غسان الإمام
غسان الإمام
كاتب وصحفي سوري مقيم في باريس

خامنئي يفتقد أدب الحياء في الإسلام

الثلاثاء ١٣ سبتمبر ٢٠١٦

لا حاجة لتفنيد كل بذاءات الثلاثي الإيراني الأخيرة. فما قاله الثلاثي علي خامنئي. وحسن فريدون روحاني. وجواد ظريف، عن الدولة السعودية طافح بالعنصرية المكشوفة المعادية للعرب، في التطاول الظاهر عليها. الثقافة الإنسانية في عصرنا اليوم تدين العنصرية في مواثيق حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة، منذ إلحاق الهزيمة الساحقة بالفاشية العنصرية الآرية في الحرب العالمية الثانية. فقد حاول الحزب النازي اجتياح أوروبا بالقوة، لفرض هيمنة الجنس «الآري» المتفوق في اعتقاده على سائر الأجناس الأخرى. وهذا ما تفعله العنصرية الآرية الإيرانية، في محاولتها المحمومة لاجتياح العالم العربي بالقوة والخديعة. فقد تبرقعت العنصرية الفارسية بالبرقع الطائفي، لتسهيل الاختراق بشراء ولاء الأقلية الشيعية. و«حزب الله» صورة واضحة لعسكرة هذه الطائفة. فهو يجد المهمة الأنسب له في قتل السوريين العرب. لا العنصريين الإسرائيليين. احتفظ الخميني بالاسم العنصري للدولة الفارسية. فالدولة الدينية التي أقامها هي إيران، الرمز ذاته الذي يشير إلى عنصرية الجنس الفارسي الآري الحاكم والمهيمن على الأجناس غير الآرية. وفي مقدمتها العنصر العربي الذي يسكن ضفتي الخليج. اتهام خامنئي للسعودية ينم عن جهل فاضح بتاريخ هذه الدولة، فالأسرة الحاكمة كانت تحكم مدنًا في قلب نجد منذ أواسط القرن الثامن عشر. أي أنها كانت في موقع مدني متقدم يتجاوز القبلية والعشيرية. وقد سبق للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أن قال: «هذه الدولة…

كم يساوي الكاتب في العالم العربي؟!

الثلاثاء ٢٢ مارس ٢٠١٦

رأيت جورج طرابيشي مع مجموعة من الشباب، وهم يشتبكون بالأيدي مع تظاهرة صغيرة أمام مبنى البلدية في دمشق، ضمت شيوعيين. وأكرادًا. و«إخوانًا» جمعهم العداء لمصر. ولجمال عبد الناصر. وللوحدة العربية. وكانت دمشق في ذلك اليوم من خريف سبتمبر (أيلول) 1961، تعيش على إيقاع البلاغات الانقلابية المتناقضة. بلاغ مع الوحدة. وبلاغ ضدها. أخيرًا، غلب الانفصال أول وحدة قومية في تاريخ العرب الحديث. ولم أعد أرى زميلنا الشاب الحلبي الجديد جورج في صحيفة «الوحدة». وغاب الوحدويون. ثم انتصب تمثال لحافظ الأسد من الحجر البركاني الأشهب، فكان رمزًا للانفصال، في الساحة التي جرى فيها الاشتباك. مرت سنون. وبرز زميلنا جورج كاتبًا. ومفكرًا. ومثقفًا. لكنه ظل في ذاكرتي ذلك الشاب العربي الغيور على الوحدة الذي أدرك ما لم يدركه زعماء حزبه الثلاثة (عفلق. والبيطار. والحوراني). أدرك ما كان جيلي يدرك. فقد كان الانفصال كارثة قومية. كانت سوريا وما زالت لا تعرف كيف تحكم نفسها. أو كيف تقرر مصيرها وصالحها. بل أدرك جورج ما لم يدركه الرئيس المصري! فقد رفض عبد الناصر العودة إلى الوحدة، بعدما سرح ضباط الانقلاب زميليهم عبد الكريم النحلاوي وحيدر الكزبري. وعبأوا الرئيس ناظم القدسي في مصفحة عسكرية. وأودعوه سجن المزة العسكري. وذهبوا إلى عبد الناصر في القاهرة. نادمين. متوسلين استعادة الحلم القومي. فقد أدركوا هم أيضًا مدى الكارثة التي أوقعوا…

هل الشيعة محكومة أبديا بتعذيب الذات؟!

الثلاثاء ٠٢ ديسمبر ٢٠١٤

هل تبقى الشيعة محكومة، أبديا، بظاهرة الجلد وتعذيب الذات؟! سؤال كنت أطرحه، بمنطق الغرابة والحسرة، على أصدقاء أعزاء من شيعة مثقفين وعاديين، في دمشق وبيروت، كلما طفح أمامي موسم عاشوراء، بالدماء المتدفقة من الرؤوس الحليقة المشطوبة بالمدى والخناجر. والظهور المشقوقة بسلاسل الحديد. بشيء من الفكاهة «العلمانية» الممزوجة بخجل مريب، كان الأصدقاء المثقفون، ومعظمهم ينتسب إلى أحزاب سياسية «كافرة»، في تلك السنين الخوالي يجيبون بأن «أعراف» عاشوراء من لزوميات ما لا يلزم، ما دام أن هناك شيعة تشعر بندم تاريخي مزمن، على عدم نجدة وإنقاذ آل البيت، قبل كذا من مئات السنين. أما الصحاب الشيعة العاديون، فكانوا يجيبون بأن لولا محبة آل البيت لما كانت هناك شيعة. ثم يتحسسون رؤوسهم المشطوبة، وكأنهم يتأكدون أنها ما زالت موجودة، في زمن لم يكن، بعد، يعرف ظاهرة الرؤوس المقطوعة. تذكرني «خناقاتي» الفكاهية مع الأصدقاء الشيعة بـ«خناقة» الرئيس اللبناني فؤاد شهاب مع صديقه رئيس الحكومة صائب سلام. وقد رويت سابقا للقراء الأعزاء حكاية الجدل الذي كان يحتدم في مجلس الوزراء حول «حقوق» الطائفة الشيعية التي تعتبر نفسها مظلومة في التسوية التاريخية بين السنة والموارنة التي قام على أساسها استقلال لبنان، ولم يقعد بعدها. كان الرئيس الماروني يقول للرئيس السنِّي: «إذا كانت هناك حقوق للشيعة، فليأخذوها من السنّة». وكان صائب بيك يردّ ببلاغته المعهودة: «وماذا يعطي…

حلف «الجنتلمان» بين المؤسسة الدينية والنظام!

الثلاثاء ١٢ أغسطس ٢٠١٤

ابتذال المرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية الذي يمارسه بشار الأسد يدعو إلى الرثاء حقا. التهميش المتعمد لهذه المؤسسات يدل على مدى انحدار الحرية الدينية في سوريا. وخصوصا بعد نشوب الانتفاضة/ الثورة. وتنافسه في ذلك التنظيمات «القاعدية» التي دمرت قيم التسامح الديني والليبرالي. وتنشر الرعب بممارساتها الظلامية. فقد أدى بشار صلاة عيد الفطر، محاطا ببطانة من عمائم المؤسسة الدينية السنية. وفي مقدمتهم مفتي الجمهورية ووزير أوقافها. براميل بوتين وخامنئي. وروحاني. وصواريخ حسن نصر الله. ومدن السنّة المدمّرة (حلب. حمص. درعا. دير الزور. إدلب) والمساجد التي سُويّتْ بالأرض. وذكرى الشيخ حسن خالد مفتي الجمهورية اللبنانية (السنّي) الذي نسفت المخابرات السورية موكبه، في حي عائشة بكار، وحولت جثمانه وأجساد عشرين عابر سبيل إلى أشلاء متناثرة.. كل هذه الفظائع والبشاعات لم تهز ضمير الكثير في المؤسسة السنية السورية. ولا أسالت دموعها! ووصل الرعب بخطيب صلاة العيد الشيخ الصواف، إلى تشبيه بشار بصلاح الدين الأيوبي. والزنكي. والظاهر بيبرس «إن الله أقامك مقام أولئك العظام الذين أَعْلَوْا قيم الرحمة والتسامح. فامضِ لما أقامك الله. وتسلح بالعزم. واستعصم بالإيمان»! لا شك أن خلية إدارة الأزمة في مركز القرار الرئاسي السوري تلعب مع المخابرات السورية الدور الأكبر، في توجيه وتجنيد المرجعيات الدينية السنية والمسيحية، لخدمة النظام القمعي. وأذكر هنا أن بطريركي الطائفتين الأرثوذكسية والكاثوليكية (الراحلين أغناطيوس هزيم. وجورج حكيم)…

تقييم ميداني لاندحار جيش المالكي

الثلاثاء ٠١ يوليو ٢٠١٤

ميدانيًّا، يستمر القتال في العراق على عدة جبهات في الوسط والجنوب الصحراوي. هدف القوى السنية الثائرة السيطرة على المعابر الحدودية مع سوريا. والأردن. والسعودية. تمكنت هذه القوى من تدمير ثلاث فرق تدميرا كاملا في الشمال. وإعطاب وتحييد ثلاث فرق في الوسط. وهذا يعني أن نحو نصف الجيش العراقي المؤلف من 14 فرقة (300 إلى 350 ألف جندي) بات خارج القدرة العملياتية في ميدان القتال. عدديًّا، ما زال الجيش المدعوم بالميليشيات الشيعية متفوقًا. لكن قوى السنة تتمتع بمعنويات عالية. وانضباط ممتاز. وهي أفضل تدريبًا وقتاليًّا. وأكثر سرعة في الحركة بين مدن الفرات. وقد نقلت الحرب إلى جنوب صحراء الأنبار. وغنمت عتادًا وفيرًا. وأسلحة حديثة متطورة. وبشكل خاص دبابات استخدمت في اقتحام المعابر التي فر منها الجيش. مع ذلك أقول إن أعدادها قليلة. وغير كافية لاقتحام بغداد. أو النجف وكربلاء. يتركز القتال في الصحراء قبالة العتبات المقدسة لدى الشيعة (النجف وكربلاء) التي تحميها قوات الجيش والميليشيات الشيعية المتخلفة قتاليا وتدريبيًّا، باستثناء ميليشيا الصدر (جيش المهدي) غير المنضبطة. وقد كسبت مهارة قتالية من خلال مقاومتها للأميركيين، على مدى عدة سنوات (2003 - 2009). الوضع هادئ في الموصل «المحررة» منذ التاسع من يونيو (حزيران). وتحت السيطرة على ريفها، بما في ذلك مدينة «تل عفر» التي كان يسكنها تركمان شيعة موالون لنظام المالكي. المشكلة الآن…

الطوائف ترسم حدود دويلاتها

الثلاثاء ١٧ يونيو ٢٠١٤

أقام العرب في إسبانيا والبرتغال 800 سنة. لم يهتموا بالأسلمة. إنما أنشأوا حضارة زاهية. وفرضوا ثقافة زاهية. وفرضوا ثقافة رائعة. لم ينته وجودهم هناك، إلا عندما تمزقت دولتهم الواحدة إلى دويلات تسقط. وتتسلم الواحدة تلو الأخرى. كان الاسم فخريا: دول الطوائف. في هذا الزمن الرديء، يطل الاسم الكريه مرة أخرى. ها هي أديان وطوائف ترسم حدودا وكيانات لدويلات طائفية. رسم اليهود إسرائيل دولة لهم. هم يطالبون الآن عباس وحماس بالاعتراف بيهودية هذه الدولة التي تحكم خمسة ملايين يهودي. وأكثر من مليون فلسطيني. وتحتل ملايين محاصرين في الضفة وغزة. تضخمت كرة الثلج. ذهب السوري يوسف الخال إلى لبنان. جمع مثقفين. وأدباء. وشعراء، في مجلة. وبشر بالكتابة باللغة المحلية المحكية. لو عاش الخال مائة سنة، لكنا بحاجة إلى قاموس وترجمان، ليتكلم اللبناني مع اليمني. والمغربي مع الخليجي. عدل الموارنة عن ثقل بيروت إلى جونية عاصمة لدويلة مسيحية. فأقام «حزب الله» عاصمة للشيعة في ضاحية بيروت الجنوبية. تسلح الحزب لاستعادة فلسطين من اليهود. ففكك الحدود بين سوريا ولبنان، ليقتل السوريين دفاعا عن دويلة العلويين. كانت انتخابات التجديد لبشار، بمثابة رسم حدود جديدة لدولة طائفية. حدود لدويلته العلوية التي انتخبته. وحدود لدولة سنية عارضته. لو كان عارفا بمسؤوليته، لذهب إلى درعا ليواسي الأطفال الصغار الذين اعتقلهم، بدلا من ذلك قصف آبارهم بالبراميل المتفجرة. انتصرت…

مستقبل العلاقة السعودية ـ الأميركية

الثلاثاء ٠١ أبريل ٢٠١٤

كم من السهل الحديث عن الحاضر والماضي. وكم من الصعب الحديث عن المستقبل. فقد تناول كثيرون ماضي العلاقة السعودية الأميركية وحاضرها بالتحليل والتأويل. لكن ماذا عن مستقبلها بعد لقاء الرياض، بين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز. والرئيس الأميركي باراك أوباما، بحضور كبار رجال الإدارة والقرار في الدولتين؟ أستلهم هدوء ورصانة ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز، لأستشرف الآفاق المستقبلية التي تحكم العلاقة التاريخية بين أكبر دولة عالمية. وأهم دولة عربية وإقليمية. فأقول سلفا إن هذه الثنائية المميزة بطولها، لن يطرأ عليها تغيير. ستظل ثابتة. مستقرة، لأن لا مشكلة تنتاب هذه الفرادة الثنائية، في عالم خطر. متقلب. ومتغير. المشكلة، إذن، أين؟! كان لا بد من هذا اللقاء. والأرجح أن لقاءات ثنائية، ستعقد على مختلف المستويات، بين الدولتين. الهدف تفادي استفحال التباين في الرؤية. التفكير. السلوك. الممارسة، بين الدولتين، في تناول قضايا عربية وإقليمية. هذا التباين بات يلحق الأذى بمصالح وسياسات كل منهما، إزاء هذه القضايا. لن أستخدم اللغة الخشبية في الزعم، بأن لقاء الرياض توصل إلى تنسيق. أو حلول ثنائية مشتركة. فمن المنطق القول إن دولتين تتمتعان بالسيادة والاستقلال، لا يمكن أن تمارسا سياسة موحدة تماما، في العلاقة مع دول أخرى في المنطقة وخارجها. باختصار، ما حدث في الرياض هو تعميق الفهم المتبادل لمواقف كل منهما، إزاء…

«أمركة» إيران بالعصا وغصن الزيتون

الثلاثاء ١٧ ديسمبر ٢٠١٣

كان بنيتو موسوليني زعيم إيطاليا الفاشية يهدد الديمقراطيات الغربية بخمسة ملايين حربة. ثم ظهر أنها من عيدان السباغيتي (معكرونا). واضطر حليفه هتلر إلى إنقاذه، عندما دُحرت القوات الإيطالية التي غزت ألبانيا واليونان. هل لموسوليني ضريح تذكاري في إيران؟ وإلا لماذا. ومن أين تنطلق هذه الصرخات الهستيرية لجنرالات الجيوش الميليشيوية، مهددة أميركا، بأسلحة سرية فتاكة، تجعلها هباء منثورا؟ هل إيران دولة «حربجية» حقا؟ هُزمت إيران في الحرب العبثية مع عراق صدام. ونصح رفسنجاني الخميني بوقفها، بعدما استهلكت في ثماني سنوات جيلين من الإيرانيين والعرب العراقيين. وسبق للشاه الأمِّي رضا بهلوي أن استسلم بلا مقاومة، للقوات الروسية والبريطانية التي احتلت طهران، خلال الحرب العالمية الثانية، واقتسمت إيران، عقوبة له على حماسته للفاشية الهتلرية. ليس سرا أن إيران الخميني اشترت أسلحة من إسرائيل (1985/ 1986)، في حربها مع العراق. ولم تخض حربا مع الدولة العبرية. إنما أغرت حزبها اللبناني بالتجربة. فقتل 1200 شيعي لبناني (2006). ومات مائة فلسطيني بصواريخ الحزب التي أطلقت، بطريقة عشوائية، على إسرائيل. وخرج رئيس الحزب من مخبئه، ليعلن أن النصر كان «إلهيا»! أُنشئ حزب الله كقوة دفاعية. غير أن إيران تستخدمه اليوم في سوريا، كقوة هجومية. الدفاع ليس كالهجوم. فعاد عدد كبير من المقاتلين محمولين بأكياس مغلقة. وقال حسن نصر الله إنه أرسلهم لإنقاذ السيدة زينب التي لم يمسّ…

«أمركة» إيران بالعصا وغصن الزيتون

الثلاثاء ١٧ ديسمبر ٢٠١٣

  كان بنيتو موسوليني زعيم إيطاليا الفاشية يهدد الديمقراطيات الغربية بخمسة ملايين حربة. ثم ظهر أنها من عيدان السباغيتي (معكرونا). واضطر حليفه هتلر إلى إنقاذه، عندما دُحرت القوات الإيطالية التي غزت ألبانيا واليونان. هل لموسوليني ضريح تذكاري في إيران؟ وإلا لماذا. ومن أين تنطلق هذه الصرخات الهستيرية لجنرالات الجيوش الميليشيوية، مهددة أميركا، بأسلحة سرية فتاكة، تجعلها هباء منثورا؟ هل إيران دولة «حربجية» حقا؟ هُزمت إيران في الحرب العبثية مع عراق صدام. ونصح رفسنجاني الخميني بوقفها، بعدما استهلكت في ثماني سنوات جيلين من الإيرانيين والعرب العراقيين. وسبق للشاه الأمِّي رضا بهلوي أن استسلم بلا مقاومة، للقوات الروسية والبريطانية التي احتلت طهران، خلال الحرب العالمية الثانية، واقتسمت إيران، عقوبة له على حماسته للفاشية الهتلرية. ليس سرا أن إيران الخميني اشترت أسلحة من إسرائيل (1985/ 1986)، في حربها مع العراق. ولم تخض حربا مع الدولة العبرية. إنما أغرت حزبها اللبناني بالتجربة. فقتل 1200 شيعي لبناني (2006). ومات مائة فلسطيني بصواريخ الحزب التي أطلقت، بطريقة عشوائية، على إسرائيل. وخرج رئيس الحزب من مخبئه، ليعلن أن النصر كان «إلهيا»! أُنشئ حزب الله كقوة دفاعية. غير أن إيران تستخدمه اليوم في سوريا، كقوة هجومية. الدفاع ليس كالهجوم. فعاد عدد كبير من المقاتلين محمولين بأكياس مغلقة. وقال حسن نصر الله إنه أرسلهم لإنقاذ السيدة زينب التي لم…

أسقط النضال الطائفية فأحياها «جيل الاستقلال»!

الثلاثاء ١٥ أكتوبر ٢٠١٣

أدخل «النمر» الفرنسي جورج كليمنصو دمشق، بقلمه الأحمر، في خريطة «لبنان الكبير» الذي اعتزمت فرنسا إنشاءه بعد الحرب العالمية الأولى. فأثار فزع بطريرك الموارنة يوسف الحويك والسياسي اللبناني إميل إده الزائرين له. وقالا: «دمشق مدينة إسلام ومسلمين. ولا يمكن قبولها في لبنان». كان ريمون إده عميد حزب «الكتلة الوطنية» الماروني ينسى أنه روى لي ما جرى لأبيه وللبطريرك، فيكرر الحكاية كلها. التقيته في باريس. ولعله كان يعتقد أنه يغيظني، بمعرفته بأني سوري. أحببت ريمون إده. وتعودت على «قفشاته». فقد كان ظريفا. خفيف الظل. ونفى نفسه من لبنان إلى باريس خلال الحرب الأهلية. فلم يكن يطيق سطوة النظام السوري الذي احتل لبنان ثلاثين سنة. ولم أكن لأشعر بغضاضة، وأنا ابن دمشق، لو رأيتها داخل خريطة لبنان! فهذا العالم العربي كله هو وطني. ومن «سوء الحظ» أن الجنرال غورو عندما احتل سوريا ولبنان، اكتفى بسلخ سهل البقاع ومدن السنَّة الساحلية (بيروت. صيدا. طرابلس) من سوريا الطبيعية (الشام). وضمها إلى لبنان الصغير «لتكبيره». فقد كان لبنان مقصورا، إداريا، على الجبال العالية، في معظم العهد العثماني. لست مؤرخا. إنما أستعين بالتاريخ، ليس لأنه بات في صميم فن الرواية الصحافية (المقالة/ الريبورتاج). لكن أيضا لتعريف العرب، بمن فيهم السوريون، بما طمسته معظم الأنظمة (الاستقلالية)، من تاريخهم السياسي الحديث. أمة بلا ذاكرة سياسية، هي شعوب هائمة.…

تقسيم سوريا بتغييب هويتها العربية

الثلاثاء ٠٨ أكتوبر ٢٠١٣

عبد الحليم خدام الذي أمسك فترة بالملف اللبناني، له قول مأثور: «ليس هناك شعب في لبنان. هناك طوائف». وزير الدفاع مصطفى طلاس الذي أتقن فَنّ البقاء على الهامش ثلاثين سنة، أفاق مرة من مشاغله «الوزارية» في تأليف الكتب عن علاقة المطبخ بالشعر ونجوم السينما، ليقول إن الأردن مرسوم بحدود استعمارية! وكأن حدود معظم الدول العربية، بما فيها سوريا، لم تُرسم بالمسطرة الاستعمارية. ماذا يقول هذان المسؤولان الكبيران السابقان في دولة الرعب والخوف (أَسَدستان)، وهما يريان اليوم سوريا تتهاوى تحت مطارق التسلل والاختراق. وتتمزق طولا وعرضا بسكاكين النظام. وحراب الطوائف. وغزو مرتزقة «حزب الله» وإيران؟ هل هناك حدود سورية ثابتة. مرسومة بريشة التاريخ الحضاري، كما مصر المحروسة، فتمتنع على معاول التمزيق والتقسيم؟ أم هناك جيوش. وميليشيات. وتنظيمات، لطوائف. ومذاهب. وأديان. وأعراق. ومعارضات سياسية. وعسكرية. متناحرة، في الداخل والخارج؟ من المسؤول عما جرى ويجري في سوريا؟ كان بشار يشكو، في أحاديثه مع مسؤولين عرب وأجانب، من «الكثافة» السكانية الكبيرة في سوريا. فقد ارتفع عدد السوريين، في عصر الأب والابن، من سبعة ملايين إلى 23 مليون إنسان. لو أن النظام ربط إنتاج الأطفال بإنتاج السلع، لما زاد عدد السوريين عن 12 مليونا. أخيرا، وجد بشار حلا مخيفا، من منطلق طائفي بحت. فقد اتهم الشعب كله «بالتآمر» عليه وعلى نظامه! وطبق مبدأ «الإبادة الجماعية».…

تحييد قنابل بشار الكيماوية يستغرق 12 سنة!

الثلاثاء ١٧ سبتمبر ٢٠١٣

فلسف الأب المواجهة مع إسرائيل. ففبرك نظرية «للتوازن الاستراتيجي» مع إسرائيل. وأرسى لتنفيذها صناعة الأسلحة الكيماوية. فأجل حرب تحرير الجولان. فلا مقاومة. ولا ممانعة. ولا رصاصة، إلا عندما يكتمل الاكتفاء الذاتي: قنبلة كيماوية، في مقابل كل قنبلة نووية إسرائيلية. طوَّر الابن الصناعة الكيماوية. فكسب بشار سمعة وشهرة أكبر منتج للسلع السامة المحرمة. أرسى مبدأ «الموت بالجملة». برأ إسرائيل. واتهم 23 مليون سوري بالتآمر على النظام. فاختصر الأعمار بالموت الزؤام. صار أمام السوريين خياران أحلاهما مرّ: الموت البطيء بصواريخ بشار المدمرة للحياة والمدن. أو الموت السريع السهل بكيماوي النظام. سارين بشار «شغل الوطن». يجربه المواطن المحظوظ مرة. فلا يحتاج لتجربته بالمرة. سارين بشار دوخة في الرأس. «كركبة» في البطن. رغوة زَبَدٍ على الفم. شهيق. زفير. هوب.. هوب. ينتهي التمرين بشلل العضلات. وتشنج أعصاب الرئة. وغيبة عن الوعي. تمهد للموت «الرحيم» اختناقا. أغلق طبيب العيون المستشفى الذي لم يعد له لزوم. ووسَّع المقبرة. فتح صيدلية مجانية، لتوزيع غازات مخففة. غاز الموتار وغاز لاكريموجن. حرر بشار الاقتصاد. فموَّل السوريون موتهم بأنفسهم. من كل مائة ليرة يؤديها دافع الضرائب، تذهب سبعون ليرة لجيش النظام. ولطائفة النظام. ولرشوة حزب النظام. وعائلة النظام. وأولاد عمومة وخؤولة النظام. ولشبيحة النظام. ولأجهزة التعذيب. والتصفية. والاغتيال، في أقبية النظام. أفاق العالم على مجزرة الكيماوي. تطلع مذهولا إلى الشاشة. من…