سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

الإمارات أمانة في أعناقنا جميعاً..

آراء

أواه ما هذا الذي في أمتي

قد حلّ حتى اسودت الآفــاق

ناديت (جلَّق) وهي في أسمالها

ونظرت وهي خرائب ومحاق

وبأرض بابل أي سحرٍ أسودٍ

أدمى فلم يعد العراق عــراق

هذه هي واقع الحال العربي، كما وصفها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في رائعته الشعرية الجديدة التي كانت بعنوان «إلى أمتي»، حيث تمر الأمة بأسوأ مراحلها، وتتوالى النكبات تلو النكبات لتصيب الأوطان والشعوب، ضاعت سورية و(دمشق)، وأصبحت المدن دماراً وخراباً، وتحول ملايين السوريين إلى لاجئين، والعراق لم يعد هو العراق منارة الثقافة والفكر والعلم العربية، بل زاد فيه الشقاق والقتل والتدمير، والوضع العام العربي يتّشح بالسواد، ولا أحد يستطيع أن يتكهن بمستقبل مضيء أبداً في ظل الظلام الدامس الذي يغطي مساحات معظم الدول العربية..

هذا الواقع المرير كان هو محور كثير من الحوارات الجانبية بين المفكرين والإعلاميين والمثقفين العرب الذين حضروا على مدار اليومين الماضيين جلسات وورش عمل منتدى الإعلام العربي في دبي، حديثهم تملؤه الغصة، وتحليلاتهم المستقبلية كلها تسير في اتجاه الأسوأ، حيث لا نقطة ضوء أو أمل يمكن الشعور بهما في المؤشرات الحالية والمستقبلية للواقع العربي المظلم..

الإمارات هي الاستثناء، وهي نقطة الضوء المشتعلة التي تنير ذلك النفق المظلم، وهي النموذج الذي يتمنى العيش فيه ملايين العرب، وهذا ليس رأيي وكلامي، بل هو رأي جميع من التقيت من كبار المفكرين، وقادة الإعلام العربي المشاركين في المنتدى، سواء كانوا مقيمين في دولة الإمارات، أو زائرين لها من أجل حضور المنتدى، هم يرون كثيراً من الأشياء الصغيرة قبل الكبيرة، لا نراها نحن المواطنين، يشعرون بكل جهد تبذله الحكومة في سبيل رفاه المواطن، وبناء الدولة، وتوفير الأمن والأمان والاستقرار في هذه الدولة الصغيرة التي تقع في منطقة مشتعلة وغير مستقرة من العالم!

قال أحدهم «أرجوكم حافظوا على بلدكم، لا تدعوا لكائن من كان الفرصة للتأثير في العقول تحت أي مسمى، خلافة، ديمقراطية، حرية مطلقة، كلها طرق ووسائل دمرت الدول العربية، لا أكثر، ما نراه في الإمارات هو النموذج الأفضل، وسطية، اعتدال، تسامح، سعادة، تقبل الآخر، عيشٌ كريم لأكثر من 200 جنسية، حرية دينية وفكرية مقبولة وفق قوانين واضحة، ما المطلوب أكثر؟!».

نعم ما المطلوب أكثر من ذلك؟ في هذا الزمن الصعب، وهذا الوقت الصعب، وهذا المكان الصعب، ملايين البشر في العالم لا يريدون اليوم سوى الأمن والأمان فقط، والإمارات، بفضل من الله، ثم جهود القيادة، تصل نسبة الشعور بالأمن فيها إلى 86.5%، ملايين البشر لا هم لهم سوى الفرار من الجوع الذي يحاصرهم، ونحن، ولله الحمد، نعيش في نعمة ونعيم، ألا يستحق ذلك أن نعمل جميعاً للمحافظة عليه، وصيانته، وأن ننبذ ونترك كل ما من شأنه تعكير هذا الصفو، وتغيير هذه الحال؟!

إنها مسؤولية كل مواطن ومقيم، مهما كان موقعه ومنصبه، الحفاظ على الإمارات ومجتمعها وشعبها، والحفاظ على أمنها واستقرارها، ونبذ كل تصرف، وكل كلمة، وكل تغريدة، قد تؤدي إلى المساس، ولو بدرجة صغيرة، بتماسكنا، وبوحدتنا، وبمجتمعنا، علينا جميعاً أن نكون أسرة متماسكة، ونبني جداراً منيعاً، نحمي به دولتنا ومستقبلنا ومستقبل الأجيال المقبلة، فالإمارات أمانة في أعناقنا جميعاً، مواطنين ومقيمين..

المصدر: الإمارات اليوم