عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

كرة القدم ليست مجرد رياضة

الأربعاء ١١ أكتوبر ٢٠١٧

في كل مرة ينجح فيها منتخب عربي ويحجز تذكرة الذهاب لكأس العالم تتحول الجغرافيا العربية إلى ساحات فرح وزغاريد وتهانٍ ومباركات، ويدخل كبار رموز السياسة ليحيوا ويهنوا أولئك الشباب الذين حققوا إنجازاً حقيقياً لبلدهم لكنه يحتسب لصالح كل مواطن عربي في الحقيقة، ولذلك فإن مشاعر الفخر والابتهاج التي عمت الشارع العربي بصعود منتخب مصر عبرت عن أخوة عربية حقيقية، وعن رغبة في التميز والتواجد كعرب في واحد من أكبر محافل التجمعات الإنسانية ذات القوة النافذة على مستوى العالم : تصفيات كأس العالم والتي ستقام العام المقبل 2018 في روسيا . ينتظر العرب جميعهم نتائج مباريات كل من منتخبي المغرب وتونس تداعبهم أمنيات صادقة بأن يتأهل البلدين معاً إلى روسيا وبذلك يكون للعرب أربعة منتخبات إضافة للسعودية ومصر إن تحقق فوز المغرب وتونس، وهنا فإننا نتوقف قليلاً أمام مباريات كرة القدم اليوم باعتبارها تجاوزت المفهوم التقليدي المتعارف عليه للعبة الرياضية، لنجده يدخل إلى نطاقات ومفاهيم أكثر اتساعاً وبراجماتية ليصل إلى مفهوم القوة الناعمة والتمثيل السياسي للبلد والقوة المؤثرة في الاقتصاد والسياحة والأمن القومي ومزاج الشعبي العام، وبدون مبالغة وبأقل قدر من الحساسية علينا الاعتراف بأن الجماهير في مصر والوطن العربي احتفت وابتهجت واحتفلت بفوز منتخب مصر أكثر من ابتهاجها بأي حدث آخر! لقد خرجت الجماهير سعيدة جداً للشوارع لأجل مصر، تهتف…

«البولشوي» في السعودية

السبت ٠٧ أكتوبر ٢٠١٧

التغيير ليس حديثاً في الهواء ووعوداً وشعارات، لقد قطع العالم العربي، أو يفترض به أن يكون قد تجاوز حقبة الوعود والشعارات وسياسات التخبط والمراهنة على حصان الزمن، أنهك هذا الحصان والعرب يراهنون عليه في كل المضامير ليتكفل بحل كل أزماتهم العالقة منذ أن أصبحوا دولاً مستقلة، وبات عليهم أن يديروا شؤونهم بأنفسهم. فتأملوا بكثير من التخبط حتى جاءت خضات فوضى الثورات الأخيرة، فتحوا أعينهم جيداً، وأنصتوا لكل الطبول التي تقرع، كان الصوت صاخباً، المؤامرات والمتآمرون أيضاً راهنوا على سقوط دول العالم العربي كلها بضربة ما أسموها ثورات الربيع العربي.. لكن الله سلم الكثير من الدول من هاوية الفوضى! السياسة الخليجية اختلفت دائماً عن السياسة العربية خارجياً وداخلياً، من ناحية مشاريع التنمية وتوظيف أموال وعوائد الدخول القومية، لقد بنت الدول الخليجية نفسها سريعاً، لم تحرق المراحل ولم تتخبط ولم تتسرع كما اتهمها بعض كتاب العرب، لم تهدر ثرواتها ولم تسرق ولم يعبث بها كما حصل في دول عربية عديدة كانت غنية وكانت واعدة ومبشرة. لكنها انتهت نهاية بائسة بسبب سياسات أنظمتها، بينما كانت سياسات دول الخليج على تفاوتاتها محافظة وهادئة وبعيدة كل البعد عن الشعارات السياسية والأيدلوجية والاقتصادية التي ملأت الجغرافيا العربية! اتهمت دول الخليج وشعوب الخليج بالكثير، وهذا ليس مجال ذكر أو تبادل التهم، لكن لنتأمل المشهد العربي اليوم، ولنجرد…

أوسكار والسيدة الوردية!!

السبت ٣٠ سبتمبر ٢٠١٧

من قال إن الروايات العظيمة هي تلك التي تتكون من مئات الصفحات، وتتناول حياة متسلسلة لأجيال من الشخوص والأبطال، من قال إن عبقرية الراوي تكمن في القبض على تشابكات أحداث عمله عبر تعدد أمكنة وأزمنة متفاوتة، وبغموض وغرابة يحبس بها أنفاس قارئيه، ولينال بها استحسان النقاد والأدباء، إن هذه الرواية التي اخترت الكتابة حولها اليوم واختار لها كاتبها هذا العنوان البسيط والحميم معاً «أوسكار والسيدة الوردية» واحدة من الروايات القصيرة العظيمة التي تسجل انتصاراً حقيقياً في مرمى الروايات القصيرة جداً، ولتنضم إلى روايات تاريخية مثل «الأمير الصغير، حكاية السيد زومر، القط الذي علم النورس الطيران.. وغيرها»! الرواية من تأليف الفرنسي إريك إيمانويل شميدت، وهي لا تتجاوز الـ96 صفحة، تحكي باختصار شديد قصة الأيام الـ12 الأخيرة في حياة طفل «أوسكار» مريض بالسرطان، إنه البطل والراوي في الوقت نفسه، وهو طفل لا يتجاوز العاشرة من عمره، نزيل أحد المستشفيات، حيث يتلقى علاجاً كيمياوياً لا ينجح في إنقاذه من مصيره المحتوم، وللتخفيف على المرضى تتبرع بعض السيدات بزيارتهم وقضاء وقت معهم، وقد كانت الماما الوردية زائرة أوسكار اليومية ورفيقته في رحلة الـ12 يوماً الأخيرة! وبالرغم من قصر الرواية، وسلاسة أسلوبها وبساطتها باعتبارها تروى على لسان طفل، إلا أن المؤلف ذا النزعة الصوفية قد ضمّنها الكثير من الأفكار الإنسانية العظيمة والعميقة جداً كالشعور بالوحدة،…

المرأة السعودية.. القيادة والتمكين

الخميس ٢٨ سبتمبر ٢٠١٧

ستنظر السعوديات أولاً والسعوديون بشكل عام إلى تاريخ 30 يونيو 2018 باعتباره علامة فارقة في تاريخ المملكة، فالأمر السامي الذي أعلنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بالسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارات اعتباراً من يونيو 2018، يعتبر بكل المقاييس أحد أهم القرارات السياسية في مسيرة المرأة السعودية . وبلا شك، فإن هذا القرار لم يكن مفاجئاً لكل متابعي خطوات التطوير والتغيير في المملكة منذ تولي الملك سلمان مقاليد الحكم، لكن هذه الخطوة الجريئة، وإن كانت متوقعة ومنتظرة، فإنها ستعيد تشكيل الكثير من الصور النمطية حول واقع المرأة، وجدية المشروع التطويري الذي يقوده الملك، ورؤية 2030 التي تحدّث عنها ولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان، الذي جعل المرأة واحدة من أهم ركائز مشروع التطوير والتنمية بشكل جدّي وحقيقي وملموس. سيتم تداول الأمر وفق جدليات معروفة خلال الأيام المقبلة، وسيُذكر الكثير عن أن قيادة السيارة ليست دلالة حقيقية على التطور والتخلف، وإنما هي نتاج أو إفراز حركة واحتياجات الإنسان في سيرورته الحياتية، وسيكون لأصحاب المنظور العقائدي آراء مناهضة، وللمتشددين السائرين دوماً ضد حركة التاريخ والحياة آراؤهم المعترضة، هذه الآراء التي ستدل عليها دلالة واضحة كمية الرسائل والمواد الإعلامية التي ستحوي وجهات نظر ساخرة ومتهكمة بموضوع قيادة المرأة السعودية. كل ذلك في الحقيقة يبدو متوقعاً تماماً، بل طبيعياً بالنسبة إلى…

وسيكبرون كما كبرنا!

السبت ٢٣ سبتمبر ٢٠١٧

تميل علي إحدى نساء العائلة وأنا أتابع حركات الصغيرات وأبتسم متذكرة أنهن كن منذ فترة قصيرة بالكاد يتعثرن في خطواتهن الأولى ولا يستطعن نطق أبسط الكلمات، تلك السيدة كانت أماً لثلاثة أطفال، قالت لي بتعجب يشبه الغضب «هؤلاء الصغار لا يتوقفون عن سؤال متى نكبر؟ وها هم يكبرون سريعاً فنكبر معهم في غفلة منا!»، قلت لها: «وحين سيكبرون سيبعثرون أيامهم في الجري وراء الخواء معظم الوقت، لن يستمتعوا بهذا العمر الذي يحلمون به، ولن يتحرروا من عقدة القطيع وتقليدنا والوقوع في غرام التفاهات التي ستكون في نظرهم كل الدنيا، سيحرصون عليها مهما حصل، سيتصارعون ويعاندون ويضيعون في الزحام وفي وجوه الآخرين و...». سيدرسون ويتعلمون ويتخرجون وسرعان ما سيجدون أنفسهم وقد امتلكوا الشهادات والدورات واللغات و... الخ، وسيبحثون عن عمل، وسيركضون خلف الراتب الأعلى ليتمكنوا من شراء الساعة الأغلى والسيارة الأحلى، وستمضي الأيام بسرعة البرق، وفي لحظة ستهتز كل الأفكار والقناعات، فالحياة لن تبقى بالدفء الذي تعودوه في بيوتهم وأسرهم، إن الحياة والناس والخارج لا يفعلون شيئاً سوى مجاهرتك بالقسوة وهز القناعات والمسلمات الإنسانية التي تربيت عليها! لقد مضت بنا الحياة قبلهم فكبرنا وخرجنا وجاهرنا الحياة بحريتنا وأحلامنا، صادقنا وأحببنا واكتشفنا وسافرنا، خدعنا وصدمنا وفرحنا، فشلنا ونجحنا مئات المرات، لكننا لم نتعظ، إننا جميعاً نظل في نهار العمر البهي تواقين لركوب…

كيف تصبح مشهوراً؟

الأحد ١٠ سبتمبر ٢٠١٧

كيف يصبح البعض مشهوراً؟ بأن يكون كاتباً عبقرياً أو ممثلاً أو لاعب كرة أو مغنياً عظيماً، هذا هو الطريق التقليدي أو الكلاسيكي الذي يؤمن به التقليديون أمثالنا، ربما لأننا ننتمي لجيل تعلم منذ نعومة أظفاره، أن الاجتهاد والمثابرة والموهبة الحقيقية، هي الأشياء التي تصنع الفرق، وربما أيضاً لأننا من جيل عاصر بزوغ الأسماء الكبيرة في الفن والأدب والموسيقى والشعر والتمثيل، وأدرك قصص معاناتهم واجتهادهم. تلك الأسماء التي تحولت إلى أساطير حقيقية، وظلت محتفظة بأسطوريتها المستحقة حتى بعد رحيلها أو غيابها، هؤلاء المشاهير نالوا شهرتهم عن استحقاق، لم يتحقق لهم المجد بالصدفة أو بمساعدة التكنولوجيا أو بواسطة السلطة أو بالوراثة، لذلك عاشوا وظلوا أساطير حتى اليوم (شوقي، طه حسين، توفيق الحكيم، رامي، السنباطي، أم كلثوم، نزار قباني، درويش، فاتن حمامه وغيرهم). هذا ما تؤمن أو تؤكده النظرية الكلاسيكية في ما يخص الشهرة والمشاهير، هناك موهبة حقيقية لدى كل هؤلاء، وهناك جدية في التعاطي مع هذه الموهبة، بصقلها والارتقاء بها عبر قنوات حقيقية وأشخاص متميزين، فمثلاً، ما كان لأسطورة كأم كلثوم أن تكون ما كانت عليه، لولا تمتعها بحنجرة قلما تتكرر، ولولا اجتهادها واشتغالها على موهبتها. ولولا أنها وجدت في زمن حفل بالكثير من العظماء الذين رفعوا موهبتها إلى عنان السماء، بما قدموه لها من قصائد وكلمات وألحان، فلا يقل السنباطي وعبد…

لا تكرهوا الإسلام.. افهموه أولاً

السبت ٠٩ سبتمبر ٢٠١٧

اليوم الذي نعيشه هو اليوم الذي انتظرناه بالأمس وسميناه غداً، غداً يوم لا نقف على أرضه لكننا ندق أبوابه ونستعد له، وبمجرد أن نعبر تحت جسوره لا يعود مجهولاً ولا ملكاً للزمن، يصير ملكنا نحن الذين نستظل به، وملك من عمل ليكون حقيقة يحياها الجميع بسلام وتقدم، لا بالكراهية والحروب، إن هؤلاء الذين يخلطون أوراق الحرب والسلام لا يصنعون غداً ولا حاضراً، إنهم يعيدوننا للوراء، وتحديداً لتاريخ الظلام والتخلف والحروب التي طالما طحنت الناس وقادتهم للبؤس دائماً في كل مكان، يوم كان هناك في كل زمان أناس يتسلطون على غيرهم، يسحبونهم من بيوتهم ليعذبونهم، ويحرقوهم ويقتلوهم بأبشع الطرق! لا يمكن لهذا العالم أن يحيا بشكل طبيعي ما لم يؤمن بالأمل والخير وما لم يعمل القادرون فيه والقادة من أجل التطور وسعادة الناس وتوفير احتياجاتهم وتأمين حقوقهم، وأول حقوق الإنسان ليست الديمقراطية ولا التكنولوجيا، لكن الحياة في الأمان ثم تالياً تأتي بقية الاحتياجات والمتطلبات كسلسلة ذات أولويات، فانت لا يمكنك أن تفكر في امتلاك حاسب آلي ما لم تؤمن قوتك ومنزلك وثياباً تسترك، وهكذا! استمعت إلى خطاب مؤثر لسيدة أميركية تنتمي لإحدى المنظمات المسيحية في الولايات المتحدة، تقول هذه السيدة إن هناك أحد رؤساء الكنائس في أميركا قد دعا لحملة أطلق عليها اليوم الوطني لحرق القرآن، وهي دعوة مقيتة لا أساس…

كيف يمكننا أن نتفق؟!

الجمعة ٢٥ أغسطس ٢٠١٧

في مقابلة أجرتها الأميركية المتألقة أوبرا وينفري مع الملكة الأردنية رانيا العبد الله، وجهت إليها هذا السؤال: «كيف ينظر العرب إلينا نحن الأميركيين؟»، أجابت رانيا العبد الله بلباقة وسعة أفق سياسي كانا واضحين في كل حوارها: «هناك سوء فهم وعدم ثقة بين الناس في الشرق والغرب، العرب لا يثقون بمواقف أميركا، ويعتقدون أنها لا تقف إلى جانبهم، والغرب يرى في العرب متطرفين وإرهابيين يسعون للقضاء عليهم وعلى حضارتهم، كلا الطرفين يفتقد الفهم العميق للآخر، لدوافعه وطريقة تفكيره ونظرته إلى مجمل الظرف المعقّد في الشرق الأوسط! المشكلة أن التربية والرسائل الإعلامية اليومية التي يتلقاها الناس في الشرق والغرب معاً لا تعمل على تجسير الهوة بينهما، ولا تساعد على إيجاد أرضية تفاهم إنساني، لأن السياسة قد وظفت كل الأدوات: الإعلام، التعليم، المناهج، الفن.. لمصلحة غاياتها وغايات أصحاب المصالح الكبرى فيها، إن الذين يتخذون القرارات ليسوا هم أولئك البسطاء من الناس، إنهم البرلمانيون والسياسيون الكبار والمستشارون الذين تدعمهم شركات ضخمة وأصحاب المصالح ورؤوس الأموال، ولذلك فإن الفكرة السيئة ستظل تدور في الدائرة نفسها». حين سألتها: «ما أكثر الأفكار السائدة التي تتمنين تصحيحها؟»، قالت الملكة رانيا: «على الغرب أن يصحح هذه الفكرة الخاطئة، نحن كعرب لسنا جميعاً متطرفين ولسنا إرهابيين، هذه الفكرة هي ما يجب أن يتم الاشتغال عليه جيداً، والحقيقة أن المهمة تقع…

وداعاً.. بو عليوي!

الإثنين ١٤ أغسطس ٢٠١٧

لم نرتبط نحن أهل الخليج بفنان خليجي كما فعلنا مع عبد الحسين عبد الرضا، كنا ولا زلنا نسميه (بو عليوي) الدور الذي ارتبط به مع الفنان الراحل (عبد العزيز النمش الشهير بشخصية أم عليوي) بو عليوي يكاد يكون الفنان الوحيد الذي لم يختلف عليه أحد في كل الخليج ومن قبل كل الأجيال، بما امتلكه الراحل من قدرة فائقة على تجسير المسافات بينه وبين كل القلوب الذي تتابعه في كل أعماله المسرحية والتلفزيونية، لقد ولد ليكون فناناً محبوباً وقادراً على امتلاك القلوب وكاريزما الممثل الحقيقي! يكاد بو عليوي أيضاً أن يكون الوحيد من بين الممثلين العرب الذين لم نسمع منهم أو عنهم أو حولهم أي جدالات وخلافات وقصص تملأ الصحف والمجلات الفنية، كبقية الفنانين الذين اعتبروا الشائعات والفضائح والحروب فيما بينهم طريقهم الشرعي نحو الشهرة، هذا الرجل عاش فناناً مخلصاً لفنه، ومات بمنتهى الهدوء، حتى في أقسى لحظات ألمه كان يضحكنا، حتى حين كانت تخنقه العبرة كان يغني ويقطع نقطة الألم القصوى بابتسامة حين يقول (بس خنقتني العبرة)، نحن جميعاً خنقتنا العبرة حين جاءنا خبر نعيه، وكأننا فوجئنا بـ(حسينوه) الولد الشقي جداً صاحب المقالب وقد كبر ومرض وصار طريح الفراش، ثم دخل غيبوبة الوداع الأخيرة، لقد فاجأنا ذلك فعلاً.. رحمك الله يا بو عليوي، كم قضينا معك لحظات لا تنسى أبداً!…

عندما تحضر الكراهية!

السبت ١٢ أغسطس ٢٠١٧

كنت في اجتماع رسمي مع اثنين من موظفي شركة تقدم خدمات عبر بطاقات الائتمان، كان الشابان لطيفين بما يكفي لأي شخصين مهمتهما إقناعك بمزايا البضاعة التي يقدمانها! حتى هنا فالأمر عادي جداً، ويحدث لجميعنا، وفي كل مكان، ففي بيئات التنافس على الزبائن، وفي حالة وجود عارضين كثر للبضاعة نفسها يتبارى هؤلاء في التودد وبيع الأوهام، ومحاولة تقديم الخدمة بأكثر الطرق أناقة، وطبعاً بوعود لا تحصى، القصة بدأت بعد أن انتهى وقت الحوار حول الخدمات المعروضة، فحين قدم لي الشابان بطاقتيهما التعريفيتين قرأت اسم أولهما. فبدا لي أنه حمّال معاني، اتضح أنه يجيد العربية فصار يشرح لي معنى اسمه، لكنني فاجأته حين ذكرت له أن أصل الاسم ليس عربياً ولا علاقة له بثقافته، وأنه ينتمي لثقافة هو وطائفته في صراع دائم معها، وأن حمله اسماً كهذا دليل قوي على بدايات تسامح، ربما يجعل الأمل يلوح ثانية في احتمالات تقارب وتعايش إنساني. كان حواراً عادياً جداً، خاصة أن الشابين بدا عليهما أنهما يمتلكان بعداً ثقافياً معقولاً حين تحدثا وإن بشكل عابر عن أنواع الطعام ومميزاته عبر الثقافات، المشكلة أن صاحب الاسم ابتسم وقال: إن جدته قد ذكرت له هذا الأمر حول وجود جذور للاسم في تراث مُغاير. فما كان مني إلا أن قلت له: عاجلاً أم آجلاً فإن علينا جميعاً أن نقتنع…

نظام الدوحة.. الوجه القبيح!

الأربعاء ٠٩ أغسطس ٢٠١٧

«تبقى الإمارات شامخة يعرف قدرها الصديق والشريك ولن تنالها إمارة أو قناة أو حزب، ويبقى محمد بن زايد أحد رموز تمكين العرب لاستقرارهم ومستقبلهم» هكذا غرد معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، على حسابه في «تويتر» مندداً بالهجوم الخسيس واللاأخلاقي الذي يشنه إعلام قطر وأجهزتها المختلفة وكتائبها الإلكترونية التي تقدح في رموزنا الوطنية التي لم تقصر يوماً في بذل الجهد ورسم الطريق الثابت لضمان وحدة الخليج والأمة العربية في وجه الطوفانات البغيضة التي تجتاحنا وتهددنا وتهدد مستقبل المنطقة، تحت شعارات زائفة وملغومة خدمة لأجندات حاقدة! كانت الإمارات ولا تزال وستظل بلداً كريماً عزيزاً مضيافاً، يستقبل شعوب الدنيا ويحفظ للبعيد قبل القريب حقوقه وحرياته، بلا استعلاء ولا استقواء ولا عنصرية، لا المال غير أهل الإمارات ولا النفوذ ولا الثروات، ثروات النفط في الإمارات وجهت منذ اليوم الأول لقيام الدولة لمشروع التنمية والتطور، فتم توظيفها لخدمة الإمارات وأهلها ورغدهم وتقدمهم وبناء مستقبل الأجيال، وعلى امتداد عقود طويلة راكمت الإمارات مشروعاً عملاقاً يتحدث العالم كله عنه بإعجاب وبمحبة وباندهاش، مشروع لم يهدر أهله أموالهم في دعم الإرهاب ومنظماته ورموزه بحجج تافهة، لم نهاجم أخاً ولم نساوم صديقاً، ولم نتآمر على جوار، كما فعل نظام قطر، وها هو اليوم وبعدما أفلس وخسر كل أوراقه يوجه بذاءاته لدولة يشهد العالم بخيرها ودورها في…

كيف سيتخلص العالم من هذا الخطاب؟

الأحد ٠٦ أغسطس ٢٠١٧

زرت جمهورية التشيك ثلاث مرات في أوقات مختلفة من السنة، أعجبتني براغ في الشتاء وعشقتها في الصيف أكثر رغم حرارتها وزحامها، مدينة تضج بالتاريخ والأمجاد وتختال كعروس حلوة تجر ذيل ثوب عظيم حاكه التاريخ وطرزته يد الأيام بالقلاع والقصور والمتاحف والطرقات الملكية، لكن براغ - هذه المدينة الجميلة الفاتنة فعلاً - كانت تخبئ وجهاً آخر لم أعرفه في المرات السابقة، كان وجهاً لم يترك في نفسي سوى الكثير من الأسئلة، محاولة أن أتجنب السقوط فيما هو أسوأ! لقد بدت العنصرية المقيتة واضحة تماماً في سلوكيات الكثير من سكان المدينة، العنصرية بكل ما ينتج عنها من تعبيرات الكراهية، ومحاولة الإيذاء اللفظي وأحياناً الجسدي، التجاهل، الإلغاء، الإقصاء، الإهانة المتعمدة وغيرها من الإشارات، هذه العنصرية التي صارت توجهاً فكرياً وسلوكياً تفشى بين سكان الأرض في السنوات الأخيرة بعد أحداث تفجير برجي التجارة في نيويورك 2001، كان من الصعب إخفاؤها! في المجر، وضعت مصورة صحفية ذات يوم قدمها لتعرقل لاجئاً سورياً كان يحمل طفله محاولاً الهرب من هراوات الشرطة، لكنها بعنصرية مقيتة وبشعور خالٍ من الإنسانية وضعت قدمها وأسقطته، يومها أسقطت تلك المصورة كل الحواجز التي كان يختبئ خلفها كثيرون من أبناء جنسها، وبعدها ظهرت أحزاب وتنظيمات متطرفة تشتغل على قاعدة العنصرية في العديد من دول أوروبا! أن يسير العالم قدماً نحو التقدم والتطور…