فيصل العساف
فيصل العساف
كاتب سعودي

تماهي قطر وايران

الإثنين ٠٢ أبريل ٢٠١٨

تعلم ميليشيات الحوثي جيداً ومعها الإيرانيون مدى فروسية خصمهم، وإلا فإن طائرات التحالف الذي تقوده السعودية كانت ستحوّل حشود المجتمعين قبل أيام في ميدان الـ70، بمن فيهم قيادات الإجرام الحوثية، إلى قطع صغيرة تذروها الرياح. وفي قطر، راهن الحمدان على صبر السعودية وطول بالها منذ انقلاب منتصف التسعينات المشؤوم، وإلا كانت قناة الجزيرة تبث نشراتها من مركز أبو ظبي للإعلام، تحلل تداعيات التمرد الحوثي وخطر إيران على المنطقة، فيما حمد بن خليفة «لاجئ» في جدة، يصطاد السمك في بحرها بعد أن لفظه شرفاء قطر وضاقت عليه الأرض بما رحبت! الحكام من آل سعود حين ينفد صبرهم يضربون بقوة، لكن إرثهم الممتد لمئات السنين في السياسة والإمارة جعلهم يترفعون عن الأحقاد والصغائر، خصوصاً أن التجارب تخبرهم عن مصير كل الذين خذلوهم وخالفوهم. لست ديبلوماسياً عليه واجب تنميق الكلمات، ولست إخوانياً يرتزق بالإسلام، كما أنني لست مأجوراً عروبياً أتخمت رصيده الانتماءات المشبوهة. عقلي في مكانه لم تتمكن شعارات القوم من اختطافه، وسأعبّر عن موقفي من رد فعل القطريين تجاه قصف الحوثي للسعودية، كإنسان، لم تستطع «سنوات الحمدين الخداعات» تحييد مشاعره بأبواق الفتنة، التي تحمل أوزار الدمار وعار الانتصار لمن ظلم نفسه بسعيه لتقديم الأرض العربية لقمة سائغة لأعدائها. صواريخ إيران التي أطلقها الحوثي وتناثرت أشلاؤها في سماء الرياض بعد تدميرها، لم يكن…

الشراكة الأهم سعودية – أميركية

الإثنين ٢٦ مارس ٢٠١٨

مؤمن جداً بتقلبات الزمان، مثلما أني مؤمن بثبات بعض العرب على مواقفهم من السعودية في جميع الأحوال. مؤمن جداً بأنهم لا يرجون لها سوى الخسران المبين، مثلما أنا مؤمن بكثرة خيباتهم من نجاحاتها التي تزيدهم تعاسة على تعاستهم! في أميركا، تتربع السعودية من جديد على هرم الاهتمام الإيجابي، بحنكة ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان، القائد الذي يحصد بالغ الاحتفاء السياسي والإعلامي هناك، الشاب المتقد حيوية وإخلاصاً ووضوحاً في الرؤية والأهداف، الذي استطاع إعادة الحس الوطني إلى قضبان الوطن من جديد، بعد أن استولى عليه باعة الوهم من تجار الدين باسم الأمة. في هذا السياق، ربما علينا أن نطرح هذا التساؤل: هل ظهرت بلايين السعودية فجأة؟ هل ثمة اكتشاف أو إرث ما أثرى خزانتها وجلب الاهتمام إليها؟ الإجابة لا بالتأكيد، فالسعودية دولة غنية بمواردها البشرية والاقتصادية، هذه من المسلمات، وإرثها الوحيد هو تاريخها الممتد، الذي تسطره ملاحم الدولة الراسخة على مبدأ البناء والتقدم، واستغلال الفرص «الشريفة». أما جديدها، والذي أفرزته سنوات الخذلان والنكران الطويلة في عمر النيات السعودية الطيبة، فإنه السعي في سبيل مصالحها «فقط» كما لم تفعل من قبل قط، وعلى المقيمين خارج هذا الإطار مراعاة فارق الإمكانات بينهم، ثم الاختيار بين القفز إلى سفينة نجاتها أوالبقاء في معسكر الشتم والعويل، الذي ينطلق من الحسد والشعور بالفوقية الكذابة، لينتهي…

عربون قطر لتوبتها الأميركية

الإثنين ٠٥ فبراير ٢٠١٨

ما ذكره حمد بن جاسم لمعمر القذافي في التسريب الشهير، عن علاقة الدوحة بإسرائيل، نجح- على عينك يا تاجر هذه المرة- في «تخفيف الضغط الأميركي عن قطر»، لكن مع كثير من التضحيات، وفي مقابل حفنة «كبيرة جداً» من بلايين الدولارات. المحزن، وآخر ما كانت «رباعية المقاطعة» ترجوه أن يضطر «الأشقاء» إلى بذل تنازلاتهم «عن يدٍ وهم صاغرون»! ما الذي كانت تريده الدول الأربع، التي تقاطع قطر، من قطر؟ ليس أكثر من تخليها عن دعم الإرهاب، ووقف التحريض. هذه باختصار الخطوط العريضة، التي بصمت الدوحة بالموافقة عليها منذ عام 2013 في الرياض، لكنها لم تفِ بالوعود، ونكثت بكل العهود التي قطعتها، لتجلس أخيراً على كرسي الاعتراف في المنظمة الصهيونية الأميركية، تحلف لأعضائها أغلظ الأيمان أنها توقفت عن دعم جماعة «الإخوان المسلمين»، وتطلب منهم مسح دعمها مشاغبات «حماس» في وجه جهلها، متعهدة بطرد «الحمساويين» الذين يقيمون في قطر خلال «دقيقة» من طلب الأميركان ذلك، هذا ما أكده رئيس المنظمة مورت كلاين! بقي أن تتوقف حملات التحريض الفج، الذي تقوده السلطات القطرية ضد الدول الأربع، وهذا في طريقه إلى الزوال، كما هو متوقع، وبخاصة بعد تصريحات الوزير ريكس تيلرسون، الذي لمح إلى ذلك في مؤتمر صحافي بعد التوقيع على بيان الحوار الإستراتيجي الأميركي- القطري. الإدارة الأميركية هي الثالثة بعد طهران وأنقرة، التي شهدت…

رسالة إلى ميدان السبعين

الإثنين ٢٨ أغسطس ٢٠١٧

لا شك في أن المواقف التاريخية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، مع الدول الخليجية، ليست مشرفة على الإطلاق، على رغم الدور الإيجابي الذي تبناه الخليجيون، والسعوديون تحديداً، في ما يخص القضايا اليمنية الشائكة والمعقدة في كثير من الأحيان. تلك المواقف الصادمة بجملتها كانت ترجّح عدم الموثوقية في صالح، إلا أن أشقاء اليمن في السعودية كانوا يغلبون مبدأ التجاوز، والنوايا الحسنة، انطلاقاً من المسؤولية تجاه الأخوة اليمنيين. اليوم، وبعيداً من تذاكيات الرئيس السابق، التي أطالت وجوده على سدة الحكم، على حساب اليمن والشعب اليمني الذي تعاظمت عليه الأحمال، نتيجة الإهمال والتجهيل والاستئثار بالسلطة والثروة، يصدق القول إننا على أعتاب مرحلة جديدة من التحول نحو يمن جديد، بدأت تداعياته بالاحتجاج على صالح وزمرته تزامناً مع ما يسمى الربيع العربي، وصولاً إلى تدخل التحالف بقيادة السعودية من أجل ردم الحفرة التي كاد الحوثيون أن يوقعوا اليمنيين فيها، بانقلابهم على شرعية كفلتها المبادرة الخليجية التي حاولت بكل ما تستطيع من خلال تغليب الحكمة، تجنيب اليمن الآثار المترتبة على التشنج في الرؤى. آخر المستجدات على الأرض يصب في مصلحة التحالف والشرعية من الناحية العسكرية، وكذلك من الناحية السياسية البحتة، فالطرف الباغي يمكن الجزم الآن بأنه بات في حكم المفكك، والأحداث المتسارعة خلال الأيام القليلة الماضية، أكدت صحة التقارير التي تحدثت منذ البداية عن قصر…

رسالة ناصر العمر لأردوغان.. دروس وعبر

الثلاثاء ١٩ يوليو ٢٠١٦

من غرائب محاولة الانقلاب في تركيا - وكله غرائب - أنها كشفت عن حال استقطاب شديدة، بين مؤيد ورافض، جميعهم متطرفون، بينهما برزخ لا يلتقيان! في التاريخ المعاصر، تبقى جدلية الحق والباطل في المواقف السياسية هي الأوسع حضوراً بين جنبات النقاش، فلا تكاد تخلو حقبة زمنية من أصوات تعلو فوق جميع الأصوات، لقيادات جعلت من نفسها المخلص الأوحد، من عبدالناصر والناصريين، وأعناق الرجال، بل وأرواحهم، تنساق خلف بريق الكلمات الرنانة وكاريزما الخطب، حتى إذا انقشع سراب كان يحسبه الظمآن ماء، فإذا بالأحلام تتحطم على قارعة الأماني بعد أن غيبتها مواقف السياسيين التي لا ترحم في سبيل مصالحها. لكن شقاء الإنسان لا يلبث أن ينكأ جرح الفشل من جديد، في رحلة بحثه المضنية عن ملهم آخر، ودائماً من خارج أسوار الوطن من دون أن يستفيد من التجربة، وفي رحلة لا تنتهي مع جنون تكرار الخيبات. الشيء الذي لفتني وأنا أتابع تداعيات ما حدث، هو تلك الرسالة القوية في ما تحمله بين سطورها من مضامين، والتي وجهها الداعية الدكتور ناصر العمر عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وجاء نصها على النحو التالي: «إلى أردوغان! من أعظم الشكر على هذا النصر أن تسعوا لأسلمة أنظمة بلادكم، ونبذ القوانين العلمانية (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي…

«الله يجيب ترامب»

الثلاثاء ٢٤ مايو ٢٠١٦

الجمهوري والديموقراطي في السياسة الأميركية أشبه ما يكونان بصديقين حميمين، أحدهما العضلات والثاني المخ، الأول يضرب بلا رحمة حتى يسقطك أرضاً، فيما دور اللطيف الآخر هو القيام بواجب المواساة والتخفيف بالتربيت على كتفيك ولم شعث ملابسك بعد المصاب الكبير الذي ألم بك. في العموم، كلا الرفيقين لا يتورع عن تحقيق المصلحة التي يسعى الفريقان في سبيل إنجاح تجربتها، ويبقى «الفتوة» أكثر وضوحاً وحسماً وبعداً عن النفاق، بل ربما افتقر إلى أبسط أبجديات اللباقة والدبلوماسية، هذا جورج بوش الابن يهمس في أذن ملكة بريطانيا الوقورة قبل انتخابه بـ10 سنوات رئيساً لأقوى دولة في العالم، قائلاً إنه يلبس احتفاءً بها جزمة كاوبوي نقش عليها شعار التاج البريطاني «ليحفظ الله الملكة»! ففي مواسم الحصاد التي تتطلبها القوة العظمى لا مكان في الغالب إلا للمجانين أو من هم في حكمهم. في الحقيقة، لا أستطيع إخفاء إيماني العميق بأن السياسة الأميركية لا تبنى أبداً على الصدفة، إنما على خطط مدروسة تحددها المصالح في شكل لا يقبل أية مساومة، وفي استقراء سريع للظروف التي أحاطت تولي آخر ستة رؤساء أميركيين كانت منطقتنا الشرق أوسطية واحدة من أبرز مسارح مخططاتها، فإنني أزعم بأنه يمكن التنبؤ بماهية الرئيس القادم حتى قبل فرز أصوات الناخبين. ترزح منطقتنا اليوم تحت وطأة رؤى إدارة الديموقراطي العتيد جيمي كارتر الذي أسقط الإيرانيون…

صعوبة ترفيه السعوديين

الثلاثاء ١٠ مايو ٢٠١٦

يصرف السعوديون في أرض الله الواسعة قرابة ثلث العجز الحاصل في موازنة دولتهم البالغ 300 بليون ريال، إذ قدرت هيئة السياحة والتراث الوطني في آخر إحصاءاتها أن حجم إنفاقهم المتنامي على السياحة الخارجية بلغ العام الماضي نحو 96,2 بليون ريال، بزيادة 27,5 بليون عن العام الذي سبقه، الأمر الذي يضع على عاتق هيئة الترفيه المستحدثة أخيراً تحدي الإسهام في الإبقاء على جزء من هذه المصروفات داخل السعودية. سأتحدث بواقعية، ولن أغمض عيني عن شيء لمصلحة الفضيلة «المزعومة»، فضيلة العادات والتقاليد والخصوصية السعودية، التي حجبت عن السعوديين كل مباهج الحياة في بلدهم وتركتهم يرتحلون بحثاً عنها في كل بقاع الدنيا. يؤيد السعوديون في قرارة أنفسهم انفتاحاً حقيقياً، لكنهم في ظل عدم الانفتاح، فإنهم يقبلون بعدم الانفتاح! أعلم أن المعادلة صعبة، تلك التي أفرزت تناقضاً عجيباً يمثل واحداً من أبرز سمات الإنسان السعودي على الإطلاق، وربما أنها العائق الأبرز الذي قوّض فرص التنوع الاستثماري السياحي لمصلحة فئة محددة يعلو صوتها على جميع الأصوات في السعودية. من المناسب هنا ذكر المشهد الذي لا يغيب عن مخيلتي، وأتذكره دائماً عندما يطرح السعوديون السؤال الأكثر إلحاحاً حين يشاهدون متع الحياة خارج بلادهم: لماذا لا يكون مثل هذا في بلدنا! حين كنت في إحدى الدول الخليجية، شاهدت إحدى الأسر المحتشمة حقيقةً، وكنت أعرف ربّها تمام المعرفة،…

عبدالرحمن الوابلي يفضح التشدد حياً وميتاً

الثلاثاء ٢٩ مارس ٢٠١٦

لم ألتق الدكتور عبدالرحمن الوابلي - رحمه الله - في حياتي، وليست بيني وبينه أية علاقة، سوى علاقة القارئ بكتّاب الرأي في الصحافة، وكأي مشاهد سعودي أو خليجي، فإنني طالما شاهدت اسمه يدخل البهجة إلينا من خلال مسلسلي طاش ما طاش أو سيلفي الشهيرين. لذلك فأنا هنا لست في مقام تعداد مناقب المثقف الراحل، ولكنني في حال رثاء شديد، لوطن يريد له بعض متشدقي التدين أن يكون متجهماً، عبوساً، مظلم القسمات كحال قلوبهم. توفي الوابلي، لكنه فتح جرحاً عميقا ولا شك، لا أظنه يندمل، رحلت نفسه إلى مقام ربٍّ غفور رحيم كريم عطوف لطيف بعباده، وتركتنا نكابد أرواحاً شريرة، لا تنفك تذكرنا كلما تعلقنا بذلك بأن الله شديد العقاب! يتلذذون في كبت الأمل، ويتفننون في انتزاع حسن ظننا بربنا، كل ذلك باسم الإسلام، الذي هو من غيّ أهوائهم براء. بين السعي في نبش تاريخ مسلم أصيل بنيّة إخراجه من دائرة الإسلام بكل إصرار وترصد، و«ادعائهم» بأنهم دعاة إلى الله، ينثر أولئك حقدهم الدفين على مساحات الخير والرجاء، تاهوا، مثلما تاهت في ذواتهم معاني سمو ديننا ورفعته. وما بين محبة نبينا لعمه أبو طالب وحزنه عند موته، والتشدد في تصديرهم وتصويرهم للولاء والبراء، يجتهد هؤلاء ومن أضلوهم في تشويه معالم إسلامنا! دخلت إندونيسيا في الإسلام بسبب التجار المسلمين، لا بالسيف، لتكون…