خالد فيصل الفرم
خالد فيصل الفرم
أكاديمي وباحث إستراتيجي

تحولات السياسات الدولية بعد جائحة كورونا.. الاتجاه نحو الداخل

الخميس ٢٨ مايو ٢٠٢٠

دفعت تداعيات جائحة كورونا دول العالم لمراجعة أولوياتها الوطنية، وسياساتها العامة، والتخطيط لمواجهة التحديات المستقبلية؛ برؤى جديدة وإستراتيجيات حديثة، تتفق والمرحلة التي يشهدها العالم، فما بعد كورونا ليس كما قبله اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. وبإطلالة سريعة على ملامح الإستراتيجيات الجديدة للعديد من دول العالم الكبرى لمرحلة ما بعد كورونا، تبرز ملامح التحول نحو المحلية والاستثمار في الداخل، والاعتماد على الذات، بعيدا عن التبعية الإستراتيجية التي كشفت جائحة كورونا خطورتها على الأمن الوطني للدول الكبرى والصغرى على حدا سواء. تمظهر ذلك عالميا؛ في شح بعض المنتجات الغذائية والطبية في دول غربية وشرقية، وارتباك تدفق سلاسل الأمداد بين الصين والعديد من دول العالم، واحتدام الصراع بين دول المنظومة الواحدة على الفوز بالمعدات الطبية والأدوية حتى وإن كان ذلك بالقوة العسكرية. ومع انكشاف الأمن الغذائي والدوائي في غير دولة، بدأت مراكز صناعة القرار في العديد من البلدان مراجعة إستراتيجيتها الصحية والصناعية والزراعية، لتحديد السلع والمنتجات والخدمات التي تمس الأمن القومي، وتستدعي حماية وطنية بعيدا عن الحسابات المالية الضيقة وفق مفهوم الشركات، وإعلاءالمصالح الإستراتيجية وفق مفهوم الدول الراسخة. فقد بدأ تحالف دول العيون الخمس؛ وهو تحالف استخباراتي للدول الناطقة باللغة الإنجليزية (أمريكا، بريطانيا، كندا، أستراليا، نيوزلندا) بمراجعة جدوى الاستفادة من العولمة، التي اتضح لهم أنها تخدم الصين في المقام الأول، فتحولت بكين إلى مصنع كبير…

العراق بين أزمة الحساب البنكي الفيدرالي والقرار الأممي 1483

الخميس ١٦ يناير ٢٠٢٠

جاء القرار الانفعالي لمجلس النواب العراقي في ٥ يناير بإخراج القوات الأمريكية، ليعمق أزمة العراق سياسيا واقتصاديا، ويقوض مبادئ الشراكة السياسية والأمنية بين بغداد وواشنطن منذ سقوط حكم صدام حسين عام ٢٠٠٣. اعتقدت المليشيات المسلحة في العراق أنها تستطيع (برلمانيا وأمنيا) إنهاء الوجود الأمريكي، حتى استيقظت على تهديد الرئيس الأمريكي بإيقاف الحساب البنكي العراقي في البنك الاحتياطي الفيدرالي بنيويورك، وكذلك حسم تكاليف القوات الأمريكية ومنشآتها في العراق من الحساب الذي يحتوي حاليا على ٣٥ مليار دولار. الخطورة هنا، أن تجميد أو تقييد الوصول لهذا الحساب، يتم بكل بساطة من خلال إدراج الحشد الشعبي أو أي هيئة حكومية عراقية على القائمة السوداء، ما يعني تقييد وصول بغداد إلى تلك الأموال. قانونيا هذا الحساب تأسس عام ٢٠٠٣ بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم ١٤٨٣، الهادف إلى مساعدة الحكومة العراقية على إدارة موارد البلاد، حيث يتم دفع عائدات النفط العراقي بالدولار الأمريكي لهذا الحساب يوميا، وتعتمد حكومة العراق حاليا على هذا الحساب للصرف على ٩٠% من ميزانية الدولة، أي أنه الشريان الرئيس للدولة. وفي حال مضت الحكومة العراقية في تنفيذ قرار مجلس النواب بإخراج القوات الأمريكية، وتنفيذ الرئيس ترمب تهديده باستخدام الحساب أو تعليقه، فهذا يعني انهيارا فوريا للدولة العراقية، وتوقفها عن دفع المرتبات وسقوط العملة، والعودة قانونيا للفصل السابع، بمعنى أن يتم…