محمد علوان
محمد علوان
كاتب سعودي

خواطر ذاكرة تلك الأيام

الثلاثاء ٣٠ أكتوبر ٢٠١٨

من الذي قام بإطلاق الأسماء على الأيام؟ وهل الأيام كانت قطعاناً سائبة في دائرة الوقت؟ أو أن الأيام كانت آلافاً من الثواني والدقائق التي تأخذ بتلابيب بعضها، دون رغبة من الخروج في السياق أو اعتراضاً على الرتابة والديمومة، لماذا الأيام.. متميزة بأسمائها المعروفة، فلماذا الدقائق والثواني ليس لها مسمى ولا أدنى علامة أو إشارة. كيف يكون مجد الاسم للأيام والشهور رغم أن الأساس الحقيقي لهذا الزمن المتناثر قائم على الثانية والدقيقة والساعة ؟! أيمكن أن نقول إن الثواني والدقائق والساعات أشبه مايكون لهؤلاء البسطاء، الدهماء، الجماهير والذين تتحكم بهم الأيام التي تحمل اسماً ممتداً من خلالهم لكنه يحمل المجد له باعتبار أن الثانية تشبه الأخرى والدقيقة تشبه مثيلتها والساعة تشبه الساعة الأخرى أما اليوم فهو الذي كوّن هذا الاسم (عنوة)؟؟؟ قدوم الشتاء فرحاً كنت حين دخل الشتاء، ثم ما لبثت وانقلب فرحي توجسا لا يدركه سواي، لم أدرك كم مر من سنين، كنت اختار ملابس الشتاء ألوانا صوفية فاتحة اللون، هذه السنة اخترت لونا حالك السواد، في البداية شعرت بأناقة اللون الأسود. لكن اللون الأسود، أوصل لي رسالة العمر، نعم، تباهيت طويلاً بشعري الرمادي، سنين طويلة وأنا أسمع المديح، ثم ما لبث اللون الرمادي الذي يضج سحراً وتأثيراً أن تحول بقدرة قادر إلى لون أبيض، وكان مصدر غبطة، إذ مازلت…

كبار المواطنين

الثلاثاء ٢٣ أكتوبر ٢٠١٨

في لمسة إنسانية رائعة يثبت الشيخ محمد بن راشد هذا الإنسان الراقي شعوره بالآخر سواء موظفاً أومتقاعداً أو طالباً، يقتنص الفكرة ويطورها متى ماكانت تمس المواطن وهي تعبير عن المواطنة الحقة والصادقة. اقرؤوا معي ما صرح به هذا القائد لناسه ولمواطنيه وبشكل إيجابي قال: قررت إعادة تسمية كبار السن إلى (كبار المواطنين). فهم كبار في الخبرة.. وكبار في النفوس وكبار في العيون والقلوب. هذا القائد الذي حول (دبي) إلى وطن عالمي، هذا الإنسان لم يتجاوز مواطنيه بل أثبت أن المواطن الذي هو شريك في البناء والإعمار لا يفارق مخيلته بل يشعر بالمسؤولية الكاملة عن هذا المواطن صغيراً أو كبيراً. نعم رزقنا في دول الخليج العربية بثروة هائلة مهدت لنا الحياة الكريمة ورفعت من قدرة المواطن على اكتساب المعرفة والولوج إلى عالم التقنية الذي يمنح المواطن الالتحاق بركب العالم الآخر بل إنها تثبت تجاوزها لبعض البلدان. بطبيعة الحال فإن هناك من يغزو الحسد قلبه وعقله ليبدأ فكرة الإيذاء واستعمال الكذب والافتراء على قادة هذه البلاد وشعوبها ويشغل الناس عن توجههم صوب العلم والمعرفة اليقينية. والغرابة أن هناك من يركب موجة العداء والكراهية هم أبناء عمومة بل إن هناك أعداداً هائلة تعمل في وطننا الحبيب والأوطان الخليجية الأخرى بأعداد هائلة. ويتمتعون مثلهم مثل المواطن بالأمان وفرص العمل والتحصيل العلمي لأبنائهم وبناتهم. وأنا…

الوطن.. كيف ينمو؟

الثلاثاء ٠٩ أكتوبر ٢٠١٨

في جنوب الوطن العظيم، الوطن يبدأ من المنزل، ثم القرية الهادئة فوق الجبال تغني للغيم وتنشد طروقا للغيم، تحتفي بالمطر، تحتفي بالأرض السمراء التي تنشد الأغاني وتزرع المحبة. ‎الوطن كان فكرة في المخيلة لكن هذا الشعب العظيم حوله إلى واقع ملموس أيّام الفقر والعوز وحتى الآن حيث الرخاء والنظر إلى المستقبل الذي يضيء جوانبه قادة نذروا أنفسهم لبناء هذا الصرح سامقاً وعاليا. ‎وبالتأكيد فإن طبيعة بناء الدول تتطلب دعما اقتصاديا وأمنا شاملا وخططا طموحة ‎ولعل قبل ذلك وبعده الحنكة السياسية التي تتفاعل مع المتغيرات التي تعصف بهذا العالم الذي لا يعترف بغير القوة الاقتصادية والحذر السياسي. ‎الذي قرأناه وتمت معايشته.. إن الظروف الاقتصادية والسياسية قد عبرت بِنَا منذ زمن المؤسس الذي أرسى دعائم هذه الدولة وبالتأكيد فإن هناك سلبيات وأخطاء يقوم الزمن بتصحيحها وتقويمها. ‎وها نحن نحتفل جميعنا بهذا الوطن الذي شوهته أفكار ظلامية لمدة طويلة أخذت الدين سلاحا والدين ليس إلا رحمة وعطاء وعملاً ناصعاً للوطن والمواطن وقبل ذلك وبعده لمرضاة الله. ‎يوم الوطن هو المزيد من التوق والإنجاز والصدق في القول والعمل. ‎يوم الوطن لن يحقق نجاحه سوى سواعد أبنائنا في كل وظيفة أو مصنع أو جامعة ومدرسة. ‎يوم الوطن يذكرنا بالآباء والأجداد الذين حفروا بأظافرهم مستقبلا لا يعرفونه ولكنهم سعوا لتحقيقه، وهاهم الأبناء يشيدون مجدا في الداخل…

حذاء هجوم!!

الثلاثاء ١٤ أغسطس ٢٠١٨

  كنّا نتحدث أنا وأخي (نبيل) في موضوعات شتى تتناول الثقافة والسياحة وحال العالم العربي، وذهبنا كل مذهب بأحاديث متفرقة، وتحدثنا عن هذا الوطن العظيم، وكما هي العادة فلا بد من لمس بعض السلبيات والحديث عنها، وعن مجتمعنا الذي لم يحقق طموحاتنا التي تواكب هذا التغيير الهائل الذي نتلمس آثاره ونتابع نتائجه.   قلت له: أنا لدي إيمان عميق بأن الفكر الوظيفي السابق لن يحقق التسارع المطلوب الذي تتطلبه الرؤية وتسعى لتحقيقه، البركة في الشباب وخصوصا الذين يملكون فكراً وتجربة متقدمة في التقنية الحديثة.   قال لي وصوته مليء بالحسرة والمحبة لهذا الوطن: إن هناك المئات من المؤهلين خارج الخدمة إن صح التعبير، ومن شبه المستحيل أن يتابع مسؤول كبير كل التفاصيل.   قلت له: أظن أن أول المهمات التأكيد بشفافية التوظيف دون النظر إلى القرابة أو المعرفة المسبقة، لأننا بهذه الكيفية نعيد فكرة (الفكر الوظيفي)، وتدويره مرة أخرى، ومن ثم ننطلق إلى العالم الذي تريده الرؤية وتؤكد عليه، إلا أنه يمثل نقصاً واضحاً.   الرؤية وضعت لتلافي الأخطاء المسبقة، والتي لم تنجز أعمالاً تليق بوطن مثل هذا الوطن، وبناءً على كل المعطيات والخير الذي يتدفق ليخلق فرصاً هائلةً للمواطن.   قال أخي: أنا أوافقك الرأي في كل ما ذهبت إليه، ولكن لازال هناك من يتحين الفرصة تلو الأخرى ليبتلع…

أما آن!

الثلاثاء ١٧ يوليو ٢٠١٨

تكتظ كتب التاريخ بمئات الروايات والأحداث المختلفة والمتناقضة، حيث إن كتابة التاريخ أو محوه تعتمد جانباً واحداً وهو جانب (المنتصر) دائماً الذي بيده كل المقاليد ونحن نشاهدها حتى في وقتنا الحاضر بالرغم من الادعاء الزائف بما يسمونه (الديموقراطية)، وادعاء الحرية المنقوصة دائماً وخصوصاً في العالم (الثالث) المليء بالشعارات الزائفة والمكذوبة. (ما علينا) فالتاريخ خبرٌ يحتمل التصديق أو التكذيب هكذا أفهمه بشكل خاص. الذي أعجبني فيما يلي الحبكة القصصية التي تمثل في وقتنا الحاضر القصة المكتملة بشروطها الفنية حيث التسلسل الدرامي والخاتمة المؤلمة والمذهلة والكبرياء الطاغي لهذه المرأة التي لم تتنازل عن كبريائها وأنفتها المزروعة بداخلها: الرواية معروفة اطلع عليها القاصي والداني وهي مطاردة (الحجاج بن يوسف) لعبدالله بن الزبير أيام (بني أمية) وقد أهدر دمه، وحينها إن صدقت الرواية لجأ إلى أمه (أسماء بنت أبي بكر) فشعرت بالألم لهربه وهو من هو في الحرب والسلم. شعرت بالمهانة وقالت لابنها: وهل يضير الشاة سلخها بعد ذبحها؟؟ حركت كلمات والدته الشجن لديه وضخت في دمه شجاعة غريبة وجديدة. فخرج وقتل وصلب ومُثّل به وهذا الجانب البشع في كل الحروب قديماً وحديثاً. وظل الحجاج يترقب اعتذارها ليكتمل انتصاره. لكنها أبت ذلك ورفضت الفكرة من أساسها.. وبعد فترة مرت أمام جثة ابنها المصلوب وتحسست بأصابعها جثته وصدرت منها صرخة موجعةً قائلة مقولتها المشهورة :أما…

لا شهود على العصر

الثلاثاء ١٠ يوليو ٢٠١٨

جيلنا الحاضر.. كلٌ منا يمثل شاهداً على مرحلة تاريخية لم يشعر بها من سبقنا؛ لأن التغيير كان بطيئاً، ولن يشعر بها من بعدنا لأن التغيير مسرع ومذهل. لقد عاصرنا كل التغيرات في العالم، فمن كان يظن ولو لوهلة أن الاتحاد السوڤيتي بعظمته آنذاك، وقدراته النووية المرعبة سوف يخر ساقطاً، وتتفكك أجزاؤه إلى دول متفرقة تعاود النهوض على قدميها بعد انهيار الأفكار السابقة؟. وليس معنى ذلك أن هذا السقوط القاسي قد أثر على بنيتها الدفاعية، بل وحتى فكرها السياسي. ولعل إقامة مهرجان كأس العالم قد لفت الأنظار إلى غنى روسيا الاتحادية، وما جاورها من جمهوريات منفصلة، وما تتمتع به من عبق التاريخ عبر العصور. ولفتت إلى الجانب الإنساني الذي كانت الحرب الباردة تحاول تشويهه وتقزيمه، لكن الشعوب العظيمة تنهض من جديد؛ لتعيد رونقها وعظمتها متى ما واتتها الفرصة المناسبة للاقتناص والسير قدماً. هذا التطور المذهل في وسائل المواصلات، والتواصل يكاد يشعرنا بالتعب لمتابعة كل جديد. في القادم من العصور لن يكون هناك شهود على العصر، لسبب بسيط ومقنع؛ لأنهم هم الذين يصنعون العصر ويرفعون البنيان في كل الأوطان متى ما تم الوثوق بهم وبقدراتهم الذهنية والجسدية. وفِي القادم من الأيام لن يكون هناك المزيد من التكتم والأسرار، فالتقنية لم تعد حكراً على (الكبار) فقط. ستكون المواجهة العلمية والقدرات العسكرية والإنسانية هي…

اقتصاد المناطق

الثلاثاء ٠٣ يوليو ٢٠١٨

يتميز وطننا الثري بأبنائه وتنوع مصادره الاقتصادية، مما يجعله في مصافّ الدول الكبيرة التي ترتكز على تنوع الدخل - والاقتصادي بالذات - هذا التنوع الذي أوجدته المساحة الكبيرة من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، تدعونا إلى فكرة أن تكون كل منطقة مميزة بخصوصيتها حسب موقعها ومناخها، ولدينا على مدار السنة جميع المناخات التي تمنحنا إمكانات لا توجد في دول أخرى. ولنضرب مثالاً واضحاً يعرفه الجميع، فمكة المكرمة والمدينة المنورة تمثلان النموذج الواضح على فكرة اقتصاد المنطقة، وذلك بعد أن صرفت عليها الدولة المليارات وبالتأكيد فإن هاتين المدينتين واللتين تعنيان الكثير للمسلمين بشتى أقطار المعمورة تمثلان ريعاً مضافاً للوطن. تختلف المناطق حسب جغرافيتها وموقعها على سبيل المثال هناك خمس مناطق مطلة على البحر الأحمر تختلف طبوغرافياً بشكل واضح نقاط القوة اقتصادياً لكل منطقة، ومنها يتم تحديد نوعية الاستثمارات وإعطائها ميزات تفضيلية كالإعفاءات الضريبية والتمويل الميسر. اقتصاد المنطقة يخلق الوظائف للمواطنين في مناطق إقامتهم الدائمة بدلاً من الهجرة للمناطق الأكبر اقتصادياً والتي تشكل ضغطاً كبيراً على الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة، اقتصاد المنطقة يخلق فرصاً تنمويةً رائعةً ومجديةً للجنسين. منطقة جازان تمتلك نجاحات متزايدة في زراعة الفواكه بأنواعها، ولعل نجاح زراعة المانجو خير مثال. واحة الأحساء يمكنها من إيجاد صناعات متعددة أساسها التمور، هذه مجرد ملاحظات ولست بالمتخصص الاقتصادي إنما هو…

يا طبيب العلل.. كلها!

الثلاثاء ٢٩ مايو ٢٠١٨

نظراً للحاجة الملحة لخدمة مناطق الجنوب الأربع جاء التوجيه من القيادة الرشيدة بإنشاء مدينة الملك فيصل الطبية حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 4،000،000 نسمة. تبلغ المساحة الإجمالية لأرض المشروع 800،000 متر مربع وتقع على طريق الملك عبدالله شرق أبها 27 كلم وغرب خميس مشيط 25 كلم وجنوب شرق مطار أبها الإقليمي 10 كلم. الوضع الحالي: تم الانتهاء ومنذ 3 سنوات من برج واحد (عظم). تم اعتماد مبلغ مليارين للمرحلة الثانية منذ 6 أشهر تقريباً وحتى تاريخه لم يتم تنفيذ أي عمل بالمشروع. يتم طرح منافسة أعمال المشروع من الوزارة وكذلك الإشراف على المشروع! هناك ضعف في التواصل ما بين الوزارة وإدارة مشروعات المدن الطبية بالوزارة! تعاقب أربعة مديرين على إدارة المدينة أحد أسباب تأخر المشروع. المدير الحالي مكلف بإدارة مدينتي الملك عبدالله الطبية بمكة ومدينة الملك فيصل! الوضع الحالي غير واضح وليس هناك مؤشرات لتكملة أعمال المشروع. الحديث موجه لمعالي وزير الصحة، والذي أدرك أنه يعرف أن المقصود بذلك: عسير، وجازان، ونجران، والباحة. في انتظار هذا المشروع كم قدم إلى رحمة الله من مريض!! والآخرون ربما يشفيهم الغيم والمطر. المصدر: الرياض

أبها.. التي نعرفها!

الثلاثاء ١٠ أبريل ٢٠١٨

أبها مدينة الضباب، أبها التي تمثل، ومنذ زمن بعيد، مدينة جاذبة، لا طاردة، هذا الجمال الذي تتمتع به، جمال الغيم الذي لا يفارق سماءها، منحة ربانية، الجبال، الأشجار، النباتات العطرية، الوديان، لحظة الشروق والغروب التي تحرض الرسام والمصور على التقاط اللحظة، لتكون أكثر بهاء.. أبها التي نعرفها لم تكن على مدى تاريخها سوى ملاذ آمن لكل أبناء المناطق في الوطن من شماله إلى غربه، بل أزيد على ذلك كانت أبها التي نعرفها تستوعب كل الجنسيات العربية التي تمكث في أبها، التي تمثل لهم الوطن والمحبة. لم نكن في أبها التي نعرفها نسأل: من أنت؟ ما أصلك؟ كان الجميع هم أهل (أبها) النجدي، الحجازي، الغامدي، التركي، المصري، السوري، الفلسطيني! أهل أبها كانت تجمعهم المحبة، ويجمعهم هذا التنوع من القبائل الجنوبية والقادمين من كل صوب. أبها التي نعرفها كانت تحب السيل، فهي ابنة المطر وأخت الغيم وأم المحبة، أبها التي نعرفها لم تقطع شجرة، لم تردم وادياً، وهو ما حدث، وذلك يمثل فضيحة هندسية، لا تغتفر، ولا يحاسب من قام بارتكابها. أبها التي نعرفها ما زال يمثلها (كوبري القابل) الذي يمثل إنجازاً هندسياً ماثلاً للعيان، أبها التي نعرفها كانت تغني سافرة الوجه والكفين، والقلوب البيضاء. أبها النساء اللواتي يهبطن إلى سوق (الثلوث) يعرضن الفاكهة والعسل، والسمن والحناء والكادي والحطب، أبها التي نعرفها…

الحوار.. كفكرة ومبدأ

الثلاثاء ٢٠ مارس ٢٠١٨

نشأت فكرة الحوار الوطني لإجهاض هاجس الاختلاف بين أبناء الوطن الواحد، والذي جمع أشتاته المؤسس - رحمه الله -، ولأن هذا الوطن يمثل اختلافاً في الطبيعة والمكونات بين أبناء البحر وأبناء الصحراء وأبناء الجبال، وكان مكون القبيلة ينقسم بين أهل الجبال والصحراء، وكل منها يمثل نمطاً يختلف عن الآخر، فأهل الجبال أكثر استقراراً وثباتاً باعتبار المدرجات وفكرة الزراعة، وأهل الصحراء تضطرهم الظروف المناخية إلى التنقل بحثاً عن (سحابة ممطرة)، أما أهل البحر شرقاً وغرباً فميزتهم القدرة على انفتاحهم على الآخر وهي طبيعة معروفة لدى سكان الشواطئ في العالم كله. لضيق المساحة المتاحة لهذه الزاوية المتواضعة سأدخل إلى الموضوع مباشرة، الصديق محمد العوين، مع حفظ الألقاب تعرفت عليه كنجم إذاعي مميز، وفي رأيي أنه أفضل من قدم ريبورتاجاً إذاعياً على الإطلاق، وهو دمث الأخلاق، والأخ محمود صباغ سينمائي مميز يشهد له بذلك الكثيرون كما أنه كاتب مميز، نشأ قبل أيام اختلاف في وجهات النظر بينهما، وسقطا في مزالق الاتهامات المتبادلة التي أربأ بالعزيزين أن يصلا إليها، وربما أن عتبي على الصديق العوين أكثر بعد أن تبوأ مركزاً في الحوار الوطني، وأقول: إن كان ذلك الاختلاف في وجهة النظر فهو رأي طرح، وعفا الله عمّا سلف إذا كان ذلك قبلاً، وأما إذا كان بعد الوظيفة فإن موقعك هو موقع تحكيمي، العزيز العوين…

زِد ربع واقعد مع الضيف !!

الثلاثاء ٠٦ مارس ٢٠١٨

هو مثل جنوبي أشبه ما يكون بالاشتراط في مجتمع قبلي محدود الموارد، حيث كانت الأرض وحقولها وما تثمر هي المصدر الوحيد للمادة، وفِي تلك الأيام نادرا من يمتلك النقد، فقد كان البيع والشراء على الطريقة القديمة (المقايضة) وكانت المناسبات التي تقام في القرية تحتاج إلى قدرة مالية، وحيث إن (النزل) لم يكن موجودا في مثل هذه الأيام التي انتشرت بها الفنادق والشقق المفروشة، وعلى اعتبار أن الحاجة هي أم الاختراع، فكان كل منزل في القرية لابد له من المشاركة في استقبال الضيوف الذين يتم توزيعهم على المنازل وهو ما أطلق عليه (الخطة) بحيث يختار كل حسب قدرته إما تقديم الإفطار أو المبيت مهما طالت المدة وهي عادة لاتتجاوز اليومين، كان ذلك بمثابة قانون يلتزم به الجميع ويقومون بتنفيذه في صورة تنم عن المشاركة الكاملة في السراء والضراء. وكانت الضيافة الكبرى تقام عند صاحب الدعوة أو في بيت النائب والذي عادة مايكون به مجلس واسع. لكن متى ما أحب أحدهم أن يشارك في المجلس أو لدى نائب القبيلة فلا بد أن يشارك بمبلغ نقدي مقداره آنذاك ربع ريال ليضمن له مكاناً ضمن علية القرية والضيوف. ربع الريال كان بمثابة رسم دخول وإعانة جيدة بمقياس ذلك الزمان، حيث فكرة المشاركة لم تكن اختيارية، بل واجبة ومن يتردد عن الوفاء بها سيكون ذلك…

الابتسام والضريبة المضافة

الثلاثاء ١٣ فبراير ٢٠١٨

لم يكن المواطن السعودي بشكل عام يميل إلى اختراع النكتة أو الطرفة، فهو أقرب إلى الشخصية الجادة، وربما أن الشخصية المصرية منذ زمن بعيد كانت وما زالت حاضرة النكتة وجاهزة للتعليق على ما يحدث من شأن سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، بل إنّ روح السخرية هذه شكلت نمطاً واضحاً من المشاركة وتأسست أيضاً لتقدم الكاريكاتير في الصحافة والشعر الساخر والذي لا يزال في مصر الشقيقة يمثل نمطاً واضحاً لا تستغني عنه الصحافة والفن والإبداع. ومن جهة أخرى لا تستطيع الدولة كبح جماحه لأنه وجد ضالّته في (الميديا الجديدة) التي منحته منصّة يتحكم بها دون رقابة إلا إذا أُوقِف الشخص أو سجن، ومثل ذلك (الواتس أب) الذي يمتلك أداة تفريغ الشحنات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتي ربما أن بعض الدول تتقبّلها بداعي معرفة الرأي الآخر وقياسه، هذا إذا توفّر للدولة - أي دولة - مراكز قياس الرأي العام. نعود إلى المواطن السعودي الذي حاول أن يكون مبتسماً وسط هذه الجدية الصارمة التي رسمت المواطن السعودي بطابعها، وحين نبحث في تاريخنا الحديث عمن يحسن صناعة الفكاهة أو النكتة لوجدناهم عموماً يعدّون على الأصابع في كل منطقة من بلادنا الواسعة، حتى فنّ الكاريكاتير الذي يعبّر عن الوجه الآخر لما يحدث صُبغَ بالنفسية السعودية، فلم أجد أحداً في العالم يرسم كاريكاتيراً عن مشروع وطني فيه…