تركي الحمد
تركي الحمد
كاتب سعودي

إنها أزمة فكر لا أزمة فعل يا خادم الحرمين

الأحد ١٧ أغسطس ٢٠١٤

كان الغضب والأسى واضحين على مُحيّا الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهو يوجّه كلماته إلى المشائخ المصطفين حوله على الأرائك، في يوم الجمعة، الأول من أغسطس/آب، وقد ران على رؤوسهم الصمت. كان غضبا حاول الملك الصبور أن يكتمه في صدره، ولكنه لم يستطع إلا أن يُنفّس عن بعضه، فبقاؤه كله في الصدر كاتم للأنفاس، موجع للقلب، ولذلك لم يستطع الملك الشيخ، الذي خبر الأيام وخبرته، إلا أن يتوجه إلى المشائخ من حوله بالقول، وهو يحاول أن يتماسك من فرط ما يُحسّ به من غضب وأسى: “ما أقدر أتكلم الذي في صدري، لأن الذي في صدري أعتقد أنكم أنتم أدرى به، وما يسفطه قلبي ونفسي وأخلاقي ومبدئي إلا شيء أحسه من صغيركم وكبيركم ومشايخكم وهذا هم يسمعون كلهم، وأطلب منهم أن يطردوا الكسل عنهم، ترى فيكم كسل وفيكم صمت، وفيكم أمر ما هو واجب عليكم. واجب عليكم دنياكم ودينكم، دينكم، دينكم. وربي فوق كل شيء”. فالملك يرى كيف يُختطف الإسلام أمام عينيه، وأمام أعين هؤلاء المشائخ، الذين يُفترض بهم أن يكونوا هم العالمون بحقيقة الدين وجوهره، وبالتالي هم الأقدر على الدفاع عنه وتفنيد حجج مختطفيه، ومقدمي الحل لدولة كانت كريمة معهم، وأغدقت عليهم كل غال ونفيس، ورفعتهم فوق كل الأكتاف والرؤوس. هؤلاء المشائخ الفضلاء الذين توقع منهم الملك الشيخ فكّ أسر الدين…

من نزع البهجة من ديارنا؟

الأحد ١٩ يناير ٢٠١٤

في كل إجازة، قصيرة كانت أو طويلة، ترى السعوديين على اختلاف أطيافهم، يقفون بالطوابير الطويلة أمام مكاتب الطيران في المطارات الدولية السعودية، كل يريد قضاء إجازته خارج البلاد، وليس مهما أين يكون هذا الخارج غالبا، بل المهم أن تكون هذه الإجازة خارج الحدود. وعلى الحدود البرية للمملكة، ترى في هذه الإجازات السعوديين وقد تكدسوا أرتالا من السيارات والبشر أمام نقاط الحدود، كل يُريد أن يستغل أيام الإجازة في هذا البلد أو ذاك من البلدان المجاورة، رغم أنها لا تختلف عن بلادهم كثيرا، والكل رغم المعاناة، ترتسم البسمات على وجوههم وتعلو ضحكاتهم، ويشع نور الرضا من عيونهم، فيما تختفي تلك البسمات، وتعبس الوجوه، وتتلاشى الضحكات، ويخفت نور العيون حين التكدس والتزاحم ساعة العودة، والسؤال هنا هو: لماذا كان ذلك؟. البعض من “السائحين ” السعوديين، وأتحفظ على كلمة سائح هذه كثيرا هنا، يبحث عن متعة ممنوعة عليه في بلاده علنا، رغم توفرها سرا، ويتوفر بعضها في البلاد المقصودة، أما الغالبية من السعوديين فهم من المتسكعين في الأسواق، ورواد السينمات وزبائن المطاعم، أي متعة لا يشوبها شائبة حرام أو عيب، ويتوفر أغلبها في بلادهم، ولكنهم يبحثون عنها خارج الحدود لشعور نفسي بالتحرر والانطلاق غالب الأحيان. “هجرة” السعوديين إلى الخارج بحثا عن متعة مباحة في بلادهم أو غير مباحة، تحول إلى ظاهرة لا يمكن…

العرب.. من حلم الوحدة إلى واقع التشظي والتقسيم

الأحد ١٢ يناير ٢٠١٤

شبح التقسيم يحوم حول كل دول العرب من محيطهم إلى خليجهم، والكل دون استثناء مُهدد بحلول هذا الشبح في دياره ما لم تبحث هذه الدول عن السبب في وجود هذا الشبح بكل صدق وشفافية، إذ أن عصر صناعة الأوهام، وذر الرماد في العيون، والشعارات الكبيرة الخادعة، وإلقاء اللوم كل اللوم على متآمر خارجي قد ولّى، وهو من أسباب ظهور شبح التقسيم من قمقمه الذي كان قابعا فيه يتحين الفرص للخروج، وما أكثرها من فرص في دنيا العرب. السودان، الذي كان أكبر الدول العربية مساحة قد تقسم وتحول إلى دولتين تكنّان العداء لبعضهما البعض، ومع ذلك فإن شبح التقسيم ما زال يحوم في أجواء السودان العربي، ولا شأن لنا بجنوبه بعد أن أصبح كيانا مستقلا بذاته. والعراق حكايته واحدة من حكايات ألف ليلة وليلة العجائبية، حيث يحوم الجن وتنتشر الشياطين كفيروسات هذا الزمان تعيث فسادا في كل ركن من أركان بلاد حمورابي وبختنصر والرشيد. فلا شيعة العراق اليوم يريدون سنّته، ولا سنّته يبغون شيعته، ولا كرده يحبون عربه، ولا عربه يثقون في كرده، ولا شماله يطيق جنوبه، ولا جنوبه راغب في شماله أو غربه أو حتى وسطه، ناهيك عن أشورييه وكلدانه وغيرهم ممن هم ضائعون اليوم في معركة بلا هدف، وحرب بلا غاية، وإن كثرت فيها الرايات، وتعددت ألوان البيارق، والكل…