عنصريون بالفطرة!

آراء

في مقالته أمس في «الشرق»، لامس الزميل أحمد عدنان مشكلة «وطنية» من الخطأ ألا نستمر في الكتابة عنها. في مقالته «العنصرية والوحدة الوطنية» تذكير صادق بخطورة النعرات والمواقف العنصرية التي تزيد حدتها وقت الأزمات. نحن اليوم أمام تحديات داخلية وإقليمية خطرة جداً ومن الحكمة إغلاق أبواب الفتنة -أياً كانت مصادرها- التي قد تهدد وحدتنا الوطنية. إننا كثيراً ما نفاخر بوحدتنا الوطنية كواحد من أهم منجزاتنا الكبرى. ونعرف أن أعداء الوطن، في إيران أو في نظام الأسد، يراهنون كثيراً على تفتيت وحدتنا الوطنية وإعادتنا إلى حروب داحس والغبراء. وبعض الجهلة بيننا وباسم الوطن والوطنية يشقون الصف بنعراتهم العنصرية.

هذا التنوع، في المناطق والمذاهب والآراء، الذي يستخدمه بعض الجهلة بيننا لشتيمة كل من يختلفون معه في الرأي هو في الواقع مصدر قوة. وهو الذي بسببه نفاخر بحجم المنجز الوطني العملاق الذي قاده المؤسس وضحى من أجله الأجداد. وهؤلاء الذين يعايرون الناس بأشكالهم أو أصولهم أو لهجاتهم أو مناطقهم أو مذاهبهم أو توجهاتهم الفكرية إنما يسيئون للوطن ويفتحون مزيداً من أبواب الفرقة والضعف.

الوحدة الوطنية خط أحمر في نقاشاتنا واختلافنا. وبغض النظر عمن يتطاول على هذا المنجز، سواء كان متطرفاً سنياً أو متطرفاً شيعياً، جاهلاً يضع «الوطنية» شعاره، أو مثقفاً لا يدرك خطورة اللعب حول خطوط الوطن الحمراء، تبقى الحاجة ماسّة لوضع قوانين صارمة تردع كل من يهدد منجزنا الوطني الضخم. وأول هؤلاء هو من يمارس عنصريته البغيضة، بالقول أو العمل، ضد كل من يختلف معه في الرأي أو المذهب أو الإقليم.

لا يولد المرء عنصرياً. وليس من الفطرة أن ينشأ الإنسان على العنصرية. لكن الإنسان ابن بيئته. ولهذا فإن من غير الطبيعي أن تمارس العنصرية في مجتمع قوانينه ومناهجه وإعلامه تحارب العنصرية وتعاقب من يمارسها قولاً أو فعلاً!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق السعودية بتاريخ (١٨-٠٧-٢٠١٢)