محمد فهد الحارثي

مواجهة الحقيقة وشهوة الجماهيرية في عالم «تويتر»

الأربعاء ١٣ مايو ٢٠٢٠

«زادت المعلومات وغابت الحقيقة». ربما هذه العبارة المختصرة تعكس واقع الحال وأزمة الواقع الجديد الذي فرضته ثورة المعلومات. ما يحصل في الواقع حالة ارتباك لدى الحكومات ووسائل الإعلام التقليدية (المقصود مؤسسات الإعلام الرئيسية). فهي بين خيارين أحلاهما مرٌّ إما اللهاث ومطاردة المعلومة على منصات شبكات التواصل الاجتماعي، وتحولها إلى رد فعل بدلاً من أن تكون هي الفاعل والمؤثر. أو التجاهل والانفصال، وهنا ينشأ عالمان في محيط واحد يجمعهما المكان وتفرقهما الاهتمامات والقضايا. ومن الصعب حتى على مستوى الدول أن تهمش هذا الديناصور الضخم المتمثل في شبكات التواصل الاجتماعي هذه، خصوصاً إذا كان رئيس أقوى دولة في العالم تجاوز كل وسائل التقليدية المهمة في بلده، وأسّس لنفسه وكالة خاصة هو رئيسها ومحررها ومخرجها في «تويتر». وربما ينسى هذا الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حقيبته النووية، ولكنه لا يفرّط في هاتفه ليمارس هواية التغريد حتى ساعات الفجر. وببساطة هذه المنصات واقع موجود، ومن الصعب تجاهله. وتكمن خطورة شبكات التواصل الاجتماعي في تأثيرها المتنامي في المجتمعات المحافظة، إذا صحّت التسمية، بحكم محدودية المصادر وتواضع الأداء الإعلامي للمؤسسات التقليدية، بينما في الدول المتقدمة يظل هناك تأثير لهذه الوسائل، ولكن بنسبة أقل نظراً لوجود خيارات أكثر واهتمامات أوسع. وفي دول المنطقة أصبح لدور شبكات التواصل الاجتماعي أهمية كبيرة والبعض يسترشد بها كمؤشر للرأي العام، وهذا اختزال…

السعودية: تحالفات الشرق ومصالح الغرب

الأربعاء ٠٣ يوليو ٢٠١٩

السياسة ليست فن الممكن فقط، بل هي القدرة على رؤية الواقع واستشراف المستقبل، والعمل وفقاً لذلك. وخريطة التحالفات العالمية تتغير، وأقطاب القوى تتشكل، ومعها المخاطر تتزايد والفرص تتاح. والدول القادرة على فهم هذه الخريطة، والمبادرة بأن تكون سباقة، هي الدول القادرة على صناعة التغيير وإحداث الفرق. والسعودية رغم أنها تاريخياً تملك علاقات قوية مع دول الغرب، فإنها في استراتيجيتها الجديدة التي تتضح معالمها يوماً تلو آخر أعادت تشكيل خريطة علاقاتها الدولية، من مبدأ الانفتاح على الكل، وبناء علاقات ومصالح، والدخول في شراكات استراتيجية. وهذا لا يعني البديل، ولكنه المكمل، من منطلق أن الدول الكبيرة لا تحصر رهاناتها على تكتل واحد أو دولة واحدة، بل تبني شبكة علاقات واسعة ومتوازنة في الوقت نفسه. ومن يلاحظ زيارات القيادة السعودية يدرك مضمون هذا التوجه. فولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وبعد زياراته الناجحة إلى كل من باكستان والهند والصين، عززها بزيارة لكوريا الجنوبية واليابان التي حرص فيها على زيارة هيروشيما وطوكيو، بعد انتهاء قمة العشرين في أوساكا. وهو الذي كان قد قام قبل ذلك بزيارات مهمة للولايات المتحدة ودول أوروبية. ومن يراقب هذه الزيارات يعرف أنها تتم بعد تجهيز واسع، وفرق عمل مشتركة للتحضير ودراسة كل الملفات ذات العلاقة. فيعرف عن الأمير اهتمامه بأن تكون هذه الزيارات ذات نتائج فعلية، وليست فقط…

العناوين مفتاح السر في فهم الشعوب

الأربعاء ٠٩ مارس ٢٠١٦

ثقافات الشعوب تعكسها عناوين الصحف. فالإعلام قد يكون مرآة المجتمع وربما يصبح وسيلة لتهميش المجتمع. ولرؤية واقع الاختلاف والتأثير حاول أن تقارن بين عناوين الصحف الأجنبية والعربية وسترى أن النتائج تثبت أننا شعوب أمامها مسافة طويلة لتحقيق تطور نوعي في الفكر المجتمعي، وأننا نفكر بصوت الواحد بينما في الدول المتقدمة يحاربون من أجل أن يسمعوا صوت الآخر. ومن متابعتي لبعض الصحف الغربية في الأيام السابقة، وجدت أن صحيفة خصصت صفحتها الأولى عن موضوع علمي لعلاج الجنين المريض وإبقائه في بطن الأم حتى يستخدموه في الخلايا الجذعية، بينما كانت هناك صحيفة تتحدث عن اكتشاف لفريق علمي في إيجاد علاج للسرطان، وتتنوع المواضيع فخبر طرح لوحة مهمة في مزاد يأخذ مكانه في العناوين الرئيسة في الصفحة الأولى أو كتاب مثير للجدل. القضية هنا اهتمامات الناس وتنوعها. الإعلام هناك ينزل للناس ولكن يصعد بهم إلى مرحلة أعلى، يثقف ويناقش ويسمح بالاختلاف، والمحاسبة هنا قوية ليست من السلطة السياسية، بل من الجمهور الذي يقاطع الصحيفة ويعرضها لخطر الإفلاس إذا وجدها غير جديرة بالمتابعة. المجتمع الحيوي يمارس سلطة كبيرة دون أن يدري على الإعلام، وهي قوته في قرار الشراء أو المتابعة، والمعلن هنا أيضاً يهتم بتوجهات الجمهور ويتخذ قراراً بسحب إعلاناته نتيجة شعوره بردة فعل سلبية من الجمهور تجاه مؤسسة إعلامية معينة. الصحافة الغربية أو…