عائشة سلطان
عائشة سلطان
مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان

حوارات صادمة!

الأحد ٣١ يوليو ٢٠١٦

صدمتني تلك المحاورة العدوانية جداً بين فنان معروف وناشط سياسي على موقع الفيسبوك، ينتميان إلى فريقين أو طائفتين متعارضتين ضمن نسيج الصراع الدائر في سوريا، من يقرأ الحوار يخيل إليه أن لا شيء ينقص ذلك الحوار سوى أن يشهر أحدهما كلاشينكوف روسياً في وجه الآخر، فلا شيء في حوارهما يمت بصلة للحوار أو الخلاف المتعارف عليه، ولا شيء له صلة بعلاقات المواطنة، كان كل منهما يتمترس خلف طائفته وخلف عشيرته معتبراً فناء الآخر هو المطلب وهو الحل! لم يكن ذلك الحديث بين الرجلين، ومثله مئات الحوارات على مواقع التواصل، مما يمكن أن يسمى حواراً من الأساس، لقد استحضر كلاهما كل قاموس العداء المتوارث بين الطوائف في سوريا منذ عشرات السنين، لذلك ما كان يمكن منع هذا الانهيار السوري في ظل هذه الثقافة المتفشية! هذه الحوارات العدائية التي يتبادل الطرفان فيها كل قاموس الشتائم والاتهامات بالعمالة والإرهاب والإجرام والتطرف والقتل والذبح والخيانة والـ... يمكن أن تعطي تفسيراً مقبولاً لما آلت إليه الأمور في سوريا، وبعيداً عن حجم المؤامرة على هذا البلد المنكوب، فإن الحصانات الداخلية لم تكن كافية بما يناسب أو يوازي حجم التكالب الخارجي، بحيث تشكل حماية أو متراساً يمنع هذا التعادي الكامل الذي آلت إليه سوريا للأسف! الفيسبوك لا يعطي تحليلاً أو كشفاً حقيقياً لحالة سوريا فقط ولكن لكل…

البيت الكبير!

الجمعة ٢٩ يوليو ٢٠١٦

البيت العود، أو البيت الكبير، مصطلح ثقافي سوسيولوجي، له امتدادات في نشأة وتطور شكل وتركيبة الحياة العائلية في المجتمع العربي بشكل عام، والخليجي بشكل خاص، يقصد به البيت الذي شهد نشأة معظم أجيال العائلة، كما تفرعت منه الأسر الصغيرة التابعة للعائلة الأم، هو أساس الأسرة الممتدة، البيت الكبير الذي يضم الجدين والوالدين والأعمام والعمات والأبناء وزوجاتهم والبنات، هذا البيت العامر لم يعد موجوداً نتيجة عواصف التطورات والتحولات الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية. معظم أجيال الستينيات وحتى السبعينيات تربوا في مثل هذه البيوت، وحين كبروا مستقلين بأنفسهم كانت هجمة الحداثة وثقافة الأسرة الصغيرة ذات العدد القليل من الأبناء قد أصبحت واحدة من قناعات هذه الأجيال التي تتلمذت على يد الأفلام والمسلسلات العربية التي كانت تزين للنساء خوض معارك الاستقلال عن بيت عائلة الزوج والعيش في بيت منفصل، والاكتفاء بولدين أو ثلاثة والإصرار على إثبات الذات بالعمل والاستعانة بخادمة للقيام بأعباء المنزل. لقد ساعدت التحولات الاقتصادية وتعدد أشكال العلاقات ونمو المجتمع، على استحداث شكل الأسرة الصغير، بالرغم من أن المسلسلات التحريضية كانت موجهة لمجتمعات تنفجر سكانياً وتتأزم اقتصادياً، بينما كنا في الخليج والإمارات تحديداً نحتاج لعكس ذلك تماماً، لكننا صدقنا كلام مخرجي المسلسلات والأفلام وغضضنا الطرف عن وضعنا السكاني، ثم أكملنا الطريق، فتنامى شكل الأسرة الصغيرة محدودة العدد نسبياً،…

قمة الأمل.. لماذا موريتانيا؟

الثلاثاء ٢٦ يوليو ٢٠١٦

كان مقرراً حسب الجدول الرسمي للقمة العربية الـ27 التي تحط رحالها في نواكشوط منذ الأمس، أن تنعقد في المغرب بحسب أصول الاستضافة، لكن اعتذار المغرب عنها جعل الكرة تذهب تلقائياً لموريتانيا التي رحبت باستضافتها وبشكل فائق الحماس، معتبرة أنها قادرة لأسباب تعود لتوازنات العلاقات بينها وبين أعضاء الجامعة أولاً، ولرغبتها بسبب هذه التوازنات والعلاقات الجيدة مع الجميع، في إنجاح القمة وتحريك بعض الملفات الشائكة، فهل ستقدر؟ ربما، ولذلك جاءت تسمية القمة بـ»قمة الأمل«. يأمل الموريتانيون في تقديم نموذج سياسي عربي متوازن ومسالم، قادر على الوقوف على خطوط متساوية من جميع الأطراف بما يمكنه من تحقيق المصلحة العربية أو أمل العرب في فعل شيء ما حيال الأوضاع المأزومة والمتراكمة جداً، وتحديداً منذ انفجار ما بات يعرف بربيع الثورات العربية التي دمرت أجزاء من الخريطة العربية، مهددة بإزالة معظم حدود الخريطة أو استبدالها، فهل ستنجح نواكشوط؟ في التاريخ، أعلنت موريتانيا استقلالها في 1958 وكرس هذا الاستقلال باعتراف فرنسا عام 1960، إلا أن العرب لم يعترفوا بهذا الاستقلال مجاملة للمغرب، وهذه أولى المفارقات، أما ثاني المفارقات فإن موريتانيا التي تأمل أن تُخرج العرب من جمودهم السياسي وتحرك بعض الملفات، تحتم عليها الوقوف أمام باب الجامعة العربية منذ عام 1960 وحتى عام 1973 لتنال عضوية الجامعة، ويتم الاعتراف باستقلالها، وبمبادرة من المملكة المغربية نفسها!…

ميونخ التي أعرفها جيداً

الإثنين ٢٥ يوليو ٢٠١٦

زرت ميونخ للمرة الأولى صيف عام 1999، بعدها وخلال أكثر من 15 عاماً، زرت هذه المدينة مراراً وتكراراً، وبينما فرقت الأيام وظروف العمل بين صديقات السفر والرحلات بعد أن كبرن وتغيرن ودارت بهن الحياة دورتها الطبيعية، فإن ميونخ وفي كل مرة أذهب إليها أجدها كما هي، محطة القطارات الرئيسية، مطاعم الأندرجراوند، عربات بيع الفاكهة في المارين، المقاهي التي لا تجد فيها مكاناً فارغاً، برج الكنيسة الضخم، أسماء المحال الكبرى، محال الموضة في شارع ماكسيميليان، ازدحام المارين بلاتز الدائم، المطر الذي لا ينقطع، كل شيء في ميونخ في مكانه كأنك تركته مساء البارحة. يوم انقلب العالم رأساً على عقب، إثر تفجيرات نيويورك في سبتمبر من العام 2001 كنت هناك بصحبة والدتي في رحلة علاج طالت بعض الشيء، يومها امتلأت نفوس الناس بالخوف، وزادت وتيرة التحذيرات، وطفحت وسائل الإعلام الألمانية بصور أسامة بن لادن، وبالموقف من الإسلام والمسلمين، لكن شيئاً واحداً لم يتغير، هدوء ميونخ وأمانها وسلاسة الحياة والحركة في كل مكان فيها، حتى هذا الذعر الذي يسيطر على الناس والحكومات اليوم إثر العمليات الإرهابية لم يكن له أي أثر في تلك الأيام! بعد زيارتي الأولى تلك زرت ميونخ مراراً وتكراراً، للعلاج، ولقضاء إجازات ممتعة، وللانطلاق منها لمدن أخرى، لقد ظل الأمان صفتها الملازمة، حتى حين كان البعض يتحدث عن تعصب الألمان…

لستَ كاتب مراسلات عمومياً

السبت ٢٣ يوليو ٢٠١٦

في ظني أننا كأشخاص نمارس الكتابة باعتبارها مهنة معقدة ليست عابرة ولا بسيطة، بل مهنة صعبة أولاً، ومؤثرة بشكل واسع، نحتاج لأن نتعامل معها بما تستحق إن لم نعرف كيف نتعامل مع أنفسنا بما نستحق من حيث علاقتنا بالكتابة وعلاقتنا بذواتنا ككتاب، وعلاقتنا بالقراء الذين نكتب لهم وعلينا احترام عقولهم وتوجهاتهم، هذا الوعي بخطورة الكتابة يتطلب الكثير من الحرص على تطوير معارفنا وثقافتنا، وعلى الالتزام بمصداقيتنا حين نكتب رأياً أو معلومة، وعلى تطوير أدواتنا وتقويتها! هذا بالضبط ما يفعله كل صاحب مهنة يحب مهنته ويمارسها بشغف وينتمي إليها، وهذا يتطلب منه أن يظل على علاقة بالتطورات التي تطرأ عليها وبالجديد الذي يدخل فيها، ما يعني أن صاحب المهنة والحرفة والصنعة يصبح جزءاً من مهنته أو حرفته كما تصبح هي جزءاً منه، كالطبيب والمهندس وصانع الأحذية والنجار ومصمم الملابس والمعماري والتشكيلي والروائي والصحفي وووو. فهؤلاء وجموع غيرهم من المهنيين يمارسون أعمالاً تشبه الكائن الحي تماماً، تتطور وتنمو وتتغير وتحتكم إلى قيم ومعايير وأخلاقيات، ولا تقف عند حد أو مكان متجمدة بلا قيمة وبلا تأثير، هذا كله يعتمد على أصحاب المهنة وكيف يقدّرون مهنتهم وكيف يتعاملون معها. بعض الكتاب يكتبون ويبقون على حالهم لا يتغيرون، ولا يبحثون عن التغيير، ومن الأساس لا يبحثون عن إجابة سؤال الكتابة الأول والأساس، حيث تعتبر الكتابة…

السياسة ليست كرة قدم!

الجمعة ٢٢ يوليو ٢٠١٦

يبدو العرب غرائبيين جداً في تعبيراتهم عن انتماءاتهم السياسية وتوجهاتهم، غريبين حد التطرف والأحلام الساذجة أحياناً، وحد الوقوع في الرهانات المكرورة والخاسرة، العرب يعلمون جيداً ما هي مشكلاتهم السياسية وما هي سوءاتهم الحضارية، يعلمون لماذا لا يتقدمون كبقية الأمم المتقدمة التي يتمنون أن يكونوا مثلهم بنفس الدرجة التي يكفرونهم ويتمنون زوالهم، يعلمون حل المعادلة لكنهم لا يريدون حلها، هذا هو المقصود بانعدام الإرادة السياسية العربية لبلوغ القمة، لذلك هم يراهنون على زعماء ليسوا زعماءهم ليقولوا إنهم ضد حكامهم، ويشجعون فرقاً وأندية لا تمت إليهم بصلة، ليعبروا عن استيائهم من ضعف إدارة التنمية في بلدانهم، مع أن السياسة ليست لعبة كرة قدم! ينقسم العرب اليوم بشكل مخيف وعدائي حول تفسير الانقلاب العسكري التركي أولاً، ويقفون مواقف عدائية من بعضهم بعضاً بسبب الموقف من شخصية طيب رجب أردوغان ثانياً، فتجدهم في الصحافة وعبر البرامج الحوارية ومواقع التواصل يتشاتمون ويرمون بعضهم بأبشع الصفات، وقد يصل بهم الأمر إلى التضحية إن اقتضت مصلحة أردوغان ذلك، دون سبب منطقي لكل هذه العدائية ولهذا التأييد العاطفي، فالمنطق غير موجود تماماً في هذه المسألة، هناك غوغائية وعاطفية مبالغة، وانتساب لمواقف حكومية أو حزبية غبية، أو لكاريزما أحد المذيعين أو أحد المشايخ الذي أقنع أتباعه، إما بملائكية أردوغان فصدقوه أو بأنه إبليس فقالوا آمين بلا تردد! إن تكوين…

صيف وإرهاب وانقلاب

الإثنين ١٨ يوليو ٢٠١٦

بدأ صيف هذا العام عاصفاً جداً ودامياً أكثر من المتوقع، كان الناس ينتظرون الإجازة ليحلقوا في سماوات بعيدة عن مدار الحر اللاهب، خصوصاً وأن صيف أوروبا مغرٍ جداً ويشهد طقساً جميلاً وبارداً في معظمه، تتدنى فيه درجات الحرارة عن مستوى الـ15 درجة مئوية، لكن للأسف الذين ذهبوا إلى أوروبا وقف لهم الإرهاب عند بوابات لندن وسواحل البحار، فأرعبهم على شاطئ نيس بشكل جعل الجميع يفر من هناك. إن طريقة القتل المرعبة التي نفذ بها التونسي محمد بوهلال مجزرته البشعة، تكفي لاغتيال موسم السياحة في فرنسا وبلجيكا ودول مجاورة هذا العام، أما الذين ذهبوا إلى تركيا فقد علقوا في أكثر بلدان الشرق الأوسط خطراً بين ليلة وضحاها، إثر الانقلاب الأخير، وبالرغم من التطمينات التي يسوقها كثير من المصطافين في مدن الاصطياف التركية والفرنسية البعيدة، إلا أن السائح كرأس المال لا يستقر إلا حيث الأمان والاستقرار! خلخلة الاستقرار وخفض معدل الشعور بالأمان والطمأنينة، تعتبر من أهم وأخطر ما أفرزه الانقلاب الأخير في تركيا، والنتيجة نفسها بالضبط يتحدث عنها الراغبون في الذهاب إلى مدن فرنسا، لكن الشعور بعدم الأمان يخيم على لغة هؤلاء، وهم يسألونك: إلى أين يمكن للإنسان أن يسافر؟ فأوروبا إما معرضة للتفجيرات الإرهابية، وإما أنها تفرض إجراءات قاسية بالنسبة للحجاب والنقاب وإجراءات الأمن والتفتيش، أما الولايات المتحدة فهناك تغييرات جذرية…

انقلاب تركيا.. الكل يرفض الفوضى!

الأحد ١٧ يوليو ٢٠١٦

ليلة طويلة وصعبة جثمت على منطقة الشرق الأوسط، ليلة أول من أمس، في أعقاب المحاولة الانقلابية الفاشلة التي قادها مجموعة من ضباط الجيش التركي ضد حكومة الرئيس أردوغان، والتي جاءت مباشرة بعد ليلة أشد وطأة عاشتها فرنسا إثر مجزرة «نيس»، التي تسبب فيها شاب من أصل عربي قام بقتل عشرات الفرنسيين بشاحنته أثناء احتفالهم بعيد استقلال بلادهم في تلك المدينة الساحلية الهادئة، الرابط بين العملين «انقلاب تركيا، ومجزرة نيس» أنهما قوبلا بإدانة دولية شديدة الصرامة، أما في الداخل فقد التف الشعب الفرنسي بكل فئاته، كما التفت جميع الأحزاب التركية من أقصى اليمين لأقصى اليسار لرفض العنف والجريمة والانقلاب على الشرعية وفتح أبواب البلاد هنا وهناك لعواصف الفوضى واللا استقرار! في الشرق الأوسط فإن الإقليم ليس بحاجة لأي شكل من أشكال التأزيم أو العنف السياسي حتى ولو بمقدار قشة، لأنها ستكون القشة التي تقصم ظهير البعير، والبعير ينوء بحمله الكبير والضخم والثقيل جداً، وهذا هو السبب في مسارعة دول المنطقة والدول الكبرى لإدانة المحاولة الانقلابية في تركيا، خاصة وهم يعلمون أن أي عبث في تركيا يعني المزيد من العنف والتطرف والإرهاب والقلاقل والقتل والتفجيرات وتعطيل حركة التنمية في سائر المنطقة ولسنوات طويلة! من هذا المنطلق أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي لنظيره وزير خارجية تركيا حرص…

دعاة الفضائيات واستباحة الدماء

السبت ٠٩ يوليو ٢٠١٦

سأل المذيع الداعية الذي يجلس قبالته: هل يجوز في الحالة السورية تحديداً لشخص ما أن يفجر نفسه مستهدفاً تجمعاً ما للنظام الجائر حتى ولو نتج عنه خسائر في صفوف المدنيين؟ فإذا بالقرضاوي الذي يفترض به أن يكون مفتياً حريصاً على تطبيق شرع الله العظيم يجيب »الأصل في هذه الأمور أنها لا تجوز إلا بتدبير جماعي! أي أن تفجير الإنسان لنفسه بنفسه غير جائز ولكنه يحتاج قراراً من الجماعة التي تقرر أنها بحاجة إلى هذا الأمر، وبحاجة لشخص يفجر نفسه وسط الناس، فالجماعة هي التي تصرف أفرادها حسب حاجاتها وحسب المطالب ولا يترك الأمر للأفراد«! انتهت فتوى إباحة القتل. فمن هي هذه الجماعة التي يحق لها وحدها أن تأمر الأفراد بالتفجيرات وقتل المدنيين إذا اقتضت مطالبها وحاجاتها ذلك؟ من هم الذين يفجرون أنفسهم في المدنيين اليوم؟ ومن هي الجماعات التي تعلن مسؤوليتها عن كل تفجيرات المقاهي والشوارع والمشافي والمساجد والأضرحة والقطارات والمطارات والأسواق وثكنات الجند ومراكز الشرطة و...، إنها جماعات داعش والقاعدة وجبهة النصرة والجناح العسكري لجماعة الإخوان المسلمين، وعليه نفهم أن هذه التفجيرات مباحة حسب القرضاوي طالما دبرتها هذه الجماعات ووجدت فيها مصلحة لها. معلوم أن الشريعة الإسلامية قائمة لأجل تحقيق المقاصد الخمسة المعروفة، فمن هو الأحق بالاتباع إذن: الله والشريعة أم جماعات القتل ومفتيهم الخَرِف؟ واضح أن القرضاوي وعدداً…

نجوم الإمارات على مواقع التواصل

الجمعة ٠٨ يوليو ٢٠١٦

لا شك في أن الثورة التقنية، التي أنتجت الكثير من وسائل الاتصال والتواصل الفائقة الحداثة والسرعة والتطور، قد شكّلت بين الناس حالة تجاذب حادة، وتبايناً في المواقف والتقييم، فهناك من ينظر إليها بتقدير عالٍ، ومن زاوية إيجابية بحتة، وهناك من يراها شراً بحتاً يتعوذ منه، ويرجو الله أن يزول سريعاً، كما هبطت على الناس بهذه السرعة المفاجئة وسيطرت على اهتماماتهم، وبلا شك فإنه يوجد دائماً ذلك الفريق الوسطي الذي يؤمن بأنه ليس هناك شر بحت ولا خير مطلق، وأن الإنسان مسيّر ومخيّر أيضاً، وله من العقل والبصر والبصيرة ما يؤهله للنظر والتفكر واختيار الصالح وترك الطالح، ما لم يكن صغيراً أو غير راشد ممن يجب نصحه وإرشاده. في وسائل التواصل الحديثة التي أتاحتها الثورة التكنولوجية ما عبر بنا إلى أعماق الزمن وأعماق المجتمع وأعماق البشر، فاكتشفنا وعرفنا في زمن قصير ما عجزنا عن معرفته في أزمنة طويلة، والأمر ينطبق على مواقع التواصل أو ما صار معروفاً في الإعلام الرقمي الجديد مثل: »تويتر« و»فيسبوك« و»إنستغرام« و»سناب شات«. ما يعرفه الجميع اليوم أن تطبيق »سناب شات« مثلاً أصبح التطبيق الأكثر شهرة وتداولاً بين الجميع، فقد أتاح لكثيرين وكثيرات أن يتصدروا المشهد الاجتماعي، ويلمعوا كنجوم مطلوبين وبعدد هائل من المعجبين، وكل في مجاله (نتحدث عن التجارب الجيدة والمتميزة)، فنجوم الـ»سناب شات« لا يقلون…

بائع الكتب في بلاد تحترق!

الخميس ٠٧ يوليو ٢٠١٦

الحديث عن رجل أنيق وشهم ومتعلم، يجيد التحدث باللغة الإنجليزية، ويبيع الكتب في كابول، يبدو غريباً بعض الشيء حينما يتعلق ببلد كأفغانستان، وبمدينة على شفا الانهيار والبؤس كـ(كابول)، حينما شاع اسم وحكم طالبان، والمآسي التي ارتكبها خريجو المدارس الدينية الذين أعادوا أفغانستان قروناً للوراء! الكاتبة النرويجية آسني سييرستاد عاشت مع بائع الكتب هذا في منزله ووسط عائلته الكبيرة عدة أشهر، كانت كفيلة بتأليف كتاب سجلت فيه الأحداث من دون أي ترتيب أو تصنع، كانت تكتب بتلقائية تامة عن نوعية هذه الحياة وتفاصيلها العابرة، لقد اكتسبت كتابتها هذه أهميتها من عاديّتها وتلقائيتها أولاً، ومن كونها رصداً واقعياً وحقيقياً لحياة عائلة متوسطة الحال تعيش ويلات حكم طالبان، بينما يبيع عائلها الكتب التي غالباً ما تتعرض للحرق والتمزيق والمصادرة بشكل دوري من قبل جنود أميين جهلة! تصف آسني سييرستاد حياة سلطان خان وهو يقاد للسجن من قبل جنود أميين جاؤوا لتفتيش مكتبته، وتطبيق القرار الصادر ضده باعتباره يبيع كتباً تحتوى صوراً لكائنات بها روح، وهو ما لا تبيحه طالبان، ناهيك عن الكتب التي تروج للفحشاء والمنكر والأفكار الكافرة! وعلى هذا الأساس مزقت كتب المكتبة واقتيد الرجل لوزارة (الفضيلة) ليتم التحقيق معه، وفي المساء أشعلت نار ضخمة ليتم إلقاء الكتب المضللة فيها، هكذا حكمت طالبان أفغانستان، كان كل ما يعنيهم شكل لباس الرجل ولباس…

إشكالية التخصص الجامعي

الإثنين ٠٤ يوليو ٢٠١٦

دار هذا الحوار بين أب وابنته التي للتو قد تخرجت من الثانوية بمعدل نجاح جيد يؤهلها لاختيار التخصصات المتداولة بين شباب هذه الأيام (إدارة الأعمال والمصارف والمحاسبة وتقنية المعلومات والعلاقات العامة...). الابنة: أريد الالتحاق بكلية... الوالد: لا لن تذهبي لهذه الكلية أريدك أن تلتحقي بكلية (....) فكل البنات يدرسن فيها. الابنة: لكنهم يطلبون معدل (آيلتس) مرتفعاً جداً! الوالد: إذن عليك بتقوية نفسك في اللغة الإنجليزية ثم انضمي للكلية. الابنة: لكنني أريد.... الوالد مقاطعا: انتهى الأمر! سينتهى الأمر عند الوالد وعند الوالدة وكل العائلة ربما، وقد تقبل البنت بما اختاره لها والدها برغم الإشكاليات التي ستواجهها مع نفسها، لذلك فالمشكلة ليست في الطريقة التي انتهى بها هذا الحوار، لكنها في الحوار نفسه، فهذا الجزء المقتطع من حوارات طويلة غالباً ما تثور بعد ظهور نتائج الثانوية، يكشف عن أزمة نضج وأزمة إعداد تربوي، وهذا يعني أن العديد من الطلاب يواجهون أزمة حقيقية في التخطيط لمستقبلهم دون أن نشعر بهم! إن هذه الحوارات تنتهي عادة إما بخضوع أحد الطرفين لإرادة الطرف الآخر، وإما برفض كلا الطرفين لخيارات بعضهما البعض، وإما بمزيد من الخلاف والصراخ والتشنج، وقد ينتهي الحوار لطريق مسدود يقود إلى نهاية ضبابية تؤدي إلى خلخلة حياة الابن أو البنت وتخبط مستقبلهما التعليمي، ثم العملي والوظيفي فيما بعد! من الأساس فإن قرار…