سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

الأمطار لا تأتي فجأة.. فلماذا تتكرر الأخطاء؟!

آراء

لم يعد مقبولاً، الآن، ومع توافر التقنيات والأجهزة الحديثة، أن تتفاجأ الجهات المعنية بالأمطار، وليس مقبولاً أبداً أن نسمع أو نشاهد أن مدارس أطفال حاصرتها المياه، والأطفال مرتبكون بين جدرانها، وأولياء أمورهم قلقون خارجها، ومن غير المقبول أيضاً أن نرى سيارات المواطنين عالقة في الأودية المملوءة بالمياه، كل هذه المناظر والمواقف والحوادث يجب أن تتلاشى، فالأمطار لا تأتي فجأة، ويمكن معرفة حركة السحب والعواصف قبل أيام عدة من بداية تشكلها في دول أخرى، أو في بحار بعيدة!

لذا لابد أن تعمل الجهات المختصة، وبالتعاون مع إدارات المدارس، والإعلام، على خطط وقاية وتوعية قبل هطول الأمطار، وعلى الجهات الشرطية والأمنية التعامل مع هواة الأخطار، الذين لا يأبهون للتحذيرات والأوامر بعدم الاقتراب من بعض الأودية الخطرة فيعرضون حياتهم، وحياة من معهم للخطر!

خطط الوقاية يجب أن تشتمل على منع الأطفال من الذهاب إلى المدارس في حالة وجود توقعات بأمطار غزيرة، فضياع يوم دراسي أو يومين ليس مشكلة تعادل تعريض سلامة هؤلاء الصغار للخطر، أو التسبب في قلق أولياء أمورهم، وبذلك نتجنب قدر الإمكان مشكلة محاصرة مياه الأمطار لبعض المدارس، ما يشكل صعوبة في خروج الأطفال أو دخول أولياء الأمور إليهم، لابد من التحرك قبل حدوث العواصف، وقبل هطول الأمطار، علّنا نمنع تكرار مثل هذه الحوادث التي تقع كل عام، وفي كل مرة تشهد فيها الدولة أمطاراً غزيرة وعواصف!

الأمطار والعواصف لا تأتي فجأة، فهناك رصد دقيق لحركة السحب وتشكلاتها، منذ لحظة تكونها، وهناك متابعة لحظية لكل الأهوية والعواصف والتيارات البحرية أيضاً، وكل ما له علاقة بالطقس والأحوال الجوية أصبح أمراً مرصوداً بدقة، فهذا أمر يعمل عليه بشكل دقيق ومتواصل مختصون بمراكز الطقس والأحوال الجوية، بالإضافة إلى توافر برامج وتطبيقات ومواقع إلكترونية دقيقة مختصة بحركة الرياح والأمطار، وهي متوافرة ويمكن إنزالها في كل هاتف متحرك، ومع ذلك لا يُلقِي معظمنا بالاً لهذه التحذيرات، ويتعامل كثيرون مع هذه المعلومات على أنها مبالغ فيها، أو أنها غير ضرورية، في حين أنها بالفعل دقيقة وضرورية، ولابد من أخذها بجدية، لأن جميع التجارب السابقة أثبتت صدقيتها وأهميتها!

الأمطار التي هطلت بغزارة، أخيراً، على بعض مناطق الدولة، كانت مرصودة من قبل المختصين والمُهتمين قبل هطولها بأيام عدة، وبخلاف نشرات مركز الأرصاد، فإن مجموعات من الشباب المهتمين تبادلوا ونشروا خرائط توضيحية للأماكن التي ستشهد هطول هذه الأمطار، ودرجة غزارتها، بشكل مفصّل، بل إن الخريطة المنشورة كانت ملونة بألوان مختلفة، وفقاً لحجم وكمية وغزارة الأمطار، وفي كثير من المناطق توشحت الخريطة باللون الأحمر، وهذا يعني أنها منطقة عواصف وأمطار رعدية غزيرة جداً، وبالفعل هذا ما حدث تماماً، وبكل دقة وتفصيل، ومع ذلك، ومع أن هذه المعلومات متوافرة، لم نتعامل معها كما يجب!

لماذا ذهب الأطفال إلى المدارس في تلك المناطق في ذلك اليوم؟ هذا هو السؤال المهم، ولو أن جميع المسؤولين حرصوا على الاهتمام الجدي بالأرصاد، ومتابعة أحوال الطقس، لكانوا أصدروا قرارهم بكل أريحية وبساطة، ومنعوا الأطفال والطلاب من الحضور إلى المدارس، حفاظاً عليهم، ووقاية لهم من أي مشكلة متوقعة من نوع محاصرة الأودية للمدارس، وتعريض سلامتهم للخطر!

وبالمنطق نفسه، لماذا نشهد الكثير من حالات عشّاق المغامرات الفاشلة، الذين يصرّون على قطع الأودية بسياراتهم، معرضين حياتهم وحياة من معهم للخطر؟ ماذا لو استبقت الجهات المعنية هؤلاء ونشرت الحواجز أو الأفراد، أو أي طريقة أخرى، لمنعهم من الاقتراب من الأماكن الخطرة والأودية المعروفة، أليست الوقاية خيراً من العلاج.. كما يقولون!

أم أنها مجرد حكمة نردّدها، ولا نطبّق معناها؟!

المصدر: الإمارات اليوم