سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

سوق السمك لا يمكن أن تصبح مولاً تجارياً!

الأحد ٢٧ أكتوبر ٢٠١٩

سوق السمك لها خصوصية متفردة، فهي ليست مولاً تجارياً، ولا يمكن لها أن تكون كذلك، حتى لو تطوّر مبناها، كما لا يمكن التعامل مع بائعي الأسماك كمستأجري المحال في المراكز التجارية، صحيح أن مبنى «ماركت الواجهة البحرية» حديث ومتطوّر وشبيه بالمراكز التجارية، إلا أن الوضع مختلف برمته عندما تصبح البضاعة هي مصدر قوت يومي لأغلب المواطنين، ومصدر رزق أساسياً عند بعضٍ منهم! زيادة الكُلفة داخل السوق على بائعي الأسماك تعني انخفاض هامش الربح لديهم بشكل يؤثر في استمراريتهم، خصوصاً إذا أضفنا إلى ذلك زيادة كُلفة رحلة الصيد نفسها، وتالياً فلا مجال أمام بائعي الأسماك لتعويض أموالهم إلا من خلال رفع أسعار الأسماك ولو بنسبة ضئيلة، ورُغم أنهم يرونها ضئيلة، وقريبة من الأسعار ذاتها قبل الانتقال إلى السوق الجديدة، لكنها ليست كذلك على المستهلكين، خصوصاً من ذوي الدخلين المحدود والمتوسط، وبحسبة بسيطة فإن كُلفة شراء الأسماك الأسبوعية لعائلة متوسطة لا تقل عن 1500 درهم، وهذا يعني أنها تصل شهرياً إلى 6000 درهم، وهذا المبلغ لا يمكن اعتباره مقبولاً مع تزايد وتيرة الالتزامات الشهرية الأساسية والضرورية لكثير من الأُسر! إدارة سوق للأسماك في دولة خليجية مثل الإمارات، يعتمد فيها أغلب السكان عليها كوجبة رئيسة، لا ينبغي لها أن تركز فقط على الربح، وكيفية زيادته لتغطية نفقات إنشاء وتشغيل السوق، بالتأكيد هناك أرباح…

فرصة مواتية بعد إزالة عقبة كبيرة!

الخميس ٢٤ أكتوبر ٢٠١٩

هو أحد أهم وأنفع وأفضل البرامج التمويلية، ذلك الذي أعلنت عنه وزارة الاقتصاد ومصرف الإمارات للتنمية، والمخصص للشركات المملوكة لإماراتيين بنسبة 100%، والتي تدار بواسطة إماراتيين أعضاء في «البرنامج الوطني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة»، وسيتم من خلال هذا البرنامج منحهم تسهيلات، وتمويلاً مالياً يساعدهم على إنشاء مشروعاتهم الخاصة، ويدعمهم للاستمرار في تشغيل هذه المشروعات بنجاح، وهذا واحد من أهم المطالب الحيوية والضرورية التي كانت تعوق دخول الإماراتيين في القطاع الخاص كرواد أعمال وأصحاب مشروعات، لا كموظفين في وظائف ومهن بسيطة. عدد المتوقع استفادتهم من هذا البرنامج يصل إلى 1700 شركة ومنشأه إماراتية صغيرة ومتوسطة، وهي عضو حالياً في «البرنامج الوطني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة»، وهو بالتأكيد عدد جيد، مع أن طموحنا أن يكون العدد أكبر من ذلك بكثير، وسوق الدولة الضخمة في حجمها وناتجها المالي، تستوعب أضعاف هذا الرقم، لكنها في كل الأحوال خطوة إيجابية في الطريق الصحيح. مصرف الإمارات للتنمية أعلن أنه سيمنح الشركات الإماراتية عضو البرنامج سعر فائدة تفضيلياً يقل بنسبة 1% عن متوسط سعر الفائدة للمنتج لبقية الشركات الأخرى، فضلاً عن خفض عمولة برنامج ضمان القروض لأعضاء البرنامج، على أن تبدأ التمويلات من 300 ألف درهم حتى 30 مليون درهم، ولاشك إطلاقاً في أن هذا الرقم مناسب جداً، ويكفي لتنفيذ مشروعات متميزة وناجحة وذات مردود اقتصادي عالٍ، خصوصاً إذا…

اللامنطق في الحصول على المال!

الخميس ١٧ أكتوبر ٢٠١٩

المسؤولون في المولات التجارية يروّجون لنظرية «المستأجر لو لم يكن رابحاً لبادر بالخروج من المول ولأغلق محله»، ومن هذا المنطلق فإنهم يسمحون لأنفسهم بتجاوز كل الأعراف نظير تحقيق أعلى منفعة ممكنة من هذا المستأجر، فيبالغون في الإيجارات، ويرفعونها متى شاؤوا وبأي نسبة يريدون، ويمارسون ضدهم مختلف أنواع الضغوط لإجبارهم على دفع مبالغ أخرى بشكل مباشر أو غير مباشر! بالتأكيد نظريتهم فيها شيء من الحق، لكنهم يروجونها لتبرير ممارساتهم الخاطئة، فمن حق كل مستثمر أو تاجر أو صاحب محل أن يربح، ومن حقه أن يروج ويسوق ويجتهد لزيادة ربحه، كما أن الدولة بمختلف أجنحتها ومؤسساتها الاقتصادية والترويجية تعمل ليل نهار لجذب هؤلاء المستثمرين واستقطابهم، وتسعى لجذب العلامات التجارية الشهيرة وجلب رأس المال الأجنبي لتحريك الدورة الاقتصادية، لذلك ليس من حق هذه المولات أن تسهم في تعثر هؤلاء المستثمرين وخسارتهم بممارسات لم يشهد لها العالم مثيلاً! الربح حق مشروع لكل صاحب محل تجاري، ولكن ليس من حق أصحاب المولات استغلال ذلك ومشاركة المستثمرين أرزاقهم وأرباحهم، فلا دخل لأصحاب المولات أساساً بربح أصحاب المحال، لأنهم يتقاضون مبالغ طائلة نظير تأجيرهم للمساحة، وهنا يجب أن تقف مطالبتهم وحقهم القانوني عند قيمة هذه المساحة الإيجارية، لا بتطبيق مبدأ القوة والحصول على المال من منطلق هذه القوة، لا منطق إطلاقاً في ذلك! هل يتخيل أصحاب المولات…

كُلفة ضياع ثانية العمل سنوياً!

الأحد ١٣ أكتوبر ٢٠١٩

الإدارة علم قائم بذاته، والممارسات الإدارية الناجحة لم تكن يوماً عشوائية، بل هي خطوات مدروسة ومحسوبة وفقاً لأنظمة إدارية عالمية معروفة، فالمدير الناجح هو ذلك الذي يبني قراراته على أُسس علمية، لا على أهواء شخصية أو مزاجية أو لمجرد إثبات وجوده في المنصب، مُخطئ من يعتقد أن الإدارة هي التفرد بالقرار، وأن المُدير هو حتماً أفضل الموظفين عقلية، وأكثرهم ذكاء وإنتاجية، لمجرد كونه مديراً! الإدارة في كثير من الدول المتقدمة، هي فن اتخاذ القرار المناسب في التوقيت المناسب، وهذا هو مفصل النجاح، وفي مثال واضح يؤكد ذلك، كان عدد من مسؤولي الدولة في زيارة عمل إلى اليابان، وزاروا مصنع السيارات الشهيرة «تويوتا»، وانبهروا بدقة العمل وسرعته، ووجود أكثر من 23 روبوتاً تجمع وتركبّ جميع قطع السيارة بدقة متناهية تأسر الألباب، وبسرعة فائقة، سأل أحد أعضاء الوفد مدير المصنع: لماذا اخترت أن تبدأ بتركيب الأبواب قبل إطارات السيارات؟ لماذا لم تكن العملية معكوسة مثلاً؟ ففوجئ الجميع بجواب المدير، حيث أكد لهم أنه لم يختر الترتيب الموجود بل الدراسات والتجارب وحدها كانت الفيصل، فالمصنع إذا بدأ بتركيب الإطارات قبل الأبواب، فإن ذلك يؤدي إلى تأخر تركيب السيارة الواحدة ست ثوانٍ، وهذه الثواني عند حسابها مالياً وجدنا أنها تساوي ستة مليارات ين سنوياً، وهكذا، فكل خطوة محسوبة مهما كان حجمها، ولا مجال هنا…

فشل «نوكيا» وإياكِ نعني يا جارة!

الأربعاء ٠٩ أكتوبر ٢٠١٩

قبل نحو عشر سنوات فقط من الآن، كانت هناك شركة هواتف عملاقة تعد دون منازع اللاعب الأساسي على ساحة الهواتف الجوالة العالمية، فقد وصلت مبيعاتها إلى نصف السوق العالمية بأكملها، وبلغت أرباحها 13 مليار دولار سنوياً، وكانت هي أول من قدم لعالم الهواتف الذكية، ولم يكن لدى أي إنسان شك أبداً في أنه لا يمكن أن يكون لعالم الهواتف الذكية مستقبل خارج هيمنة هذه الشركة. بالتأكيد الجميع يعرفها، فشركة «نوكيا» كانت على كل لسان، لكن بالعودة للوقت الحاضر فقد زال أثر هذه الشركة تماماً، وانهارت بشكل كامل، حيث باتت علامتها التجارية مملوكة من قبل شركة HMD، وعلى الرغم من محاولتها استغلال الحنين للماضي، فمبيعاتها لاتزال صغيرة للغاية، ولا تقارن بمبيعات شركات صينية عمرها بضع سنوات فقط! بالطبع لا يمكن أن يأتي انهيار شركة بحجم نوكيا من الفراغ، فالانهيار لم يكن انسحاباً تدريجياً من مجال ما للتركيز على مجال آخر، والحفاظ على جزء من قوة الشركة، بل كان انهياراً كاملاً، تسبب في تمزيق ما كان يعرف باسم «نوكيا» يوماً ما على شكل أجزاء متناثرة، بعضها مملوك من قبل Microsoft والباقي من قبل HMD! وحتى تصل شركة كبيرة للغاية إلى هذا المصير المؤسف لا شك أن هناك الكثير من الأسباب والعوامل، أدت إلى حدوث هذه الكارثة، ومن هذه الأسباب والعوامل لابد من…

ثروة الإمارات الحقيقية..

الثلاثاء ٠٨ أكتوبر ٢٠١٩

هزاع المنصوري وسلطان النيادي، اسمان سطرا إنجازاً تاريخياً لدولة الإمارات، هما مصدر فخر واعتزاز للجميع، ولا يكاد يوجد إنسان داخل الدولة أو حتى خارجها، لم يسمع باسمهما معاً، أو باسم هزاع المنصوري، على اعتباره أول رائد فضاء عربي يصل إلى محطة الفضاء الدولية، وهذا أمر يُثلج صدر كل إماراتي. حدث انطلاق ابن الإمارات إلى محطة الفضاء الدولية، علامة فارقة في تاريخ الإمارات، وهو أحد أهم وأكبر منجزاتها، والإنجاز الحقيقي والأهم لم يكن وصول ابن الإمارات إلى محطة الفضاء الدولية فحسب، بل هو الاستثمار في إنسان الإمارات من قبل قادة الدولة وحكومتها، وبفضل ثقتهم ودعمهم واستثمارهم في أبناء الإمارات، استطاع هؤلاء الشباب أن يخططوا، وينفذوا، ويضعوا حجر أساس إنشاء مركز محمد بن راشد للفضاء، واستطاعوا أن يصلوا بطموحاتهم وهمّتهم، إلى أهم وأكبر إنجاز علمي إماراتي عالمي. لذلك لابد أن يحفظ الجميع أربعة أسماء مهمة، إضافة إلى اسمَيْ هزاع وسلطان، فهؤلاء الأربعة هم من رسموا خطط وبرمجوا خطوات وصول الإمارات إلى محطة الفضاء الدولية، لابد أن يسطر تاريخ الإمارات أيضاً أسماء هؤلاء المهندسين: سالم المري، ومحمد الحرمي، وعامر الغافري، وعمران شرف، فهؤلاء المواطنون الأربعة هم حجر الأساس في تأسيس مركز محمد بن راشد للفضاء عام 2006، وهم من وضعوا البرامج والخطط التي تحققت بفضلها إنجازات الإمارات الفضائية، بدءاً من إطلاق «دبي سات1»،…

أول رائد فضاء إماراتي.. من مدرسة حكومية

الخميس ٠٣ أكتوبر ٢٠١٩

هزاع المنصوري قبل أن يصل إلى الفضاء تفوّق في الأرض، فقد كان واحداً ضمن أكثر من 4000 شخص تقدموا إلى برنامج الإمارات لروّاد الفضاء من أجل اختيار أول رائد فضاء إماراتي، وبالتأكيد هناك آلاف من هؤلاء المتقدمين هم من خريجي مدارس خاصة، وربما مدارس باهظة التكاليف، إلا أن الاختيار وقع على هزاع الذي يفتخر بأنه خريج مدرسة حكومية، ومن منطقة صحراوية تبعد عن العاصمة أبوظبي نحو 200 كيلومتر! لا يمكننا تجاوز هذه المعلومة، فهي مؤشر واضح إلى نجاح المدارس الحكومية، وتفوّق طلبتها على طلبة المدارس الخاصة، فهزاع المولود في عام 1983، لديه آلاف الأقران ممّن هم في مثل عمره، أو أصغر منه قليلاً، التحقوا بالتعلم في مدارس خاصة، ودفع أولياء أمورهم مبالغ طائلة لا تُقارن بحجم إنفاق أُسرة هزاع على تعليمه، ومع ذلك تفوّق هو وأصبح أول رائد فضاء إماراتي! قد يقول قائل إن المرحلة التعليمية في المدارس ليست مقياساً، والمهم الدراسة الجامعية، إلا أن ذلك ليس صحيحاً فالتأسيس هو الأساس، والتعليم في مراحله الأولى هو الركن الذي يعتمد عليه بناء التعليم في شخصية الطفل والطالب، وهو أهم مراحل التعليم بشكل عام! هناك الكثير من الدعوات لتطوير التعليم، وهناك الكثير من النظريات والتجارب والتطبيقات التي مرت على الدولة، ولا يكاد يأتي وزير جديد للتربية والتعليم إلا ويأتي برؤية جديدة وخطط…

هل يعرف غالبية المرشحين أين يقع المجلس الوطني؟

الأربعاء ٠٢ أكتوبر ٢٠١٩

أيام قليلة وتنتهي انتخابات المجلس الوطني الاتحادي، سيفوز فيها مترشحون ويصبحون أعضاء في جهاز تشريعي مهم، وسيرجع البقية لممارسة مهامهم الاعتيادية، سواء في جهات أعمالهم أو في حياتهم، لكن الجميع دون استثناء أسهموا بشكل أو بآخر في تعزيز وتكريس ثقافة العمل الانتخابي والبرلماني في الدولة، وخاضوا تجربة جيدة، ولاشك أنهم تعلموا منها الكثير. المشاركة في حد ذاتها عمل جيد، رغم استمرار غياب وعي الكثيرين بدور المجلس وطبيعة عمله وأهميته، وهذا يتضح من شعارات وتصريحات عدد كبير من المترشحين، ويتضح أكثر في البرامج الانتخابية التي شاهدناها وقرأناها وسمعناها، إذ إن غالبيتها تخلط بشكل كبير بين صلاحيات السلطة التنفيذية وسلطة المجلس الوطني التشريعية، ومعظمها كان وليد شركات الدعاية والإعلان، أو مكاتب متخصصة في التواصل الاجتماعي، ما جعل المرشحين يرددون كلمات وعبارات وشعارات متشابهة إلى حد كبير، ولا تتناسب مع طبيعة عمل المجلس الوطني! لذلك، فالمطلوب الآن أن تستمر علاقة المجتمع بالمجلس الوطني، وألا تنتهي صلة كل من ترشح، أو من يملك النية للترشح خلال الدورات المقبلة، بالمجلس الوطني الاتحادي، وألا تصبح العلاقة بين أفراد المجتمع وكرسي المجلس علاقة حب موسمية مؤقتة، بل يجب على الجميع، أفراداً وحكومة أيضاً، أن يعملوا لنشر ثقافة الانتخاب، وزيادة الوعي بأهمية ودور وصلاحيات المجلس. يجب أن تستمر العلاقة وتقوى بين المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ، وحتى من…

الحلول الجذرية لمشكلة التوطين

الإثنين ٣٠ سبتمبر ٢٠١٩

عندما تحدث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، في رسالة الموسم الجديد عن موضوع التوطين، كان يدرك أن هناك مشكلة في هذا الملف، وكان يعرف حجمها الحقيقي، ويعرف مسبباتها، ويعرف تماماً أين يكمن الخلل، وكيف يمكن علاجه وإنهاء هذه المشكلة بشكل جذري، وسموه يرتكز في تصريحاته دائماً، وفي تشخيصه لأي مشكلة، على الأرقام الحقيقية، والمعلومات الوافية، والدراسات العلمية الواقعية، لا على كلام عاطفي مرسل، ومعلومات مجتزأة، وتحليلات بعيدة عن الواقع! أعداد المواطنين في سن العمل والعاطلين حالياً، ليست دقيقة، ومعظم المتوافر هو رقم يجمع بين العاطل الحقيقي عن العمل، والباحث عن العمل الذي يرغب في ترك وظيفته ليبحث عن وضع أفضل وراتب أفضل، وهو بلاشك طموح مشروع، ومع ذلك فصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، عمل على توفير فرصة العمل للجميع، فبمجرد إقراره لتوفير 20 ألف وظيفة في قطاعات الطيران والبنوك والاتصالات والتأمين والقطاع العقاري، خلال ثلاث سنوات، فهذا يعني تلقائياً إنهاء المشكلة جذرياً، حيث من المؤكد أن العدد الحالي للعاطلين الحقيقين هو أقل بكثير من هذا الرقم! المشكلة ليست في عدد الوظائف المتاحة للمواطنين، المشكلة الحقيقية تكمن في تهيئة هذه الوظائف لتتناسب مع طبيعة المواطنين، وأقصد بذلك مزاياها ورواتبها وضماناتها، بحيث لا يشعر المواطن العامل في القطاع الخاص بالفرق الكبير بينه وبين نظيره المواطن العامل…

هزاع في الفضاء.. محطة جديدة في مسيرة وطن

الخميس ٢٦ سبتمبر ٢٠١٩

يقضي رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري، في هذه الأثناء، أولى ساعاته في الفضاء، بعيداً عن كوكبنا بنحو 390 كيلومتراً، في مهمة عظيمة سيوثقها التاريخ، وتُسجل كمحطة في مسيرة وطن يأبى إلا أن يكون في الصدارة دائماً، ولا يركن للسكون أبداً. رحلة المنصوري ليست رحلة عادية، إنها تمثل طموح دولة لا تكف عن التطلع إلى الأمام، دولة تصدق أفعالها أقوالها، وتسخّر كل الإمكانات أمام أبنائها لبلوغ أهدافهم. والأهم أنها رحلة تمثل حلم المؤسس الباني بأن يكون لنا مكان بين الأمم في الفضاء، وإسهام في علومه، ودور في تقدم البشر وازدهارهم. صحيح أن المنصوري ليس رائد الفضاء العربي الأول، لكن رحلته تكتسي أهمية استثنائية، فهي ليست مجرد رحلة الغاية منها صناعة رائد فضاء جديد فقط، لكنها تمهد لإطلاق مشروع فضاء طموح، متجسد في برنامج ومراكز ومؤسسات، ومتبلور في مشروع فضاء متكامل. والفضاء لم يعد ساحة للصراع كما كان أيام الحرب الباردة، فقد تحول إلى ميدان للتنافس بين الدول، تنافس من أجل تحسين حياة البشر على الأرض، والأمثلة على ذلك كثيرة، في العديد من المجالات كالاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية والاستشعار عن بعد، وبحوث الجاذبية الدقيقة والملاحة عبر الأقمار الاصطناعية، وحتى المجالات الطبية. ورحلة المنصوري تندرج تحت برنامج «الإمارات لرواد الفضاء»، الذي يشرف عليه مركز محمد بن راشد للفضاء، ويعد أول برنامج متكامل في…

«المواطن الصحافي» مسموح.. و«المواطن الطبيب» ممنوع!

الأربعاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٩

تقوم الدنيا ولا تقعد إذا اكتشفت الجهات المسؤولة في الدول العربية طبيباً لا يحمل شهادة طب، وكذلك الحال عند المهندس الذي لم يدرس الهندسة، لذلك لا يوجد عملياً مسمى «المواطن الطبيب» ولا «المواطن المهندس» في العالم بأسره، لكن العالم، خصوصاً العالم العربي، وبكل بساطة، يشهد اليوم انتشار ظاهرة «المواطن الصحافي» أو «المواطن الإعلامي»، وهو كل إنسان يحمل في يده هاتفاً متحركاً موصولاً بشبكة الإنترنت، ويمارس بكل حرية وبساطة مهنة الصحافي أو الإعلامي، فينتج الأخبار بعد أن كان ينقلها، ويلتقط الصور وينشرها، ويقوم بالتحليل والإنتاج، وكل ما يخطر على البال، بغض النظر عن المهنية، وعن صحة أو خطورة ما يقوم به، وبغض النظر عن الآثار السلبية المترتبة على ذلك! التشديد على الطب لحماية صحة الناس، خصوصاً تسميم بطونهم وأجسامهم من مغبة وصفات طبية من مدّعي الطب، والخوف من انهيار المباني هو السبب في تشديد الإجراءات ضد أي مدّعٍ للهندسة، أما تسميم عقول الناس وأفكارهم، والعمل على انهيار الأخلاق والمبادئ، فلم يسعَ أحد حتى الآن إلى مكافحتهما وتشديد الإجراءات عليهما، الأمر الذي نتج عنه كوارث حقيقية نلمسها يومياً، ونشعر بها كل لحظة، والأدهى أن هذه الفوضى، و«صحافة المواطن» تسببت بعد أن تم توجيه ذلك المواطن البسيط، أو «استغفاله» بشكل مباشر، في تدمير مجتمعات، وانهيار حكومات ودول عربية أمام مرأى ومسمع الجميع، فأين…

السلبية ودورها في نشر الإحباط

الثلاثاء ١٧ سبتمبر ٢٠١٩

وسائل التواصل الاجتماعي بقدر ما هي مفيدة وضرورية، هي أيضاً وسيلة هدم تنخر في المجتمع، وتنشر السلبية والتذمر والإحباط فيه، هي بالضبط كالسكين التي لا يمكن الاستغناء عنها في كل بيت، تقطع كل شيء حتى جزءاً من لحمك إن غفلت عنها أو أسأت استخدامها. في مصر وحدها هناك 300 شائعة يومياً تنتشر بسرعة شديدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين عشرات الملايين من الناس، بعضها بسيطة وتافهة، وبعضها يرتفع تصنيفها لدرجة تهديدها للأمن القومي، وبالتأكيد هذه الشائعات تتطلب تحركات وعملاً مكثفاً لكثير من الجهات الحكومية، ما يعني تشتيت جهودها وإشغالها عن أعمالها الحيوية المفيدة للمجتمع، وضياع وقتها للتعامل مع أخبار كاذبة ومزيفة، والأخطر من ذلك هو أثر هذه الشائعات السلبي في نشر التذمر، وشحن نفسية المواطن العادي بالكُره والحقد على المسؤولين والجهات الحكومية. ونحن في الإمارات أيضاً نعاني انتشار السلبية والتذمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من اختلاف ظروف الإمارات عن ظروف معظم الدول العربية، لدينا مشكلات اجتماعية، نعم لا ننكر ذلك، ولدينا مشكلات بين المراجعين والجهات الحكومية، أيضاً هذا صحيح، ولكن لدينا أيضاً خدمات حكومية غير مسبوقة على مستوى الوطن العربي، والأهم منها لدينا ولله الحمد قادة غير معزولين عنّا تصلهم بشكل يومي جميع ملاحظات الشعب، ويعملون بصمت على إيجاد حلول لها دون ضجة وصراخ وعويل، ومع ذلك نجد…