مشعل السديري
مشعل السديري
كاتب بصحيفة الشرق الأوسط

شمس الفضيحة الحارقة

الأحد ٢٣ يوليو ٢٠١٧

هل تعلمون من هم أبناء وبنات الحرام؟! إنهم بالقطع ليسوا الأطفال (اللقطاء)، ولكنّ أبناء وبنات الحرام الحقيقيين هم الذين أنجبوهم ثم رموهم في ليل مظلم عند أبواب المساجد أو في حاويات الزبالة. ورغم أن وسائل منع الحمل منتشرة في كل الصيدليات، فإنه ثبت إحصائياً أن الدول الإسلامية - مع الأسف - هي أكثر دول العالم في انتشار هذه الظاهرة التي لا يندى لها الجبين فقط، ولكنها مروّعة بكل المقاييس. فأين هؤلاء الآباء والأمهات من تعاليم دينهم، ولا أقول ضمائرهم؟ والذي أثار حزني وفجيعتي هو ما قرأته عن برنامج مسابقات تلفزيوني باكستاني، كان يُذاع على مدار أيام شهر رمضان، وتصوروا أو خمنوا ما هي الجوائز التي تُمنَح للمتسابقين؟! إنهم يمنحون كل فائز طفلاً رضيعاً لقيطاً، إلى جانب جوائز أخرى ثانوية من أجهزة (اللابتوب) والدراجات والأجهزة الكهربائية. وظهر مقدم البرنامج في آخر حلقة وهو يحمل بين يديه طفلة حديثة الولادة، ويقدمها جائزة للفائز وسط تصفيق وهتاف الحضور، معلناً أنه تم العثور عليها في الليلة السابقة في صندوق زبالة في أحد شوارع كراتشي. المفارقة أن ذلك المتسابق الفائز رفض الجائزة (الطفلة)، مفضلاً عليها الحصول على (اللابتوب)، وانطبق المثل القائل: (رضينا بالهم والهم ما رضا بينا). وأطلق البرنامج هذه المبادرة التي لاقت ردود فعل متباينة ما بين مؤيد ومندد بين شرائح المجتمع المختلفة، وذلك…

(التضحية) أعظم خلائق الإنسان

الخميس ٢٠ يوليو ٢٠١٧

تأسرني (التضحيات)، وكم تمنيت دائماً أن أكون من زمرة المضحين، رغم أن هناك مواصفات لهم قد لا أتمتع بها، وذلك من حيث الصحة النفسية والأخلاقية والدينية والإنسانية وكذلك الجسدية، وأغلب هذه المواصفات هي بعيدة كل البعد عني، ومع ذلك ما زلت أحاول أن أتشبث بها. ورفعوا رأسي ما قرأته عن طلاب إحدى المدارس الثانوية بمحافظة (الدرعية) بالرياض، وهم يتناوبون على حمل أحد زملائهم وهو يمني الجنسية من ذوي الاحتياجات الخاصة على أكتافهم صعوداً ونزولاً من قاعة الدرس، وخلال تنقلاته داخل المدرسة طوال ثلاث سنوات. وضرب الطلاب مثلاً في التعاون والتكاتف بحملهم لزميلهم، ووفقاً لصحيفة (الوطن) فإن واحداً من هؤلاء الطلاب ينتظره يومياً أمام باب المدرسة لحمله والتوجه به لقاعة الدرس، مما يدل على أصالة معدن شباب اليوم وحبهم لفعل الخير. وقال الطالب اليمني إن زملاءه لم يشعروه بالحاجة لاستخدام كرسي متحرك، وذلك بإصرارهم على حمله على أكتافهم، معبراً عن تقديره لهذا العمل النبيل الذي ظلوا يداومون عليه لسنوات. من جهته، عبر أحد الطلبة عن سعادتهم الغامرة بما يقومون به من واجب تجاه زميلهم، قائلاً: نحن نحتاج وجود مثل هؤلاء بيننا حتى نعلم ونقدر نعمة الله علينا، ويجب أن يعلموا أننا بحاجة لهم كما هم بحاجة لنا - انتهى. وهناك حادثة أخرى مشابهة تقريباً، وذلك عندما كانت الطفلة الصينية (فانغ ماي)…

إلى محمد بن سلمان

الأحد ٢٥ يونيو ٢٠١٧

أهنئكم وأبارك لكم تسلمكم ولاية العهد، وفي الوقت نفسه أدعو لكم بالثبات والتوفيق في مواجهة الحوادث الصعاب، فهذا المنصب بقدر ما هو (تشريف وتكليف) هو مسؤولية تنوء بثقلها الجبال، وقد ألقيت على عاتقكم، وأنتم أهل لها. ومن مشاهدتي وسماعي بعض لقاءاتكم في وسائل الإعلام، أحسست بالطمأنينة والثقة، وتأكد لي من خلال كلماتكم، لما تتميزون به من الثقافة والشجاعة والبصيرة. أقول هذه الكلمات التي هي أبعد ما تكون عن المداجاة، لأنها نابعة من قلب محب لكم ولوطنه. إن رؤيتكم (2030) بعثت الأمل الكبير في شعبكم، ومن الصعب أن تتحقق تلك الرؤية الخلاقة، إذا لم تتغير كثير من المفاهيم والمثبطة والعائقة لكل تطور، إنها مفاهيم تكاد تكون ظلامية لا تمت حتى لجوهر الدين وأهدافه بأي صلة، بل إنها مجرد تراكمات عشعشت عليها بعض الخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان. ومن حق شعبكم عليكم أن يستنشق الهواء النقي، وأن يركب قطار التطور الحقيقي مع من ركب، وأن يسعد في دنياه مثلما سعد غيره. وشعبكم ولله الحمد هو متدين بطبعه على الفطرة، ولا يضيره شيء لو أنه رفّه عن نفسه، وقد ورد في الأثر: روّحوا عن أنفسكم ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلت عميت. ونحن لا نريد أن (نكل ونعمى)، بل نريد أن (نسعد ونبصر)، و(نعبد ونعمل)، وأن نزيح من طريقنا…

الضرب (بالمسواك)

الخميس ١٣ أكتوبر ٢٠١٦

من الفتاوى التي لا أدري كيف أهضمها. حاولت أن أقلبها يمين شمال، بالهداوة وبالعفرتة، أنها تدخل (نافوخي) – ما فيش فائدة. فهمنا أو بلعنا على مضض أن للرجل الزوج الحق في منع زوجته من الخروج من المنزل إلا بموافقته، ولكن أن يصل هذا الحق بمنعها لو أرادت زيارة أبويها أو عيادتهما، أو حتى لحضور جنازة أحدهما، فهذا هو (الشق والبعج). تصوروا بالله عليكم أن هذا هو الذي يحصل فعلاً في بعض المنازل (!!). بل أزيدكم من الشعر، لا بيتًا ولكن (معلّقة) كاملة لو أردتم، واقرأوا معي بعد أن تصمّوا آذانكم، وتغمضوا أعينكم، وتكتموا أنفاسكم، وتتربسوا عقولكم، هذه الحكم المكتوبة بماء الذهب: لا يلزم الزوج كفن امرأته حتى لو كان غنيًا؛ لأن الكسوة وجبت عليه بالزوجية والتمكن من (الاستمتاع) بها، وقد انقطع ذلك الاستمتاع بالموت. ولتطربوا أكثر، اقرأوا معي أيضًا (لا بالكم): إذا ظهرت من الزوجة علامات النشوز أو العصيان، كأن لا تجيبه إلى الاستمتاع بها، أو تجيبه وهي متبرمة متثاقلة أو متكرهة، وعظها، فإن أصرت هجرها في المضجع ما شاء، وفي الكلام ثلاثة أيام، فإن أصرت ضربها ضربًا غير مبرح، ولا يلزم الزوج لزوجته (نفقة) الدواء وأجرة الطبيب إذا مرضت؛ لأن ذلك ليس من حاجتها الضرورية المعتادة. ويعلق أحد الفقهاء (الفطاحل) على ذلك بحجة مقنعة (لا يخر منها الماء) قائلاً،…

شكرًا يا (ديم السحاب)

الأحد ١٤ أغسطس ٢٠١٦

وصلتني عن طريق (واتساب)، هذه الحادثة الموثقة، والراوية لهذه الحادثة هي معلمة في إحدى مدارس الأطفال بالرياض، ولا بأس من ذكر اسمها فهي: (ديم السحاب) – ولا أدري إلى الآن هل هذا الاسم هو الصحيح، أم أنه اسم (حركي أو فني)؟ – ولكن أيًا كان فالموضوع يستاهل أن يطرح أو يقرأ، لأن به شيئًا من العبرة أو الدلالة أو (معصة القلب). وحسب ما جاء على لسان المعلمة، فإنها دربت مجموعة من الطفلات في نهاية العام الدراسي، لأداء نشيد راقص أمام أمهاتهن في تلك الحفلة. وبعد (بروفات) عديدة ومتقنة، جاء حفل الافتتاح والتخرج، وبدأت الموسيقى والرقص والنشيد، غير أن ما عكر ذلك الاستعراض الجميل، هو شذوذ إحدى الطفلات، فتركت الموسيقى والرقص والنشيد وزميلاتها جانبًا، وأخذت تحرك جسمها وأصابعها ويديها وملامح وجهها بطريقة هي أشبه ما تكون (بالكاريكاتيرية)، إلى درجة أنها كادت تلخبط الفتيات الأخريات بحركاتها الغريبة المستهجنة. وتقول المعلمة: حاولت أن أنهرها وأنبهها على الانضباط دون جدوى، إلى درجة أنني من شدة الغضب كدت أسحبها عنوة، غير أنني كلما اقتربت منها، راوغتني كالزئبق، وتمادت في حركاتها التي لفتت أنظار الجميع، وأخذت تتعالى ضحكات وقهقهات الحاضرات المندهشات مما يحصل، وتحول المسرح حسب تعبيرها إلى (زنبليطة). ووقعت عيناي على المديرة التي أخذ عرقها يشرشر من شدة الخجل، وتركت مقعدها واتجهت نحوي وهي تقول:…

خفة دم الأطباء

السبت ٣٠ يوليو ٢٠١٦

أثناء الحملة التي شنتها جماعة منع الخمور في مجلس اللوردات الإنجليزي، وهي الحملة التي كان يتزعمها السير ولفرد لوسون، أشاع بعض أعداء السير لوسون من تجار الخمور القصة الطريفة التالية عنه، وهي حقيقية: قالوا إنه في أيام شبابه، وأثناء فترة التحاقه بالقسم الداخلي في الجامعة التي كان يتلقى العلم فيها، اتهم بخرق لوائح الجامعة عن طريق احتفاظه ببرميل من (البيرة) في غرفته الخاصة بالجامعة، فاستدعاه مدير الكلية وواجهه بالتهمة، فما كان من الطالب (النجيب) إلا أن قال: أعترف يا سيدي بأن هذا صحيح، وأنني أحتفظ فعلاً في غرفتي ببرميل من البيرة، ولكن عندي ما يبرر ذلك، فأنا شاب ضعيف البنية، وقد نصحني الأطباء بشرب البيرة، كي تقوى بنيتي وتتحسن صحتي. فسأله المدير في سخرية: وهل تحسنت؟! فأجابه الشاب (ولفرد لوسون) جادًا: بالتأكيد يا سيدي، فعندما أحضرت البرميل في البداية، لم أكن أستطيع تحريكه إلا بكل صعوبة، أما الآن ففي وسعي تحريكه في أرجاء الغرفة بسهولة. طبعًا أنتم عرفتم ليش قدر يحرك البرميل بسهولة! لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم اجعلنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها. *** ليس هناك أسوأ من التنابز بالألقاب و(العنصرية)، ومنها: كان أحد كبار القواد اليونان ابنًا لإسكافي، وحدث مرة أن عيّره رجل بوضاعة مولده، ورقة حال والده، وكان هذا الرجل سليل بيت معروف وعائلة ذائعة…

استراحة اللاعب

الأحد ٠٥ يونيو ٢٠١٦

تحدث معي الأخ عبد الحميد الجحدلي قائلاً: تخيل أنك تجد فتاة مغمى عليها وسط الطريق، فتبادر أنت لأخذها إلى المستشفى. قلت له: جزاك وجزاني الله خيرًا. قال: ولكن بعد الفحص، تتفاجأ بالدكتور يبارك لك بالمولود القادم، فتقول له: لكنني لست والد الطفل، وإذا بالفتاة تصرخ بوجهك: بل أنت والده وتصر هي على ذلك. وبعد مشادة كلامية، تطلب فحص (DNA)، وبعدها يخبرك الطبيب بأنك لست والد الطفل، وأنك لا يمكن أن تكون كذلك، لأنك بكل بساطة عقيم. فتخرج من المستشفى وأنت سعيد وحزين، سعيد لأنك بريء، وحزين لأنك عقيم، وفجأة تتذكر أنك متزوج وعندك ثلاثة أبناء، وتأخذ تضرب أخماسًا بأسداس وتتساءل: من أين أتوا إذن وأنا عقيم؟! قلت له: يا ساتر استر. قال: ثم استيقظت من النوم ففرحت أنك كنت تحلم، وتناولت كأسًا وشربتها من شدة العطش، وفجأة تذكرت أنك صائم، ونظرت إلى الساعة وإذا هي العاشرة، وتذكرت أنك تأخرت على الدوام، وذهبت إلى سيارتك غير أنها لم تشتغل، فسارعت وركبت سيارة تاكسي، وعندما وصلت إلى المكتب وجدته مغلقًا، وتذكرت أن اليوم هو الجمعة وما في دوام - انتهى. منك لله يا ابن الجحدلي، لقد جحدلتني عندما جعلتني أتخيل نفسي بطلاً لهذا الحلم العفش الذي كله (بطانيج). وللمعلومية فالجحادلة ينتمون لقبيلة شديدة المراس، واحتفظوا بتسميتهم هذه منذ الجاهلية الأولى حتى الآن…

(ماكو) مشكلة

السبت ٠٤ يونيو ٢٠١٦

إحدى القبائل الأفريقية نساؤها يسيطرن على الرجال، نعم إنهن يخرجن كل صباح إلى العمل ويبقى الرجال في المنازل، فما دور هؤلاء الرجال إذن؟! إنهم يرتبون المنازل ويطبلون ويعزفون على بعض الآلات، ويزينون أنفسهم بالزهور لاستقبال زوجاتهم عند عودتهن متعبات في المساء. الغريب في أمر نساء هذه القبيلة أنهن يظهرن ازدراءهن للرجال كونهم لا يعرفون إلا المخاصمة والثرثرة والانقياد إلى عواطفهم. يا ليت الحكاية في عالمنا العربي تنقلب إلى شاكلة هذه القبيلة - أي أن (تستجمل الناقة ويستنوق الجمل). فربما - أكرر - قد تحسن النساء التصرف، ما دام الرجال في بعض البلاد العربية جعلوا (الجنون)، وهو الجنون، يتواضع مما فعلوه بحق شعوبهم. لو أن أمنيتي هذه تحققت، فلا شك أنني سوف أكون وقتها ضارب (دربكّا)، فهذه الآلة هي الوحيدة التي أحسن استعمالها، طبعًا إلى جانب (المواويل) بصوتي الذي يشبه ثغاء الخروف. *** بالأمس القريب ذهبت إلى (سوبر ماركت)، واتجهت رأسًا إلى قسم الخضراوات والفواكه، لكي أشتري كيلوغرامًا ونصف الكيلوغرام من التفاح من ماركة (الليدي بنك)، ولفت نظري طفل لا يتعدى عمره الخمس سنوات، وهو يقطف بعض الحبات من عنقود عنب ويحشوها بفمه، ما أثار فضولي هو أمه عندما أتت إليه مسرعة، وتوقعت أنها سوف تؤنبه على فعلته، غير أنني فوجئت بها تقول له: لا يا حبيبي كلها حبة حبة علشان…

(كلارا) صاحبة اليد البيضاء

الخميس ٠٢ يونيو ٢٠١٦

إبان دراستي بأكاديمية الفنون بفلورنسا، نشأت صداقة بيني وبين زميلة لي من أهالي (سان مارينو)، وهي بالمناسبة لا تمت للجمال بأية صلة، ولكنها على شيء من الخلق، وهذا هو ما جعلني أرتاح لها، ولأول مرة أسمع باسم هذه الجمهورية التي تعتبر أقدم وأصغر جمهورية في العالم. وكنت في تلك الأيام هاويًا لجمع الطوابع، وعندما لاحظت هي شغفي بجمعها أغرتني بالذهاب إلى هناك، خصوصًا وهي تعرف المصادر بأقل الأسعار، وهذا هو ما حصل عندما ذهبت برفقتها، وساعدتني، جزاها الله خيرًا، في شراء مجموعة لا بأس بها، وبعتها فيما بعد بربح مجزٍ، وكانت تلك هي أول وآخر صفقة تجارية رابحة في حياتي. وقد أخذت هذه الجمهورية اسمها من رجل يقال له (مارينوس) وكان يعمل بقطع الحجارة، وهو الذي أسسها، وعندما توفي عام (360) ميلادية ترك لهم وصية جاء فيها: إنني أفارقكم يا قومي وأنتم أحرار، فلا يستعبدكم أي إنسان. وعندما لاحظ (نابليون) صغر مساحتها التي لا تزيد على (ستين كيلومترًا مربعًا)، أراد أن يمنحهم مزيدًا من الأراضي ليتضاعف حجمها عدة مرات، رفضوا ذلك قائلين: لن نأخذ شبرًا واحدًا زيادة عن أراضينا ولن نفرط كذلك ولا في شبر واحد منها. وظلت على الحياد خلال الحرب العالمية الأولى وكذلك الثانية، غير أن (موسوليني) بصلفه وحماقته أرغمها إرغامًا على أن تعلن الحرب على الحلفاء بجيش…

صورتان متناقضتان

السبت ٢٨ مايو ٢٠١٦

حكى أحد رجال (الهيئة) عن قصة غريبة تعرض لها، وهو لن ينساها أبدًا، ويقول: قبضنا على شاب برفقة فتاة، فأرسلنا الشاب لهيئة التحقيق، وأخذنا الفتاة إلى مركز الهيئة لنصحها والاتصال بولي أمرها لكي يتسلمها ويستر عليها. جلست الفتاة (متنقبة) ولم تتكلم بكلمة واحدة، ولم تتجاوب مع أي سؤال وجهناه لها، وتعبنا معها من دون فائدة. ويمضي قائلاً: بعد مدة أشارت إليّ بيدها لأقترب منها، وأخذت تهمس لي بصوت منخفض قائلة: أبيك لوحدك. فطلبت من الأخ الذي يعمل معي أن يخرج إلى أن أستدعيه، فربما خافت من وجودنا نحن الاثنين. سألتها: ماذا تريدين أن تقولي لي؟! هيا تكلمي. فقالت بصوت باكٍ ومرتجف: زميلك الذي أبعدته الآن تراه أخوي. عندها كدت أفقد صوابي، فأي موقف وضعت فيه؟! إن ذلك الزميل أخ وصديق ومعروف بين كل رجال الهيئة بالالتزام والشرف والأخلاق، فأي فضيحة سوف تحل بالمسكين لو عرف الجميع؟! فتمالكت نفسي، وقلت لها: أنا سوف أتصرف فقط من أجل زميلي أخيكِ، وليس من أجلكِ، لأن ما يهمني الآن هو الرجل والكارثة التي فعلتِها، هيا انهضي بهدوء واهربي دون أن يراكِ أحد، فانطلقت هاربة وستر الله وافتعلت غضبي من هروبها، والحمد لله عدى الموقف، وكلي حرص على ألاّ يعلم أخوها بشيء. وبعد عدّة أسابيع أردت أن أعرف هل تزوجت، هل تغير حالها؟! فسألت أخاها…

كيف توسعت أميركا

السبت ٢١ مايو ٢٠١٦

من غير أميركا في هذا العصر ينطبق عليها ما قيل عن (المتنبي): (مالئة الدنيا وشاغلة: الناس)، لا أحد غيرهاولا أحد يضاهيها.ومن يقرأ تاريخ هذه الأميركا، يتعجب من توسعها وتوحدها الذي جاء بعضه بالصدفة، وبعضه بالحظ، وبعضه بالدماء. فنصف أميركا تقريًبا اشترته هي أو بيع لها، مثل شرائها (لفلوريدا) عام (1819 (من إسبانيا في عهد الملك (فيرناندو السابع) بمبلغ (5 (ملايين دولار. ومثل شرائها لألاسكا عام (1867 (من روسيا بمبلغ (2.7 (مليون دولار. وقبلهما وأهم منهما هي الصفقة الكبرى التي أجرتها مع (نابليون) عام (1803 (فاشترت منه ما يعادل ثلث أميركا، وهي تمتد من المكسيك جنوًبا إلى كندا شمالاً، وهي التي يطلق عليها اسم (لويزيانا) وذلك بملغ (15( مليون دولار – أي (4 (سنتات للفدان الواحد ­، وقد استغل نابليون هذه الصفقة ليدعم جيشه في حربه ضد إنجلترا – وفي النهاية هزم – وأسر وطارت ملايين الصفقة خلال أيام، ثم نفي وحيًدا طريًدا إلى أن مات في جزيرة (هيلانه). وقد باع نابليون هذه الأرض، دون أن يعلم عن آبار البترول في أوكلاهوما، والغابات في أركنساس، وأراضي القطن الخصيبة في منيسوتا، وحقول القمح في أيوا، ومناجم النحاس في مونتانا، ومناجم الفضة والذهب في كولورادو، والأرز والسكر في لويزيانا، وباع الطريق النهري الثاني في العالم. لقد باع أرًضا كان يمكن أن تطعم كل…

المطبخ العربي الأصيل

الخميس ٢١ أبريل ٢٠١٦

لا أظن بل أجزم أن أفقر مطبخ بين شعوب الأرض، هو مطبخ عرب الصحراء، وهم عبر تاريخهم تعرضوا للمجاعات أكثر من أي شعب آخر، ولم تتفتح عيونهم وبطونهم على المآكل وتصانيفها، إلا بعد أن خرجوا من الجزيرة العربية، واختلطوا بشعوب الأنهار والثمار، وقد يعيش الواحد منهم من المهد إلى اللحد وهو جائع لم يشعر بالشبع يومًا. اللحم لا يأكلونه إلا (بالسنة حسنة)، وإذا تبقى منه شيء جعلوه (قديدًا)، ولم يرفدهم أو ينقذهم في حياتهم غير (عمتهم) النخلة، و(خالتهم) الناقة، ولولاهما لذهبوا. ولا بأس أن ألقي الضوء أمام أبصاركم على مآكلهم لتتيقنوا عن مقدار (الترف) الذي تقلبوا بين جنباته، ومن أشهرها: 1- (الربيكة)، وهو: البر مع التمر. 2- (البسيسة)، وهي: الشعير يخلط بالزيت أو السمن. 3- (العبينة)، وهي: جراد يقلى بالسمن. 4- (البكيلة)، وهي: دقيق يبل بالماء، ويقال بكلته بكلاً. 5- (المضيرة)، وهي: الدقيق مع السمن إلى أن يجف، وإذا لم يتوفر فالماء يكفي ثم يقرضونه طوال العام قرضًا. 6- (الرغيدة)، وهي: الحليب المغلي ثم يذر عليه الدقيق حتى يختلط ثم يلعق لعقًا. 7- (الحريرة)، وهي: الحساء من السمن والدقيق. 8- (العكيس) وهو: الدقيق يصب عليه الماء ثم يشرب. 9- (السويق)، وهو: الشعير عندما يطحن ويوضع بالجراب، وهو طعام المسافر، والعجلان، والحزين، والنفساء، وهم يسفونه سفًا، وأنا في هذا اليوم بالذات…