الغـربــاء

آراء

لمن يقضي الساعات الطويلة ليلا ونهارا في جمع المعلومة، بل ان الشهور والسنوات تمر. وهو لا يأبه الا لهذا العمل الذي نذر نفسه ووقتا ثمينا من حق زوجته وبناته واولاده، لكنه يميل الى هذا العمل الدؤوب، بل ويبحث عن الدقة في التفاصيل وهو يدرك ان الإبداع والفن في التفاصيل، هذا الرجل اسمه ( محمد حسن غريب ) ظل يكتب عن مدينة (رجال) ويبحث في تاريخها وحضارتها ومن سكنها من العائلات ، وطرق معيشتهم وتفاصيل جغرافية الارض وتاريخ إنسان هذه المدينة المعلقة بجبالها الشاهقة ، والذي يراها يشعر كأنما لا زالت تبوح بأسرار من سكنها وحزنهم وفرحهم واغنياتهم رجالا ونساء وهذه الجبال التي تردد صدى أغنياتهم بشجن يلتصق بالشجر والحجر والوديان المملوءة بصبابات العشاق ،

نعود لهذا ( الغريب ) الذي لم يكتف بهذا الكتاب التاريخي الإنساني في ثلاثة مجلدات من القطع الكبير، بل انه نذر نفسه لنمط علمي آخر لا تقوم بإنجازه الا المؤسسات التي تمتلك الإمكانيات المادية والبشرية الا أنه وبجهد فردي أنجز ( موسوعة النباتات ) متحدثا عن وصفها واسمها العلمي وصورة فوتوغرافية لمعظم هذه النباتات في إصدار ضخم .

وقد صادف ان تحدثت مع كاتب يمتلك مركزا لإصدارات الكتب والدراسات المتنوعة، وحدثته عن إنجاز هذا الرجل وبخاصة في موسوعة النباتات، وتحمس في تلك الليلة واشترط ان تكون الصور المصاحبة على درجة كبيرة من النقاء والوضوح ، لذت بالصمت وتقابلنا مرات عديدة لكنه لم يسأل عن الموضوع فاحترمت رغبته.

نحن في هذا الوطن المترامي الأطراف نملك ثروات إنسانية نساء ورجالا ويعملون بصمت في إعداد إبداعاتهم في كل مجال وينتظرون مقابلا ماديا يعوضهم عن سهر الليالي وتعب الجفون . وقد سمعت أرقاما يخجل المؤلف أن يمد لها يدا بعد هذه السنين، نحن لا نملك جهة علمية وبحثية مرموقة تحترم الجهد وتقدره. ولدي تفاصيل أخجل من طرحها في هذه الزاوية.

أدرك أن الاستاذ : ( محمد حسن غريب ) لايرغب في المديح، الا أنني كتبت كشاهد على مرحلة تاريخية يتوارى فيها الكاتب الجاد والمخلص للحقيقة الصرفة، وينال غيره مبالغ كبيرة لقاء إبداع متواضع لكنه يعرف (كيف يسوّق نفسه) ويريق ماء وجهه.

تحية لكاتبنا محمد حسن غريب الذي لا يعرفه الكثيرون لكن أنا على ثقة بالمستقبل الذي سيقوم بإنصافه وغيره من المبدعات والمبدعين الصامتين والغرباء في الوقت نفسه.

وسلامتكم

المصدر: الرياض