سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

لسنا مجتمع ملائكة..

آراء

إقرار القوانين والآليات، التي تعمل على مكافحة الفساد المالي والإداري، ليس مؤشراً إلى انتشاره، بقدر ما هو مؤشر حضاري يكرس مبادئ المساءلة والالتزام بأعلى معايير الشفافية والمحاسبة الداخلية، التي تنتهجها الحكومة..

هذا ما تنتهجه الإمارات بشكل عام، وهذا ما اعتمده أخيراً سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي، ولي عهد عجمان، حيث وجه جهاز الرقابة المالية بالبدء فوراً في إجراءات تلقي البلاغات وشكاوى الفساد، تعزيزاً لمبدأ الشفافية والمساءلة..

ورغم أن الإمارات دولة لا تعاني من انتشار الفساد المالي والإداري، فهي من أقل الدول وفقاً للمؤشرات العالمية، ولديها وسائل متعددة للرقابة والحوكمة، إلا أن إقرار مثل هذه القوانين هو ضرورة لضمان بقاء الدولة في القائمة العالمية لأقل الدول فساداً، كما أنه يكبح الظاهرة قبل ظهورها، ويضع حداً لعدم قبول الفكرة ذاتها من قبل الموظفين والمسؤولين، قبل أن تتحول من فكرة إلى تنفيذ..

فتح المجال من قبل سمو الشيخ عمار بن حميد لتلقي جهاز الرقابة المالية لبلاغات وشكاوى الفساد، أمر إيجابي يصب في محاور عدة، أهمها وضع تعريفات واضحة لمفهوم الفساد المالي والإداري، وعلى ضوئها يمكن ضبط الحالات بعد تلقي البلاغات والتحقيق فيها، وبذلك نغلق الباب تماماً على كثير من الاتهامات والتلفيقات وتشويه السمعة، فمن لديه ما يثبت به فساد مسؤول ما، عليه التقدم ببلاغ رسمي، ويقدم ما لديه من أدلة، وجهاز الرقابة عليه التحقق والتأكد وقبول أو رفض الشكوى..

المحور الثاني هو محور ردعي، فوجود قوانين وأنظمة واضحة تحدد وتعرّف حالات الفساد، يمنع تلقائياً وجودها، أو يحد من انتشارها..

لسنا مجتمعاً من الملائكة بكل تأكيد، وهناك تجاوزات في بعض القوانين، بقصد ومن دون قصد أحياناً، لكن تعريفها وتوضيحها أمر مهم لمكافحتها، وهُنا أهمية إضافية لما فعله عمار بن حميد النعيمي، فسياسة الإبلاغ عن الفساد المالي والإداري، حددت أموراً واضحة للفساد، مثل تعارض المصالح، واستغلال السلطة، والاحتيال، والتلاعب، والإهمال في إدارة إنفاق المال العام، وعدم الالتزام بالقوانين والأنظمة واللوائح المالية المنظمة لعمليات الشراء، ومخالفة قواعد السلوك الوظيفي..

سموّ ولي عهد عجمان أكد أن «الهدف من تلقي البلاغات هو الكشف عن المخالفات المالية، وقضايا الفساد، ودراسة نواحي القصور في التشريعات والأنظمة المالية ونظم الرقابة، واقتراح وسائل معالجتها، والحد من آثارها السلبية، إن وجدت، ما يسهم في دعم سياسة وكفاءة العمل الحكومي في الإمارة، وتوفير بيئة عمل داعمة لعملية التنمية».

من الضروري معرفة مواطن الخلل، إن وجدت، وعدم التهاون أو التساهل بحق من يثبت تورّطه في الإخلال بالأمانة، والثقة التي أولتها الحكومة إياه، ومن الضروري أن تكون القوانين واضحة، حتى لا يظلم أحد نفسه، ولا يُظلم أحد أيضاً..

المصدر: الإمارات اليوم