خليجي في الخليج (3)

آراء

أفكار التعاون بين دول مجلس التعاون كثيرة لكنها معقدة. ما أسهل التنظير وما أصعب التطبيق. أحياناً كثيرة، ما في حسابات المثقفين ليس بالضرورة أن يكون في حسابات السياسيين. وما يراه صانع القرار قد يختلف كلياً عمّا في بال المثقف، ممن يُنظّر حول الاتحاد أو التعاون الخليجي. لكن المؤكد أن منظومة دول المجلس أمام تحديات إقليمية ومحلية خطرة. ومن الضرورة مواجهتها جماعياً حتى لا تنفرد تلك المخاطر بدول الخليج واحدة بعد الأخرى. من هنا يأتي الإلحاح على إيجاد مناخ من التعاون بين دول المجلس. لكن المؤكد -أيضاً- أن تعاون الأنظمة السياسية لن يحقق مبتغاه ما لم يرتبط بمصالح الشعوب مباشرة. ولابد من تضحيات وبعض تنازلات.

يعلق قارئ كريم على الجزء الأول من هذه السلسلة بأنه من الضروري أن تهتم كل دولة خليجية أولاً بمواطنيها. وهو محق في ذلك. فالمساواة في الامتيازات -كل في دولته- خطوة مهمة للحد من التباين في الامتيازات من دولة لأخرى. وإلّا -كما علق قارئ آخر- سيتهافت مواطنو عمان والسعودية للعمل والإقامة في الإمارات وقطر والكويت. لكن تجربتي الإمارات وقطر التنموية -تلك التي انعكست بأشكال إيجابية كثيرة على مستوى معيشة المواطن في الدولتين- جديرة بالقراءة والدراسة.

التنمية التي تدفع بمستوى معيشة المواطن للأفضل تصنع مجتمعاً قوياً. والمجتمع القوي يصنع دولة قوية. ومتى ما كانت البنية الوطنية متماسكة انعكس ذلك على مكانة النظام السياسي وثقته في ذاته. مواجهة أخطار الخارج تبدأ بمواجهة مخاوف الداخل. والداخل -في بعض دول الخليج- ينذر بما هو أسوأ.الجيد في الموضوع أن في الوقت متسعاً لخطوات جادة للتغيير الإيجابي.

الإمكانات المادية الضخمة يمكنها أن تحل كثيراً من مشكلات الشباب في السكن والوظيفة والمساواة ورؤية إيجابية للمستقبل بشرط أن نبدأ الآن. الآن. أقصد الآن وليس غداً!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٤١) صفحة (٣٦) بتاريخ (٢٣-٠٤-٢٠١٢)