حمود أبو طالب
حمود أبو طالب
كاتب سعودي

أنقذونا من هذه الصدارة

آراء

لا بد أن يعجب الإنسان من التأخر في وضع وتنفيذ استراتيجية للسلامة المرورية، بينما نحن نتصدر دول العالم في ضحايا حوادث السير الذين بلغ عددهم أكثر من 86 ألف ضحية خلال العشرين سنة الماضية، وهو رقم تؤكد هذه الصحيفة أنه يتجاوز ضحايا الحروب، ويتركز في الفئة العمرية الشابة من سن 16 إلى 29 عاما، أي الجيل الذي يقوم عليه المستقبل. والأعجب من ذلك أن ينبري المتخصصون وغير المتخصصين للإشادة بما ستحققه الاستراتيجية الوطنية للسلامة المرورية التي أقرها مجلس الوزراء مؤخرا، رغم أنها مجرد خطة تتضمن 8 محاور رئيسة يندرج تحتها حوالي 70 مشروعا يقوم بتنفيذها عدد كبير من الجهات الحكومية والأهلية، ومرهونة بظروف وعوامل عديدة، وستكون النتائج خاضعة للتقييم والمراجعة والإشراف كل عام، كما أن الموعد الزمني لإطلاق المجلس الأعلى للمرور لا يزال قيد الدراسة، أي أن عادة الإشادة بالخطط والمشاريع والاستراتيجيات قبل أن تبدأ، وقبل أن يرى الناس نتائجها، ما زالت راسخة في مجتمعنا كملمح سلبي بارز لم نتخلص منه بعد..

لا يمكن التكهن بسبب مقنع للانتظار الطويل إزاء هذه الكارثة الوطنية والإنسانية سوى ضعف التخطيط الفعال في أحيان كثيرة. كل عام ونحن نتحدث عن الترتيب السلبي الأول الذي نتصدر به دول العالم، ثم تبدأ الجهات المعنية بالتنصل من الأسباب الخاصة بها، وتبادل الاتهامات بين بعضها البعض لفترة مؤقتة تنتهي بوضع الملف في الأرشيف انتظارا لجولة أخرى من السجال واللغط في العام القادم..

الاستراتيجية المعلنة مؤخرا تبدو شاملة في فكرتها من حيث التشريعات والأنظمة والآليات، لكن السؤال المهم: متى تبدأ، وكيف تلتزم كل جهة بتنفيذ مسؤوليتها بصورة جادة ودقيقة، وهل بالإمكان محاسبة المتهاونين والمقصرين تجاه حياة الإنسان الذي يواجه احتمال الموت في كل شارع وطريق؟؟ أو احتمال الإعاقة الدائمة بكل تبعاتها المأساوية؟؟

إن مصطلح (السلامة المرورية) الذي نستخدمه في التصريحات الإعلامية مصطلح افتراضي غير موجود في الواقع، ولا بد من أن يكون موجودا من أجل الإنسان والإنسانية.

المصدر: عكاظ