سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي..

آراء

«عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي لبريطانيا لا تسألوني عن حقوق الإنسان»، تصريح شهير لرئيس وزراء بريطانيا، لا أعتقد أنه يحتاج إلى مزيد من التوضيح، فالأمن القومي لأي دولة هو أولوية قصوى لا تضاهيها أولوية، وسعي الدول إلى الحفاظ على أمنها يتيح لها اتخاذ ما تشاء من تدابير، بغض النظر عن اتفاق العالم معها أو ضدها بشأن هذه التدابير!

لم يحدد كاميرون في تصريحه ما هو الأمن القومي الذي يقصده، وإشارته إليه بشكل عام دليل واضح على أن لكل دولة الحق في تحديد أولوياتها الأمنية، وكل دولة هي المعنية بوضع ما تشاء تحت مسمى الأمن القومي، فأولويات الدول ليست متشابهة، وظروفها ومكوناتها أيضاً ليست كذلك، لكن الشبه يكمن في اتفاق الجميع على ضرورة الحفاظ على الأمن القومي، والتشدّد أيضاً في كيفية وطريقة الحفاظ عليه!

بريطانيا ليست استثناء، وهناك الولايات المتحدة الأميركية، فهي تعطل كثيراً من القوانين التي تندرج تحت مسمى حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بالأمن، فالرئيس الأميركي من حقه إصدار قانون يجيز لقوات الأمن اعتقال المشتبه فيهم لمدد غير محدودة، مادام الأمر يتعلق بالأمن القومي أو الإرهاب، وهناك قوانين أخرى كثيرة في أغلبية دول العالم، ولا فرق هنا بين دولة عظمى وصغرى، أو دولة ديمقراطية أو شمولية، ولا دولة متقدمة أو نامية، فالحفاظ على الأمن القومي هدف واحد، لا يمكن تفصيله وفقاً لأهواء أو مزاجية أو انتقاء، الأمر ليس مزحة على الإطلاق!

هذا الأمر تتعمد إغفاله منظمات حقوق الإنسان، في تقاريرها كافة ضد الإمارات، حيث تتجاهل بشكل عجيب أولوية الدولة في الحفاظ على أمنها القومي، وسعيها الحثيث إلى إشاعة الطمأنينة، وضمان استقرار ورفاه مواطنيها والمقيمين فيها كافة، تتجاهل الهدف الأسمى في الحفاظ على مكتسبات ومقدرات الدولة والشعب، وتتحدث عن تجاوزات «غير مؤكدة» في طريقة القبض، أو محاكمة المتهمين، في زعزعة أمن البلد ورخائه، ومع أن تقارير هذه المنظمات كافة تفيد بأن معلوماتها غير مؤكدة، وهي «ادعاءات قابلة للتصديق»، إلا أنها تراها أهم من أمن وأمان يعيش فيه ملايين البشر في الدولة، وملايين غيرهم يعيشون عليهم خارج الدولة!

والسؤال المنطقي هنا هو أيهما أهم: حقوق المواطنين والمقيمين وأسرهم داخل الدولة وخارجها في العيش الهانئ واستمرار الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، أم حقوق قلة قليلة من الخارجين على القانون، والراغبين في هدم أركان دولة حديثة، تعتبر واحدة من أنجح دول العالم في مختلف المجالات والأصعدة؟!

الإمارات دولة مكتسبات، ودولة إنجازات حقيقية، وليست دولة شعارات وهتافات، وتالياً فإن من حقها العمل بشتى الوسائل والطرق للحفاظ على منجزاتها ومكتسباتها، فهذه المنجزات لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة عمل وجهد مضن وصعب دام سنوات طويلة، أنفقت فيها الدولة مئات المليارات لتطوير كل شيء في مختلف أركانها وزواياها، وعملت جل جهدها لتهيئة كل وسائل الراحة والحياة الكريمة لكل فرد في المجتمع، سواء كان مواطناً أو مقيماً أو زائراً، وهذا كله لن يستمر إن فرطت الدولة في أمنها القومي، فهو أساس التطور، وهو ضمان استمرارية الحياة.

حماية الإنسان، والمحافظة عليه وعلى حقوقه، مطلب وهدف رئيس في الإمارات، ولولا وجود هذا الهدف لما أصبحت الدولة جاذبة للكوادر البشرية ورجال المال والأعمال، ومستقطبة لعشرات الملايين من الزوّار والسياح، جميعهم يشعرون بحريتهم، ويشعرون بالأمن والأمان من دون خوف، وجميعهم يرغبون في العيش والاستقرار، وطالما هم يحافظون على عدم تجاوز القوانين المعمول بها في الدولة، فهم في أمان وحرية، أما من ينتهك قوانين الدولة، ويتجرأ على أمنها واستقرارها، فلا يتباكى بعد على نتيجة فعله!

المصدر: الإمارات اليوم