د. حنيف حسن
د. حنيف حسن
رئيس مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي منذ العام 2014، وزير سابق، وأكاديمي، وكان مديراً لجامعة زايد.

المملكة والرؤية الجديدة

الأحد ٠١ مايو ٢٠١٦

جاء إطلاق رؤية المملكة العربية السعودية 2030 حدثاً متميزاً، بل حدثاً غير عادي، في ظروف غير عادية، سواء على مستوى الخليج أو المنطقة أو العالم. حملت هذه الرؤية الجديدة في ثناياها، آمالاً وطموحات كبيرة تليق بحجم المملكة الشقيقة ومكانتها الدينية والقومية وموقعها الجغرافي الهام وتاريخها الحضاري الفريد، هذه الميزات التي أدرك الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي، باعتباره رئيس المجلس السياسي والاقتصادي أهميتها وكيف تصنع وتنصع معاً كميزات استراتيجية للمملكة. هي الروح والتاريخ، ففيها مهبط الوحي، وقبلة المسلمين، والحرمان الشريفان. وهي مقصد لملايين المسلمين كل عام، وفيها قلب العروبة، ومن الجزيرة العربية ظهرت القبائل العربية الأصيلة وانتشرت في بقاع الأرض، وموقعها الجغرافي لا مثيل له في العالم، من حيث التوسط بين عدة قارات، والإشراف على أهم الممرات المائية في العالم. أما عن تاريخها العريق، فمن أقصى الجنوب إلى أعالي الشمال، ومن الحجاز إلى نجد مواقع أثرية وتاريخية ضاربة في الأصالة والقدم، وشاهدة على حضارات عريقة، في دلالة واضحة على تميز هذا البلد الزاخر بهذه الإمكانات الهائلة والفريدة. وقد أشار الأمير محمد بن سلمان في مقابلته الرائعة - مع الصديق الإعلامي البارز تركي الدخيل - يوم إطلاق الرؤية إلى هذه المزايا، ومواطن القوة، والإمكانات والموارد والفرص غير المستغلة لتحويل المملكة إلى قوة اقتصادية عالمية بما يليق بحجمها وقدراتها وطاقاتها…

عولمة التسامح

الأحد ١٠ أبريل ٢٠١٦

تتصاعد، بشكل غير مسبوق، بشاعة الصراعات العرقية والطائفية والدينية، إرهاب بلون ما وإرهاب آخر رد فعل عليه من جهة أخرى، ومع تصاعد هجمات الإرهاب الدولي صعدت على أكتافه تيارات اليمين والكراهية والإسلاموفوبيا والكراهية للأجانب! مع هذه النيران المشتعلة للكراهية، أصبح من ضرورات الوجود البشري واستمراره واستقراره إعادة قيم التعايش والتسامح والسلام وتعزيزها، مطلوب عولمة للتسامح بل ثورة عالمية من أجله والتمكين له، حتى يمكننا العيش سويا، ولا شك أن تعامل المجتمع الدولي وتعاطيه السلبي مع ملف التطرف وأسبابه ودواعيه أديا إلى نتائج وخيمة من إقصاء وعنف وإرهاب. ولعل أولى خطوات التهاون في التعامل مع هذا الملف الخطير هو التغاضي عن خطابات التحريض والكراهية العنصرية والدينية، في منطقتنا العربية أو تلك التي في الدول الغربية. لا شك أن استثمار البعض في ثقافة الكراهية استثمار مربح لهم، بدءا من الجماعات الأيدولوجية والأصولية والانغلاقية التي تريد أن تحتكر هويتنا ومرجعيتنا وحياتنا وتضعها في حسابها وحدها، وتغلق عليها، أو تنغلق بها، وتلك الميليشيات المسلحة التي تخطف الأوطان، وتحاصر الشعوب والمواطنين، هكذا يفعلون الآن في الفلوجة كما يفعلون في تعز ويمارسونها في الرقة، هم بألوان مختلفة ولكن كلا منهم لا يعرف سوى اللون الواحد والمنطق الواحد ولا يعرف أن الاختلاف والتنوع وحده هو الجمال والثراء. إذا استمر الوضع على ما هو ماثل في مختلف أنحاء…

الحروب في وطن السلام والمبادرات

الأربعاء ٣٠ مارس ٢٠١٦

كان - بلا شك - حدثاً استثنائياً بحضور استثنائي ومشاركة استثنائية في وطن تعودنا أن كل ما يقدمه متميز واستثنائي. كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في مقدمة الحضور، في احتفال مهيب، واحتفاء كبير بالمعلم ورسالته السامية، أما المحتفى بها، فكانت الأستاذة حنان الحروب، فهي تلك المبدعة الفلسطينية القادمة من مخيم للاجئين الفلسطينيين، نشأت فيه بالقرب من مدينة بيت لحم. وفي بيئة بالغة الصعوبة، حافلة بالمعوقات. استطاعت حنان الحروب أن تحول حياتها إلى قصة ملهمة، فيها مزيج من الكفاح والتحدي وانتهت إلى الإنجاز والإبداع، فقد طورت نظاماً تعليمياً عن طريق اللعب لمساعدة الأطفال الذين يعانون من اضطرابات نفسية نتيجة للاحتلال. لا يخفى على أحد مدى خطورة الأوضاع الإنسانية التي يمر بها إخواننا الفلسطينيون، والظروف البائسة التي تلف مختلف جوانب حياتهم، في هذه الظروف كان نجاح حنان في تطوير نظام تعليمي تم تعميمه وتطبيقه في مختلف المدارس الحكومية بعد ذلك. هكذا كان استحقاقها للتكريم، وكانت أقوى المرشحين للحصول على الجائزة العالمية للمعلمين، والتي تبلغ قيمتها مليون دولار أميركي، لتحصل على الجائزة، من بين 8000 معلم ومعلمة من 148 دولة. وأوصت لجنة التقييم في تقريرها بمنحها الجائزة لتعلن حنان بعد حصولها عليها أنها ستنفق قيمتها على دعم الطلبة، هكذا يظل المعلم وتظل رسالته سعادته الأولى والباقية. تكمن أهمية الحدث…

بداية تهاوي حزب اللات

الأحد ٠٦ مارس ٢٠١٦

لم يكن قرار دول مجلس التعاون يوم الثاني من مارس الجاري، بتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية مفاجئا، بل كان واجبا ومستحقا منذ أنشأت إيران هذا الحزب الشيطاني سنة 1982، أو حزب اللات وليس حزب الله كما يسميه معارضوه في لبنان، والذي هو ثمرة خبيثة لشجرة خبيثة، منذ أن جعل مشروعه أن يكون جزءا من إيران في لبنان كما تنص وثيقة تأسيسه، الأولى والثانية، التي ترفع وتنتمي لولاية الفقيه الإيرانية ولا تنتمي للوطن ولا للدولة اللبنانية. سبقت هذا القرار الكثير من المؤشرات والمواقف، كان آخرها ما أثاره سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي في لقائه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وتأكيده على أنه إذا كان العالم جادا في الحرب على الإرهاب فلا بد ألا يفرق بين إرهاب وإرهاب وأن الإرهاب واحد سواء أتى من داعش أو من الجماعات العنفية الموالية لإيران، كالحشد الشعبي وأحزاب الله وجيش بدر وغيرها. كما سبقه قرار دولة الإمارات بتصنيفه مع منظمات أخرى شيعية وسنية كتنظيمات إرهابية، وتبعه موافقة الجامعة العربية على هذا التصنيف لهذا الحزب الذي يتغول على دولته ويتدخل في شؤون الدول الأخرى، ونشط في القمع الطائفي في سوريا وتم ضبط عناصره في اليمن وفي البحرين في وقت سابق، متخصصا في إزعاج وتخريب المجتمعات العربية واستهداف دولها نيابة…

حقوق الإنسان ليست لأعدائها

الأحد ٢٨ فبراير ٢٠١٦

خلال الأسابيع الماضية حظر موقع تويتر حسابات جديدة باللغة الإنجليزية لناشطي تنظيم الدولة الإرهابي «داعش» ويوم 23 فبراير الجاري صرح بيل جيتس بأحقية الدولة - الولايات المتحدة هنا - بالكشف عن هويات وبيانات الهاتف، في تعليقه على الخلاف الذي أثير بين الحكومة وآبل. نعم فلا حق في الخصوصية لمن ينتهك ويغتال حق الناس في الحياة. لكن للأسف لا زالت بعض منظمات حقوق الإنسان العربية والعالمية حبيسة تصوراتها المتعالية في الدفاع عن حقوق الإنسان، حتى لو كان هذا الدفاع ضد من يعادون هذه المبادئ ومن يكفرون بها ويمثلون خطرا داهما عليها. اعترض بعضهم على الحكومة الفرنسية في التاسع والعاشر من فبراير الجاري حين صوت الفرنسيون على إدراج إسقاط الجنسية عن الإرهابيين في الدستور. وهي الخطوة التي جاءت بعد أحداث العنف والتفجيرات التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس في مطلع العام الماضي وأواخره. وعلى خطى فرنسا نحت دول أوروبية أخرى مثل بريطانيا وسويسرا وغيرهما بإجراءات تشريعية وإدارية لمواجهة خطر التطرف والإرهاب الذي داهم مجتمعاتها المستقرة. هذه الصحوة الأوروبية المتأخرة جاءت بعد أن ذاقت تلك الدول لهيب الإرهاب. وقد كانت دعوى الحريات وحقوق الإنسان، وربما أجندات سياسية أخرى، سببا للسماح لأولئك الإرهابيين للتغلغل والقيام بتلك الأنشطة الإرهابية في تلك الدول. وهي التي - مع الأسف - وفرت ملاذات آمنة لقادة التطرف والإرهاب لنشر خطاب…