ربيع الكلمة!

آراء

أكاد ألتقي يومياً شباباً من منطقتنا يتحدثون عن اللغة العربية بانبهار، كأنهم للتو يكتشفون لغتهم الأم. في مواقع التواصل الاجتماعي تقرأ اليوم نصوصاً إبداعية لشباب عشقوا الكتابة بالعربية، بلغة تبهرك بخروجها عن النص التقليدي وبعدها عن المفردات المألوفة. على تويتر تفاجأ أحياناً بنصوص جديدة لكتاب شباب قادرين على توظيف اللغة العربية للتعبير المختصر وبذكاء وسخرية وجدية عن همومهم و تطلعاتهم. إنهم يؤسسون لخطاب جديد خارج عن النص التقليدي، أكثر قرباً من إيقاع العصر وثقافة الراهن.

لعلنا نشهد عهداً جديداً كأنه ربيع الكلمة العربية. مع الصديقين سلطان العميمي وجمال الشحي، نجتمع أحياناً في مقهى ثقافي بأبو ظبي بصحبة جمهور من الشباب الإماراتي المتحمسين للكتابة بالعربية و كأن اللغة العربية اليوم قادرة – من جديد – أن تصنع نجومها من كتاب القصة والرواية والمقالة و”التغريدات” الساحرة والساخرة.

هؤلاء الشباب يأتون عطشى لسماع شيء عن تجربة الكتابة وألقها ووهجها. إنهم يعيدون كتابة لغتهم. اللغة العربية اليوم من اللغات النشطة على تويتر. هنا دلالة أن شبابنا قادر على توظيف لغته وفق عقلية العصر التي تبحث عن “زبدة” الكلام لا عن المعلقات المطولة. في جملة قصيرة واحدة تستطيع أن تختصر هموم أمة أو تعبر عن تطلعات جيل بأكمله. اللغة الحية تجدد نفسها.

والثقافة الحية تحتفي بأصواتها من المجددين والخارجين عن قوالب المألوف والمعتاد. ونجوم الكلمة الشباب بيننا اليوم هم نافذة الأمل في ثقافة عربية جديدة متجددة تخرجنا من صخب خطاباتنا القديمة بكل ما فيها من شتيمة وتهريج وتكفير وكلام طويل ليس في أكثره كلام!

اللهم اجعله فعلاً ربيعاً للكلمة الراقية والمحفزة على التفكير والإبداع!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٥١) صفحة (٣٦) بتاريخ (٠٣-٠٥-٢٠١٢)