الأربعاء ١٤ سبتمبر ٢٠٢٢
خاص لـ (هات بوست): تعرفت على الأخ الكريم السفير محمد سلطان العويس (أبو سلطان) بعد وصوله الى العاصمة الهندية نيودلهي سفيرا لدولة الامارات ومنذ الساعات الأولى لبدء مهمته نشأت علاقة ود ومحبة بيننا واستمرت حتى الان وان شاء الله الى ان يقضي الله امره فينا. بمرور الوقت اكتشفت انه عينة مختلفة من السفراء الذين يقضون فترات عملهم في الراحة والاستجمام، لكن (أبو سلطان) كان حريصا على تنفيذ مهمته الأولى وهي تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين بلاده والهند وقد حقق نجاحا مشهود له مستغلا حجم التبادل التجاري بينهما وعدم وجود قضايا عالقة في الجانب السياسي. ورغم انشغالاته المكثف الا ان كان حريصا على غداء الجمعة في سكنه لسفراء دول مجلس التعاون واليمن. المفاجأة التي جعلتني اقترب من الرجل أكثر هي انه عميق المعرفة ورغم مشاغله الكثيرة كان يجد الوقت لممارسة هوايات تنم عن ذائقة رفيعة فكان التصوير احداهن ثم الالتزام بحضور الحفلات الجميلة للموسيقى الهندية، ولم يغفل التجول في كل انحاء البلاد للتعرف على مجالات التعاون الاقتصادي وكذا الاقتراب من الثقافات التي تعج بها لهند. قبل بدء جائحة الكورونا التقينا في دبي كما نفعل عند كل زيارة متاحة لي واخبرني انه يمارس قيادة الدراجات الهوائية يوميا بعد الفجر وصار محترفا لمهاراتها.. ثم اتبع ذلك بمفاجأة هي الأجمل جميلة بأنه يعكف على…
السبت ١٤ يوليو ٢٠١٨
في حديث مع بعض العارفين بتفاصيل ما يحدث في المنطقة العربية والعوامل المشتركة التي تجعل التأثيرات بين دولها مترابطا إلى الحد الذي يجعل التعامل مع أحدها منفردة غير منطقي وغير ممكن، كان مجمل الاتفاق أن الدور الإيراني مربك للأحداث ومساعي إنهاء الخلافات العربية الداخلية، وليس خافياً مدى التدخلات الإيرانية في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، كما لا يمكن في هذا السياق إغفال رد فعل الحكومة المغربية وإعلانها قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران، ردا على ما وصفته الرباط بمحاولات زعزعة الاستقرار داخل أراضيها ودعم حركات إرهابية في البلاد. لا شك أن السياسة الإيرانية تجاه العالم العربي لم تكن يوما طبيعية حتى في أيام الشاه، الذي كان يصف نظامه بأنه شرطي المنطقة، ولكن الثورة التي عصفت بإيران عام ١٩٧٩تعدت آثارها الحدود الجغرافية لإيران وأصبحت السلطة الجديدة فيها تجاهر بأن من واجبها الأساسي ليس فقط السعي للتأثير السياسي في دول الجوار الجغرافي، بل تجاوز الأمر إلى نقل الثورة وتمويل عدد من الميليشيات، وفي الحالتين السورية والعراقية لم تخف إيران تواجد قواتها هناك، كما لا تنفي أنها ستبقى فيهما أطول مدة تستطيعها، ولم يكن مفاجئا إعلان إيران استعدادها المساعدة في التوصل إلى حل يضع حدا للحرب الدائرة في اليمن منذ ثلاث سنوات، وهو ما يزيد من مساحات الشكوك حول الدور الإيراني في مساعدة…
السبت ١٤ أبريل ٢٠١٨
كان النقيب عبدالرقيب عبدالوهاب أول وآخر عسكري من تعز تم تعيينه رئيساً لأركان الجيش اليمني (اليمن الشمالي حينها) في العام 1968، وجاء تعيينه على خلفية شجاعته مع زملائه في أهم فرقة بالجيش وهي قوات الصاعقة. كان النقيب عبدالرقيب صاحب قضية ما كان له أن يساوم عليها: (النظام الجمهوري)، الذي رآه تحديدا مثل أي مواطن من أبناء اليمن الأسفل «جغرافيا» «الشافعي» مذهباً منقذاً لقرون من حكم أبناء منطقة اليمن الأعلى الذين أعتادوا حمل السلاح واتخذوه وسيلة وحيدة يسيطرون بها على كل اليمن، وإذا كان الحكم قد انفرد به عدد من الأسر الهاشمية فإن قبائل تلك المنطقة كانت السلاح الذي استخدمه الائمة لبسط نفوذهم، واستمر الأمر كذلك حتى في العهد الجمهوري الذي لم يصل فيه أي من أبناء تعز الى موقع عسكري متقدم حتى هذه اللحظة. كانت المشكلة التي وقع فيها النقيب عبدالرقيب هي عدم امتلاكه حساً سياسياً يدرك به تعقيدات المشهد السائد حينها. في تلك الفترة كانت المجموعة المتحكمة بالقرار السياسي في صنعاء قد أصدرت قراراً بنزع جنسية الأستاذ أحمد محمد النعمان والشهيد محمد أحمد النعمان لسعيهما لإيقاف الحرب الأهلية التي كانت دائرة بين الجمهوريين والملكيين، ولكن النعمان الأب أدرك خطورة الموقف الذي أحاط بابن قريته (ذبحان في تعز) فبعث له رسالة يحذره فيها من تبعات اللجوء إلى السلاح لفرض أمر…
السبت ٢٠ يناير ٢٠١٨
ما كادت وسائل الإعلام تعلن عن الوديعة المالية التي أمر الملك سلمان بن عبدالعزيز بإيداعها باسم الحكومة اليمنية حتى وصلتني رسالتان من صنعاء من صديقين لا أشك لحظة في صدقهما تعلقان على الأوضاع التي يعاني منها المواطن البسيط الذي لم تمنحه الأقدار فرصة الفرار من هول ما يجري في الداخل اليمني. لقد وجدت أن الضمير يستدعي نقلهما كما تلقيتهما. (عزيزي أبو أحمد. أسعد الله بالخير يومك. أصبح الوضع لا يطاق الريال في الحضيض ولا حركة من الذين يعيشون في الخارج ويستلمون رواتبهم بالعملة الصعبة وغير مبالين بمعاناة الناس وآلامهم. ما يحدث جريمة بحق الشعب لا تغتفر. هلا نبهت الأشقاء لأوجاع المواطنين ولهول ما نحن مقدمون عليه. الحوثيون غير مبالين وكل إيرادات الدولة والسوق السوداء تذهب لجيوبهم ومن يرفع صوته فمصيره القتل أو الاختطاف والتعذيب. لقد بعنا كل ما لدينا لتوفير لقمة العيش الضرورية والأمر يزداد سوءا وقتامة، ومع ذلك لا تعلم متى سيأتي زوار الفجر لكي يختطفوك ويروعوا أسرتك. الوضع مأساوي هل من ضمير يتحرك؟؟؟) الرسالة الثانية: (أحوالنا لا تسر صديقا. نعيش في ضيق. بلد غريق وأهله لا يشعرون حتى وإن وصل إلى بيوتهم الحريق. لا أمل. لا عمل. لا مرتبات. لا أفق ولا ضوء في نهاية النفق. لغة القتل والدمار هي السائدة وهي المشروع الجاري حاليا ونخشى أن تكون…
الأربعاء ٠٦ ديسمبر ٢٠١٧
لم تمض أيام ثلاثة منذ أطلق الرئيس السابق علي عبدالله صالح دعوته للخروج ضد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وشمالها، حتى لقي حتفه بالطريقة التي تمرس عليها الحوثيون مع خصومهم بالتنكيل بهم والتمثيل بجثثهم، وهي أفعال تشابه صنيعا كان يمارسه الأئمة مع الخارجين عليهم بتعليق رؤوسهم في أماكن عامة، ولكن الوقت لم يكن في مصلحته فواجه مصيرا لم يحاول الفرار منه كما فعل آخرون ممن صنعهم ثم خذلوه وتركوه وحيدا، وأمس جاءت كلمة زعيم الحركة الحوثية لتعطينا تعبيرا فاضحا عن النفسية التي يحملها وأنصاره ضد كل من خالفهم ووقف ضد مشروعهم المذهبي، وحاول بكلمات ناعمة إظهار ترفع عن الرغبة في الانتقام، مع أن الجميع يعرف دون تردد أن إنسانا بحجم علي عبدالله صالح لا يمكن التعامل معه بتلك الطريقة غير الأخلاقية ما لم يكن بأمر مباشر منه انتقاما للحروب التي خاضتها الدولة ضد جماعته بين 2004- 2010. تمكنت جماعة الإخوان المسلمين (الإصلاح) عبر وسائل إعلامهم التي تتشابه في أساليبها إعلام الحوثيين من شيطنة صالح منذ 2011 ثم مواصلة تزييف للوقائع ونشر للدعايات الموجهة إلى العامة خاصة من أنصارهم، وهذه الجماعات تستخدم نفس ما سرده جورج اورويل في روايته (1984) عن أهمية التركيز على تزييف الوعي وتغييب العقل في تناول القضايا وحتى تعديل الحقائق التاريخية في مناهج التعليم، وكذا أهمية القبول…
السبت ٢٥ نوفمبر ٢٠١٧
منذ بدايات نشأتها ركزت الجماعات التي تلبس عباءات الدين غطاء لطموحات قياداتها السياسية، على استغلال الإحباط الذي عانت منه المجتمعات نتيجة عوامل اقتصادية واجتماعية وغياب الحريات العامة والشخصية، ووجهت نشاطاتها نحو الشباب تحت مسميات مثل (الصحوة) و(الإسلام هو الحل)، وكان التأثير الإعلامي عاملا مساهما في زيادة تغلغلها في مؤسسات المجتمع عبر الخدمات التي كانت تقدمها في الأرياف تحديدا. في نفس الوقت كانت قيادات هذه الجماعات مرتبطة بعلاقات وثيقة مع الحكومات، خصوصا في البلدان التي كان الحاكم يصل فيها فجأة إلى السلطة خارج صندوق الانتخابات حين يكون ساعيا لتحالفات وأدوات تساعده في ترسيخ بدايات صعوده، فحاربوا معه لتثبيت سلطاته، وشاركوا في مفاصل الدولة مكافأة لما بذلوه من جهد وما قدموه من مشورة ورجال. لكن الأوضاع سرعان ما تتبدل حين يزداد الحاكم قدرة على العمل بمفرده معتمدا على الآليات التي صنعها بنفسه وأغدق عليها وقربها منه ومنحها جزءا كبيرا من المواقع التي كانت الجماعات الدينية قد تبوأتها، فتبدأ عملية إقصاء طبيعية وتدريجية تنتهي بهم إلى السجون أو في أحسن الأحوال إلى صفوف معارضة لم تكن خيارهم الأول ولم يكن ذلك من أجل أهداف وطنية ولكن لأسباب ذاتية صرفة. تمكنت جماعات الإسلام السياسي من ملء الفراغات التي أحدثها هروب الناس إلى الغيبيات بعد أن ضاقت عليهم مجالات العمل وتزايد البطالة وإغلاق منافذ النشاط…
السبت ١٤ أكتوبر ٢٠١٧
مثل اقتحام ميليشيات الحوثيين العاصمة، بعد الاستيلاء على مدينة عمران واغتيال القائد العسكري حميد القشيبي، نقطة تحول فاصلة في تاريخ اليمن الحديث انقلبت فيها كل الموازين التي حكمت المجتمع خاصة بعد 26 سبتمبر 1962 التي سقطت عنده حق فئة واحدة بالحكم الذي كانت تراه حكرا عليها بموجب نظرية ابتدعوها تتحدث عن أحقيتها سلاليا ومذهبيا إدارة شؤون البلاد والعباد، واستكمل الحوثيون الإمساك بكل مفاصل الحكم المدنية والأمنية والعسكرية ونصبوا على رأسها من انتمى إليهم نسبا وصهارة وواصلوا إزاحة كل من كان غير قادر ولا مقتنع لتقديم الولاء والطاعة المطلقة. لم يكتف الحوثيون بالسيطرة على العاصمة والمناطق الواقعة شمالها جغرافيا فبدأوا بتحريك ميليشياتهم جنوبها بسرعة فائقة بلغت أقصاها بعد اعتقال الرئيس والحكومة، في يناير 2015، بالوصول إلى عدن مرورا بتعز والبيضاء تحت شعار (محاربة الدواعش)، واستعانوا بمعسكرات الجيش هناك والتي نقل قادتها ولاءهم من الدولة إلى (الجماعة)، فأثارت هلعا مذهبيا ومناطقيا متسببة بنشأة مقاومة محلية استثارها الهوس المذهبي والإهانات التي تعرض لها المواطنون على يد من أرسلتهم لإخضاعها، كما حصلت على دعم من بعض القوى المحلية التي تنتمي لها سلاليا، فتسببت في خلق شقاق محلي في مناطق تعايش الناس داخلها عقودا طويلة دون إحساس بتميز وتمازجت الأسر بسلام وطمأنينة، ففجرت بذلك مخزونا تاريخيا من مشاعر الكراهية والأحقاد وبدأ الناس يستعيدون معاناة وقهر…
السبت ١٦ سبتمبر ٢٠١٧
قامت أغلب الثورات العسكرية في العالم العربي بإذاعة بيان «أول» ذكر مبررات «الحدث»، وكان أغلب ما سرده يدور حول فساد الأنظمة الحاكمة المنقلب عليها وتسلطها وقمعها للحريات، ولكن الالتفاتة البسيطة لمثالين لا نزال نعيش آثارهما تثبت أن المسـألة لم تكن إلا تعـطشاً للاستيلاء على الحكم انتهى بكوارث حلت بتلك البلدان ودمرت مقدراتها وضربت جذور العيش المشترك داخل حدودها وشردت الملايين من مواطنيها في أصقاع الأرض وعبثت بالثروات الهائلة في مغامرات داخل وخارج أراضيها. عندما استولى معمر القذافي على السلطة في ليبيا بالقوة مطيحا بالملك إدريس السنوسي ظل يصر طوال سنوات حكمه الأربعين على أنه قائد ثورة شعبية وحول بلاده إلى مزرعة خاصة حرم المواطنين فيها من الاستفادة من ثرواتهم وأنشأ نظاما أمنيا شديد القسوة حد قتل معارضيه جماعيا داخل السجون وملاحقة كثيرين خارج الحدود، ولم يتوقف هلع السلطة عند حدود تثبيت الحكم بإرهاب الناس، بل بدد كل مداخيل ليبيا للإنفاق على مغامرات عبثية دون هدف وطني، فاشترى سياسيين وحزبيين في كل قارات الأرض، ووزع أفكاره الساذجة التي سماها (الكتاب الأخضر) في كل أركان المعمورة بعد ترجمته إلى كل لغة مقروءة. وكان من الطبيعي أن تكون نهايته مأساوية محزنة بقدر ما صنعه في بلاده وبحجم ما خلف من أحزان ودمار. لم يكن نظاما (البعث العربي الاشتراكي) في دمشق وبغداد أقل كارثية…
السبت ١٩ أغسطس ٢٠١٧
تنتشر في اليمن ظاهرة عجيبة هي إطلاق الألقاب المضخمة للذات على شخصيات في مواقع الحكم المختلفة، ولكن صار الأكثر ابتذالا هو استخدام تعبير (رجل دولة) الذي ينعت به المعجبون بعض الساسة لمجرد إطلاقهم تصريحا يتسم بأداء مسرحي وانفعالات مبالغ فيها واستخدام لغة تساعد على إظهارهم كما لو كانوا أصحاب مواقف صارمة معتمدين على ضعف الذاكرة من ناحية وحاجة الناس إلى من يخاطب غرائزها، ولاحظت في الفترة الأخيرة أنه كثيرا ما اختلط على الناس الفارق بين السياسي ورجل الدولة. يقول الكاتب الأمريكي جيمس فريمان (١٨١٠-١٨٨٨) إن «السياسي هو الذي يفكر في الانتخابات القادمة بينما رجل الدولة يفكر في الأجيال القادمة»، وهو هنا يضع مسافة كبيرة بين الصفتين إذ إن الأول يحتاج إلى صفات لا علاقة لها بالمستقبل وإنما تركز علـى الحاضر وكيفية إرضاء غرائز الناس وإظهار قدراته على تأجيج مشاعرهم حتى وإن كانت المعطيات التي يطرحها غير صحيحة ولا قابلة للتنفيذ، وتزداد شعبيته كلما زاد إحباط الناس من واقعهم، فنجدهم يتمسكون بقشة حتى وإن علموا أنها لن تنقذهم من الغرق، بينما رجل الدولة يقف على مسافة بعيدة عن السياسي إذ إن خطابه يكون في الأغلب مسكونا بهموم المستقبل القريب والبعيد ويكون أبعد ما يكون عن تحقيق مصلحة ذاتية، ومن الطبيعي أن نجد سياسيا يقف في مصاف رجال الدولة كما أن هناك…
الأحد ٠٢ يوليو ٢٠١٧
لم يعد مخفيا أن الحرب الدائرة في اليمن يمكن اختصارها بصراع حول السلطة بعيدا عن مصالح الغالبية العظمى من المواطنين الذين وقعوا في مصيدته دون أن يكون لهم دور ولا رأي فيه، واليوم بعد مرور ٢٨ شهرا تواصل أطراف الحرب اليمنية التشبث بمواقفها. الأطراف الحاضرة هي: الطرف الانقلابي الذي احتجز الرئيس هادي، ورئيس الوزراء بحاح، وعددا من أعضاء حكومته في ٢٠ يناير ٢٠١٥، يدعي أنه يمثل سلطة «أمر واقع» في العاصمة صنعاء، وفي الطرف الآخر يتزعم هادي معسكر (الشرعية) مستندا إلى دعم خارجي مستمر والمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وأخيرا ظهر طرف جديد هو (المجلس الانتقالي) الذي تزعم قيادته أنها تمثل الجنوب وتعبر عن إرادة سكانه. لكل طرف مؤيدوه، بعضهم عن قناعة بالهدف المعلن للأطراف، وآخرون وهم الأكثرية مستفيدون من استمرار الحرب، ولكن المواطن البسيط بعيد عن صراعاتهم التي يدرك أنها لا تتجاوز التشبث بالسلطة واقتلاع الآخر حتى وإن كانت النتيجة استمرار النزيف والأحقاد والكراهية والدمار النفسي. منذ أن ارتكبت جماعة (أنصار الله – الحوثيين) حماقتها الكبرى باحتجاز رئيس الدولة ورئيس الحكومة، دخلت البلاد في أتون حرب أهلية لم تنج منها أية رقعة جغرافية، وسالت الدماء، فصار في كل بيت يمني أسرة شهيد أو معاق أو مفقود، ورغم الارتفاع المذهل في الحصيلة اليومية إلا أن ذلك لم يدفع قادة…
السبت ١٧ يونيو ٢٠١٧
توقف مجلس النواب اليمني عن ممارسة الدور المناط به بموجب الدستور الساري، ونتيجة للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية تعطل عدد محدود من مسؤولياته، وأضحت أغلب قراراته تتم بالتوافق لا التصويت، وإذا ما أضفنا إلى هذا أن المجلس الحالي هو الأطول عمرا إذ تم انتخابه عام ٢٠٠٣ وتم التمديد له عام ٢٠٠٧ لعامين إضافيين مكافأة لأعضائه نظير قبولهم تعديل الدستور الذي منح الرئيس السابق علي عبدالله صالح فرصة الترشح مجددا لانتخابات الرئاسة عام ٢٠٠٦ التي فاز بها على منافسه الراحل فيصل بن شملان بعد أن كانت مدته الدستورية على وشك الانتهاء، ومرة أخرى جرى تمديد إضافي عام ٢٠٠٩، ثم دخلت البلاد في دوامة «الربيع» واستمر المجلس ولا يزال بمسوغ دستوري هو عدم إمكانية إجراء انتخابات نظرا لأوضاع البلاد الأمنية والاجتماعية وبهذا صار المجلس رغم عجزه المؤسسة الدستورية الوحيدة القائمة. خلال الفترة التي تلت انقلاب ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ الذي استولت فيه جماعة (الحوثيين) على العاصمة ودخول البلاد في جحيم حرب أهلية مستمرة حتى اليوم، توزع أعضاء المجلس بين مقيم بدون عمل؛ لأن الانقلابيين حاصروا مقره وأوقفوا نشاطه تماما، وبين مهاجرين في أصقاع الأرض مع أسرهم خشية التعرض للأذى والملاحقة، وبقي الخمول يخيم على الأعضاء في الداخل والخارج ولم يلتفت أحد إلى ضرورة النأي به عن الصراعات والحفاظ على تماسكه، ولكن فجأة دبت الحياة…
السبت ٢٧ مايو ٢٠١٧
تواجه الأجهزة الحكومية في العديد من الأنظمة شرقا وغربا حتمية الانتباه إلى عملية النقد المؤسسي والإعلامي لأدائها خصوصا إن لم يحدث تغيير ممنهج في سياسات الدولة لمواجهة المتغيرات المتسارعة والتي تؤثر على تسيير المؤسسات الحكومية وترهلها وتقلل من قدرتها على المنافسة والصمود أمام التحديات المتجددة، كما تقوم المؤسسات الخاصة الكبرى بعمليات مشابهة لتتمكن من مواكبة الوظائف الجديدة للمجتمع واحتياجاته، وفي مجمل الأحوال يكون الهدف هو الحصول على ثقة المواطنين في حالة الدولة والمستهلك في حالة القطاع الخاص والتصدي لحالات فقدان المصداقية وانقطاع التواصل بين المؤسسات والمجتمع. يزعم البعض أن المجتمعات التي تمر بحروب طاحنة يجب أن تخضع إلى أن (لا شيء يعلو فوق صوت المعركة) وتحت هذا الشعار يبتكر المنتفعون لافتة أخرى هي (عدم شق الصف) وباستخدام هذين الشعارين يتم قمع كل الأصوات الناقدة (لا أقول معارضة) وتوجيه الأبواق إليهم لإسكاتهم، ومع مرور الوقت قد تخفت الأصوات فيزداد العبث وينتشر الفساد فيترهل نسيج الدولة وتضعف قدرتها على المواجهة والتعامل الجاد والصارم مع الحاضر وتفقد رؤيتها للمستقبل، وهذا يحدث أيضا في جسد حركات التحرر التي يطول زمن معاركها وتبقى قياداتها على كافة المستويات ثابتة في مواقعها فتتشكل لهم مصالح مادية ضخمة تصبح مسيرة لقراراتهم وأفعالهم. أثناء الحرب الأهلية في اليمن عام ١٩٦٢ - ١٩٧٠ وخصوصا في مراحلها الأولى تشكلت أكثر من…