والمقيمين العرب في لندن. المعركة، وفقا لرواية مراسل "العربية نت" الذي كان شاهدا عليها، انطلقت شرارتها الأولى بعد صلاة الجمعة، عندما نظم مهاجرون، معظمهم باكستانيون، مظاهرة مؤيدة للثورة على النظام السوري، سار فيها أكثر من 400 مشارك، حاملين يافطات، ومعلقين شعارات ضد الرئيس بشار الأسد وحلفائه، وعلى رأسهم الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، شاملين بهتافاتهم إيران ورئيسها وقادتها. بدأت المظاهرة سلمية كما تبدأ المظاهرات عادة، لكنها ما أن وصلت إلى شارع "ادجوار رود" المكتظ بالمطاعم العربية، والمحلات التي يملكها مهاجرون عرب من مختلف البلدان، حتى بدأ التلاسن بين المتظاهرين وبعض العاملين والمقيمين في الشارع ومتفرعاته والمترددين عليه، ليبدأ بعدها التقاتل أمام أحد المطاعم اللبنانية، بين أبناء الطائفتين السنية والشيعية، كما بدا واضحا في الفيديو الذي التقطه أحد المارة في الشارع. قتال الطوائف هذا لم يكن هو سيد المشهد وحده، بل صاحبه قتال…