سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

أوقفوا دموع الأطفال في المطارات!

آراء

عندما يصل تأثير مشكلات الطلاق إلى الأطفال، وهذا غالباً ما يحدث، فإن الأمر يُصبح مؤلماً، لأن تبعات هذه المشكلات ترافق هؤلاء الأطفال حتماً طوال فترة حياتهم الباقية، وتؤثر سلباً على نفسياتهم وشخصياتهم، وسلوكياتهم، ناهيك بتأثيرها على جميع جوانب حياتهم الحالية والمستقبلية!

ولاشك أن مشاهدة أطفال يبكون بحرقة شديدة لأنهم مُنعوا من السفر برفقة والدتهم، هو مشهدٌ صعب للغاية لا يتحمله أي إنسان عادي يحمل في قلبه شيئاً من العطف والحنان والرحمة، فكيف هي الحال لدى قلب الأم التي تشاهد أطفالها في هذه الحالة، وما هو التأثير السلبي المستقبلي لهؤلاء الأطفال، ولماذا تتم معاقبتهم بهذه الطريقة دون ذنب اقترفوه، ودون أن تستوعب عقولهم الصغيرة تلك التفاصيل المعقدة في خلاف الأبوين، أو في طبيعة بعض القوانين المعمول بها؟!

لن أدخل في جدل طويل حول من يتحمل مسؤولية هذا الخطأ، ولن أدخل في جدل قانون الأحوال الشخصية الذي يعتقد الرجال أنه منحاز بشكل كامل للمرأة، وتعتقد النساء أنه أعطى حقوقاً للرجل كان ينبغي أن تكون من ضمن صلاحيات وحقوق المرأة، ليس هذا محل النقاش ولا موضوعه، أتحدث فقط عن مشهد واحد محدد، وهو متكرر بشكل كبير، ويراه الأخوة في مطار دبي الدولي بشكل دوري، أتحدث عن منع سفر الأطفال بسبب مشكلات زوجية، وخلافات بين الأب والأم، كيف يمكن إيقاف هذا الأمر، وكيف يمكن إنهاء هذا المشهد المؤلم؟!

هُم لا علاقة لهم بما حدث، وما سيحدث، وهم مع والدتهم التي أعطاها القانون حق الحضانة، فلماذا الإصرار على رسالة عدم ممانعة من الوالد لسفرهم، وإن كانت هناك مبررات لذلك، فهل هذه المبررات تنطبق على جميع الحالات دون أي استثناء؟ لا أعتقد ذلك، فهذه أمور «شخصية»، وبما أنها كذلك، فإنها حتماً تختلف من شخص لآخر، ومن حالة لحالة، ومن أسرة لأسرة، فلماذا التعميم على الجميع، ولماذا نُعاقب الجميع؟!

السفر هُنا لا يعني الهروب، فلماذا التخوف والتحوط له بتشدد؟ هُناك حالات لأطفال منعوا من السفر مع والدتهم وذويها لأداء العُمرة على سبيل المثال، وهناك أطفال يسافرون لقضاء عطلة الإجازات الدراسية، ومثل هذه الحالات ستكثر خلال الأيام المقبلة ومع بدء الإجازة الصيفية، فهل نترك الأمر ليتكرر المشهد في صالات المغادرة أمام مسمع ومرأى الجميع؟! أعتقد أننا في غنى عن مثل هذه المشاهد لأسباب شخصية وخلافات عائلية!

من الحكمة إبعاد الأطفال عن أية مشكلات وخلافات زوجية، لكن للأسف قليلون من يتحلون بهذه الحكمة، والغالبية من الطرفين يلجأون للانتقام من بعضهما بعضاً عبر استخدام الأطفال وإقحامهم في النزاع، وبما أن المحاكم تعج بمثل هذه النوعيات من القضايا، فإنه من الأجدر ألا تخدم القوانين أياً من الطرفين في نزاعاتهما الشرسة، ومن الأجدر أن تركز هذه القوانين على إبعاد الأطفال عن النزاعات، لذلك فقانون منعهم من السفر يصب في خانة زجهم في الصراع لا إبعادهم عنه، فهل ننتبه لذلك؟ وهل يعيد المعنيون النظر في قانون المنع لوقف معاناة الأطفال وبكائهم في المطارات؟!

المصدر: الإمارات اليوم