مصداقية الترجمة

الإثنين ٢٣ مايو ٢٠١٦

للأديب الألماني، باتريك زوسكند، قصة قصيرة عنوانها «الصراع»، بحسب الترجمة العربية لها، وتحكي عن شخصين يلعبان الشطرنج، أحدهما اسمه جان، وكان الجمهور الحاضر لمشاهدة تلك المباراة منحازاً إلى جان في التشجيع، وفي بداية إحدى فقرات القصة في الترجمة، نقرأ العبارات التالية التي تصف حال ذلك الجمهور: «خلال النقلات الأولى كانوا يصرخون: احذر جان، احذر. جاءك الموت يا تارك الصلاة». والمثل الأخير عربي، لا علاقة له بحسب معرفتي بالمجتمع الألماني أو الأوروبي أو غيرهما، ولم أجد هامشاً توضيحياً من المترجم أسفل الصفحة التي ورد فيها المثل بالقصة، لتوضيح إن كانت الجملة بتصرف منه، ومن الواضح أنها إضافة من المترجم. أما في قصة «الحمامة»، لباترك زوسكند أيضاً، فنجد في الترجمة العربية أيضاً، في الفقرة التي يصف فيها المؤلف ذكريات البطل عن لقاءاته السابقة مع أهل البناية التي يسكن فيها، متذكراً الحوار الذي كان يدور بينهم في العادة، النص الآتي: «ذلك التراجع المتبادل والتقدم من جديد، تلك المجاملات المتبادلة الطارئة: تفضل أنت، أنت أولاً، لا، لا والله بعدك سيدي الكريم، أنا لست مستعجلاً». شككتُ لوهلة أن سكان البناية من العرب الأقحاح، فجملة مثل «لا والله بعدك سيدي الكريم» بحسب علمي لا وجود لها أيضاً عند الغرب. وقرأت أخيراً رواية مترجمة اسمها «الباب الأزرق»، للكاتب الجنوب إفريقي، أندريا برينك، وفوجئت في إحدى فقراتها بما…

الكتابة.. والرأي الآخر

الإثنين ١٦ مايو ٢٠١٦

نقلت وسائل الإعلام البريطانية، في نوفمبر الماضي، حادثة غريبة عن اعتداء كاتب شاب على فتاة شابة، أبدت رأياً سلبياً تجاه كتابه في أحد المواقع، ما حدا به إلى الانتقال من منطقته، والبحث عنها في منطقتها إلى أن وجدها، ليعتدي عليها بقنينة زجاجية كسرها على رأسها، لتُنقل هي إلى المستشفى، وتلقي الشرطة القبض عليه. تُرى هل يعلم هذا الكاتب بأمر الأدباء، الذين ألّف آخرون كتباً تنتقد كتبهم؟ يعاني عدد غير قليل، ممن يدخلون عالم التأليف، حساسية تجاه ردود الأفعال المخيبة لآمالهم، في أن تجد كتاباتهم احتفاء من الجمهور والنقاد ووسائل الإعلام، وقد وصل الأمر بكاتب أعرفه إلى التوقف عن الكتابة بعد نشره كتابه الأول، لأنه وجد نقداً كبيراً ضد كتابه من القراء والنقاد، رغم أن الكتاب طبع أكثر من مرة! ولا يفرّق كثير من الكتّاب بين نوعين من القُرّاء، هما الناقد والقارئ العادي. إذاً.. نحن أمام رأي ناقد ورأي قارئ، وكلاهما مهم لمعرفة رأي المتلقي، إلا أن الخلط يحدث كثيراً بينهما في ذهن الكاتب، الذي ينسى أن من حق أي قارئ أن يبدي رأيه في أي عمل يقرؤه. ماذا لو سأل الكاتب نفسه قبل أن يسلم كتابه إلى الناشر: ما الذي أنتظره من تأليفي هذا العمل؟ إن كانت إجابته: الحصول على المدح والثناء والتصفيق، فليعلم أنه بعيد عن جوهر الأدب وغايته،…

وعي الكتابة

الإثنين ٠٩ مايو ٢٠١٦

ثمة اعتقاد لدى بعض الكُتّاب أن الكاتب الجيد هو الذي يستطيع الكتابة في مختلف الأجناس الأدبية، ويوجد اعتقاد آخر لدى بعضهم - سواء من القراء أو الكُتّاب - أن الكاتب الجيد هو الذي يتخصص في كتابة نوع واحد من الأجناس الأدبية، وكلا الاعتقادين غير صحيح، إذ إن عدد الأجناس الأدبية، التي يمكن للكاتب الخوض فيها، ليس دليلاً على عظمة موهبته مقارنة بغيره، ولنا في أشهر الأدباء في العالم نماذج على ذلك. الكاتب الأرجنتيني بورخيس، هو أحد أشهر كتاب القصة القصيرة في العالم، خلال القرن الماضي، وكتب إلى جانبها أشعاراً ومقالات ودراسات نقدية ومسرحيات، لكنه لم يكتب رواية واحدة، علماً بأنه عُثِرَ في أرشيفه الخاص بعد وفاته على مخطوطة رواية له - بخط يده - لم يكتب منها سوى خمس صفحات. وفي جواب عن سؤال وجه إليه عن علاقته بالرواية، قال: لقد سألوني لماذا لم أحاول كتابة رواية قط؟! الكسل بالطبع هو التفسير الأول، لكن هناك تفسير آخر، فأنا لم أقرأ رواية قط دون أن ينتابني إحساس بالملل «المصدر: موقع تكوين». إلا أن جوابه هذا لا يبدو مقنعاً كثيراً، في ظل معرفتنا بأنه كتب مثلاً مقدمة لرواية «اختراع موريل» للأرجنتيني أدولفو بيوي كاساريس، وهي رواية قصيرة وصفها «بالكمال». وهذا يعني افتتانه بفن الرواية القريب من الأجواء التي عرف بأن قصصه تدور…

الثقافة والصالونات النسائية

الإثنين ٠٢ مايو ٢٠١٦

ورد في كتاب «الحياة الاجتماعية عند العرب» أن أقدم صالون أدبي عرفه العرب هو صالون «عَمْرة»، الذي تأسس على يد امرأة في النصف الأول من القرن الأول للهجرة، ولولا أن الشاعر، وهب بن زمعة، المكنى أبا دهبل، «وكان عفيفاً»، قد زعم الرواة أنه أحبّها، وقيل أعجب بها، لما عرفنا تاريخ هذا الصالون، ويذكر المصدر نفسه أن «عَمْرَة كانت امرأة جزلة أصيلة الرأي يجتمع إليها الرجال للمحادثة، وإنشاد الشعر والأخبار». ولم تكن المرأة في تاريخ العرب بمعزل عن المشهد الثقافي، إذ كانت ولاتزال شريكة في تشكيل هذا المشهد والمساهمة فيه، وكان صالون مي زيادة أحد أهم الصالونات الثقافية العربية التي يشار إلى حضورها الثقافي المهم خلال القرن الماضي. وفي التاريخ الإماراتي، وَجَدْتُ ذكراً لعدد من المجالس الثقافية القديمة التي كانت صاحباتها سيدات فاضلات في مجتمعنا، أذكر منها مجلساً في دبي لسيدة اسمها (سلامة)، وكان ممن يترددون على مجلسها شاعر الإمارات الكبير، سالم بن علي العويس، الذي أشار إليها في إحدى قصائده النبطية. أما في عصرنا الحالي، فظهرت، أخيراً، في الإمارات صالونات أدبية مهمة وفعّالة، خرجت إلى النور، ونُفّذت ونجحت بسواعد وأفكار إماراتية نسائية، ومن المهم أن نشير هنا إلى أن هذه الصالونات جاءت بمبادرات فردية من سيدات فاضلات نذرن وقتهن وجهدهن لنشر الثقافة والوعي في المجتمع. ففي عام 2004 أسست الشيخة…

قطيعة بين أجيال الكتّاب

الإثنين ١٨ أبريل ٢٠١٦

في التاريخ الحديث لدولة الإمارات، يوجد جيلان من الأدباء والكُتّاب: الأول رائد ومؤسس في مجالات الرواية والشعر والقصة والمقال، والثاني شاب حديث يرى في نفسه طاقة كبيرة، تستحق الدعم والتشجيع، في المجالات نفسها. وكان اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات أهم مظلة، يجتمع تحتها المبدعون في الماضي، وإحدى أهم جهات نشر إبداعاتهم، إلا أن الترهّل الذي أصاب أنشطته في فترة من الفترات، وابتعاد الأدباء والكتّاب عنه، سواء من جيل الرواد، أو الجيل الحالي الشاب، تسبب في وجود فجوة تواصل بين هذين الجيلين. لقد شعر عدد غير قليل من مبدعي الجيل الجديد أنه أسس نفسه بنفسه، معتمداً على جهوده الذاتية في تطوير موهبته الكتابية، لذلك لا يجد أي رابط يربطه بجيل الروّاد، سواء على صعيد الاطلاع على تجربتهم الإبداعية للاستفادة منها، أو على صعيد التواصل الشخصي معهم.ولا يختلف الأمر كثيراً لدى عدد غير قليل من جيل الروّاد، الذي وجد في الساحة جيلاً جديداً من الكُتّاب، الذين أثبتوا حضورهم في المشهد الثقافي المحلي، وسلطت عليهم الأضواء بصورة قوية. سألتُ مرة أحد الكُتّاب الشباب: إن كان قد قرأ للكاتب الفلاني؟ وهو من جيل الرواد، فأجاب بـ«لا»، ثم سألته عن كاتب آخر من ذلك الجيل أيضاً، فاختصر إجابته قائلاً: لم أقرأ لأي منهم، ولا أعرف إن كانت لهم إصدارات أدبية. الأمر نفسه تكرر مع أحد الكُتّاب…

عناوين

الإثنين ٠٤ أبريل ٢٠١٦

بخلاف اسم المؤلف، فإن أول ما يواجهه القارئ في أي كتاب، هو عنوانه وغلافه، وهما عتبتان مهمتان في تهيئة القارئ للدخول إلى المحتوى الذي بين دفتيه، وفي بعض الأحيان، تتغلب العناوين على الأغلفة، وفي أحيان أخرى يحدث العكس، فيطغى جمال الغلاف أو غرابته على العنوان، وكم من كتاب اقتنيناه بسبب إعجابنا بغلافه، دون أن نفكر بتصفحه أو البحث عن جماليات عنوانه، وكم من كتاب نفرنا منه بسبب غلافه أيضاً. إلا أن العنوان يبقى أكثر قوة من الغلاف في حال غياب النسخة المكتوبة، فعندما نتحدث عن كتاب ما، فإننا نتداول اسمه، ولا نتحدث عن غلافه إلا إن لزم الأمر. لذلك، فإن اختيار العنوان يؤدي دوراً مهماً في لفت الانتباه إلى العمل، بل والتصاقه بذاكرة القارئ أو السامع، وتحتفظ ذاكرة كثير منا بأسماء كتب بعضها قرأناها وبعضها لم نقرأها بعد. وكان العرب في الماضي يختارون أسماء لمؤلفاتهم، تحمل في أحيان كثيرة سجعاً وجرساً موسيقياً، وكان ذلك إدراكاً مبكراً منهم بأهمية العنوان وتأثيره على المتلقي، مثل: الأغاني لأبي فرج الأصفهاني، البصائر والذخائر، نهاية الأرب في فنون العرب، العمدة في صناعة الشعر ونقده، الكافي في العروض والقوافي، المستطرف في كل فن مستظرف، وتفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب. ثم خفتت هذه الظاهرة، حتى كادت أن تتلاشى في عصرنا هذا، واتجه الكّتاب إلى اختيار…

موسيقى الكلام

الإثنين ٢١ مارس ٢٠١٦

للشعر منذ القِدم حالة خاصة عند الإنسان العربي، الذي وجد فيه جزءاً من هويته وكيانه، وليس من باب المبالغة قولُنا إن الشعر مثّل للعربي سلاحاً نفسياً أشد تأثيراً في بعض الأحيان من الأسلحة المستخدمة في الدفاع عن النفس. واستمرت هذه الظاهرة إلى يومنا هذا، سواء في الفصيح أو النبطي، وبسبب الشعر نشبت منذ القِدم معارك كثيرة، وبسببه أيضاً انتهت صراعات كثيرة، وأزهقت أرواح، وجنى شعراء على أنفسهم، فكم من قصيدة تسببت في مقتل قائلها، ولنا في ما يُروى، ودوّنته كتب التاريخ والسير الأدبية، من أحداث ارتبطت بقصائد شعراء كبار، مثل المتنبي وطرفة بن العبد وبشار بن برد والمقنع الكندي، ومقتلهم بسبب نظمهم لها. إلا أن السؤال الذي يستحق الوقوف عنده والبحث عن إجابة له، هو: ما الذي يجعل للشعر هذا التأثير الكبير أكثر من النثر (الكلام غير الموزون وغير المقفى)؟ ولماذا لم يتخلَّ العربي عن الإيقاع الوزني حتى في موروثه الشعبي وحديثه اليومي؟ إن لإيقاع الوزن الشعري تأثيره الكبير في نفس المتلقي، بموسيقاه الداخلية التي تطرب لها الأذن والنفس. ولعل ذلك أحد أهم الأسباب التي جعلت الأمثال العربية تميل إلى السجع في صياغتها، وتولّد في العاميات الكثير من الأمثال على هذا النحو، منها على سبيل المثال في الإمارات وغيرها من الدول العربية: «مب كل مرة تسلم الجرّة، لسانك حصانك إن…

خطاباتهم تكشفهم

الإثنين ١٤ مارس ٢٠١٦

تكشف الخطابات التي ألقاها الأدباء الفائزون بجائزة نوبل للآداب عن جوانب كثيرة في شخصياتهم، منها ما يتعلق بحياتهم الخاصة، ومنها ما يتطرق إلى نظرتهم إلى الكتابة والأدب، وعلاقتهم بالآخر، وموقفهم من العالم وأحداثه بشكل عام. في الخطاب الذي ألقاه البرتغالي، جوزيه ساراماغو، عام 1998 في حفل استلامه الجائزة، تحدث صاحب رواية «العمى» بحميمية كبيرة عن جده الذي يعده سيد المعرفة في العالم، رغم أنه لم يكن يقرأ أو يكتب، ووصف حادثة وفاته بصورة مؤثرة جداً، فقال: «إنه عندما شعر بقرب وفاته ذهب إلى حديقة بيته التي تقع خلف بيته، وكان قد زرع أشجارها بيده، ومنها أشجار زيتون وتين، ثم إنه أخذ يعانق الأشجار شجرة شجرة وهو يبكي، ليقول لها وداعاً، كان يعرف أنه لن يراها مرة ثانية»، وعلق ساراماغو على هذا الموقف قائلاً: «إن رأيت شيئاً كهذا وإن عشته ولم يترك فيك ندباً إلى آخر العمر، فإنك رجل بلا إحساس». وفي الخطاب الذي ألقاه عام 2006 في حفل تسلمه الجائزة، خصص التركي، أورهان باموق، جزءاً كبيراً من كلمته للحديث عن والده، وحقيبته التي سلمها إليه قبل وفاته بسنتين، طالباً منه أن يفتحها بعد وفاته ويقرأ ما فيها، قائلاً بخجل «لعل فيها شيئاً يستحق النشر، يمكنك أن تختار». يكشف ذلك الموقف لوالد باموق عن الحرج الذي ربما كان يشعر به والده…

الكتب لن تختفي

الإثنين ٢٢ فبراير ٢٠١٦

منذ سنوات، ظهرت تقارير عديدة تنبأت بقرب نهاية الكتاب الورقي ليحل محله نظيره الإلكتروني، إلا أن القراء من مختلف الأجيال، وفي مختلف بقاع الأرض، خيّبوا توقعات هذه التقارير، وتمسكوا بصديقهم الكتاب تمسكاً عظيماً. ورغم انتشار أجهزة تصفح الكتب الإلكترونية بين مختلف أجيال زمننا هذا، وازدياد بيع الكتب الإلكترونية، إلا أن معارض الكتب الورقية في العالم تشهد زيادة سنوية في مبيعات كتبها وعدد زوارها، خصوصاً من جيل الشباب. وفي العديد من الاستبايانات التي تابَعْتُها في وسائل التواصل الاجتماعي حول نوع الكتاب المفضل لدى الجمهور القارئ، كانت النتيجة دائماً لمصلحة الكتاب الورقي على الإلكتروني أو المسموع، بنسبة تزيد على الثلثين. فما السبب يا ترى؟ لايزال الكتاب صديقاً للإنسان أكثر من شاشة الجهاز الإلكتروني، إذ هل تخيلتم يوماً بساطة قراءة كتاب ورقي مقارنة بقراءة نسخة إلكترونية منه على جهاز يحتاج إلى شحن مستمر بالطاقة كي يعمل؟ الكتاب لا يحتاج إلى ذلك، ويمكنك حمله معك إلى أي مكان، والاحتفاظ به سنوات طويلة، والعودة إليه متى شئت بكل سهولة. أنظُرُ إلى الكتاب دوماً على أنه كائن حي، والأشجار التي تُقْطَع كي تُصنع من خشبها أوراق كتب، هي في الحقيقة لم تمت، بل مستمرة في النمو في عقل القارئ، من خلال العلوم التي تنقلها إليه، أو الأفكار التي تتولد عنده نتيجة القراءة إن تعامل القارئ مع…

لماذا يقرأ الكاتب؟

الثلاثاء ١٦ فبراير ٢٠١٦

في كتاب «رائحة الجوافة»، الذي ألقى الضوء على عالمه الأدبي، ذكر الأديب العالمي، غابريل غارسيا ماركيز، أن اهتمامه بالرواية بدأ في الليلة التي قرأ فيها رواية «المسخ» لكافكا، ويتذكر ماركيز كيف عاد إلى البيت وهو متشبث بالكتاب الذي استعاره من صديقه، فخلع سترته وحذاءه واستلقى على الفراش وفتح الكتاب وراح يقرأ: «حينما استيقظ جريجوري سامسا ذات صباح، بعد أحلام مضطربة، وجد نفسه قد تحول في سريره إلى حشرة هائلة». أغلق غابرييل الكتاب وهو يرتعش، وقال مفكراً: يا إلهي، إن هذا ما أستطيع أن أفعله. وفي اليوم التالي كتب أول قصة قصيرة في حياته. لم يطوّر ماركيز موهبته، في ما بعد، بانعزاله عن العالم كي يتفرغ للكتابة، بل طوّرها بانكبابه على قراءة الإنتاج الأدبي لعدد غير قليل من كبار الكتّاب الذين سبقوه أو عاصرهم. إن ماركيز مجرد حالة من حالات الأدباء الذين كان للقراءة فضل كبير عليهم، فلولاها ما انقدحت أول شرارات الكتابة لديه، ولولاها ما صقل أفكاره وأسلوبه الأدبي. إن أكبر خطأ قد يقع فيه الكاتب هو ظنه أن نجاح كتاباته سببه موهبته فقط، فالأخيرة وحدها غير كافية لصنع النجاح، ليس في الكتابة فقط، بل في مختلف الإبداعات الإنسانية. إن الكاتب العميق والمختلف، هو في الحقيقة قارئ عميق ومختلف. إن الكتابة تستمد وقودها وطاقتها من القراءة بشكل كبير، ويشير عدد…