السعودي: في الداخل وفي الخارج!

آراء

هنا أعني البعض وليس الكل. ففي داخل السعودية يرفض بعض السعوديين، جملة وتفصيلاً، سلوكيات وأفكارا تصبح عادية وطبيعية في رحلاتهم خارج السعودية. فذلك الذي يرفض فكرة وجود سينما بأي مدينة أو قرية سعودية ما أن يصل البحرين أو دبي حتى يزاحم، مع عائلته، طوابير السينما وربما لأكثر من مرة يومياً. ثم حينما يعود لبلاده وتفتح أمامه فكرة وجود سينما محترمة في السعودية، يقفز معلناً رفضه للفكرة التخريبية التغريبية الخبيثة.

وهو ذاته الذي يصر في جولاته بالأسواق خارج بلاده ألا تشتري زوجته أو بناته إلا من سيدة فيما هو أول معارضي توظيف السيدات بائعات في أسواق بلاده. وهو نفسه الذي يمشي، في سفره، مبتسماً سعيداً بصحبة أطفاله وعائلته، حفظهم الرب، لكنه بمجرد عودته يلبس ثوب الكآبة متقدماً أهله في أي مكان عام كما لو كان قائداً لكتيبة عسكرية.

إنه ذاته الذي لا يكاد يرد عليك السلام في الأماكن العامة في بلاده لكنه في سفراته، ما شاء الله تبارك الله، لا تكاد الابتسامة تفارق محياه؛ يسلم على هذا مبتسماً لتلك. وهو نفسه الذي تمر عليه سنة كاملة من دون كلمة: عفواً أو «سامحني» أو
«عن إذنك» أو «شكراً» بينما يقول «شكراً» لوحدها في أسبوع خارج بلاده أضعاف ما يقوله فرد مؤدب من أبناء البلاد التي يزورها خلال سنة كاملة.

إنه نفسه الذي تسمعه يردد أمام ابنه في الخارج: نعم حبيبي لكنه في بلاده يقول لذات الابن يومياً: اقلب وجهك! هو لا يمانع أن تقود ابنته السيارة في الخارج لكنه يتوعدها بقطع لسانها لو طرحت فكرة قيادتها للسيارة في بلادها. وهو ذاته الذي ينظف طاولته بعد كل وجبة في مطعم للوجبات السريعة خارج بلاده فيما يترك أكواماً من بقايا وجبته في نفس المطعم ببلاده.

السعودي المتوحش وثقيل الدم في الداخل يتحول بقدرة قادر ،حينما يسافر للخارج، إلى حمل وديع وإنسان أليف خفيف الدم صديق لأولاده ولكل من حوله.

اللهم أعنا على أنفسنا في الداخل وفي الخارج!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٢١٩) صفحة (٣٢) بتاريخ (١٠-٠٧-٢٠١٢)